علم النفس عند علماء المسلمين

نفض الغبار
11:55 صباحا
قراءة 3 دقائق

لقد قدم علماء المسلمين الأُول الكثير والكثير في مختلف مجالات العلوم والمعرفة، ففي علم النفس قدموا ما لم يقدمه غيرهم في ذلك الوقت، حتى إن كتاباتهم قد أثرت بالفعل في معظم علماء الغرب، وسأحاول هنا إعطاء نبذة مختصرة عن بعض ما قدمه علماء المسلمين الأول من أبحاث ودراسات أفادت كثيراً في مجال علم النفس .

بحث ابن سينا في الإدراك الحسي وأوضح لنا كيف يدرك العقل الكليات . كما عرفنا بأن للإدراك مراتب أدناها الادراك الحسي وعرفه بأنه انتقال صورة الشيء الخارجي إلى الذهن كما تحدث ابن سينا أيضا عن الانفعالات الموجودة لدى الانسان والتي لا توجد لدى الحيوانات مثل الضحك والبكاء والخجل والتعجب، كما أدرك العرب ومنهم ابن سينا العلاقة بين الأمراض الجسمية وعلاقتها بالناحية النفسية، وهذا ما يعرف اليوم باسم الطب الجسمي النفسي، وهو فرع من فروع علم النفس المعاصر يهتم بدراسة الأمراض النفسية والتي لها أعراض جسمية .

وقد بحث العرب قديماً في الأمراض النفسية وعوامل حدوثها ولذلك فقد اهتموا بالحديث عنها وفي هذا يقول ابن العباس المجوسي المتوفي سنة 384 ه في كتابه كامل الصناعة الطبية: فأما الأعراض النفسانية فإنه قد ينبغي أن لا يدمن الإنسان علم الغم ولا يستعمل الغضب ولا يكثر من الهم والفكر ولا يستعمل الحسد فإن ذلك كله مما يغير مزاج البدن ويعين على إنهاكه وضعف الحرارة الغريزية، ومن كان مزاجه حاداً فإن هذه الأعراض تولد الحميات الرديئة بمنزلة حمى الدق وقرحة السل وما يجرى هذا المجرى فلذلك قد ينبغي أن يتجنب الإنسان الأعراض النفسانية كلها وأن يلهم نفسه الفرح والسرور فإنه يقوي الحرارة الغريزية ويحركها إلى ظاهر البدن ويزيد في النشاط ويقوي النفس .

وقد تناول العالم الإسلامي أبونصر الفارابي المتوفي سنة 339 ه في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة فرع علم النفس الاجتماعي وذلك بتحديده أساساً فطريا للحياة الاجتماعية لكل من الفرد والمجتمع كما تناول أيضاً الحديث عن سمات الشخصية التي ينبغي أن يتصف بها زعيم الجماعة كما تناول في كتابه الأسس النفسية لتماسك الجماعة وهذا في الحقيقة جوهر علم النفس الاجتماعي المعاصر، أما ابن خلدون فقد كان من أوائل من تحدثوا عن علم النفس الفارق، فقد اهتم بالمقارنة بين تأثير حياة البداوة والحضارة في سمات الشخصية ومنها الشجاعة والخير والذكاء كما كان لابن خلدون المتوفي سنة 803 ه أيضاً آراء حول الصلة بين سمات الشخصية وبين احتمالات النجاح أو الفشل في مهنة معنية وهذا أساس التوجيه المهني والتوجيه فرح من فروع علم النفس المعاصر .

وإذا ما انتقلنا إلى عالم إسلامي آخر وهو الإمام أبو حامد بن محمد الغزالي المتوفي سنة 505 ه فإننا نستطيع القول إنه هو الذي صور علم النفس عند المسلمين .

فقد تناول العديد من الموضوعات النفسية منها الانفعالات النفسية مثل الخوف والغضب وآثارها في السلوك، كما تحدث عن العاطفة بنوعيها الحب والكره وعلاقتهما بالسلوك، لذلك تناول الدوافع الأولية والدوافع الثانوية المكتسبة أيضا تحدث عن الذاكرة والحواس والإدراك والخيال وغير ذلك من الموضوعات النفسية والتي نحن في أمسّ الحاجة إليها في حياتنا المعاصرة . وقد قدم لنا القرآن الكريم كما قدمت لنا السنة النبوية الشريفة تشريحاً معجزاً لمختلف جوانب النفس البشرية من أول النفس الأمارة بالسوء إلى النفس المطمئنة من هنا كانت العلاقة الوثيقة بين علم النفس وعلوم الدين وخلاصة القول إن الانسان لا يعيش في فراغ وإنما في مجتمع له عاداته وتقاليده ونظمه وقوانينه المستوحاة من الأديان السماوية السمحاء وبالتالي فإن كل ما يصدر عن الإنسان من سلوك لا يمكن تفسيره بشكل علمي موضوعي إلا بالرجوع إلى مختلف العوامل المتشابكة التي يعتبر السلوك الإنساني محصلة طبيعة لتلك العوامل .

a [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"