الوقاية من القرحة بإجراءات بسيطـــة

05:14 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس
إحساس الشخص بآلام حادة في أعلى البطن، يعد مؤشراً مهماً لاحتمال الإصابة بـ«قرحة الإثنى عشر»، نتيجة تآكل في جزء من الغشاء المخاطي للجدار الداخلي للمعدة أو الأمعاء، وتتزايد الأعراض مع حدوث نوبات ليلية توقظ المريض من شدة الآلام في الجزء العلوي من البطن وحول السرة، ولذلك يترتب على المصاب بـ«قرحة الإثنى عشر» التوجه إلى الطبيب وتناول العلاج المناسب حتى لا يتم حصول أي مضاعفات تشكل خطراً عليه.
أبان الدكتور صبحي محمد عامر مختص الجراحة العامة، أن المعدة تعد أحد أهم أجزاء الجهاز الهضمي، فهي الجزء المسؤول عن هضم الأطعمة بأشكالها كافة، وتجهيزها لعملية الامتصاص في الأمعاء، من خلال إفراز الإنزيمات الهاضمة والحمض المعدي (حمض الهيدروكلوريك)
ويعاني أشخاص عدة في الوقت الحاضر آلام المعدة الناتجة عن الإصابة بقرحة المعدة و«الإثنى عشر»، وينتج عن حدوث تقرحات والتهابات في جدران المعدة والغشاء المبطن لها أو تقرحات في الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، والمسمى «الإثنى عشر».
} من أعراض الإصابة بقرحة المعدة و«الإثنى عشر» الشعور بحرقة في منتصف الصدر، التي تنتج عن ارتداد حمض المعدة ومحتوياتها إلى المريء، ومن أهم أعراض الإصابة بمرض الارتداد المريئي، وهو يختلف عن الشعور بألم حارق في معدة:
1. الشعور بألم حارق في منتصف المعدة أو الجزء العلوي منها، وفي الأغلب يشعر المريض المصاب بقرحة المعدة بألم بعد تناول الوجبات أو وقت النوم، وقد يوقظ المريض في منتصف الليل، بينما يحدث الألم الناتج عن قرحة «الإثنى عشر» بعد ساعتين أو ثلاث ساعات من تناول الوجبة، وفي الأغلب يخف عند تناول الطعام.
2. الشعور بحرقة أو حموضة في المعدة.
3. انتفاخ أو تشنجات في البطن.
4. التجشؤ.
5. فقدان الشهية.
6. الغثيان والقيء.
} أسباب الإصابة بقرحة المعدة و«الإثنى عشر»: تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وذلك حسب السبب الرئيسي المؤدي لحدوثه، كالتالي:
1- قرحة المعدة الناتجة عن بكتيريا الهيليكوباكتر بايلوري- (البكتريا الحلزونية) من أبرز الأسباب المؤدية لقرحة المعدة و«الإثنى عشر»، تعيش هذه البكتيريا وتتكاثر في الطبقة المخاطية للمعدة، وعادة لا تتسبب بحدوث أي مشاكل مرضية، إلا أنها في بعض الأحيان، قد تقوم باختراق الطبقة المخاطية، وإحداث التهاب في بطان المعدة.
2- قرحة المعدة الناتجة عن الاستخدام المستمر لمسكنات الألم من عائلة مضادات الالتهاب غير الستيرودية، وتعد هذه الأدوية من المسكنات المتداولة بكثرة بين المرضى، مثل: الأسبرين، والأيبوبروفين، والدكلوفيناك، وغيرها، وتتميز هذه القرحة بعدم شعور المريض بالألم، وذلك بسبب المسكنات التي يتناولها، ولهذا قد يحدث المرض، ويتضاعف دون أن يتنبه المريض له.
3- قرحة المعدة المرتبطة بالقلق، وفي الأغلب ما تصيب المرضى الذين يقيمون بالمستشفى، ويتعرضون لضغط نفسي كبير نتيجة وجودهم في وحدة العناية المركزة، أو اعتمادهم على جهاز التنفس الصناعي، ويوجد عوامل وشروط خاصة للوقاية منها.
وذكر د. صبحي أن هناك عوامل ربما تزيد من احتمالية الإصابة بالمرض كالتدخين، والإدمان على شرب الكحول، وكثرة التوتر والضغط النفسي، أو وجود تاريخ عائلي للإصابة بالمرض، كما أن بعض الأورام الخبيثة التي تصيب المعدة(سرطان المعدة)- قد تأتي في صورة قرحة بالمعدة، لذلك عند الاشتباه في الإصابة بقرحة المعدة، فإنه من الضروري عمل منظار تشخيصي للمعدة و«الإثنى عشر» مع أخذ عينات من القرحة وتحليلها تحت المجهر للتأكد من خلوها من الخلايا السرطانية.
