زافين قيومجيان: ذاكرة التلفزيون جزء من هويتي

يسجّل في «أسعد الله مساءكم» أهم 100 حدث في تاريخه
06:51 صباحا
قراءة 5 دقائق
بيروت سهيلة ناصر:

لا يختلف اثنان حول مهنية وحرفية مقدم البرامج زافين قيومجيان في تعاطيه الجريء مع المواضيع الاجتماعية التي عالجها في برامجه كافة على مدار 25 عاماً من مشواره المهني، من «تلفزيون لبنان»، إلى شاشة «تلفزيون المستقبل»، حيث يقدّم برنامجه «بلا طول سيرة». مسيرة رائدة ومتجددة، أغنت التجربة التلفزيونية في لبنان والعالم العربي، جعلته يحصد ألقاب التميّز والفرادة، آخرها حصوله على لقب «أفصل إعلامي متميّز» من «الموركس دور».. بعد تجارب سابقة له في الكتابة، يعود اليوم ليقّدم تحية وفاء لأبطال التلفزيون ومشاهديه في أرشفة وتوثيق ذاكرته في كتاب «أسعد الله مساءكم- مئة لحظة صنعت التلفزيون في لبنان». عن هذا الكتاب وذاكرة التلفزيون كان الحوار التالي..
} ما المعايير التي اعتمدتها في الكتاب؟

منذ سنوات طويلة قررت تقديم هدية للتلفزيون عبر كتابة ذاكرته غير المكتوبة. بدأت العمل بشكل بحت أكاديمي استغرق 5 سنوات من البحث والتنقيب والمقابلات مع أكثر من 200 شخصية من روّاد التلفزيون، وعدت إلى مئات الوجوه والبرامج والذكريات. كانت الفكرة الأساسية أثناء البحث الإجابة عن سؤال: كيف لنا أن نسرد ذاكرة التلفزيون؟ فارتأيت أنّ أفضل طريقة أن أخبر تاريخ صناعة التلفزيون من خلال محطات أحببت أن تكون بشكل لحظات تلفزيونية.

} ما المقصود ب«اللحظة» تحديداً؟

اللحظة التلفزيونية تعبير عن معنى التلفزيون وتأثيره في المجتمع وفي الصناعة الترفيهية. توجد عدة تعاريف لهذا المفهوم وغير المحدد من قبلي. عالمياً، أفضل طريقة شعبية للحديث عن اللحظة التلفزيونية هي الحدث الحاصل على الشاشة الذي يحدث دهشة تصل لأوجها. هذه الدهشة ذات شروط خاصة.. يومياً، هناك لحظة تلفزيونية تدفع الناس للتكلم عنها وأمر ما يجعل المشاهد يصمت ويرفع صوت جهاز التلفاز للاستماع، وأمر يفاجئ وآخر يخبر بجديد. من هنا كان الكتاب بحث عن اللحظات خلال 50 عاماً من تاريخ التلفزيون في رحلة ممتعة مع هذه الصناعة.

} لماذا اختصرتها ب100 لحظة؟

كان عليّ لزوم اختصارها بعدد معين.. خلال 50 عاماً من عمر التلفزيون هناك آلاف اللحظات وسأضطر للغربلة التي رست على مئة حدث جمعت ما بين المعلومات التاريخية والقصص الشخصية لدى أبرز الشخصيات التي واكبت الحقبة الذهبية الممتدة من الخمسينات حتى الثمانينات. عدا ما لهذا الرقم من دلالة عن مرحلة كبيرة عالمياً.

} ولماذا أخذت زمام المبادرة الشخصية بأرشفة ذاكرة التلفزيون؟

الموضوع موضع اهتمامي وجزء من هويتي وعملي الذي لا ذاكرة له. رغم أنني أعتبر أن التلفزيون صنع ذاكرة لبنان، ومع الأسف لم تكتب ذاكرته. التلفزيون ليس وسيلة تسلية بل أداة وحدت اللبنانيين وصنعت قيماً جديدة للبنان وسعت من أفق أهله، بقدر ما هي أداة ساهمت في اشتعال الحرب وانقسام اللبنانيين، واليوم هي جزء من التشرذم اللبناني وضياع الهوية. عندما نسأل من هم اللبنانيون؟.. يكون الجواب الفوري بحسب طوائفهم ومذاهبهم. لذا أعود إلى الأداة الأساس وتلفزيون أيام الستينات صانع القيم الواحدة كأبي ملحم وقيم مسلسلات الأبيض والأسود، وجامع اللبنانيين على نكات واحدة مثل نكت «أبو سليم»..اليوم أضيء عليها وأقوّي هذه الأداة الشعبية، آملا أن نستعيد المبادرة بالمساهمة في إحياء ثقافة لبنانية واحدة.

