جدري الماء.. سريع الانتشار سهل الوقاية

توضح الكثير من الدراسات الحقائق حول مرض جدري الماء أو يطلق عليه «الحماق»، فهو مرض فيروسي معدٍ وأيضاً سهل وسريع الانتشار، ويظهر في صورة طفح جلدي على هيئة بقع لونها أحمر، وهذه البقع متهيجة وتسبب نوعاً من الحكة، وسرعان ما تنتشر على سطح الجلد كله للمصاب بالجدري المائي، وتصف بعض الأبحاث هذه البقع على أنها تكون في البداية بثوراً أو حبوباً صغيرة شفافة اللون، وهذه البثور مليئة بالماء ولذلك سمي جدري الماء، ثم تمر هذه البثور بمرحلة جديدة هي مرحلة جفاف هذا الماء بصورة كاملة، وتصبح هذه البثور جافة وتتكون قشور عليها، وتترك بقعاً مكانها وتتقلص هذه البقع إلى أن تختفي في النهاية أو تترك أثراً بسيطاً في الجلد، وفي الطبيعي يقوم جهاز المناعة في الإنسان بالحماية من هذا المرض، لكن في حالة الأشخاص المصابين ببعض أمراض المناعة أو مناعتهم أصلاً ضعيفة، فقد يمثل مرض الجدري خطراً كبيراً عليهم، وأيضاً يمثل خطراً على المرضى الذين يقومون بزراعة أعضاء مثل الكلية أو زراعة فص كبد أو زراعة أية أعضاء ويتناولون أدوية مثبطات المناعة، فيصبحون عرضة للإصابة بهذا المرض بسهولة، كما يمثل خطراً على من يدمنون التدخين وتناول المخدرات بأنواعها، نتيجة تأثير هذه مواد الإدمان على مناعة الأشخاص المدمنين، وأيضاً في حالات إصابة بعض الأشخاص بمرض اللوكيميا يصبح الموضوع أكثر خطراً عند الإصابة بمرض الجدري المائي.
إصابة ومناعة

وتشير بعض الدراسات إلى أن مرض الجدري المائي يصيب الأطفال بداية من عمر شهرين ونصف إلى 11 عاماً، وفي كل الأحوال يصيب الطفل مرة واحدة فقط ويكتسب مناعة ضده بعد ذلك، أما في حالة إصابة الكبار فيكون التأثير والمضاعفات أقوى ويستمر معهم فترة أطول من حالات الأطفال ويتطلب عناية خاصة واهتمام كبير من جانب المصاب، وهو في هذه الحالة لابد أن يظل في المنزل حتى يشفى منه تماماً، ولا تنتقل العدوى منه إلى الأشخاص المحيطين به في العمل مثلاً أو الجامعة أو أي تجمع به أشخاص آخرون، فالطبيب سوف ينبه على هذا المصاب بعدم الاختلاط بالآخرين حتى تنتهي فترة حضانة الفيروس المسبب لهذا المرض عند المصاب، وتزول الأعراض الشديدة والملحوظة تماماً، وتختفي المضاعفات، وتنتهي فترة العدوى كلياً، ومرض الجدري كما تذكر الأبحاث يسببه فيروس يطلق عليه اسم «الفارسيلا زوستر» أو اسم الفيروس النطاقي الحماقي، وهذا الفيروس ينتقل إلى الأشخاص من خلال الهواء المحمل بهذا الفيروس الداخل إلى الجهاز التنفسي بطرق مختلفة، وأكدت الدراسات على أن مدة حضانة هذا الفيروس تبدأ من حد أدني يومين وتستمر إلى أن تصل إلى 24 يوماً.
الهواء الناقل

تشرح بعض الدراسات طريقة انتقال هذا الفيروس عبر الهواء، فتذكر أنه يمكن أن ينتقل من الشخص المصاب إلى السليم من خلال استعمال الأدوات الخاصة بالشخص المصاب، مثل المناشف والأغطية والأسطح الصلبة التي يلمسها مثل المكاتب والمقابض وأزرار المصاعد، أو من خلال تناول بعض الأطعمة والمشروبات الملوثة بالفيروس، وكذلك التعرض إلى دم أحد المصابين أو التعرض إلى بعض إفرازاته، أو ينتقل مباشرة عند الاختلاط بهذا الشخص المصاب، مثل التعرض لسعال هذا الشخص أو العطس والقرب منه عند الكلام، أو عن طريق اللعاب من تناول المياه من زجاجة المصاب، وأيضاً ينتقل في حالة ملامسة هذه البثور والبقع وما بها من طفح المياه، وذلك أثناء فترة حضانة الفيروس وظهور أعراض المرض، ويكون هذا الفيروس أكثر حركة ونشاط وتأثير ضار في حالة إصابة الكبار، أو عند ضعف جهاز المناعة لدى بعض الحالات كما ذكرنا سابقاً، وتعتبر المراكز الصحية العالمية أن مرض الجدري المائي من أكثر الأوبئة الفيروسية من حيث الانتشار والتفشي، ويظهر ذلك واضحاً في حالة الأطفال، فقد تصاب مدارس كاملة للأطفال بهذا المرض في حالة إصابة طفل واحد فقط، وقد تضطر المدرسة إلى تأجيل الدراسة فترة زمنية حتى يشفى الأطفال، ويتم السيطرة على المرض بشكل تام.
بقع جلدية