} مضاعفات الإصابة بقرحة المعدة و«الإثنى عشر»: ربما تؤدى القرحة غير المعالجة إلى مشاكل ومضاعفات خطرة، تشمل حدوث نزف معوي، أو يحدث دون وجود أعراض سابقة، ومن علامات وجود النزيف المعوي إخراج فضلات بلون أسود قاري، أو حدوث قيء يشبه تفل القهوة، والشعور بضعف، ودوار مستمر، وفقر الدم، وحدوث ضيق أو انسداد يمنع الطعام من المرور خلال القناة الهضمية، أو اختراق في جدار المعدة أو «الإثنى عشر» وتسمى «قرحة ثاقبة»، وتتميز بالشعور بألم حاد مفاجئ بالبطن.
} يكون علاج القرحة من خلال العلاج الدوائي، أوتزامن العلاج الجراحي مع الأدوية، أو من خلال العلاجات المنزلية التي تعتمد على تغيير نمط الحياة مثل:
1- العلاج الدوائي للقرحة، ومن أهدافه التخلص من السبب المؤدي لقرحة المعدة أو «الإثنى عشر»، كقتل البكتيريا المسببة للقرحة، والتقليل من إفراز حمض المعدة، وحماية بطانة المعدة، وتشمل الأدوية المستخدمة لعلاج القرحة ما يلي:
} مضادات الحموضة ولا تعالج القرحة، ولكنها تخفف من ألم حرقة المعدة من خلال معادلة الحمض المعدي، وتستخدم هذه الأدوية لعلاج القرحة الناتجة عن المسكنات أو القرحة الناتجة عن القلق.
} وتستخدم المضادات الحيوية، مثل: الأموكسيسيلين والكلاريثروميسين، إذا كانت بكتيريا الهليكوباكتر هي المسببة، كما أن استخدام المضادات الحيوية وحدها في هذه الحالة غير كافية لعلاج القرحة، وإنما تستخدم ضمن نظام علاج ثلاثي أو رباعي يتكون من دواء مثبط للحموضة، والقيام بتناول نوعين من المضاد الحيوي، للقضاء على البكتيريا، وتؤخذ هذه الأدوية صباحاً ومساء لمدة أسبوعين تقريباً، ومن ثم تستكمل المعالجة باستعمال مثبطات الإفرازات الحمضية لأسبوعين آخرين، ومن ثم ضرورة إجراء الفحوص خلال الفترة 6 إلى 12 شهراً من العلاج، للتأكد من القضاء على البكتيريا، وهذا العلاج هو المستعمل حالياً على نطاق واسع، وينصح باستخدامه.
} العلاج الجراحي لقرحة المعدة، فعند حدوث مضاعفات خطرة نتيجة الإصابة بالقرحة يتم تحويل المريض للجراحة، مثل: النزف المتكرر، الانسداد الذي لا يمكن علاجه بالأدوية، أوفي حالة الانثقاب الشديد للمعدة، ونادراً ما يحتاج المريض لعملية جراحية لعلاج القرحة الهضمية، وذلك إذا لم تستجب القرحة للعلاج الدوائي مع تكرار مشاكل القرحة(القرحة المزمنة)، وتكون الجراحة إما عن طريق قطع العصب المغذي للخلايا المفرزة للحمض أوعن طريق استئصال جزء من المعدة.
وعن الوقاية من الإصابة بقرحة المعدة، قال د. صبحي إن «المعدة بيت الداء»، فعدم اتباع النظام الغذائي السليم، من الممكن أن يعرض حياة الإنسان للخطر، فما بالك إذا كان موطن الخلل المعدة، فمريض قرحة المعدة عليه الالتزام بنظام غذائي دقيق حتى لا يفقد جودة حياته، وعندما تكون المعدة خالية يمكن للعصارات الهضمية أن تهيج القرحة في الغشاء المخاطي، الذي يغطي قنوات الجهاز الهضمي من الداخل، وأكثر المناطق تأثراً هي تلك التي يغطيها غشاء أكثر رقة مثل «الإثنى عشر»، ولذلك على المريض أن يتناول وجبات صغيرة عدة على مدى اليوم، بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة، لأن ذلك يقلل من الحمض الذي يصل إلى «الإثنى عشر».
وأوضح الدكتور محمد المنيسي أخصائي الأمراض الباطنية، أن القرحة الهضمية على الأغلب ليس لها أي أعراض محددة، ومن الشائع حدوث الألم المريئي أو عدم الراحة في المعدة لأن هذا قد يكون ناتجاً عن نشاط الغذاء والامتلاء، الشبع المبكر، والغثيان، ما يؤدى إلى مضاعفات أخرى كظهور أعراض مثل: قرحة جديدة أو تحول إلى أعراض حادة، أو حدوث بعض الأعراض النموذجية، وتشمل مضاعفات القرحة الهضمية نزيف، وانسداد مخرج المعدة، إضافة إلى اختراق جهازي لأي من الأعضاء المجاورة أو تنوسر إلى الأحشاء جوفاء، ويحدث انثقاب معدي.
