سوق القطارة معلم تاريخي يؤوي الحاضر

أعيد افتتاحه في 2012 بعد ترميمه
02:54 صباحا
قراءة 4 دقائق
أبوظبي - "الخليج":

تعد سوق القطارة واحدة من المعالم التاريخية والأثرية البارزة في مدينة العين، وتكتسب أهمية كبيرة على المستويين الثقافي والسياحي، لما تشتمل عليه من عناصر تراثية ما يزال بعضها يغالب الزمن، ويحيي ذاكرة الماضي العريق .
وافتتح السوق التاريخية سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية في 1 ديسمبر /كانون الأول ،2012 في إطار الاحتفالات باليوم الوطني ال ،41 وذلك بعد أن انتهت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة من ترميم السوق وتطوير المكان المحيط بها، ضمن مشروع ترميم المبنى، كما شملت العملية تأثيث المبنى بمواصفات تراثية لإيواء الفنون التقليدية والأنشطة الحرفية، ويهدف المشروع أيضاً لتأكيد الرابط مع مركز القطارة للفنون بالطرق البصرية، والبرامج الثقافية والفعاليات الفنية المكملة لبعضها بعضاً، واستخدام وسائل الراحة المهيأة في مركز القطارة للفنون .
يعود تاريخ السوق في قرية القطارة إلى ثلاثينات القرن الماضي، على رغم أن الشكل العام للمبنى الحالي يرجع ترميمه إلى عام ،1976 ويتكون مبنى السوق، الذي يصل طوله إلى 35 متراً، من تسعة عشر محلاً مقسمين على صفين في ممر مركزي مغطى . إلى الشرق من تلك المحال، توجد غرفة واحدة من الطوب "اللبن" تشكل جزءأً من مجموعات المباني السابقة التي كانت تحيط بالساحة التقليدية المهمة جزئياً لبيت محمد بن عدوة الدرمكي .
وتبرز سوق القطارة أساليب البناء التقليدي للواحات على غرار نمط المباني التاريخية الموجودة في المنطقة، وتحتوي على أسوار طينية سميكة بها فتحات محدودة صغيرة لإدخال الضوء والهواء وتسقف بأخشاب النخيل والحصير المصنوع من النخيل الذي يستخدم في التسقيف والجص المصنوع من الطين والذي يستخدم للأرضيات والجدران .
وتظهر الصور الفوتغرافية الإرشيفية للقرية القديمة في القطارة في منتصف الستينات الجزء الجنوبي من السوق، وقد أظهرت الأعمال الأثرية الحديثة العديد من التفاصيل الخاصة بهذا المبنى القديم وكيف تم ضمه إلى عملية الترميم التي نفذت في منتصف السبعينات .
أما الجزء الأوسط من الجانب الجنوبي للسوق "توجد فيه الآن بعض المحال التجارية" فيتكون في الأصل من غرفة مركزية محصنة كانت تستخدم مدرسة وكانت تدخل من خلال باب مفتوح في الجدار الجنوبي للغرفة 14رقم .
ربما يكون ذلك الجزء الأقدم من المبنى الذي كان من المفترض أن تتوسع السوق من حوله . وتمت إضافة ثلاثة محال إلى الجانب الغربي من هذه الغرفة المحصنة، ويبدو أن دخول تلك المحال كان يتم من الجنوب .
الأبواب الموجودة على هذا الجانب في وقت من الأوقات مسدودة، ثم أضيف الترتيب الحالي للصفوف المتوازية للمحال على جانبي الممر المركزي، وقد أسفرت التحقيقات الخاصة بالمحال عن وجود غرفة أخرى مبنية مقابل الجانب الشرقي من الغرفة المحصنة، وكانت تلك الغرفة تحتوي على مدبسة وهو مكان لعصر التمر، وتخزن فيه طبقات من التمر في غرفة مغلقة ثم يعصر منها عصير الدبس الذي يؤخذ إلى شبكة من القنوات الموضوعة على الأرض، ثم تجمع في جرة فخارية . دونت الملاحظات بخصوص جميع تلك الخصائص الأثرية أثناء أعمال التجديد الحالية للسوق وتم صونها . وعرض معظمها باستخدام تشطيب جص مختلف عن ذلك المستخدم في الأجزاء التي أعيد بناؤها في سبعينات القرن العشرين .

أعمال الترميم

تم استخدام الطوب "اللبن" والملاط كمادة أساسية في صون سوق القطارة، وظهر أن الطوب "اللبن الضارب إلى الحمرة" في البناء الأصلي أكبر، وله شكل مختلف عن النوع المستطيل المصنوع من الطين الرمادي الذي استخدم في عملية الترميم .
لقد مر مبنى السوق بالعديد من مراحل إعادة البناء وتدخلات الصيانة، وبدأت أول عملية لإجراء الصيانة في 22 أغسطس 2012 مع انطلاق مشروع سوق القطارة من قبل هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة . وعلى مدار هذا العمل، تم استبدال جميع عتبات السقف المصنوعة من النخيل التي كانت تضررت بفعل الحشرات الضارة . كما تمت معالجة الأبواب وأطرها لحمايتها ضد الحشرات، وتم تحسين الوصلات بين الجدران الطينية، وكذلك إصلاح الأجزاء التي تضررت بالأمطار أو بالتآكل وحيث إن المبنى موجود في منطقة مفتوحة للجمهور، فإن هناك خطة لوضع نظام مراقبة وصيانة في المستقبل، ومن بين الأهداف الرئيسية لهذا العمل حماية الأساليب التقليدية لبناء الأسطح وبناء المباني، مع التأكد في الوقت ذاته من معالجة جميع المشكلات في المبنى باستخدام أحدث الأساليب التقنية .

مركز القطارة

يضم بيت بن عاتي الدرمكي الذي أعيد تطويره مركزاً للفنون وصالة عرض متميزة، ويضم مركز القطارة للفنون الذي تم ترميمه مزيجاً دقيقاً من العمارة التقليدية والمرافق الحديثة، ويعرض المركز مئات المعروضات الحديثة بين جدرانه، ويضم عدداً من الصفوف الدراسية التي تُلقي فيها دورات تعليمية، ويشمل اختصاص المركز توفير مكان لدراسة الفنون والثقافة وفي المركز استوديو لممارسة مجموعة متنوعة من الأنشطة، مثل دروس الموسيقى والحرف الفنية، واستوديو آخر للرسم بالألوان الزيتية، إضافة إلى استوديو فخاريات كامل التجهيز، وغرفة رقمية تصلح للتصوير الفوتغرافي واستوديو كبير لتعليم الخطوط إضافة إلى صالة العرض والمقهى والمكتبة .
تعرض في مركز القطارة التركيبات الصناعية للعصر الحديدي التي تشكل المرحلة الأقدم لسلسلة الأنشطة الممتدة عبر ثلاثة آلاف سنة في موقع القطارة، ويتم عرض هذه التركيبات في سرداب أعيد تصميمه خصوصاً للعرض على الجمهور كجزء من التفسير الأشمل للآثار الموجودة في الموقع وواحات مدينة العين . 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"