} كم استطعت المحافظة على روح الشخصيات التي تناولتها على الورق؟

حاولت قدر الإمكان، في النهاية هذه الشخصيات ملك عام، وهذا الحرص والتعب والهاجس هو الذي جعلني أستمر بالعمل على الكتاب. كان هناك ثمة خوف للحفاظ على هذه الشخصيات بروحيتها وقيمها وقيمتها وبنفس الوقت علينا أن نقرأ تجربتها من مسافة أبعد بعد كل هذه السنوات. لذلك كان العمل دقيقاً وصعباً، ولكن الحمد لله أنا راض بالنتيجة.

} وضعت «هاشتاغ» تسأل فيه ما هو التلفزيون «الحلو»؟ ما ردك؟

هو عندما يتحول التلفزيون إلى جزء من ذاكرة الطفولة.

} هل سيكون لتلفزيون «المستقبل» حيز من اهتماماتك الكتابية؟

الكتاب يواكب الحقبة الذهبية الممتدة من الخمسينات حتى الثمانينات، من البدايات والزمن الجميل والحرب..على أن يستتبع لاحقاً بمجلد ثان يتناول التلفزيون الحديث من التسعينات حتى يومنا هذا. علماً بأن 50 % من العمل جاهز وإن شاء الله يكمل رواية التلفزيون.

} هل ستكون موجوداً بشكل شخصي في المرحلة المقبلة؟

أنا جزء منها. أفكر بأحسن الطرق، بشكل أعمد إلى وضع مسافة بيني وبين نفسي. الحل الأمثل بأن يتولى القسم المتعلق بي شخص ثان. في النتيجة هذا قرار عليّ أن آخذه، من منطلق هل سأكتب عن نفسي أم أحجم عن ذلك.. وهل لي مكان أصلاً في تاريخ التلفزيون؟ لذا سأترك الحكم للآخرين.

} ما اللحظة التي تجعلك تعتزل العمل التلفزيوني؟

لا أعرف.. كأنني أمام حالة الطبيب الذي يسأل عن لحظة التوقف عن الطب.. يعني في حال الفشل بعملية سيكون تحدياً له ليكمل بتقديم خدماته للمرضى. لعلّ السبب الوحيد عندما أشعر بالملل وغياب المتعة والتحدي في العمل المرئي، أو عدم حب الناس لي. القرار صعب وأعتقد أن قرار بقاء المذيعين ليس بيدهم بل ملك الإدارات ولا يمكن لمذيع أن يفرض وجوده أو عدمه.

} ما سر استمرار تميّزك؟

- التلفزيون ليس وسيلتي للشهرة ولجمع المال والمجد. هو مهنتي وهويتي وشغفي ولا أعرف أن أعيش حياتي من دونه. منذ 25 سنة وأنا أعرف الحياة وأعبّر عن مشاعري من خلاله. أعتقد أن السر يكمن في أنني دائماً رائد ومتجدد وطبيعي ولا يمتلكني الخوف من تجريب قصص لم يخضها أحد قبلي، أو يحاول الابتعاد عنها ممن غايته الشهرة ويفضلون عدم الدخول بتجارب غير مضمونة النتائج. همّي الوحيد الدخول بتجارب تحمل مغامرة ما، والحمد لله كل تجاربي كانت ناجحة ولم أصب بالفشل من منطلق التجديد والريادة في الأسلوب أو المضمون. كما لم أدع يوماً على التلفزيون ما أنا لست عليه ولم أقل أنني الأشطر والأول.. كنت دائماً صادقاً مع نفسي.

} ألم يحن الوقت لتأسيس مدرسة «قيومجيان» الإعلامية؟

مع صعوبة الشخص بالتكلم عن نفسه بهذه الطريقة، أعتقد أن هناك مدرسة موجودة. عادة المدارس لا يعلن عن وجودها إلا مع مرور الزمن أو بعد الرحيل.. لكن الواضح جداً أن هناك أسلوباً خاصاً بي. منذ ظهوري على التلفزيون حاول كثر تقليده لكنهم فشلوا لعدم قدرة أحد على تكوين الخلطة الخاصة بي التي فيها من الجدية والخفيّة في الوقت نفسه.

} ما خطوط التميّز ببرنامج «بلا طول سيرة» مقارنة مع البرامج الأخرى؟

ما يميزه الوفاء للمعايير الإعلامية والأخلاقيات المهنية، وعدم الدخول في موجة البرامج الفضائحية الهادفة إلى صناعة الإثارة المجانية. ما جعله يكسب صفة الاحترام. أما الخلطة التي أحاول العمل عليها فهي خلطة البرنامج الحواري لكن بمقاييس نشرة الأخبار. هدفي خلق نشرة أخبار جديدة من خلال البرنامج، ووضع أسس جديدة على قاعدة كيف نخبر ما يحصل حولنا، أي طريقة المعالجة أو انتقاء الخبر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"