وفي التصوير الشعاعي بالباريوم المشع تظهر القرحة مثل كوة عموماً مستديرة أو بيضاوية، ويجوز أن تكون محاطة بوذمة، وتشمل التغييرات الثانوية من قرحة المعدة طيات مشعة وتشوهات ثانوية في المنطقة ووذمة، وتندب، وتشمل العلامات الثانوية للقرحة «الاثنى عشر» تشوه لمعة «الاثنى عشر»، التي يمكن أن تتضح من التسطيح الأعلى أو الأدنى، والانحراف الكاذب لقناة البواب، أو تجيب الخارجي المبالغ فيه من التجاويف في قاعدة لمعة قناة «الإثنى عشر».
ويشتبه في تشخيص مرض القرحة الهضمية في المرضى الذين يعانون عسر الهضم، وخصوصاً عند وصفهم لمسكنات ومضادات الالتهاب والألم غير الستيرودية، في حين ليست هناك حاجة للتصوير الشعاعي لتشخيص مرض القرحة الهضمية، و إذا أجري، قد يكون داعماً للتشخيص، ويتم تشخيص مرض القرحة الهضمية نهائياً عبر رؤية مباشرة للقرحة في التنظير المعدي أو تنظير الجهاز الهضمي العلوي. وعند القيام بالتنظير الهضمي العلوي، تظهر القرحة حميدة لها حواف مدورة على نحو سلس، وتكون قاعدة القرحة مسطحة على نحو سلس، في كثير من الأحيان مملوءة الإفرازات.
ولا ينصح بأخذ خزعة روتينية للقرحة «الإثنى عشر» التي تظهر على أنها حميدة، كما أنه من المستبعد أن تكون خبيثة، ويقوم الطبيب المختص بأخذ قرار الخزعة حين تظهر قرحة المعدة بشكل مثير للجدل، ورغم أننا نقوم بتنظير هضمي علوي للقرحة المدية الحميدة إلا أننا أحياناً نقوم بأخذ خزعة منها، حيث تظهر قرحة المعدة في مؤشر التنظير العلوي بأنها يمكن أن تأوي مناطق خبيثة.
الاختصاصيون الأكثر خبرة لا يقومون بأخذ خزعة قرحة المعدة إذا كان التاريخ المرضي للمريض والخصائص الديموغرافية تشير إلى انخفاض خطر الإصابة بسرطان المعدة (وعلى سبيل المثال، المرضى الشباب الذين لديهم تاريخ من الأدوية المضادة للالتهاب أو استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب وتبدوا القرحة المعدية أو «الإثنى عشر» مسطحة و ضحلة).
وجميع المرضى وبلا استثناء الذين تم تشخيص حالتهم بالإصابة بمرض القرحة الهضمية يجب أن يخضعوا لاختبار عدوى البكتيريا الاتشبايلوري، وينبغي النظر في تقييم إضافي لتحديد المسببات الكامنة وراء الإصابة بالقرحة المعدية إذا تم استبعاد السبب البكتيريا لاستخدام الأدوية المضادة للالتهاب أو تعاطي المخدرات أو تناول الأدوية المضادة للاكتئاب، ويتم تحديد علاج القرحة المعدية بعد تحديد الأسباب وأشهرها وصف الأدوية المضادة للحمض المعدي، مثل: عائلة الاوميبرازول والعلاج الثلاثي لبكتريا الاتشبايلوري بالمضادات الحيوية.

الأطعمة الممنوعة

في حال الإصابة بقرحة المعدة والاثني عشري تزداد الأعراض بمجرد تناول أنواع أطعمة معينة، ونصح د. صبحي عامر بتقليل عدد الوجبات اليومية إلى ثلاث وجبات رئيسية، وتجنب الوجبات الخفيفة، وخاصة ما قبل النوم، والابتعاد عن الأطعمة التي تعمل على تهيّج المعدة وزيادة إفراز حمض المعدة مثل: المخللات، والتوابل والبهارات، والفاكهة الحمضية، والمشروبات كالشاي، والقهوة، والكاكاو، والمشروبات الغازية، والمكسرات، وتناول مضادات الحموضة أو أدوية القرحة وفقاً للتعليمات الموصى بها من الطبيب، والإقلاع عن التدخين، وعدم شرب الكحول والابتعاد عنه أثناء فترة العلاج والحد من استخدام الأدوية التي تسبب القرحة، مثل الإيبوبروفين، والأسبرين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"