«اللوكيميا».. سرطان مختلف السمات

21:42 مساء
قراءة 7 دقائق
يعد سرطان الدم أو اللوكيميا أحد أنواع السرطانات الفتاكة على مستوى العالم، وهذا النوع من السرطان يصيب جميع الأعمار، لكنه أكثر تفشياً بين الأطفال، وهو يهاجم خلايا الدم البيضاء والحمراء أو صفائح الدم، وهذا النوع من السرطان يحدث في الأجهزة المسؤولة عن إنتاج الدم، مثل خلايا النخاع العظمي أو الغدد الليمفاوية، لكن من الملاحظ أنه غالباً ما يصيب سرطان الدم خلايا الدم البيضاء، وله أنواع متعددة منها ما ينتشر بين الصغار ومنها ما يفضل الكبار.
منها سرطان الدم الحادة والمزمن والليمفاوي والنقوي، وتتداخل هذه الأنواع مع بعضها لتكون أنواعاً جديدة مثل سرطان الدم الليمفاوي الحاد أو المزمن وهكذا، وعند إصابة الشخص بأي نوع من مرض سرطان الدم، فإن وظائف خلايا الدم كلها تتأثر ويحدث فيها خلل واضح، ويمكن لسرطان الدم أيضاً أن ينتشر في كل أنحاء الجسم، وسوف نتناول في هذا الموضوع الأنواع الأكثر انتشاراً وشيوعاً بين الأشخاص مع توضيح بعض المسببات والمحفزات، وتفسير حدوث المرض مع توضيح بعض الأعراض التي تظهر عموماً، على اعتبار أنه نوع من السرطانات مختلف السمات، إضافة إلى شرح بعض طرق العلاج الحديثة.
اعتقاد خاطئ
ظل الكثير من الناس يعتقدون فترة طويلة أن مريض اللوكيميا مضطر لتغيير دمه باستمرار كل فترة، وطبعاً هذا الاعتقاد خاطئ ولا علاقة له بالواقع، لأن الخلل في الخلايا التي تنتج الدم بالجسم، والحل هو زراعة نخاع عظمي جديد سواء من أحد أقارب المريض من الدرجة الأولى أو تتم الزراعة ذاتية من نخاع المريض نفسه من الأماكن غير المصابة بسرطان الدم، مع إجراء جرعات العلاج الكيماوي للقضاء على المرض بالجسم، ويكمن الخطر والقلق من هذا المرض في أنه يصيب جميع المراحل العمرية، وزادت حالات إصابة الأطفال والشباب بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من التقدم العلمي الكبير في مجال الطب العلاجي لم يتم اكتشاف علاج يمكن أن يشفي من هذا المرض تماماً إلا أن نسبة الشفاء وصلت في بعض الأحيان إلى نسب عالية للغاية؛ وذلك إذا ما تم الاكتشاف المبكر للمرض واتخاذ التدابير اللازمة، فقد وصلت نسبة الشفاء الآن في بعض الحالات إلى 95%.
يدمر النخاع العظمي
يصيب السرطان الخلايا المنتجة للدم في مرض اللوكيميا، وهذه الخلايا موجودة في نخاع عظام الشخص، مما يؤدي إلى تكاثر غير منضبط ولا محكوم لخلايا الدم البيضاء والتي تكون غير مكتملة النضج، ويزيد عددها في الدم عن الحد الطبيعي بأعداد كبيرة، وهذا المرض يدمر النخاع العظمي المسؤول عن إنتاج خلايا الدم، ويصدر خلايا دم ضارة وغير سليمة، تنتشر في الدم ويصعب السيطرة عليها في المراحل المتقدمة، ونسبة الشفاء إذا تمكن المرض من الشخص تصبح قليلة للغاية، ويضعف الأمل في العلاج أيضاً في الحالات المتأخرة لاكتشاف السرطان، لذلك ينصح الأطباء المتخصصين بإجراء الفحوصات الطبية عند الشعور بأي أعراض من هذا المرض، وبالطبع إذا لم يتم تدارك هذا المرض في بدايته سوف يصاب الشخص بعدد من المضاعفات، مثل النزيف المستمر وحالات تخثر الدم، ثم الإصابة بفقر الدم الحاد، وغيرها من الأعراض التي غالباً ما تؤدي إلى حدوث حالة الوفاة.