وتذكر بعض الدراسات أنّ مرض الجدري في الأساس مرض يصيب معظم الأطفال في مختلف مراحل حياتهم، وقد يكون على هيئة بقع تغطي كامل الجسم أو بقع تغطي أجزاءً بسيطةً من الجسم، حسب حالة مقاومة الطفل للمرض والفيروس، وفي الغالب تظهر هذه البقع الجلدية في منطقة الوجه أو في البطن وأجزاء من الصدر، وكذلك يظهر في منطقة الظهر، وأحياناً على الساق والذراع، وفي بعض الحالات تظهر في أرضية الرأس وتشمل الأذنين، وتعتبر الدراسات أن ما يقرب من 94 في المئة من الأشخاص البالغين محصنون ضد الإصابة بهذا المرض على اعتبار أنهم مروا على هذا الفيروس في أحد فترات حياتهم، وأخذوا المناعة اللازمة ضد الإصابة بهذا الفيروس، ويمكن للكبار المصابين أن يستفيدوا من التطعيم بالأمصال اللازمة أو الدواء المضاد للفيروس في حالة تشخيصه واكتشافه مبكراً، ما يكون له بالغ الأثر في الشفاء وعدم ظهور المضاعفات المرهقة والمؤلمة، وتذكر بعض الأبحاث أن مرض الجدري المائي ينتشر أثناء الأسبوع الأول من ظهور الطفح بصورة كبيرة، ومن الجدير بالذكر أنّ الفيروس المسبب لهذا المرض له مواصفات تمكّنه من البقاء حياً ونشيطاً لمدة من 5 ساعات وتمتد إلى 25 ساعة، حسب العوامل الجوية المحيطة به، وفي هذه الفترة يكون لديه القدرة على نقل المرض والعدوى، ولذلك توصي الدراسات بأن يتم عزل المصابين بهذا المرض لإيقاف انتشار هذا الفيروس وإصابة غيره من الأشخاص الأصحاء.
أعراض متنوعة

تشير الدراسات إلى أن مرض الجدري المائي له أعراض متنوعة، مثل ظهور بقع حمراء صغيرة مملوءة بالماء مع حدوث طفح جلدي، الإصابة بالصداع أيضاً وارتفاع بسيط في حرارة جسم المصاب، وطبيعي أن يصاب المريض بحكة شديدة في الجلد المصاب، وبعض الحالات تصاب بألم ووجع في الظهر وبعض المفاصل، وقد يفقد البعض الشهية، وقد يسبب بعض المضاعفات عند الكبار مثل الإصابة بالسعال الشديد مع ضيق ملحوظ بالتنفس، ويصل إلى حدوث التهاب في الرئتين، كما أن الأم الحامل التي تصاب بمرض الجدري المائي هناك احتمالات كبيرة لأن تنقل هذه المرض إلى طفلها الجنين، وكذلك الأطفال بعد الولادة، وفي هذه الحالات يصبح أكثر خطورة ومضاعفاته أكبر وقد تصل المضاعفات عند بعض الحالات إلى التهاب في قرنية العين، وعدوى بكتيرية، والإصابة بمتلازمة راي وهو مرض عصبي شديد يتطور بسبب الإصابة بالجدري المائي، ولكنه مرض يؤدي إلى تضخم في الكبد والدماغ، ولذلك فهو شديد الخطورة، ومن الأمراض الشبيهة بداء الجدري المائي مرض الهربس ومرض الحصف الذي يصيب الجلد أيضاً.
مرض القوباء المنطقية

تفرق بعض الأبحاث بين مرض الجدري المائي ومرض القوباء المنطقية وبين أيضاً مرض الحصبة، فمرض القوباء المنطقية يسببه نفس الفيروس المسبب للجدري المائي، ولكن هذا المرض يظهر في مكان واحد فقط بجسم المصاب، وغالباً ما يصاب به الشخص بعد الإصابة بمرض الجدري، فقد يكمن ويختبئ الفيروس في الجسم ثم يعاود الظهور مرة أخرى مسبباً مرض القوباء المنطقية، والتفسير لذلك أن جسم الإنسان المصاب بالجدري يكوّن أجساماً مضادة ضد فيروس الحماق المسبب للجدري المائي، وبالتالي تحدث عملية خمول وكمون لهذا الفيروس، ويكون المصاب قد تكونت لدية مناعة ضد مرض الجدري المائي، ويظل الفيروس فترة خاملاً داخل بعض الخلايا العصبية في جسم المصاب، وإذا عاد للنشاط في أي وقت من الأوقات فإنه يسبب مرض القوباء المنطقية، وهي نفس أعراض الجدري المائي في منطقة واحدة محدودة من الجسم، ولذلك يمكن أن يصاب شخص سليم بجدري الماء من شخص لديه مرض القوباء المنطقية، ولكن لا يصاب شخص بمرض القوباء المنطقية من شخص مصاب بالجدري.

أوجه الشبه مع الحصبة

الحصبة مرض فيروسي مُعدٍ ، يصيب الأطفال بشكل كبير، وأيضاً يصيب الكبار ولكن بصورة محدودة، ولكن أعراضه مختلفة عن جدري الماء، فيصاب الشخص بالسعال مع الزكام واحتقان في الحلق، وإصابة العين بالهيجان والاحمرار، وفيه تصل حرارة المصاب إلى 40 درجة مئوية، وأيضاً طفح جلدي وبقع حمراء، وظهور بعض البقع الصغيرة البيضاء في الفم.