«التهاب الشعب الهوائية».. مرض الشتاء

01:48 صباحا
قراءة 6 دقائق

مرض التهاب الشعب الهوائية أو ما يعرف بمرض التهاب القصبات من الأمراض الشائعة في فصل الشتاء والتي تصيب الجهاز التنفسي، وبالتحديد الشعب الهوائية وهي الأنابيب والممرات التي يدخل عبرها الهواء وتصل بين القصبة الهوائية والرئتين، وهذا المرض يسبب التهابات في الجدار والأغشية المخاطية المبطنة لهذه الشعب الهوائية من الداخل، وهذه الطبقات الرقيقة التي تفرزها الأغشية المخاطية تعمل على حفظ الجهاز التنفسي عن طريق تغطيته بالكامل بهذه الأغشية الرقيقة.
يسبب الالتهاب حالة من الانتفاخ الكبير في الشعب الهوائية، نتيجة إفراز المواد المخاطية بصورة كبيرة وغير طبيعية، مما يجعل عملية خروج ودخول الهواء فيها نوع من الصعوبة، أي أن عملية الزفير والشهيق تصبح مجهدة للشخص، كما تنتج هذه الأغشية المخاطية كمية كبيرة من البلغم، وهذا البلغم الكثيف يسبب حالة من السعال أو الكحة الشديدة، وهي أهم وأبرز أعراض مرض التهاب الشعب الهوائية، وقد صنف المتخصصون التهاب الشعب الهوائية إلى حالتين أحدهما الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية الحاد ، والأخرى الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية المزمن ، والنوع الشائع الانتشار والإصابة بين الناس مرض التهاب الشعب الهوائية الحاد .

سبب المرض

توضح بعض الدراسات أن المرض سببه الإصابة بعدوى عن طريق انتقال الفيروسات وأيضاً بعض البكتيريا، التي تصيب وتتسلل إلى الجهاز التنفسي، حيث يتنفس الإنسان الهواء المحمل بهذه الفيروسات والبكتيريا، وتمر على الشعيرات الدقيقة أو الأهداب الصغيرة والموجودة بالأنف، وهذه الشعيرات مهمتها تنظيف وترشيح الهواء الداخل إلى الرئتين، وتنقية هذا الهواء من أية ملوثات وجراثيم وأتربة ثم يمر إلى باقي الجهاز التنفسي، ثم تتخلص الشعيرات من هذه الملوثات عن طريق التصاقها بالمواد المخاطية الموجودة بالأنف، ثم تخرج خارج الجسم، لكن قد تمر وتتسرب وتتسلل بعض هذه الفيروسات والملوثات وتتخطى هذه الشعيرات الصغيرة التي تعتبر أحد خطوط الدفاع الأولى للجسم وتصل إلى الجهاز التنفسي وتسبب انتقال العدوى للشخص السليم ويظهر عليه أعراض المرض، وفي حالة الأشخاص ضعاف المناعة تكون فرص الإصابة كبيرة بهذا المرض، وأيضاً هناك بعض حالات من الأشخاص يعانون من حساسية الصدر وتصيبهم حالة من السعال الشديد عند استنشاق هواء محمل بالأدخنة والأتربة وحبوب اللقاح ، فهؤلاء عرضة للإصابة بنزلات البرد والتهاب الشعب الهوائية، خاصة في فصل الشتاء، وفرص احتمالات الإصابة بالالتهاب الرئوي لهؤلاء كبيرة أيضاً، إذا لم يتم معالجة التهاب الشعب الهوائية بشكل سريع وجيد، لأن الأعراض سوف تتطور وتتفاقم بصورة تصل إلى الالتهاب الرئوي الحاد.

