أسباب متعددة وراء عيوب النطق

03:47 صباحا
قراءة 6 دقائق
يحمر وجه الطفل خجلاً عندما يضحك المحيطون أو حتى يبتسمون إذا أخطأ في نطق حرف أو كلمة، وتتحول فرحته بوجود ضيوف لدى الوالدين أو بلعبه وسط أقرانه إلى حزن، وربما تقود ردود أفعال المحيطين به على عيوب نطقه إلى مشكلات نفسية خطرة ترتبط بثقته بنفسه ونظرته إلى إمكاناته المجتمعية، ومع تطور الحلول الطبية أمكن توفير علاجات لمشكلات النطق، ومن بينها المشكلات الخلقية التي يولد بها الطفل مثل اللسان المربوط وغيرها من النواقص التي تشوه أصوات الكلام لدى الطفل في مراحل نموه المبكرة.
عن اللسان المربوط وتأثيره في الطفل تقول الدكتورة سنان أمجد لطفي أخصائية جراحة الفم والوجه والفكين بالشارقة: «يولد واحد من بين كل 100 طفل لديه ما يسمى باللسان المربوط أو قصر لجام اللسان وهي الحالة التي يكون فيها الجزء من الغشاء المخاطي الذي يصل أسفل اللسان بقاع الفم قصيراً مسبباً قصر لجام جزئي أو كلي حسب امتداد موضع الالتصاق، تظهر صعوبة في حركة اللسان في حالة الالتصاق الكلي ويكتشف فوراً عند الولادة، أما الجزئي حيث يستطيع الطفل تحريك لسانه ولكن بشكل محدود، فيكتشف في مراحل متأخرة من عمر الطفل حيث يلاحظ الأهل صعوبة في نطق بعض الأحرف، وتعود أسباب اللسان المربوط إلى الوراثة حيث تواجدت عدة حالات ضمن العائلة الواحدة أو لأسباب أخرى غير معروفة». تضيف د. سنان: «مظاهر اللسان المربوط هي عدم قدرة الطفل أو الرضيع على إخراج لسانه خارج الفم الذي يظهر بشكل قلب عند محاولة رفعه أو إخراجه وأيضاً عدم قدرته على تحريك اللسان على جانبي الفم، ويسبب اللسان المربوط إذا كان شديداً تأثيراً في مخارج بعض الحروف التي تخرج من رأس اللسان مثل اللام والراء، وربما يسبب ضعفاً في الرضاعة بسبب دور اللسان في عملية السحب، حيث يرى أغلب العلماء أن السبب وراء ثلثي مشاكل الرضاعة هو قصر لجام اللسان ويجد الرضيع صعوبة في وضع الثدي في فمه بإحكام حيث يفلت منه أثناء الرضاعة، أما الطفل الذي يعتمد على الرضاعة الصناعية ولديه لسان مربوط فيصعب عليه إغلاق فمه جيداً حول الزجاجة ما يؤدي إلى تسرب الحليب الذي يمكن أن يجعل الطفل يعاني الغازات بسبب ابتلاع الهواء وبالتالي عدم اكتسابه للوزن، ويعاني الطفل ذو اللسان المربوط نخوراً سنية وصحة فموية متدنية ورائحة فم كريهة فضلاً عن صعوبة في مضغ الطعام، كما أنه يؤثر في بنية ومظهر الوجه والأسنان».
وعن علاج تلك الحالة تقول د. سنان: «الحلول جراحية وذلك حسب مكان التصاق اللسان بقاع الفم، أغلب الأطباء يرون أنه لا داعي للجراحة في حالة الالتصاق الجزئي البسيط الذي لا يؤثر في وظيفة اللسان، ونستطيع تقييم إجراء الجراحة إذا منع اللسان من الخروج خارج الفم وظهر تثلم في ذروة اللسان عند محاولة إخراجه أو رفع ذروته إلى قبة سقف الفم، وتجرى العملية الجراحية بالتخدير الموضعي بإجراء قطع للنسيج المخاطي بين اللسان وقاع الفم وبعد توافر الجراحة بالليزر أصبح بإمكاننا إجراء قطع لجام اللسان حيث النزف أقل ومن دون الحاجة إلى إجراء خياطة».
