النخامية.. غدة التوازن الهرموني

23:48 مساء
قراءة 6 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

تعد الغدة النخامية من أهم الغدد الصماء في الجسم، وعلى الرغم من صغر حجمها، فإنها مسؤولة عن إفراز العديد من الهرمونات الضرورية التي تسهم في عملية النمو، وتحافظ أيضاً على كتلة العضلات والعظام والوزن وضغط الدم، وغيرها من الأنشطة التي تساعد على تحقيق التوازن، ولذلك فإن تعرضها لخلل ما يؤثر في عدد كبير من الوظائف في جسم الإنسان، وينجم عنه قصور أو زيادة في إنتاج الهرمونات ما يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض، ومن أكثر المشكلات التي تستهدف الغدة الأورام الحميدة أو السرطانية، وفي السطور القادمة يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن هذه الأورام وأحدث الطرق العلاجية.
يقول الدكتور عبد الجبار حاجى، استشاري الغدد الصماء، أن جسم الإنسان يحتوي على العديد من الغدد التي تنتج وتنظم الهرمونات، ومنها الغدة النخامية صغيرة الحجم وتشبه حبة البازلاء، وتقع في قاعدة الدماغ، وتعرف أيضاً بأنها «الغدة الرئيسية»، لأنها تتحكم في معظم الغدد الأخرى، كالدرقية والكظرية والمبيضين والخصيتين، وتعمل الهرمونات التي تنتجها الغدة النخامية على نمو الجسم، وانتظام الدورة الشهرية عند النساء، والخصوبة، وإفراز الهرمونات الجنسية، والمسؤولة عن الغدة الدرقية، والتحكم في درجة حرارة وطاقة الجسم، وإدرار الحليب عند المرأة بعد الولادة، وتوازن كمية الماء في الجسم، وفي حال إصابة الجسم بأورام، يحدث خلل كبير في الغدة النخامية وتتأثر كل هذه الوظائف، وهناك أورام حميدة يمكن أن تستهدف الغدة، عندما تنمو الخلايا بطريقة عشوائية.

علامات وأعراض

يشير د.حاجى، إلى أن هناك شخصاً واحداً من كل ثلاثة، يمكن أن يصاب بورم في الغدة النخامية دون أن يدرك ذلك مبكراً، وترجع الأسباب إلى أن هذا المرض نادراً ما ينمو بشكل كبير لتظهر عنه أعراض ملموسة، وعادة ما تنمو الأورام ببطء، وربما يستغرق سنوات قبل أن يبدأ المريض في ملاحظة وجود خلل ما، وتعتمد الأعراض الناتجة عن الورم على حجمه، وكيفية تأثيره على مدى إنتاج الهرمونات الأخرى في الجسم، وحاسة البصر وأعضاء الدماغ، وتتمثل العلامات المحتملة التي تظهر على الشخص المصاب وتدل على وجود ورم في الغدة النخامية، في الصداع المستمر، الاضطرابات البصرية، الفقدان التدريجي للرؤية، الإحساس بالغثيان والقيء، عدم انتظام الدورة الشهرية، التغير في وزن وكتلة الجسم، عدم القدرة على التفكير، الدوخة عند الوقوف، وانخفاض أو ارتفاع ضغط الدم والتعب المزمن، ويعتمد التشخيص الدقيق على خضوع المريض للفحص الشامل، عند الطبيب المختص في الغدد الصماء أوالعيون، وإرساله لأخصائي جراحة الأعصاب إذا لزم الأمر، ويتم اختبار مستويات الهرمونات لديه وإجراء الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي.

أنواع الورم

يذكر د.حاجى، أن معظم أورام الغدة النخامية ليست سرطانية، ويعد معدل انتشار الورم إلى أجزاء أخرى من الدماغ أو الجسم منخفض، وهناك نوعان من الأورام التي تصيب النخامية، وهي:
-الأورام الغدية الوظيفية التي تتسبب بإنتاج جزء كبير من هرمونات الغدة النخامية، وينجم عنها تغيرات كثيرة في الجسم، بناء على الهرمون السائد، في حال إفراز الورم الكثير من البرولاكتين، أو هرمون النمو، أوالهرمون المنشط لقشرة الكظرية.
-الأورام الغدية غير الوظيفية والتي تؤثر في عمل النخامية، وتجعلها لا تقوم بإنتاج الهرمونات، ويمكن أن يتسبب كلا النوعين من الأورام بتوقف عمل الغدة النخامية لواحد أو أكثر من وظائف الهرمونات الطبيعية، بسبب تأثيرات الضغط.

طرق علاجية

يوضح د.حاجى، أن علاج الإصابة بأورام الغدة النخامية يعتمد على حجم ونوع الورم، وعمر المريض وصحته العامة، وهناك طرق للعلاج منها:
* العلاج الدوائي الذي يلجأ له الطبيب أولاً، ويتمثل في اختيار العقاقير المناسبة بحسب نوع الورم والهرمونات التي يفرزها، وتتم مراقبة الحالة خلال العلاج بواسطة مختص الغدد الصماء.
* أما الأورام الكبيرة والتي لا تعالج بالدواء، تتم إزالتها عن طريق الجراحة وتنقسم إلى نوعين نهج التنظير الأنفي الوتدي العابر (عبر الأنف) أو نهج الجمجمة (فتح القحف)، ويتم تحديد نوع الجراحة التي تجرى من قبل مختص جراحة الأعصاب الذي يقيم شكل الورم وموضعه، ثم يخضع المريض للعلاج الإشعاعي الذي يستخدم حزم الأشعة السينية عالية الجرعة لقتل خلايا الخلايا السرطانية المتبقية بعد الاستئصال لتقليص الورم.