عدوى الفيروس

كما ذكرت بعض الدراسات أن من أسباب الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية ، انتقال عدوى الفيروس أو البكتيريا المسببان لهذا المرض، وغالباً ما يسبق الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية في معظم الحالات أن يكون هؤلاء الأشخاص قد أصيبوا بأمراض نزلات البرد والإنفلونزا والزكام، والحساسية سبب من الأسباب وأيضا بعض التغيرات المناخية بسبب التغير في الغلاف الجوى، والهواء الذي يحتوي على جزيئات الغبار الكثيفة أو الضباب، والتدخين عامل كبير فى الإصابة بهذا المرض، كما أن الهواء الملوث والتدخين واستنشاق مواد غريبة أو دخول جزيئات من الطعام إلى الجهاز التنفسي يمكن أن تكون من أسباب الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية، ومن أعراض التهاب الشعب الهوائية الحاد، هي الإصابة بحالة من السعال الجاف في البداية ثم يتحول إلى السعال المصحوب بالبلغم، الإصابة بحمى خفيفة مع سخونة ورعشة، إصابة الحلق بالاحتقان والالتهاب، وجع ملحوظ بالصدر، الإحساس بالإرهاق والتعب العام، ووجع في الجسم كله، وخروج بلغم أصفر مخضر، وضيق في عملية التنفس مع صوت صفير من الصدر، وفقدان جزئي للشهية، قد تدمع العيون من كثرة السعال، أمّا أعراض التهاب الشعب الهوائية المزمنة فتكون نفس الأعراض ولكنها غير حادة ولا قوية ، كما تضيف بعض الأبحاث أنه إذا لم يتم علاج هذا المرض فسوف يؤدي إلى مضاعفات أخرى منها الإصابة بضيق التنفس المزمن، والالتهاب الرئوي وقد يصل الأمر إلى الفشل التنفسي أو الفشل الرئوي ، أو الإصابة بمرض الاسترواح الصدري وهو عبارة عن تراكم الهواء بين نسيج الرئتين وجدار الصدر، مما يؤدي إلى شكل من انتفاخ الرئة، وأخيراً يمكن أن يؤدي إلى إصابة عضلة القلب بالتضخم والضعف.

أنواع الالتهاب

وتشير بعض الدراسات إلى أنّ التهاب الشعب الهوائية ينقسم إلى نوعين، الأول التهاب الشعب الهوائية الحاد، والذي تصبح فيه الأعراض قاسية وتتطور بشكل حاد وسريع، لكنه يصيب الأشخاص لفترة قصيرة تتصل من ثلاثة إلى أربعة أسابيع على أكبر تقدير، ومن هذه الأعراض الحادة والقوية، مثل الإصابة بألم ملحوظ في الصدر وحالة من السعال الحاد والمستمر مع ضيق في عملية التنفس، ثم تزول هذه الأعراض ويتماثل المصاب للشفاء بعد مرور اثني عشر يوماً وفي بعض الحالات قد يمتد المرض في حالات أخرى إلى ثمانية عشر يوماً، حسب قوة ومقاومة جهاز المناعة للفيروس والبكتيريا المسببة للمرض، لكن عرض السعال يمتد عند بعض الحالات المصابة إلى 50 يوماً تقريباً، وفي الغالب فإن حالات الأشخاص الأصحاء الذين يتمتعون بجهاز مناعة قوي ويصابون بالتهاب الشعب الهوائية الحاد، معظمهم يتماثلون للشفاء التام دون حدوث أي ضرر أو الإصابة بمضاعفات خطيرة. والنوع الثاني من هذا المرض ، التهاب الشعب الهوائية المزمن، ومن سمات هذا النوع أن أعراضه غير قاسية ولا حادة، وتعتبر بسيطة مقارنة بالنوع الأول ولكن هذه الأعراض تتكرر وتستمر فترة طويلة نسبياً من الزمن لدى الأشخاص المصابين بهذا النوع المزمن، وهذه الفترة يحددها الكثير من الدراسات من ثلاثة أشهر كحد أدنى وتمتد إلى 26 شهراً كحد أقصى وهذا النوع أكثر انتشاراً وشيوعاً بين المدخنين، وتستمر الشعب الهوائية في هذا النوع ملتهبة فترة طويلة، وتتحول إلى اللون الأحمر وأي نوع من الدخان أو الملوثات أو الأتربة أو بخار الطعام أو دخان السمك وغيره من أدخنة شوي اللحوم تسبب نوعاً من استثارة الشعب الهوائية، وإفراز السائل المخاطي بصورة كثيفة، وغالباً ما يصاحب السعال البلغم الكثير، ونرى هذه الظاهرة واضحة لدى الكثير من المدخنين وهي صدور سعال مع بلغم ، خاصة بعد تدخين الأرجيلة أو الشيشة أو السجائر.