الحاد والمزمن
توجد بعض الأنواع من مرض اللوكيميا، منها سرطان الدم النقوي الحاد وهو نوع شديد على المصابين، كما أنه صعب في طريقة العلاج، والأكثر تفشياً بين كبار السن، ويمكن أن يصيب الأطفال في بعض الأحيان القليلة، وله أنواع عديدة تختلف وفقاً لنوعية الخلية المصابة بالسرطان في النخاع العظمي، ويوجد سرطان الدم الليمفاوي الحاد، وهذا النوع الذي يصيب الأطفال غالباً، وله عدة أنواع لسرطان الدم اللمفاوي الحاد، والاسم العلمي ابيضاض اللمفاويات الحاد، أما سرطان الدم النقوي المزمن يصيب الأشخاص كبار السن وبعض الأشخاص في سن الأربعينات ويمكن العيش معه لسنوات طويلة، وفي بعض الحالات يتحول فجأة لنوع سرطان الدم النقوي الحاد، وهناك سرطان الدم الليمفاوي المزمن وهو النوع الأكثر ظهوراً، ويمكن التعايش معه أيضاً سنوات طويلة دون الحاجة إلى علاج، كما توجد أنواع أخرى متعددة من سرطان الدم، لكنها قليلة الإصابة أو نادرة الحدوث في بعض أنواعها.
آلية حدوث الخلل
تنتج الخلايا الجذعية في الجسم كل أنواع خلايا الدم، ومنها خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، وبعد اكتمال هذه الخلايا في النخاع تنتقل إلى مجرى الدم، والعدد الطبيعي لخلايا الدم البيضاء في الدم يتراوح بين 5 إلى 10 آلاف خلية لكل ملم، وحدوث خلل في الخلايا الجذعية المنتجة للدم هو السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الدم، وبالتالي فقدان التحكم والسيطرة على إنتاج خلايا الدم البيضاء، التي تظهر بشكل عشوائي كبير وغير طبيعي، ويصل عدد هذه الخلايا من 15 إلى 30 ألف خلية لكل ملم، وفي بعض الحالات تتخطى 100 ألف خلية، كما يمكن أن يصل العدد إلى أقل من الطبيعي، أي أقل من 5 آلاف خلية لكل ملم، وتكون هذه الخلايا غير مكتملة النضج ولا تستطيع القيام بدورها ووظيفتها بشكل طبيعي وصحيح، بل وتمنع الخلايا الطبيعية السليمة من أداء وظيفتها، وفي مراحل المرض الأولى يقل إنتاج عدد خلايا كرات الدم البيضاء المصنعة في النخاع قبل أن تخرج إلى الدم، مما يؤدى إلى وجود نقص في كرات الدم البيضاء، ثم يبدأ الخلل أو المرض الخبيث في جعل نخاع العظم ينتج هذه الخلايا السرطانية بكثرة شديدة ويضخها في الدم، ليزيد بذلك عدد كرات الدم البيضاء في الدم، وتتصاعد هذه الزيادة بشكل مستمر، محدثة خللاً كبيراً، لأنها لا تعمل ولا تجعل مكونات الدم الأخرى تعمل بشكل طبيعي.
حمى وصداع وتساقط الشعر
تظهر بعض الأعراض التي يمكن من خلالها اكتشاف مرض اللوكيميا، مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم نتيجة نقص المناعة، وارتفاع درجة الحرارة من أهم الأعراض التي تظهر على المريض، ولا تنخفض بتأثير العوامل الخارجية كالكمادات، ويشعر المرضى بقشعريرة دائمة تسرى في أجسامهم على الرغم من هذا الارتفاع في درجة الحرارة، والإحساس بالتعب والإعياء المستمر، وضعف كامل في أجهزة جسم الإنسان، وتراجع عام في الصحة، والنزيف المتكرر نتيجة نقص الصفائح الدموية، وظهور أعراض الأنيميا مثل الصداع وشحوب لون الوجه والوهن الشديد، نتيجة انخفاض كرات الدم الحمراء، والشعور بالدوخة والميل إلى حب النوم والإحساس بالكسل الشديد، ويتأخر تجلط الدم نتيجة نقص الصفائح الدموية، وتظهر عدة كدمات على الجلد نتيجة عدم قدرة الجسم على وقف التجلطات، ويحدث نزيف متكرر من الأنف أو اللثة،، ويحدث تضخم كامل في الغدد وأهمها الطحال، كما تتضخم العقد الليمفاوية الموجودة تحت الإبطين وفي العنق والفخذين، ويصاب المريض بعدم القدرة على تحريك الأطراف من شدة الألم، وأي ضربة يصاب بها المريض ولو كانت بسيطة تحدث كدمة، ويصعب التخلص منها، وتستمر فترات طويلة حتى تختفى، كما يلاحظ المريض وجود بقع حمراء صغيرة على سطح الجلد، ومن أهم العلامات والأعراض أن يفقد المريض شعره ويصاب بالصلع، وخلال فترة قصيرة جداً يتساقط الشعر كاملاً، وزيادة كرات الدم البيضاء في الدم تعرقل عمل كرات الدم الحمراء، وتمنعها من توصيل الأكسجين إلى خلايا الجسم، مما يصيب المرضى بجلطات صغيرة مع آلام في البطن والصدر، وضيق في عملية التنفس وتعرق ليلي وفقدان للشهية، ويصبح المريض عرضة للإصابة المتكررة للعدوى.
