التطريز.. فن تراثي يسابق الحداثة

يعود ليزيّن واجهات بيروت
01:31 صباحا
قراءة 3 دقائق
بيروت: هناء توبي
فن التطريز يعود بقوة إلى واجهات بيروت، فكثيرة هي أماكن بيع وتسويق منتجات هذا الفن، وعديدة هي المعارض الترويجية التي تساهم في إعادة المكانة لإرث الجدات، الذي صار فناً يدرّس في عدد من الجمعيات الأهلية النسوية. وفي هذا الإطار تشهد بيروت عدة معارض تسويقية لمخرجات هذا الفن؛ من لوحات وعباءات وملابس عصرية وحقائب وإكسسوارات، تتعاون في تنظيمها أكثر من 100 جمعية في لبنان وفلسطين والأردن.
على هامش معرض تراثي نظمته «دار النمر»، في بيروت، التقينا عدداً من العاملات الفلسطينيات في هذا المجال، اللائي أجمعن على أن هذه الحرفة، أو الفن، تشهد تطوراً ملحوظاً كونها تواكب كل حديث، وإن كانت تعتمد على الإبرة والخيط والعمل اليدوي، إذ تعمل الأجيال الناشئة على الابتكار في التطريز وتوسيع نطاقه، ليخرج من نطاق الثوب الشرقي إلى منتجات أخرى كثيرة.
وأكدن سعيهن إلى نشر هذا الفن عربياً وعالمياً وتحقيقهن النجاح في هذا المجال.
آمنة عوض، مسؤولة الهيئة النسائية الفلسطينية لتكريم الشهداء، تعلّمت التطريز من والدتها منذ كانت طفلة صغيرة، وتعتبر أن هذا الفن هو الإرث الذي ساعدها على مواجهة صعاب الحياة.
تقول: تعلقت بالإبرة والخيط والعمل اليدوي، وكان التطريز هوايتي عندما أنتهي من واجباتي المدرسية، وشيئاً فشيئاً صارت تلك الهواية حرفتي ومهنتي. أطرز الأرائك والعباءات، وأعقد دورات تعليمية للنساء والفتيات اللاتي يقبلن على تعلّم التطريز.
ترجع وفاء بهاني، معلّمة تطريز، الفضل في تعلمها التطريز إلى عمتها حينما كانت في الثانية عشرة من عمرها. وتضيف: تخصصت في تطريز اللوحات، إذ أرسم مسودة اللوحة على الورق الشفاف وأنفذها على القماش، وأستخدم الخيوط الملونة التي تعكس جمال اللوحة، ورغم أن العمل يتطلب صبراً طويلاً، إلاّ أن الانتهاء من اللوحة وتعليقها على الجدار، كان وما زال هو الإنجاز الكبير الذي يشبهني، ويحكي عني، ويقدمني كفنانة فلسطينية متمسكة بجذورها، وحرفتها الأصلية.
وتلفت بهاني إلى أن تاريخ التطريز لا يتوقف عند حدود الزمن، بل هو متواصل حتى يومنا هذا، مشيرة إلى سعادتها بإقبال الفتيات من الجيل الجديد على تعلم هذا الفن؛ هذا الجيل الذي يبتكر ويضيف إلى التراث؛ فالفتيات الآن صرن يطرزن الحقائب وإكسسوارات الهواتف الذكية وملابس الجينز، وهذا يصب في مصلحة إحياء تراثنا وتوسيع دائرة انتشاره.

صبحية أحمد كريم، فنانة تطريز فلسطينية، تقول: كنت في التاسعة عشرة من عمري، وبعد زواجي وإنجابي صار الوضع المادي لأسرتي صعباً، فقررت دخول سوق العمل، ولأنني لم أحصل على شهادات علمية طلبت من جارتي أن تعلمني التطريز. أحببت هذا الفن كثيراً، وصرت أطرز كل قطعة قماش تقع تحت يدي، حتى تمكنت من مباشرة العمل بالإبرة والخيط دون مسوّدة.
تضيف: أجدت عملي وأصبحت أبيع منتوجاتي، وبعدها التحقت بمشروع تطريز يموّله الاتحاد الأوروبي لتعليم الفتيات، كما أعمل من خلال عدد من المراكز على تدريب الأُمهات والفتيات.وترى نوال محمود، رئيسة جمعية «هني» التربوية الاجتماعية، أن تمكين المرأة عبر تعليمها فن التطريز يقيها العوز والحاجة، خصوصاً أن جمعية «هني» متخصصة بتعليم الفتيات مهناً يدوية وحرفية، من بينها بالتأكيد تطريز القطبة الفلسطينية ذات الخصوصية بالنسبة إلينا كفلسطينيين، والتي تساعدنا على نشر ثقافتنا.
وعن بداية تعلمها فن التطريز، تقول نوال محمود: تعلمت التطريز منذ كنت طفلة صغيرة، ثم بدأت خياطة الألعاب وتصميمها وإلباسها الفساتين المطرزة. كنت أتعلم وأعلّم وأنشر خبرتي بين اللاتي يقصدنني، من لبنان وسوريا وفلسطين.
تشير نوال محمود إلى أنها ومن خلال تطريزها لألعابها الفلسطينية، نشرت أزياء المناطق، تقول: أصمم اللعبة وأخيطها وأحشوها بالقطن والصوف، وألبسها أثواباً مختلفة، تختلف باختلاف مناطق فلسطين، فعروس القدس لباسها نبيذي مطرز بالذهبي، وهو عبارة عن قطعتين مع شال ذهبي. وعروس بيت لحم تلبس الثوب الأسود المطرز بالنبيذي مع قطبة متراصّة وقمر وهلال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"