تؤكد طبيبة الأسنان د. هاجر سعيد يعروف النقبي أن النطق السليم هو الناتج عن الإطباق السليم للأسنان حيث تكون الشفتين العلوية والسفلية متقاربتان نتيجة انطباق الأسنان العلوية بشكل بسيط على الأسنان السفلية ما يترك مجالاً للسان للتحرك بحرية لنطق الأصوات ولكن في حالة وجود سوء في الإطباق فإنه يؤثر في وظيفة اللسان والشفتين ما يؤدي إلى اضطراب نطقي تعويضي أو إجباري.
وتضيف: «نقصد بالاضطراب التعويضي عندما يكون اللسان والشفتين بوضعية معينة لتعويض الخطأ أو النقص في تشكيل الأسنان، أما الاضطراب الإجباري عندما يكون اللسان والشفتين بوضعية سليمة لكن التشوه في الأسنان أو الفكين تتدخلان لتغيير حركته».
وتوضح: «هناك العديد من المشاكل في الأسنان تؤثر في نطق الأصوات الكلامية عند الأطفال والبالغين ومن هذه المشكلات فقدان بعض الأسنان فمثلاً في حالة فقدان القواطع الرئيسية وكانت مساحة التجويف الفموي ضيقة فإن اللسان سيتقدم ويخرج من هذا الفراغ مسبباً تشويهاً في الأصوات الكلامية السنية اللثوية والأصوات الصفيرية مثل س وش وز وص وج وتعتبر مشكلة اضطراب نطقي تعويضي، ومن المشكلات المتكررة أيضاً الشق الوراثي في سقف الحنك وهو تشويه كامل في الفك والأسنان والذين يعانون هذا الاضطراب النطقي الإجباري تظهر لديهم مشكلات متعددة.
وعن أنواع اضطرابات النطق وأسبابها يقول حسام فتوح شرارة مختص النطق واللغة إنها تتضمن التحريف أو التشويه كنطق الصوت بطريقة تقربه من الصوت العادي بيد أنه لا يماثله تماماً وغالباً يظهر في أصوات معينة مثل س، ش، وكذلك الحذف حيث يقوم الطفل بحذف واحد من الأصوات التي تتضمنها الكلمة، ومن ثم ينطق الكلمة من دون هذا الصوت، أيضاً الإبدال عندما يتم إصدار غير مناسب بدلاً من الصوت المرغوب فيه، على سبيل المثال يستبدل الطفل حرف (س) بحرف (ش) أو يستبدل حرف (ر) بحرف (و) وتعد عيوب الإبدال أكثر أنواع اضطرابات النطق شيوعاً.
ويضيف فتوح: «من عيوب النطق عند الأطفال الإضافة ويتضمن هذا الاضطراب إضافة صوت زائد إلى الكلمة، وربما يسمع الصوت الواحد وكأنه يتكرر، مثل سسلام عليكم، أحمره، هذا الاضطراب النطقي من أندر الاضطرابات النطقية شيوعاً».
وعن أسباب اضطرابات النطق يقول: «يصعب تحديد سبب معين لاضطرابات النطق، نظراً لأن الأطفال الذين تظهر لديهم هذه الاضطرابات لا يختلفون انفعالياً، أو عقلياً، أو بدنياً عن أقرانهم، ومن أهم الأسباب الإعاقة السمعية حيث من المعروف أنها تتعلق بمرحلة الاستقبال من عملية الكلام، وهي أهم مرحلة حيث تمارس حاسة السمع عملها قبل ولادة الطفل بثلاثة أشهر تقريباً، وتعمل على تكوين الحصيلة اللغوية التي تمكنه من ممارسة الكلام عندما تصل الأجهزة المعينة درجة النضج المناسبة لذلك، ولا يقتصر تأثير الإعاقة السمعية على الحاسة فحسب بل يؤثر بصورة أساسية على الكلام، ويعد فقد السمع من أهم مسببات اضطرابات النطق والكلام وإذا حدث فقد السمع في الصغر كان تأثير ذلك في عملية الكلام أكثر حدة، كما تزداد اضطرابات النطق والكلام كماً وكيفاً بزيادة درجة فقد السمع، حيث يستطيع الطفل سماع بعض الأصوات من دون الأخرى، وبالتالي يمارس كلامياً ما يسمعه فقط.