نسب شفاء عالية
توصل التقدم العلمي الكبير في إيحاد علاج لبعض أنواع سرطان الدم، وأصبح لدينا العلاج الشافي، لكن بعض الأنواع ما زال علاجها صعب، وهناك البعض الآخر يتطلب عملية زراعة نخاع للوصول إلى درجة الشفاء التام، ويبين الأطباء أن علاج سرطان الدم الحاد مختلف عن سرطان الدم المزمن، ولكل نوع من أنواع سرطان الدم الحاد والمزمن علاج مختلف، ويتنوع العلاج ما بين جرعات العلاج الكيماوي عن طريق الحقن بالوريد، وبين العلاجات المساعدة الأخرى مثل المضادات الحيوية والمضادات الفطرية ومنشطات الدم، ونسب الشفاء تتراوح بين 60 إلى 90% في بعض الحالات، أما عن مسببات المرض فليس هناك أي سبب واضح ومعروف حتى الآن، لكن هناك العديد من المحفزات لهذا المرض، ومنها التعرض للمواد الكيميائية التي لها دور كبير في إصابة خلايا الدم بالأمراض المزمنة، مثل البنزين والكحول والأدوية المختلفة والنفط بجميع مشتقاته، كما أن التعرض للأشعة بمستويات عالية يكون أحد أهم الأسباب للإصابة بالسرطان عموماً، وسرطان الدم بصفة خاصة، وعامل الوراثة له دور أيضاً، والتدخين فمعظم مرضى السرطان من المدخنين، وأيضاً بعض الأمراض قد يكون لها دخل بسرطان الدم أو قد تنتهى بهذا المرض، ومنها مرض فقر الدم غير النسيجي، وتكسر خلايا الدم الحمراء، والخلل في إنتاج الخلايا الليمفاوية المؤقت، كما أن العلاج باستخدام الليزر أحياناً يكون سبباً للإصابة بالمرض.

الأطفال أكثر إصابة

يمثل مرض اللوكيميا أو سرطان الدم أكثر أنواع السرطانات التي تصيب الأطفال، حيث تصل نسبة الإصابة به ما يقرب من 33% من إجمالي الأطفال المصابين بأمراض السرطانات عموما، ومن تلك الأنواع التي تتفشى بين الأطفال سرطان الدم الليمفاوي الحاد، يليه سرطان الدم النقوي الحاد، ويسبب أعراضاً كثيرة بين الأطفال، ومن الضروري التمييز بين السرطان الحاد والمزمن عند التشخيص لبداية العلاج الصحيح، واللوكيميا تحتاج إلى علاج سريع لعدم حدوث تفاقم ومضاعفات خطيرة، ونسب الشفاء في حالات الأطفال تتجاوز نسبة 85%، وفي الكبار يمكن أن تصل إلى حوالي 50% أو أكثر في بعض الحالات، وأول حالة مصابة بمرض اللوكيميا تم العثور عليها كانت في القرن التاسع عشر في بلد أوروبي، وأطلق عليه الأطباء اسم اللوكيميا، وهي كلمة يونانية، أصلها مركب من كلمتين ومعناها ابيضاض الدم، ومعالجة سرطان الدم من الأمور التي تحتاج إلى خبرة، لأنه مرض معقد ومتداخل الأنواع، وتشمل طرق العلاج الكيميائي والإشعاعي وزرع النخاع العظمي الجديد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"