هبوط السكر في الدم.. حالة إسعافية

01:12 صباحا
قراءة 6 دقائق

يحتاج الإنسان دائماً للطاقة التي تساعده على القيام بجميع الأنشطة التي يمارسها، ويحصل الجسم على هذه الطاقة من خلال سكر الجلوكوز الذي يكتسبه بتناول الغذاء اللازم وخاصة الكربوهيدرات والخضراوات، والشخص بعد أن يتناول الطعام تبدأ الخلايا في امتصاص سكر الجلوكوز لاستخدامه في الحصول على الطاقة، وذلك يتم بمساعدة هرمون الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس في الدم.

عند توافر كمية كبيرة من سكر الجلوكوز يتم تخزينها في الكبد والعضلات أو تتحول إلى دهون لكي يتم استخدام سكر الجلوكوز عند الحاجة إليه، وإذا لم تتوافر كمية كافية من سكر الجلوكوز فإن الجسم لا يستطيع أداء وظائفه الطبيعية ويكون لذلك علامات تكشف عنه، ويجب أن تكون نسبة السكر في الدم صباحاً قبل تناول أي طعام أو شراب من 80 إلى 100 ملليجرام، كما يجب ألا تزيد بعد تناول الطعام بساعتين على 140 ملليجراماً، ويعرف الأطباء والأخصائيون قلة السكر في الدم بأنه وجود مستويات منخفضة من السكر في الدم، ويترتب على هذا الانخفاض أضرار بالغة على صحة الشخص المصاب، وفي بعض الأحيان يصنف على أنه حالة خطيرة، وفي حالة عدم التعامل الفوري معه ربما يؤدي إلى إصابة الإنسان بغيبوبة، ومن ثم سقوطه على الأرض مباشرة بصورة سريعة، وعلى الرغم من ذلك فلا يمكننا اعتبار هبوط مستوى السكر في الدم حالة مرضية مستقلة بذاتها، وإنما هي عرض يدل على وجود خلل ينبغي سرعة التعامل معه، ويعتبر بعض الأطباء أن هبوط سكر الدم هو أحد مضاعفات مرض السكري، وفي هذا الموضوع سوف نتناول حالات هبوط السكر في الدم بالتفاصيل، وكيفية التعامل السريع مع هذه المشكلة لتجنب الكثير من المضاعفات والأضرار، وأيضاً طرق الوقاية من الوقوع في هذه الحالة والعلاج المتاح.

تعب ورعشة وعرق

يرتبط هبوط السكر بنوع الدم والأدوية التي يستخدمها الشخص المريض بداء السكري، حيث إن تناول الكثير من الأدوية أو تخطي الوجبات المقررة أو تناول طعام أقل من المفروض، أو ممارسة مجهود أكبر من المعتاد كل هذا يؤدي إلى هبوط السكر في الدم، ويمكن أن يكون هبوط السكر في الدم غير مرتبط بمرض السكري، كأن يكون هناك خلل في إفراز هرمون الإنسولين وذلك عندما يعاني الشخص من مقدمات مرض السكري، ويمكن أن تؤدي جراحة المعدة لهذه الحالة، لأن الطعام يدخل الأمعاء بشكل سريع مما يترتب عليه سوء هضم الطعام، وبالتالي ضعف استخلاص السكر، ويمكن أن يكون هناك قصور في الإنزيمات الخاصة بالهضم مما يقلل القيمة الغذائية للأطعمة وبالتالي يتسبب في ضعف الجسم، ويختلف الحد الأدنى لبدء ظهور أعراض حالات هبوط السكر في الدم من شخص لآخر، وفي بعض الأحيان يمكن أن يؤدي الانخفاض المفاجئ والسريع إلى حدوث الأعراض حتى ضمن معدلات السكر الطبيعية، كما أن شدة الأعراض ترتبط بدرجة الهبوط، وعامة يرصد الأخصائيون بداية الأعراض عند هبوط مستوى السكر في الدم دون 50 ملليجراماً، والدماغ أول ما يتأثر بهذا الهبوط لأنه يعتمد بشكل أساسي على السكر للحصول على الطاقة اللازمة للعمل، ويمكن أن يتعرض المصاب بهبوط سكر الدم لحالة من التعب العام، وشحوب في لون الوجه والارتعاش وخفقان القلب وزيادة العرق، وإحساس بالجوع ودوخة ورجفة في أطراف الجسم مع اضطراب في الرؤية، ويصاب بشعور بالخدر حول الفم، كما يفقد القدرة على أداء مهامه وأعماله الروتينية، وفي أحيان نادرة يمكن أن يصاب المريض بنوبات من التشنج، كما يمكن أن تصل الحالة إلى فقدان الوعي إذا لم يتم الحصول على علاج للحالة فورا، ويجب ملاحظة أن هذه الأعراض تشترك مع حالات مرضية أخرى ولا تقتصر على هبوط السكر في الدم.

