«ضباب الدماغ».. اضطــراب ذهــني خطــر

03:16 صباحا
قراءة 5 دقائق

يعاني بعض الأشخاص حالة غريبة تصيب المخ، وتؤثر في ذاكرة المصاب بحيث لا يتذكر بعض الأشياء، أو لا يمكنه التفكير في بعض الأمور، ما يؤثر في كثير من مناحي حياته. وتعرف هذه الحالة بالتفكير الضبابي أو ضباب الدماغ، وتعتبر أحد الاضطرابات الذهنية، وفيها يشكو المريض عدم صفاء ذهنه بشكل طبيعي، ويصف شعوره وكأنه يغرق في الضباب. ترجع الإصابة بهذه الحالة إلى عدد كبير من الأسباب تشمل أمراضاً عضوية وحالات نفسية، وفي بعض الأحيان نتيجة تغيرات هرمونية يمر بها الجسم، نتيجة بعض العوامل.
ويلاحظ أن ضباب الدماغ يمكن أن يصاب به أي شخص، وفي أي فترة من حياته، وإن كانت أعراضه في الغالب لا تستمر سوى فترة زمنية مؤقتة، وتنتهي المشكلة بعلاج السبب، كأن يكون مرضاً عضوياً أو حالة نفسية ونحو ذلك.
نتناول في هذا الموضوع مشكلة ضباب الدماغ بكل جوانبها، مع بيان بعض العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تظهر وتميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، ونقدم طرق الوقاية التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.


حالة عقلية


وتصنف مشكلة ضباب الدماغ على أنها من بين الحالات العقلية، وبحسب الدراسات التي تعرض لها المصابون، فإن تأثير هذه الحالة يمتد إلى كافة المجالات التي تخص المصاب وتؤثر فيه سلباً. ويجب الانتباه إلى أن الإصابة بها تحدث من غير سابق إنذار، وفي بعض الحالات فإن الأعراض تزداد حدة بشكل كبير، وهو ما يستدعي الحصول على استشارة طبية.
وتشير حدة الأعراض واستمرارها لفترة طويلة، إلى أن هناك مرضاً من الأمراض الخطرة وراء هذه الحالة، كأن تكون بدايات لمرض الاكتئاب الحاد أو الزهايمر، أو مرض السكري.
ويتم تشخيص السبب عبر مجموعة من الاختبارات، بهدف تحديد سبيل العلاج، الذي في الغالب يكون من خلال بعض الإجراءات، كاتباع حمية غذائية معينة وممارسة الرياضة.


خفيفة وشديدة


وتختلف حدة أعراض ضباب الدماغ، كما أنها ربما تداخلت مع الأنشطة اليومية للمصاب، بحيث تؤثر في أدائه سواء في الدراسة أو العمل، وبصفة عامة، فإنها تتراوح ما بين خفيفة وشديدة.
وتشمل الأعراض شعور المصاب بالتعب بشكل مستمر ونقص طاقته، مع الشكوى من صداع مستمر ومزمن، وعدم تذكره للأشياء، أو أن يكون حفظ المعلومات لديه بصعوبة شديدة.
ويصاب بالملل والاكتئاب من أقل الأشياء، كما يشعر بالقلق والتوتر من كل شيء، ويعاني صعوبة في النوم أو يصاب ببعض اضطراباته، كما يجد صعوبة في عملية التركيز، أو القيام بمهام في حاجة لمهارات ذهنية، وأيضاً عدم القدرة على تجميع الأفكار.


أمراض عضوية


وتعود الإصابة بمشكلة ضباب الدماغ إلى العديد من الأسباب، ومن ذلك الإصابة ببعض الأمراض، فمريض السكري عرضة للإصابة بهذه الحالة.
ويمكن تفسير ذلك بأن السكر أحد مصادر الطاقة الرئيسية في الدماغ، وربما أدى نقصانه أو اضطراب مستوياته في الدم، إلى التعرض لمشاكل ذهنية كالنسيان.
ويتسبب فقر الدم في الشعور بالتعب وضعف التركيز، وبالتالي الإصابة بضبابية التفكير، ومن الأمراض التي تؤدي الإصابة بها إلى تعدد الاضطرابات الذهنية، ومنها فقدان الذاكرة، والزهايمر.
ويؤدي قصور الغدة الدرقية إلى الإصابة بالإرهاق وبطء العمليات الذهنية، وكثرة النسيان وصعوبة التركيز، ويرجع هذا القصور إلى نقص إفراز هرمونات الغدة.
وتشمل كذلك الأمراض التي تؤدي إلى الإصابة بضباب الدماغ، التصلب المتعدد، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية، ويصيب الدماغ والحبل الشوكي، مسبباً الكثير من المشاكل الذهنية.
ويتسبب نقص فيتامين «ب 12» في كثير من الأعراض، مثل كثرة النسيان والإرهاق المستمر، ويشترك في العرض الأخير متلازمة التعب المزمن التي يعاني المصاب بها تعباً مستمراً، وبالتالي تصبح كثير من العمليات الذهنية صعبة عليه.


قلة النوم


وتظهر كثير من الآثار السلبية على الشخص بسبب قلة النوم، أو عدم الحصول على ما يحتاجه من ساعات نوم، ومن أبرز هذه الآثار تغيرات المزاج وقلة التركيز، ومشاكل في الذاكرة، وكلها أعراض لضبابية التفكير.
ويؤدي هذه الحالة أيضاً، الاكتئاب السريري، والضغوط النفسية، حيث تنشط مناطق الدماغ التي تتعامل مع الخطر على حساب تلك المسؤولة عن التفكير العقلاني.
ويمكن أن تتسبب زيادة هرمون الضغط النفسي كالكورتيزول في تشتت الذهن، وتثبط الضغط النفسي منطقة قرن آمون، وهي مسؤولة عن الذاكرة والتعلم، كما أنها تستهلك مصادر الجسم من الطاقة، وبالتالي تؤدي إلى الإعياء والإصابة بضباب الدماغ.


