«الكبد الدهنية».. داء صامت قابل للشفاء

00:25 صباحا
قراءة 8 دقائق
تحقيق: راندا جرجس
ينتشر في عالمنا مرض الكبد الدهنية ويعانيه الرجال والنساء في مختلف المراحل العمرية، حيث تتجمع حويصلات كبيرة من الدهون الثلاثية داخل خلايا الكبد عن طريق عملية التشحم وانحلال وتراكم الدهون غير الطبيعية داخل الخلية، ويعد أهم أسباب الإصابة بهذا المرض الإفراط في تناول الكحول، أو أولئك الذين يعانون السمنة المفرطة، وهناك ما لا يقل عن 80 % من الأشخاص الذين يعانون دهون الكبد الزائدة، ولا تتطور لديهم أي مشاكل خطرة، أما 20 % من الأشخاص فتُشكل الدهون الزائدة لديهم في الكبد مشكلة خطرة وربما تنتهي بهم إلى تليف الكبد، وفي هذا التحقيق نتعرف إلى أهم أسبابه وتجنبها للوقاية من حدوثه والحد من انتشاره.
تقول الدكتورة نشوى دياب، اختصاصية طب الأسرة، إن تدهن الكبد والمعروف باسم الكبد الدهنية، وهو تجمع الدهون الثلاثية داخل خلايا الكبد عن طريق تراكم الدهون غير الطبيعية داخل الخلية، ويحدث هذا المرض عندما يشكل الدهن أكثر من 5%- 10% من وزن الكبد، ويصيب الكبد الدهنية غير الكحولي حوالي 60% من مرضى السكري، و40% من مرضى السمنة بشكل عام، و20% من الأطفال الذين يعانون السمنة المفرطة، أما أسباب زيادة الدهون في الكبد، فهناك العديد منها:
• تناول المشروبات الكحولية.
• تناول بعض الأدوية التي تسبب دهون الكبد عند النساء مثل أدوية منع الحمل.
• السمنة وزيادة الوزن.
• نقص المناعة.
• العوامل الوراثية.
• الإصابة بفيروس (C)
• خلل في زيادة نسبه الدهون بالدم.
• سوء التغّذية، ونقص الوزن الشديد.
• تناول بعض الأدوية التي تعمل على تثبيط الجهاز المناعي عند الأشخاص المصابين بأمراض المناعية الذاتية.
• يمكن أن يرتبط مرض تشحّم الكبد بأمراض أخرى مثل: الارتفاع في مستوى ضغط الدم عن المستوى الطبيعي والإصابة بمرض السكّري وزيادة الوزن.
علامات مرضية
تشير د. نشوى إلى أن مرض الكبد الدهنية هو مرض صامت، بشكل عام، ليست له أعراض، وخاصة في مراحله الأولى، ويستغرق بضع سنوات أو عقوداً ليتقدم المرض ويتفاقم، والأعراض:
• التعب، الوهن، الغثيان، الضعف العام.
• فقدان الوزن أو فقدان الشهية.
• التشوش، المس بالقدرة على تحكيم العقل ومشاكل في القدرة على التركيز.
• أوجاع في مركز البطن، أو في الجانب الأيمن العلوي منه.
• تضخم الكبد.
• بقع داكنة وغير موحدة أو غير متجانسة على الجلد، وخاصة على الرقبة ومنطقة تحت الإبطين، بشكل عام.
• فقدان القدرة على التركيز
دهون الكبد الكحولية
تذكر د. نشوى أن هناك بعض المخاطر التي يسببها الكبد الدهنية، والتي تحدث مع تطور الإصابة في أعقاب تناول المشروبات الكحولية، سواء بكميات صغيرة أو كبيرة، وربما يتطور حتى بعد فترة قصيرة من الاستهلاك الزائد للمشروبات الكحولية، وهناك عوامل تؤثر على احتمالات تطور المرض نتيجة تناول المشروبات الكحولية منها:
• عوامل جينية، حيث تلعب الوراثة دوراً في التسبب بمرض كبدي نتيجة تناول الكحول.