المرضى والأصحاء والأطفال

يصاب بحالة هبوط سكر الدم المرضى الذين يعانون من مرض السكري، وكذلك عدد من الأشخاص الأصحاء ولدى بعض الأطفال، وتختلف أسباب كل مجموعة عن الأخرى، فبالنسبة لمرضى السكري فإن السبب الأكثر حدوثا هو تناول جرعة زائدة من الإنسولين، أو العقاقير الفموية لخفض السكر وهؤلاء يكونون عرضة أكثر لخطر التعرض لهبوط سكر الدم، وكذلك عدم الانتظام في تناول الطعام من حيث المواعيد أو الكميات، وبالنسبة لغير المرضى بداء السكري فإن الإصابة ببعض الأمراض يمكن أن تؤدي لهبوط سكر الدم، مثل اضطرابات الكلى والتهاب الكبد الحاد، وأيضا الإصابة باضطرابات أيض الكربوهيدرات وحدوث قصور الغدة الكظرية، ويمكن أن يؤدي للإصابة بمشكلة هبوط سكر الدم تعاطي بعض الأدوية ومنها الأسبرين والساليسيلات وأدوية مرض الملاريا، وكذلك وجود ورم جزيري في البنكرياس له دور في حدوث هذه الإصابة، والإهمال في تناول الطعام وتخطي بعض الوجبات، ويمكن أن يصاب بعض المرضى الذين خضعوا لعمليات تحويل مسار المعدة لهذه الحالة من هبوط سكر الدم، عقب تناول الطعام حيث يفرز البنكرياس كمية إنسولين أكثر من احتياج الجسم، وهناك حالة تسمى عدم تحمل الفركتوز الوراثي تصيب بعض الأطفال، حيث تكون أجسامهم غير قادرة على تحمل الفركتوز، ويصاب الطفل بنوبات قيء وفقدان وعي، ويعتمد العلاج في هذه الحالة على إلغاء الفركتوز من جدول طعام الطفل، وهو أحد السكريات الموجودة في الحليب.

إزالة المسبب

يبدأ علاج مشكلة هبوط السكر في الدم على خطوتين، الأولى رفع مستوى السكر والثانية أن يكون بالبحث عن المسبب علاجه لمنع تكرار الحالة، ويعتمد العلاج الفوري على إعطاء الشخص المصاب السكر عن طريق الفم في حالة بقائه في حالة الوعي، أما في حالة فقدانه للوعي فيتم إعطاء حقن الجلوكوز أو الجلوكاجون عن طريق الوريد، ويتم علاج الأعراض الأولية عن طريق تناول مواد كربوهيدراتية بسيطة في مكوناتها، وسريعة المفعول تتحول إلى سكر حتى يسهل على الجسم امتصاصها، مثل عصير الفواكه أو تناول السكر بما يعادل أربع ملاعق أو ملعقتين من الزبيب، ويراعى عدم تناول البروتينات أو الدهون لأنها تبطىء امتصاص الجسم للسكر، ويجب التزام الراحة وعدم التعرض لأي مجهود بدني مدة لا تقل عن 20 دقيقة مع قياس نسبة السكر والتي يجب أن تكون تجاوزت حاجز 70 ملليجراما، ويمكن ألا يحدث تحسن للمريض بصورة مباشرة، لذا يحتاج كمية إضافية من الجلوكوز، ومن المفترض أن تعاد هذه العملية 3 مرات تقريبا، وفي حالة عدم حدوث تحسن يجب نقل المريض إلى المستشفى، وينبغي على المريض مراجعة الطبيب عند تكرار هبوط السكر في الدم، لمعرفة احتياجه لجرعات من الجلوكاجون معه، مع علاج الاضطراب الصحي المتسبب في هبوط السكر في الدم، فإن كان السبب وراء هبوط السكر تعاطي دواء معين فعليه مراجعة الطبيب لتغييره، وإن كان بسبب ورم في البنكرياس يتم استئصاله، وبالنسبة لمرضى السكري فيتم تخفيض جرعة الإنسولين، ويضع الأطباء عدداً من النصائح التي تعمل على الوقاية وتجنب الإصابة بهبوط سكر الدم خاصة لمرضى السكري، فعلى المريض متابعة فحص السكر المنزلي حتى يتجنب هبوطه الشديد، واتباع خطة العلاج والانتظام في تعاطي الأدوية أمر مهم، وكذلك اتباع النظام الغذائي الصحي، وممارسة الرياضة بشكل يومي تحافظ على استقرار نسبة السكر في الدم، بالنسبة لغير مرضى السكري ينصح بتناول وجبات صغيرة مقسمة على ساعات اليوم، حتى يتجنب الشعور بالجوع مع استشارة الطبيب، كما ينصح بالاحتفاظ بمادة سكرية كالحلوى أو العصير لاستخدامها عند الحاجة.

مرتان أسبوعياً

أشارت إحدى الدراسات الحديثة إلى أن مريض السكري يتعرض خلال الأسبوع الواحد لحالتين من هبوط سكر الدم، مضيفة أن الحالتين تصاحبهما أعراض هبوط السكر المعروفة، واعتبرت الدراسة هذه النسبة مرتفعة، حيث إن هناك بعض الحالات الشديدة تصل الأعراض فيها إلى الغيبوبة، وأكدت أن حالات الهبوط تمثل مشكلة كبيرة للطبيب المعالج، حيث لا يستطيع ضبط جرعات الأنسولين التي يحتاجها المريض، سواء بالزيادة أو النقصان، وبالتالي يضطر الطبيب للاستمرار على الجرعة نفسها، حتى يجنب المريض المزيد من الإصابة بهبوط سكر الدم، وذكرت دراسة أخرى أن تكرار الإصابة بحالات هبوط سكر الدم يؤدي للإصابة بما يسمى بظاهرة تبلد الإحساس بهبوط سكر الدم، نتيجة تعود الجسم على هذه الحالة، وبالتالي لا يتفاعل مع الهبوط، وأشارت الدراسة إلى أن هناك أربع هرمونات تلعب دوراً في إنقاذ المريض في حالة هبوط سكر الدم، وهي هرمونات النمو، والكلوكاجون، والكورتيزون، والأدرينالين، ومع تكرار حالات الهبوط تفقد تفاعلها، وعلاج هذا الأمر يكون بالحد من هبوط سكر الدم حتى تستعيد هذه الهرمونات تفاعلها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"