سرطان القولون والمستقيم.. مرض العصر

00:59 صباحا
قراءة 6 دقائق
إعداد: خنساء الزبير

تنطلق مع بداية شهر مارس/آذار المقبل الحملة الدولية التي تقودها منظمة الصحة العالمية للتوعية بسرطان القولون والمستقيم أحد أخطر أنواع الأورام الخبيثة التي يمكن أن تصيب بعض المرضى حال توافر بعض الظروف الموائمة لذلك، ويطلق على ذلك النوع أيضاً سرطان الأمعاء أو سرطان المستقيم، ويصنف في المرتبة الثانية ببعض الدول بقائمة أسباب الوفاة الناتجة عن أمراض السرطان وسط النساء وفي المرتبة الثالثة وسط الرجال، ويكون المرض إما خبيثا ينتشر بأجزاء الجسم الأخرى أو حميدا؛ ويمكن أن تتكون الأورام في أجزاء أخرى عدا القولون والمستقيم، وفي بعض الأحيان تكون الأورام حميدة وهو ما تحدده الفحوص المختلفة التي تجرى للكشف عن المرض ويتم العلاج بناءً على عوامل متعددة.
توجد طبقة مخاطية تبطن القناة الهضمية والفم والرحم والمثانة والتجويف الأنفي؛ وتنشأ أحياناً بهذه الطبقة أورام وعندما تكون بالطبقة الموجودة داخل القولون فإنها تكون في الغالب حميدة ولكن يحدث في بعض الحالات أن تكون سرطانية، وتشيع السليلات بدرجة كبيرة فهي توجد تقريباً لدى نصف من هم فوق 60 عاما وتكتشف عادة بعد إجراء فحص القولون من الداخل وتؤخذ عينة من أنسجتها ليتم فحصها داخل المختبر وتحديد ما إذا كانت حميدة أم خبيثة
ونسبة لانتشار هذه السليلات تنص التوصيات الحديثة بضرورة إجراء فحص للقولون والمستقيم بواسطة التقنيات المناسبة؛ وتوجد أنواع مختلفة من السليلات كل منها لديه سمات وبنية خاصة بها تساعد - بجانب عوامل أخرى - في تحديد ما إذا كانت قابلة للتطور إلى سرطان القولون.

صفاتها الشكلية

من الصفات التي توصف بها تلك الأورام الحميدة: بارزة بمعنى أنها تشبه المشروم وتنمو ملتحقة بسطح الغشاء المخاطي بساق نحيف طويلة، أو مستوية بمعنى أنها تنمو مباشرة بالغشاء المخاطي من دون وجود ساق ويمكن ملاحظة وجود النوع البارز بسهولة لأنها توجد في وضع قائم والعكس صحيح فإن النوع المستوي يصعب اكتشافه وهو النوع القابل للتطور إلى سرطان كما أنه تصعب إزالته إلا عن طريق الجراحة.

أنواعها

يتطلب الأمر من الطبيب - بجانب شكل السليلة - معرفة نوعها والذي يكشف عنه فحص العينة تحت المجهر للتعرف إلى سمات الخلية وبنيتها، ومن أكثر أنواعها الشائعة الأورام الحميدة القولونية الالتهابية وأكثر ما توجد لدى مرضى التهاب القولون مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي؛ وتسمى أحياناً السليلات المزيفة لأنها ليست أوراما في حد ذاتها ولكنها مظهر التهابي، وهي أورام حميدة وليست قابلة للتطور إلى سرطان.
يوجد نوع ثان وهي الأورام الحميدة مفرطة التنسج ويتم التعرف عليها من خلال نشاط الخلايا بالكتلة النسيجية لها، فهي تنمو بسرعة ما يعني وجود زيادة غير طبيعية بأعداد الخلايا ما يؤدي إلى كبر حجم الورم أو السليلة وبالرغم من تلك السرعة إلا أنها تعتبر في أدنى درجات التسرطن الورمي، كما هو الحال في تضخم البروستاتا؛ والنوع الثالث الأورام الحميدة والتي تشكل 70% من مجمل الأورام الموجودة بالقولون.
وبالرغم من إمكانية تسرطنها إلا أن ذلك يستغرق سنوات، وعلى العكس من الأورام الحميدة مفرطة التنسج فإن الأورام الحميدة من هذا النوع أورام وليدة أي أنها نمو جديد، حيث تنمو الخلايا بطريقة غير طبيعية وتفقد تدريجياً السمات الطبيعية للخلية، وعندما تشكل تلك الخلايا الوليدة كتلة (ورم) فإنه إما أن يكون ورما حميدا أو خبيثا أو بين ذلك؛ والنوع الثالث والأخير في الأنواع الشائعة الورم الغدي الزغبي وهو النوع القابل بدرجة كبيرة للتطور إلى سرطان حيث تتحول 30% من حالاته إلى سرطان؛ وبغض النظر عن نوع الورم فإن كل ورم يفوق 1 سم يجب إزالته.