• اليرقان والذي من الممكن أن يؤدي إلى التهاب الكبد (ج).
• زيادة نسبة الحديد في الجسم.
• السمنة الزائدة.
• الحمية الغذائية.
وتضيف: أما مخاطر الكبد الدهنية غير الناتج عن استهلاك الكحول، فهي بالطبع ليست بحالة طبيعية، ولكن طالما لم تسبب التهاباً، أو ضرراً في الكبد، فإنها تبقى غير خطرة، كما أن هناك أشخاصاً آخرين يعانون مرضاً يدعى تدهن الكبد أو (التهاب وتندّب الكبد)، وهو أيضاً لا ينجم عن استهلاك الكحول، ولكنه يسبب للكبد أضراراً غير قابلة للإصلاح، ومن الممكن أن يصبح الكبد صلباً ومع مرور الوقت تحل الندوب مكان الخلايا وتسمى هذه الحالة بـ (تليف الكبد).
طرق الوقاية
وتبين د. نشوى أن هناك بعض الطرق الوقائية التي تحمي الإنسان من الإصابة بالكبد الدهنية وتتمثل في:
• أن يحافظ الأشخاص على أن تكون أوزانهم في الحدود المثالية، لأن انخفاض كتلة الجسم (الطول مقارنة بالوزن) بمعدل 5%، يحسن إنزيمات الكبد، وإذا زادت نسبة خفض كتلة الجسم إلى 10%، ترتفع فرص الوقاية من التليف الكبدي إلى 90%، ولذلك يجب أن يتم خفض الوزن عن طريق اتباع حمية (نظام) غذائية، على أن يكون إنقاص الوزن في حدود 1.6 كيلوجرام أسبوعياً على أقصى تقدير.
• أن تكون ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يومياً، لمدة 6 أيام أسبوعياً.
• نوصي الأشخاص بالابتعاد عن تناول المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، لأنها تحتوي على نسب مرتفعة من السكر، الذي يضر بصحة الجسم، ويزيد من فرص الإصابة بالسمنة والسكري.
• يُنصح بتناول مشروب القهوة بمعدل، من فنجانين إلى 4 يومياً، إضافة إلى تناول مقدار 40 جراماً من الشوكولاتة الداكنة، ما يُحسن من صحة الكبد، لأن الكافيين يساعد على عدم الإصابة بتضخم الكبد، ويقلل من حدوث مضاعفات بسبب أمراض الكبد، كما أنها تحتوي على مضادات أكسدة تثبط الالتهابات الكبدية.
طرق العلاج
وتوضح د. نشوى أن هناك العديد من العلاجات والتي تم اختبارها لعلاج الكبد الدهنية غير الناتج عن تناول الكحوليات، ووجد المتخصصون أن تخفيض الوزن هو العلاج الوحيد الذي أثبت فاعليته، كما أنه آمن على صحة المريض، وذلك عن طريق تعديل نظام الأكل، أو إجراء الجراحات لعلاج البدانة، والهدف هو تخفيض الوزن بمقدار 0.5 -1 كجم/ في الأسبوع، كما يمكن الاستعانة بالعلاجات الدوائية للأشخاص الذين لم يحققوا إنقاص الوزن المطلوب عن طريق النظام الغذائي وممارسة الرياضة، كما أن الامتناع عن تناول أدوية غير ضرورية من شأنه أن يساعد على إبطاء وتيرة المرض، أو في عكس مساره.
وتستكمل: نظراً للعلاقة بين هذا المرض وبين الإجهاد التأكسدي والسكري، ففي التجارب السريرية يتم فحص مدى نجاعة مواد معينة من مضادات التأكسد، ومدى نجاح بعض الأدوية الحديثة لمعالجة السكري في معالجه مرض الكبد الدهنية، وتشمل هذه المواد، مكملات فيتامين هـ، عنصر السيلينيوم، الباتان، ميتفورمين، بيوجليتازون، روزيجليتازون.