الحمل وانقطاع الحيض


وتعاني المرأة ضبابية التفكير عند الحمل، لأنها أحياناً تصاب ببعض الاضطرابات النفسية، ترجع إلى تغير مستوى الهرمونات، مثل الإستروجين والبروجيسترون، وكذلك لأن الجسم يصنع مواد غذائية للجنين على حساب الأم.
وتصاب بهذه الحالة عند انقطاع الحيض، لأن هرمون الإستروجين الموجود في الدم ينخفض، وبالتالي تحدث بعض الاضطرابات الذهنية ومنها كثرة النسيان.
وتؤدي الإصابة بالجفاف إلى حدوث تغيرات في الحالة الذهنية التي تتضمن التشوش والهياج، ومن ثم ضبابية التفكير.
ويمكن أن ترجع هذه الحالة إلى نوع الطعام، حيث يصاب البعض بالحساسية عند تناول الفول السوداني أو منتجات الألبان، كما أنه يمكن أن يصاب بها بسبب أدوية العلاج الكيماوي للسرطان، أو بعض مضادات الاكتئاب.


فحص دم


ويعتبر ضباب الدماغ دليلاً على أن هناك مشاكل ذهنية بسبب أحد الأمراض العضوية، أو حالات الضغط النفسي والاكتئاب.
ويُنصح كثيراً عند استمرار هذه الحالة لمدة زمنية طويلة، باستشارة طبية سريعة، لمعرفة السبب وراءها.
ويجب عند الذهاب إلى الطبيب أن يحرص المريض على إطلاعه على الأدوية التي يتناولها، سواء بوصفة طبيبة أو دونها، وكذلك أي أعراض يشكو منها، سواء تزامنت مع الحالة أم لا؟، وأيضاً الحمية الغذائية التي يتبعها، وعدد ساعات النوم والنشاط البدني المتبع.
ويمكن أن يطلب الطبيب من المريض بعض الفحوص والاختبارات التي تساعد في معرفة السبب وراء الأعراض التي يعانيها.
وتبدأ هذه الاختبارات بفحص الدم الذي يكشف عن خلل مستوى الجلوكوز، أو وظائف الكبد والكلى والغدة الدرقية، وكذلك خلل مستويات الفيتامينات، أو هل هناك التهابات؟، وتشمل الاختبارات الأشعة السينية، والأشعة المقطعية، وأشعة الرنين المغناطيسي.


السبب أولاً


يحتاج علاج ضباب الدماغ إلى تحديد السبب الأساسي وراء الإصابة به، وذلك لأنه لا يعتبر مرضاً في حد ذاته، وإنما يرتبط بأمراض أخرى متعددة.
ويوجه الأطباء بعض النصائح التي يمكن اتباعها عند الإصابة بالتفكير الضبابي، ومن ذلك محاولة تهدئة النفس عند التعامل مع الضغوط النفسية، ومن الممكن الاستعانة بجلسات التأمل وتمارين اليوجا.
وينصح بالحصول على قسط كافٍ من النوم، وغالباً فإنه يتراوح بين 7 و8 ساعات خلال اليوم.
وبصفة عامة، فإن النوم لوقت كافٍ يساعد على استرخاء العضلات والدماغ وتجديد النشاط بصفة عامة، كما يحسن الحالة الجسدية والنفسية.


نمط صحي


يجب الحفاظ على نمط صحي للحياة، وتجنب التدخين، والتقليل من تناول المشروبات التي تحتوي على كافيين.
ويتضـمـن هـذا النـمط تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن والكربوهيردات، كالخضراوات والفاكــهة والحبوب الكاملة، وتساعد التمارين الرياضية في تنشيط الدورة الدموية وكذلك الدماغ والذاكرة.
ويمكن أيضـاً تنشـيط الدمـاغ بحـل المسائل الذهـنية كالكلمات المتقاطعـة والألغـاز، مـع السيطرة على الإجهاد بالابتـــعاد عـــن الأجـهزة الإلكترونية كالهواتـف النقالـة وأجهـزة الحاسـب الآلي، والتخلص من السموم في الجسم من خلال الأطعمة الصحية التي تحارب البكتيريا والجراثيم.


حمية البحر المتوسط


تعتبر حمية البحر المتوسط إحدى الطرق التي تساعد على الوقاية من الإصابة بمشكلة ضباب الدماغ، وذلك طبقاً لما خلصت إليه إحدى الدراسات الطبية الحديثة.
وأشارت إلى أن حمية البحر المتوسط تعتمد بصورة أساسية على تناول الأسماك مثل السلمون، وهو غني بفيتامين «ب12»، وكذلك الأسماك الدهنية التي تمتلئ بأحماض أوميجا3 المفيدة، وبالإضافة إلى ذلك هناك المكسرات وزيت الزيتون والحبوب الكاملة والخضراوات.
وأكدت الدراسة أن من أهم سبل الوقاية من الإصابة بالتفكير الضبابي الأطعمة التي تحتوي على أحماض أمينية محفزة للخلايا العصبية، لأنها تحافظ على تدفق الدم للدماغ، مع تجنب الأكلات السريعة ووجبات الطعام غير الصحي.
وأضاف الباحثون أن من الأمور المفيدة في هذه الحالة شم رائحة أعشاب الروزماري، أو إكليل الجبل، وذلك لأن لها تأثيراً فعالاً ورائعاً للغاية، ويخلص المصاب من هذه الحالة بغير أي آثار أو أعراض جانبية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"