ويشير فتوح إلى أسباب إدراكية حسية قائلاً: «تتعلق بقدرة الأطفال على التمييز السمعي لأصوات الحروف المختلفة فالأطفال الذين يعانون اضطرابات نطق وظيفية لا يستطيعون التمييز بين الأصوات غير الصحيحة التي ينطقونها وتلك الصحيحة. التي يسمعونها، فعلى سبيل المثال الطفل الذى يقول «اللجل» بدل من «الرجل» ربما لا يستطيع التمييز بين صوت ( ر)، وصوت (ل) في كلام الآخرين، وربما يستطيع تمييز ذلك في كلام الآخرين بينما لا يستطيع ذلك بالنسبة لكلامه ويكون العلاج عادة بالتدريب على تنمية مهارة التمييز السمعي أولاً».
وعن المشكلات الحركية اللفظية يقول: «تزايد الاهتمام خلال السنوات الأخيرة بالجوانب الحركية لعملية الكلام خاصة تلك التي تؤثر بدرجة حادة في نطق الأصوات، وتسفر عن اضطرابات في النطق، مثل عدم القدرة على إصدار الحركات المتسقة اللازمة للنطق وعسر الكلام الناتج عن عدم القدرة على التحكم الإرادي وتنتج عن إصابة منطقة التكلم في الدماغ، أما عسر الكلام فهو اضطراب حركي يرجع إلى إصابة في مكان ما بالجهاز العصبي المركزي، ويعتمد نوع عسر الكلام الذي يعانيه الفرد على مكان الإصابة المخية، كذلك الخلل في أجزاء جهاز النطق مثل شق الحلق أو الشفاة يمكن أن يسهم كثيراً في اضطرابات النطق وكذلك في رنين الصوت، حيث تزداد الأصوات الأنفية، وتختل الأصوات الاحتكاكية والاحتباسية والانفجارية، كما أن خلل شكل اللسان يؤدي إلى اضطرابات النطق، مثل وجود رابط اللسان وهو النسيج الذي يربط اللسان بقاع الفم فعندما يوثق هذا الرباط يجذب اللسان إلى أسفل فإنه يصعب عليه التحرك إلى أعلى بحرية، وبالتالي لا يستطيع الطفل نطق أصوات مثل ل، ر، وغيرها من الأصوات التي تحتاج اللسان إلى أعلى تجاه سقف الحلق، أو منابت الأسنان، وربما يؤدي اختلاف حجم اللسان إلى اضطرابات النطق، فقد يكون صغيراً أو كبيراً، ما يعيق عملية تشكيل أصوات الكلام. وهناك مشكلة أخرى تسمى اندفاع اللسان وتتلخص في اندفاع الثقل الأمامي من اللسان تجاه الأسنان العليا والقواطع، أثناء عملية البلع ما يؤدي إلى تشويه لبعض الأصوات هناك أطفال يركزون على الحركة الأمامية للسان فيما يؤثر في البلع وكذلك النطق، وهنا يحتاج الطفل إلى تدريب على وضع اللسان بصورة صحيحة أثناء البلع والكلام.
ويوضح حسام فتوح أن تشوه الأسنان ربما يسهم في اضطرابات الكلام، نظراً لأن الأسنان تشترك في عملية النطق، فهي مخارج لبعض الأصوات، لذلك فسقوط الأسنان الأمامية العلوية مثلاً غالباً يصاحب باضطرابات نطق ولكنها مؤقتة حيث تزول مع طلوع الأسنان الجديدة، كما اتضح إمكان تدريب الأطفال على وضع اللسان مكان تلك الأسنان للتعويض، ومن ثم يقاوم اضطرابات النطق.
ومن المشكلات الأكثر خطورة في هذا الصدد، وجود ضعف شديد بعظام الفك العلوي ما يؤخر عملية نمو الأسنان، أو تشوه شكلها كما يعوق حركة اللسان، وربما يجتاز الطفل هنا عملية تقويم تتضمن وضع دعامات للأسنان بالفك العلوي، ما يؤثر في حركة اللسان مرة أخرى ومن ثم تؤدي إلى مزيد من اضطرابات النطق.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"