وسائل وأساليب العلاج

نصحت بعض الدراسات الحديثة التي أجريت في بعض دول العالم وشملت بعض دول من الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا ، بوجوب علاج التهاب الشعب الهوائية المزمن بالمضادات الحيوية واسعة التأثير، ‏ بعدما تم التجريب على مرضى منهم عدد كبير من الشرق الأوسط لمعرفة وتقييم عملية تطور التهاب القصبات الهوائية المزمن، وكذلك لتقييم إيجابيات ونتيجة العلاج بالمضادات الحيوية على فترات طويلة من الزمن بالنسبة للمرضى، ووجدت الدراسة أنه عندما تتطور وتتفاقم حالة التهاب الشعب الهوائية المزمنة، على الفور تقوم الغدد المسئولة عن إفراز سائل المخاط بهذه الشعب بزيادة إنتاجها وإفرازها من هذه الأغشية المخاطية الكثيفة، فتطيق الشعب الهوائية بصورة كبيرة، مما ينتج عنه حالة من اختناق الهواء الداخل والخارج، فيلجأ المريض إلى السعال الكثير ، كحل لدخول الهواء والضغط على هذه الممرات، فينتاب المريض حالة مستمرة من السعال، ليقوم بطرد سوائل المخاط الكثيفة ومحاولة تنظيف وفتح ممرات وأنابيب الهواء وتنظيف الرئتين، وطبيعي أن تحدث حالة من صعوبة وضيق التنفس تتكرر كلما زاد إنتاج سائل مخاط جديد في الشعب الهوائية، مما يؤرق المريض ويجعله يقوم من نومه من كثرة السعال، وإذا لم يتم علاج هذه الحالة مبكراً، فإن تطور وتفاقم المرض سوف يزداد إلى حالة صحية أكبر وقد يصل إلى الإصابة بالتهاب رئوي حاد.

التشخيص الدقيق

وتؤكد الدراسات على أهمية العلاج السريع والتشخيص الدقيق، حيث كشفت نتائج هذه الدراسة أن نسبة الشفاء من كثير من هذه الأعراض قد يصل إلى 85 % عن طريق تناول أدوية المضادات الحيوية واسعة التأثير والمجال ، ومن ضمن هذه الأعراض التي اختفت من المرضى المصابين بالتهاب الشعب الهوائية المزمن، هي اختفاء حالة البلغم الشديد والكثيف، والشفاء من الحمى، وكذلك زوال حالة اضطراب النوم لاختفاء السعال الشديد، والإحساس بانتهاء حالة الإرهاق العامة، كما كشفت دراسة حديثة أجريت على عدد كبير من المصابين بالتهاب الشعب الهوائية المزمن ، وتبين أن ما يقرب من 35 في المائة من هؤلاء المصابين هم في الأساس مصابون بمرض الربو وليس التهاب الشعب الهوائية، وتنصح مراكز الصحة بالتفريق بين حالات الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية المزمن وبين المصابين بأمراض أخرى متشابهة في كثير من الأعراض مع هذا المرض، مثل أمراض التهاب البلعوم والالتهاب الرئوي والتهاب الجيوب الأنفية أيضاً قريب الشبه والتهاب اللوزتين، كما أن التهاب الشعب الحاد قريب من المزمن، ولذلك لابد من التشخيص الدقيق لهذه الحالات المتشابهة والمتقاربة، لأن التشخيص الجيد والسليم جزء كبير من العلاج وسرعة الشفاء.

أسباب الإصابة

من أكثر أسباب الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية المزمن التدخين لفترات طويلة، ويصاب أيضاً بهذه الحالة بعض الأشخاص ولكن ليس عدداً كبيراً بسبب الإصابة بحساسية الصدر منذ الصغر، وهؤلاء الأشخاص الذين يصابون بالتهاب القصبات الهوائية المزمنة يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالبكتيريا المعدية داخل أنابيب الهواء وتزيد فرص واحتمالات الإصابة بالالتهاب الرئوي، وتصبح ممرات وأنابيب الهواء مليئة ومصابة بعدوى مستمرة من هذه البكتيريا، مما يزيد من حالات الالتهاب الرئوي أيضاً بين المدخنين الإيجابيين والسلبيين أيضاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"