الكبد الدهنية غير الكحولي
وتوضح الدكتورة ياسمين فاضل كاظم، اختصاصية الأمراض الباطنية والسكر، أن الكبد الدهنية هو احتباس وتراكم الدهون الثلاثية (ترايجليسرايد) في خلايا الكبد بشكل تدريجي لفترة طويلة، ويبدأ هذا المرض عند حدوث خلل بأيض الدهون في الكبد، ما يتسبب في تراكمها في أنسجة الكبد، وهو مرض شائع عند أغلب الأشخاص، وتصل نسبته إلى 30% بين الأشخاص العاديين، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 60% بين الأشخاص ذوي الوزن الزائد وهي نسبة مرتفعة، ومن الممكن أن يتسبب تراكم الدهون في أنسجة الكبد بحدوث التهابات وندوب فيها، وهو ما يسمى بالتهاب الكبد الدهنية، والذي يمكن أن تتسبب فيما بعد، في الإصابة بتليف الكبد، والذي بدوره يؤدي لحدوث فشل كبدي عندما تؤثر الندوب على وظائف الكبد، وبالتالي احتياج المريض لزراعة الكبد، ويصنف بعض العلماء مرض دهون الكبد إلى نوعين:
1- مرض دهون الكبد اللاكحولي.
2- مرض دهون الكبد الكحولي، وذلك تبعاً لدخول المشروبات الكحولية ضمن النظام الغذائي اليومي للشخص.
مخاطر الدهون
وتفيد د. ياسمين بأن أمراض الكبد الدهنية تنقسم إلى أنواع متعددة، وأكثرها انتشاراً مرض الكبد غير الكحولي الدهني، أي الناتج عن تراكم وزيادة نسبة الدهون في الجسم، وتكون السبب المباشر لحدوثه، ونختص بالذكر أسباب مرض الكبد الدهنية غير الكحولي وهي معقدة وغير مفهومة، وأهمها وجود السمنة ومرض السكر، ولابد أن نعرف خطورة تراكم الخلايا الدهنية في الجسم، فهي ليست مجرد تراكم دهون لتؤدي إلى السمنة، فحسب، ولكن:
• إن الخلايا الدهنية تعمل على تعزيز النشاط الأيضي، ومن ثم تفرز نسبة عالية من البروتينات والهرمونات التي تؤثر على مختلف خلايا الجسم.
• لها دور سلبي على إفراز نسبة الإنسولين المروج الأساسي للجلوكوز ونقله من الدم إلى الخلايا في الجسم، ويسبب تأثير الدهون السلبي تحفيز البنكرياس لزيادة إنتاج نسبة أعلى من الإنسولين، ولكن عند نقطة معين يعجز البنكرياس على أفراز الكمية الكافية التي يحتاجها الجسم، ومن ثم يترسب السكر في الدم وبالتالي تظهر أعراض مرض السكر.
• الدهون لها تأثير سلبي آخر، وهي إفراز بعض الهرمونات والبروتينات وتخزينها على شكل أحماض دهنية ومن ثم تزداد نسبة الأحماض الدهنية في خلايا الدم، والتي تتحور إلى خلايا مسممة وتهدد أعضاء الجسم بأكمله، ومن ضمنها خلايا الكبد التي تعمل على مقاومة الإنسولين وتعمل عملياتها الأيضية في تخزين الدهون وتزاد قابليتها في امتصاص الأحماض الدهنية من الدم، التي ينتجها الجسم بوفرة، وحفظها في خلاياه، ومن ثم تتراكم الدهون في أنسجة الكبد ما يقلل قدرة وظائف الكبد على التخلص من الدهون المتراكمة في خلاياه، وفي نفس الوقت ينتج الكبد دهوناً ويحصل أيضاً على الدهون من النظام الغذائي وبالتالي يزداد تراكم الدهون على أنسجة الكبد.
وتضيف: هناك العديد من الاختبارات التشخصية التي تستخدم في تشخيص هذا المرض ومنها:
• اختبار الدم، ونسب الإنزيمات.
• الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
• أخذ أنسجة من الكبد.
