“الجلامة” . . تراث بدوي تزينه الأهازيج

موسم جز صوف الغنم في مطروح المصرية
07:13 صباحا
قراءة دقيقتين
القاهرة - "الخليج":
يظل موسم جز صوف الغنم المعروف ب"الجلامة" واحداً من أهم المواسم الشعبية احتفالاً بين أوساط القبائل المصرية التي تسكن الصحراء الغربية، بخاصة في محافظة مطروح التي لا تزال قبائلها تحرص على تلك العادة باعتبارها تراثاً تتوارثه الأجيال .
ويبدأ موسم "الجلامة" في مطروح مع انتصاف شهر إبريل من كل عام، ويستمر حتى نهاية مايو، إذ يشترط أن تبدأ هذه العملية عقب انكسار البرد وقبل حلول قيظ الصيف .
ويقوم على جلامة الأغنام في مطروح، جلامون محترفون، لكن ذلك لا يمنع مشاركة أصحاب الأغنام وذويهم في ذلك الطقس التراثي البديع، الذي تشارك فيه العائلات بجميع أفرادها، فبينما ينهمك الشباب والرجال في جز أصواف الأغنام، تعكف النساء على إعداد الولائم للمشاركين في هذا الطقس، وإعداد ما يسمى ب"الكِرامة"، وهي مائدة عامرة بلحم الغنم، تمد للجلامة وأفراد العائلة والجيران، المشاركين في عملية جز الصوف .
وللغناء مساهمة كبيرة في موسم الجلامة بالصحراء الغربية المصرية، حيث تصاحب عملية جز الأصواف، الشدو بال"قذاذير"، وهي تلك الأغاني البدوية التي تعبر عن حياة الصحراء، وتقاليد القبائل العريقة، وغالباً ما يبدأ الجلام بالغناء، ويردد خلفه أبناء القبيلة تلك الأهازيج الجميلة التي تستمر طوال اليوم، الذي يبدأ بتناول وجبة "الضحوية"، وهي وجبة غذائية خفيفة، تقدم للجلامة والمشاركين في عملية الجز، وسميت بهذا الاسم لأنها تكون وقت الضحى، بين وجبتي الإفطار والغداء .
وغالباً ما تسبق عملية جز أصواف الأغنام في مطروح، سلسلة من التجهيزات الخاصة، تبدأ بنصب "بيت العرب"، وهو عبارة عن خيمة كبيرة، تقوم عليها العائلة التي تجرى عملية الجلامة لأغنامها، وفي تلك الخيمة المملوكة ل"سيد الضأن" تتم عملية جز الصوف .
ويتطلب قبل جلامة الأغنام، منع الماء عنها قبل جز الصوف بليلة، حتى لا تتضرر الشاة أثناء عملية جز الصوف، التي تبدأ منذ الساعات الأولى للصباح، بإدخال الأغنام إلى الخيمة المخصصة للجلامة، وإغلاقها بإحكام حتى تتعرق الأغنام ما يسهل من عملية الجَزّ . وتعد "القذاذير" أحد الطقوس المصاحبة لعملية الجلامة، وهي نوع من الغناء الشعبي يشارك فيه الجميع، بدءاً من الجلام وليس انتهاء بمن يحضر عملية الجز، وتبدأ بالتفاؤل ومدح الجَلاّمة ل"سيد الضأن" كأن يقول الجلام: "يرعاهم الله يا ضان أَسْيادِك" أو "الضان كل يوم تزيد ع الراعي غلا"، وكأن يقول الشخص الذي يأتي لبيت العرب في تحية أهله والجلام: "النور يا جلامة النور" فيرد الجلام بالغناء: "النور ولا ظلام القبور" .
لا يكف الجلامة عن الغناء أثناء حز الصوف، بل إنهم يطلبون الطعام أيضاً بالغناء اذا ما تأخر أصحاب الأغنام في إحضاره، كأن يصدح الجلام مغنياً: "يا رحام نريد طعام . . يا رحام نريد طعام"، وعندها تقدم "المفروكة"، وهي وجبة مكونة من خبز يقدم قطعاً صغيرة في إناء، ويصب عليه الزبد وبعض التمر والبيض المسلوق، ويقدم اللبن مع المفروكة، وغالباً ما يقدم أصحاب الضأن بعد هذه الوجبة للجلامة وجبة خفيفة، مكونة من كبد وكلاوي الضأن المقلية، ويطلق عليها "القلايا"، أما وجبة الغداء فتتكون من الأرز المطهو باللبن والسمن، مع لحم الضأن .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"