«تسمم الدم» يُتلف أجهزة الجسم

02:17 صباحا
قراءة 5 دقائق
مرض تسمم الدم.. يعتبر حالة مرضية خطرة على حياة الأشخاص المصابين به، إذا لم يتم تداركه وإسعافه في أسرع وقت، حيث يسبب تطورات مرضية، وتسوء الحالة الصحية بصورة سريعة، وفي النهاية يصل الشخص المصاب به إلى الوفاة.
للدم وظائف كثيرة منها توصيل الغذاء إلى كل خلية من خلايا الجسم، وأيضاً مد هذه الخلايا بالأكسجين اللازم للقيام بالعمليات الحيوية الموكلة إليها في الجسم، ثم يعود إلى هذه الخلايا ليحمل ثاني أكسيد الكربون الناتج منها، ويحمل معه الفضلات ليقوم بإلقائها خارج الجسم عن طريق أجهزة الإخراج المختلفة، وبالتالي إذا وقع أي خلل أو مشاكل في الدم فإن كل أجهزة الجسم سوف تتأثر وتتضرر، ومن ثم تظهر مدى خطورة تسمم الدم، وقد لا يعرف الكثير من الأشخاص طبيعة المرض، وقد يتبادر إلى ذهن الكثير أن هناك مادة مسممة تناولها الإنسان ووصلت إلى الدم، أو أن هناك حيواناً ساماً أو ثعباناً أو عقرباً لدغ الإنسان وتسبب في تسمم الدم، وكل هذه المعتقدات ليست صحيحة في حالة هذا المرض الذي نتحدث عنه وهو تعفن أو إنتان الدم، وسوف نشرح بالتفاصيل هذا المرض، ومن أين يصيب الإنسان وأسبابه والعوامل التي تساعد على الإصابة به، وكذلك الأعراض التي تصدر عن تسمم الدم، ومضاعفاته وكيفية الوقاية.
انتقال العدوى

يعني مصطلح تسمم الدم دخول بعض البكتيريا الخطرة إلى مجرى الدم، وبالتالي الدخول إلى أجهزة وخلايا الجسم، وتعفن الدم أو تسممه ناتج عن عدوى بكتيرية شديدة انتقلت من جسم الشخص إلى الدم، وتحدث اضطرابات ومشاكل كبيرة، وعند دخول هذه البكتيريا أو الجرثومة إلى الدم، يقوم جهاز المناعة بممارسة عمله على الفور ويحاول مقاومة هذه البكتيريا أو الجرثومة بكافة الطرق المعتادة والطبيعية والتدريجية للمناعة، ويحاول تعقيم الدم كله، وفي حالة نجاح البكتيريا في مقاومة هذه المناعة عن طريق إصابة خلايا الدم بالالتهابات الكثيرة، ما يسبب نوعاً من العفن أو الإنتان، الذي يتطلب علاجاً سريعاً وعناية صحية فائقة، مع تناول كميات مكثفة من المضادات الحيوية واسعة التأثير، والتي يصرفها الطبيب المختص، أثناء العناية به وعلاجه من هذا التسمم.
مضاعفات جسيمة

تنفي الدراسات الحديثة احتمال أن المرض ينتج عن عوامل بيئية وقد يتمثل التسمم في ظهور بعض الخراجات في أماكن مختلفة من الجسم، كما يحدث التهاب العظام، وخطورة هذا التسمم على المصاب أنه يتطور في فترة قصيرة، ويتفاقم وتحدث مضاعفات جسيمة في وقت قياسي، إذا لم يتم تشخيصه، وتشرح الدراسات كيفية حدوث التسمم، والذي يتم عن طريق بعض الجراثيم والبكتيريا الموجودة في جروح أصيب بها الشخص، أو الجراثيم مسببات الأمراض في الجسم، والتي تنقل هذه الجراثيم إلى باقي أجهزة الجسم وتنتشر بصورة كبيرة فيه، ثم تتسرب وتنتقل إلى الدورة الدموية، ويؤدي ذلك إلى اضطرابات شديدة ومعوقات قوية في عملية التمثيل الغذائي لخلايا الجسم، ونتيجة لذلك تحدث مشاكل جسيمة داخل أعضاء الجسم الحيوية، يعقبها خلل وتوقف عن الوظائف الطبيعية بالشكل المعتاد والصحيح للأعضاء بصورة مستمرة وبشكل متتابع.
أعراض خادعة

الخطورة الكبيرة في مرض تسمم الدم، والتي تكشفها العديد من الأبحاث والدراسات، تكمن في أن أعراضه في مراحله الأولى تشبه إلى حد كبير أعراض الزكام، ما يجعل المصاب لا يعتقد أنه على ذلك القدر من الخطورة، ويفترض أنه عرض مؤقت، لا يحتاج طبيباً، ويكتفي ببعض المسكنات أو المضادات المعتادة، ما يسبب خطورة حقيقية على حياة المريض، حيث يشعر في البداية بنوع من الكسل والخمول مع كل أعراض البرد العادية، فلا يلتفت إلى ذلك، على أن هذه الحالة المرضية الجسيمة تصيب الإنسان والحيوان أيضاً، وتتسم بظهور حالة التهابات عامة في أنسجة الجسم، ونتيجة لذلك يصاب الدم بالتعفن، وتسببها البكتيريا من نوع العقديات والعنقوديات وغيرها من الأنواع الأخرى من الجراثيم، ولكن هذين النوعين هما الأكثر شيوعاً.
تطور الحالة