الاكتشاف بداية للعلاج

ما يحدث في كثير من الحالات هو عدم الشعور بوجود الأورام ويتم اكتشافها بعد فحص القولون، وإن حدثت أعراض فإنها تكون في شكل تغير بطبيعة الإخراج كأن يتحول من إمساك إلى إسهال، أو العكس أو تكون الفضلات مصحوبة بالدم أو تغير اللون، كما يشعر المريض في بعض الأحيان بآلام بالبطن، والشعور بالشبع من دون تناول طعام، وصعوبة إفراغ القولون، وخسارة الوزن غير المتعمدة، والشعور بالإجهاد؛ وان استمرت تلك الأعراض لأكثر من أسبوع تجب مراجعة الطبيب والذي ربما يلحظ من خلال الفحص الجسدي وجود كتلة بالبطن.

مراحل المرض

المقصود بذلك مدى انتشاره داخل الجسم ويساعد تحديد كل مرحلة في اختيار العلاج المناسب لها، وبحسب نظام معين شائع الاستخدام فإن المراحل ترتب من 0-4 وهي: المرحلة0 وهي مبكرة يكون فيها الورم السرطاني بمكانه داخل الطبقة المخاطية المبطنة للقولون أو المستقيم أي أن السرطان ما زال في موقعه الأصلي، والمرحلة1 ينتشر فيها الورم عبر الطبقة ولكنه لم ينتشر بعد إلى خارج جدار القولون أو الأمعاء، والمرحلة2 وصول الورم إلى جدار القولون أو المستقيم، ولكنه لم يصل بعد إلى الغدد الليمفاوية المجاورة، والمرحلة3 غزو الورم للغدد الليمفاوية المجاورة ولكنه لم يصل إلى أجزاء أخرى من الجسم، والمرحلة4 انتشار الورم السرطاني إلى أجزاء أخرى من الجسم بما فيها الأعضاء الحيوية كالكبد والغشاء المبطن للتجويف البطني، والرئة، والمبيض؛ وللورم السرطاني عودة أخرى عقب العلاج، فهو يعود في بعض الحالات مرة أخرى وحوالي 40% من الحالات يتم التشخيص في مرحلة متأخرة حينما تصبح الجراحة أمراً لابد منه.