إنتاج الهرمونات

تذكر الدكتورة شيماء مشعل، أخصائية الطب الباطني، أن الغدة النخامية تسمى بالمايسترو أو الغدة الأساسية، وذلك لكونها مسؤولة عن إفراز العديد من الهرمونات، وتعد جزءاً من الجهاز الصماوي، وتقع داخل تجويف الغدد الصماء العظمى في قاعدة الدماغ، وتتكون من الفص الأمامي الذي ينتج هرمون البرولاكتين وهرمون النمو، في حين يقوم الفص الخلفي بتخزين هرمون الاوكسيتوسين، وإفراز الهرمون المضاد لإدرار البول، وهناك العديد من الأمراض المرتبطة بالغدة النخامية ومن أهمها الأورام الحميدة والسرطانية التي تنشأ نتيجة نمو غير طبيعي للخلايا النخامية، وينجم عنه حدوث إفراط في إنتاج الغدة، كما تؤدي بعض الأورام كبيرة الحجم إلى نقص الهرمونات.

أسباب الإصابة

تؤكد د.مشعل، أن السبب الرئيسي لأورام الغدة النخامية لا يزال غير واضح حتى الآن، ولكن تعد أهم العوامل تغير عشوائي بجينات الخلايا النخامية أو عيب في أحد الجينات مع وجود تاريخ في العائلة، إضافة إلى مجموعة من الاضطرابات الوراثية، ولا يرافق الإصابة بالأورام النخامية ظهور أي أعراض، ولكن يمكن أن يؤثر وجودها في الهرمونات التي تنتجها، وربما تكون نتيجة لضغط الورم على الأنسجة المجاورة بالمخ، ما يؤدي إلى حدوث مشاكل بالرؤيا ومجال الإبصار، كما يمكن أن ينجم عنها إعياء وغثيان، اضطرابات بالدورة الشهرية، زيادة كمية البول وتغيرات بالوزن، ويتم التشخيص عن طريق الكشف السريري للمصاب، وبناء على التاريخ المرضى، وإجراء مجموعة من اختبارات الدم والبول يحدد مستوى الهرمونات، وتصوير للمخ بالرنين المغناطيسي وفحص لقاع العين ومجال الرؤية.

مضاعفات

يوضح الدكتور تشيلدوراي بانديان هاريهاران، مختص الجراحة العصبية، أن معظم حالات الإصابة بأورام الغدة النخامية، يتم علاجها عن طريق التنظير عبر الأنف، لتقليل المضاعفات، ويمكن علاج معظم المرضى بمعدل 90% بنجاح دون حدوث مضاعفات بعد العملية، أما المشاكل العامة لأي جراحة للغدة النخامية فتتمثل في النزيف والعدوى، والمخاطر المرتبطة بالتخدير، ومن بين المشكلات فقدان النظر نتيجة تضرر العصب البصري، أو حدوث مشكلة في الجزء المفرز للهرمونات من الغدة النخامية، ما يؤدي بدوره إلى نقص الهرمون.
يضيف: في بعض الحالات يمكن أن تضرر الغدة النخامية الخلفية، وينجم عن ذلك الإصابة بداء السكري الكاذب الذي يظهر بالتبول المتكرر والعطش المفرط، أو تسرب السائل الدماغي الذي يعد سبباً في التهاب السحايا، وربما تتسبب المضاعفات في حدوث الجلطة والوفاة في حالات نادرة، وربما تكون هناك حاجة إلى إزالة الورم في الغدة النخامية باستخدام نهج فتح الجمجمة، الذي ينطوي على مضاعفات إضافية مرتبطة بالجمجمة كالنوبات وضعف في الأطراف ومشاكل في الرؤية وارتفاع بسيط في معدلات الاعتلال والوفيات.

تدابير شفائية

ينبه د. هاريهاران، إلى أنه في حال كانت أورام الغدة النخامية، مفرزة للهرمونات، فإنه يمكن علاجها باستخدام الأدوية، أما الأنواع الأخرى فيعتبر التنظير عبر الأنف التطور الأحدث والخيار الذهبي لعلاج أورام الغدة النخامية وتحقيق نتائج جيدة سواء من الناحية الجمالية أو الوظيفية، كما يمكن استخدام العلاج الإشعاعي؛ حيث إن علاج المريض من دون جراحة عبر تركيز إشعاع الحزم على موقع الورم، يخفف حجم الخلايا غير الطبيعية، ويحد من مستوى الإفراز الهرموني المفرط، ويؤدي هذا العلاج إلى عدم ظهور الورم مرة أخرى، وفي معظم الحالات، فإن 85% إلى 90% من المرضى يحصلون على علاج ناجح.


الغدد الصماء


تنتشر الغدد الصماء في جميع أنحاء الجسم، وتعد المسؤولة عن إفراز الهرمونات التي تعرف بأنها المواد الكيميائية والبروتينية التي تنظم عملية التوازن الكيميائي للأعضاء الجسدية، مثل النمو الحركة والتكاثر، ووظائف الخلايا والأنسجة، وأيضاً تنظيم عملية الأيض، وسميت بالغدد الصماء؛ لأنها ترسل إنتاجها من الهرمونات إلى الدم مباشرة. ومن الأنواع المعروفة الغدة النخامية والتناسلية والدرقية والكظرية، والبنكرياس والصنوبرية والزعترية، وكذلك المعدة التي تفرز هرمون جريلين، وهناك بعض العوامل التي تزيد من مشكلات الغدد الصماء أو حدوث تغيرات في إنتاجها، مثل التقدم في العمر والإجهاد الذهني أو البدني، أو الإصابة بأمراض مزمنة في الكلى والكبد، ويعد داء السكري من أكثر الأمراض المنتشرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"