تزداد أعراض المرض بعد انتهاء المرحلة الأولى منه، حدة وخطورة، ومنها شعور المصاب بحالة رعشة تسري في الجسم، مثل البرد، مع السرعة الكبيرة في دقات القلب، وارتفاع في دراجات الحرارة، والإصابة بالدوخة والدوار، وهبوط كبير في ضغط الدم، ثم تشتت في التركيز وضعف في قدرات الإدراك والإصابة بالارتباك وضعف المهارات الذهنية وحالة من الهذيان، والتنفس بصورة سريعة، كما يظهر ضيق التنفس، وفي بعض الحالات تتعرض الرئتان إلى انسداد جزئي، يؤدي إلى بذل جهد كبير للمصاب كي يتنفس، وتحدث حالة من الاختناق تستوجب وضع أنبوبة الأكسجين للتنفس الصناعي، وشحوب لون المصاب، والرغبة المستمرة في النوم، ومع تطور الحالة المرضية تظهر أعراض مثل ظهور بقع حمراء على الجلد، والطفح الجلدي الناجم عن فشل وظائف بعض أجهزة الجسم الداخلية، لعدم وصول الأكسجين الكافي للخلايا لأداء الوظائف الحيوية، وضعف وقلة كميات البول بصورة كبيرة، وحدوث صدمة، ويصل الأمر في بعض الحالات إلى فقدان الوعي تماماً، ثم إصابة المريض بالفشل الكلوي، وفقدان الوعي والدخول في غيبوبة طويلة، ربما تؤدي إلى الموت.
حالة المناعة

تزيد الخطورة لدى بعض حالات من الأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة، وذلك نتيجة تناول أدوية تثبيط، بسبب زراعة أعضاء جديدة في الجسم، مثل زراعة فص كبد أو زراعة كلية، أو غيرها من الأعضاء لكي يتقبل الجسم هذا العضو الجديد، وفي هذه الحالة يصبح الأمر أكثر خطورة على حياة المصاب، وأيضاً في حالة إصابة كبار السن بعد إجراء عمليات الجراحة المختلفة ويكون الجسم في حالة من ضعف المناعة، فإن حياة هؤلاء الأشخاص من كبار السن تكون على المحك إذا أصيبوا بتسمم الدم نتيجة هذه العمليات الجراحية، فقد كشفت بعض الأبحاث أن هناك بعض الحالات من المرضى الذين يدخلون غرف العمليات لإجراء عمليات جراحية متنوعة قد يصابون بتسمم في المناطق التي تمت بها الجراحة، وبالتالي انتقال هذا التسمم إلى الدم، وإن أكثر من 55% من هذه الحالات المصابة بعد هذه العمليات الجراحية يموتون بعد ساعات من الإصابة كما أن بعض الدراسات أكدت أن هناك صعوبة ملحوظة لدى المتخصصين في التعرف المبكر إلى المرض، لأن الكثير من الحالات تحدث نتيجة التهابات ومسببات داخلية، وليست تسمماً من عمليات جراحية، فالتشخيص المبكر يساوي 90% من عمليات إنقاذ حياة هؤلاء المصابين بتسمم الدم، كما أن المرض لا يصيب الجسم كله مباشرة، فهو يصيب جزءاً ثم ينتقل لآخر، فمثلاً يمكن أن يصيب الرئة في البداية ويمكن السيطرة عليه بالمضادات الحيوية، أما إذا انتشر في الجسم فيمكن أن يؤدي إلى إصابة المريض بفشل كلوي، ثم التهاب رئوي حاد، وقد يصل الأمر إلى التهابات الكبد، ويمكن أن يصاب الجسم بالصدمة الشديدة التي تسبب فشلاً في أجهزة كثيرة بالجسم، ومضاعفات خطرة تؤدي في النهاية إلى الوفاة.

التسمم والقلب

يحدث تسمم الدم بصورة كبيرة لدى الأشخاص المصابين بالتهابات في الأوعية الدموية، وهذه الالتهابات مثل التهابات الوريد الخثاري العميق، والتهابات الشغاف التي تصيب طبقة القلب الداخلية أو بطانة القلب بالتحديد، ويشمل صمامات القلب وهياكل الحاجز بين البطينين والحبل الوترية والبطانة الجدارية، وتسمى شغاف القلب ومن هنا جاءت التسمية التهاب الشغاف، وأيضاً الالتهابات التي تحدث بسبب قسطرة الأوعية الدموية، أما في حالة الإصابة بمرض تسمم الدم المتقطع، فيكون ناتجاً عن إصابة بعض الأشخاص بالالتهابات الموضعية، ومنها التهابات في الرئة وحدوث التهابات في الأنسجة الرخوة، وفي حالة أيضاً التهابات الجلد، وكذلك المشكلات التي تصيب المسالك البولية تؤدي إلى الإصابة بمرض تسمم الدم المتقطع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"