نصائح لحماية الكبد
وتوصي د. ياسمين بمجموعة من النصائح لمساعدة مرضى الكبد الدهنية غير الكحولي ومنها:
• فقدان الوزن، فيجب أن يقوم من يعانون زيادة الوزن أو السمنة، بتقليل عدد السعرات الحرارية التي يحصلون عليها يومياً، مع الحرص على زيادة النشاط البدني من أجل إنقاص الوزن، كما يجب استشارة الطبيب حول الحمية الغذائية الصحية مثل اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.
• تجنب الأطعمة التي تحتوي على نسبة سكريات عالية، فهناك مجموعة من الأطعمة تحتوي على نسبة سكريات عالية تؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم، كما أن لها تأثيراً سلبياً على صحة الكبد مثل البطاطس، الزبيب، الخبز الأبيض، الأرز الأبيض، منتجات الذرة، قطع الشيكولاتة التي تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات.
• يحتاج من يعانون الكبد الدهنية غير الكحولي إلى الابتعاد عن الحبوب المصنعة في نظامهم الغذائي وتناول الأطعمة في صورتها الطبيعية، لأنها تساعد في مد الجسم بالألياف التي تتحكم في نسبة الكولسترول والسكر في الدم.
• التخطيط الصحي للوجبات الغذائية: بأن تشمل الوجبات على المواد الغذائية النباتية والخضار النيئة حوالي قطعتين يومياً، والإكثار من الفواكه التي تحتوي على نسبة قليلة من السكر، والاعتماد على البروتين في الوجبات مثل المأكولات البحرية، الدواجن، اللحوم الحمراء الطازجة الخالية من الدهون، البيض، والبقوليات، كالفول، الحمص، العدس أو المكسرات النيئة.
• ممارسة التمارين الرياضية 30 دقيقة في الأسبوع بانتظام لكي تتمتع بنمط حياة صحي.
• بالنسبة لمرضى السكري، فيجب اتباع تعليمات الطبيب، مع تقليل نسبة الكولسترول في الدم، وتناول أدوية تقليل الدهون الثلاثية والوصول بها إلى مستوى صحي.
• الامتناع عن القيام بالأمور التي تشكل ضغطاً إضافياً على الكبد مثل الإقلاع عن التدخين والتوقف عن التدخين.
• تجنب استهلاك الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون غير الصحية لأن هذه الأطعمة الدسمة تؤدي إلى زيادة وزن الجسم وتفاقم الدهون الزائدة في الكبد، مع تجنب الأطعمة المقلية، المخبوزات.
• الابتعاد عن كل ما يحتوي على نسبة سكريات عالية، ما ينتج عنه زيادة مستويات السكر في الدم.
• خل التفاح الذي يساعد على تقليل التهابات الكبد بشكل كبير، ويمكن إضافة ملعقة كبيرة منه إلى وعاء من الماء الدافئ، وإضافة القليل من العسل إلى الخليط ثم تناوله مرتين كل يوم، وقبل تناول الطعام.
• الليمون، وهو غني بفيتامين سي الذي يعمل مضاداً للأكسدة، وبالتالي يساعد على إنتاج إنزيمات الكبد التي تكافح انتشار السموم والتخلص من دهون الكبد يمكنك تناول كوبين من عصير الليمون ثلاث أو مرتين أسبوعياً.

للحوامل فقط

تصاب بعض السيدات بالكبد الدهنية الحاد، في الأشهر الثلاثة الأخيرة بداية من الأسبوع 28 من الحمل، وأكثرهن من لم يسبق لهن الحمل، وخاصة في حمل التوأم، وهو يكون تجمع للدهون في الكبد بنسبة أعلى من النسب العادية، ما يؤثر سلباً على الحامل والجنين، مع ارتفاع شديد في إنزيمات الكبد والصفراء، وارتفاع ضغط الدم واستسقاء بالبطن مع أنيميا حادة ونقص بالصفائح الدموية وارتفاع بحموضة الدم وقصور كلوي حاد، وفي معظم الحالات، يعود الكبد إلى أداء عمله بشكل طبيعي، في بضعة أسابيع بعد الولادة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"