التشخيص والعلاج

تتعدد طرق تشخيص المرض، فبعد الفحص الجسدي يطلب الطبيب المزيد من التحاليل والفحوص مثل تحليل عينات الفضلات للكشف عن وجود دم بها وهو ما لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ومن الفحوص التي تجرى فحص حقنة الباريوم الشرجية وهي أحد أنواع الأشعة السينية المستخدمة لفحص القولون يكشف وجود الأورام الكبيرة ولكن تصعب عليه الأورام الصغيرة كما يوجد فحص آخر للفضلات لاختبار الحمض النووي بها حيث تشير نتائج معينة منها إلى وجود سرطان بالقولون.
تتوفر كثير من الفحوص والتحاليل التي ربما تغني عن تنظير القولون والذي يعتبر الفيصل في تشخيص المرض ولكن بسبب أنه وسيلة غازية للجسم فإن كثيرا من المرضى يتجنبون إجراءه.
يبدأ الطبيب - بعد اكتشاف المرض وتحديد نوعه ومرحلته- في وصف العلاج المناسب ولا تخرج خيارات العلاج عن العلاج الكيماوي أو الإشعاعي أو الجراحة؛ فالعلاج الكيماوي استخدام علاجات كيميائية لتحطيم الخلايا السرطانية ويساعد في ضمور الورم، أما العلاج الإشعاعي فهو استخدام الأشعة عالية الطاقة لتحطيم الخلايا السرطانية ولمنع تكاثرها وأيضاً يساعد في ضمور الورم، ويبقى العلاج الأخير وهو الجراحة والتي يعقب عليها مرة أخرى بالعلاجين الإشعاعي والكيماوي لتقليل فرصة عودة المرض مرة أخرى.

الغذاء ونمط الحياة

عوامل الخطر والوقاية: بالرغم من أن هنالك عوامل خارجة عن إرادة الشخص في جعله قابلا للإصابة بالمرض، كالعامل الوراثي والتهاب القولون وغير ذلك من العوامل الأخرى، إلا أن بعض العوامل تعتبر مكتسبة ويمكن تغييرها مثل التقدم في العمر، وزيادة الوزن أو البدانة وخصوصاً زيادة محيط الخصر، وقلة النشاط البدني، والتدخين، والأنظمة الغذائية الخاطئة مثل الإكثار من تناول الأطعمة المصنعة أو اللحوم المطهية على نار شديدة الحرارة كالقلي أو الشوي أو الغلي لأن ذلك ينتج مواد كيميائية تزيد خطر الإصابة بالمرض ولكن لم يتضح مدى خطورة ذلك في التسبب في المرض
وعلى العكس من ذلك فقد ارتبط تناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة بتراجع خطر الإصابة بالمرض.
وجدت إحدى الدراسات أن هنالك ارتباطا كبيراً بين النظام الغذائي المهيج للالتهابات وبين الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، حيث وجد أن الأنظمة الغذائية الموالية للالتهابات ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان لدى الرجال والنساء.
اكتشفت دراسة أخرى فائدة كبيرة للخضروات فيما يتعلق بالمرض وخصوصاً فائدة البروكولي، حيث وجد باحثون من سنغافورة أن البكتريا المعروفة ب «الايكولاي» يمكنها الارتباط ببروتين يوجد بخلايا سرطان القولون والمستقيم ما يؤدي إلى إنتاج إنزيم يطلق عليه ميروزيناز والذي يستخدم في تحويل جلوكوسينولات الموجودة ببعض الخضروات مثل البروكولي إلى منتج جانبي يطلق عليه «سلفورافين» وجد من قبل أن له تأثيراً وقائيًا ضد الخلايا السرطانية.

التنوع الصحي للبكتريا


يفضل المحافظة على التنوع الصحي للبكتريا التي تعيش طبيعياً داخل الأمعاء، فهي لا تحمي فقط القولون والمستقيم بل تحمي الجسم بكامله من كثير من الأمراض، منها السرطان بعد أن وجدت دراسة أن النظام الغذائي يؤثر في بكتريا الأمعاء التي تؤثر بدورها في سلوك الجينات، ومن ثم خطر الإصابة بأمراض السرطان؛ وما اكتشفه العلم الحديث هو مقدرة تلك التركيبة الميكروبية في تعزيز كثير من العلاجات منها سرطان الجلد؛ وتوجد آثار إيجابية أخرى كثيرة تترتب على زيادة البكتريا النافعة بالأمعاء، منها تعزيز المقدرات الإدراكية، وهو ما قد يثير الدهشة لبعد الدماغ المسؤول عن الإدراك عن الأمعاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"