«إسرائيل».. انفجار «فيروس» العنصرية

00:51 صباحا
قراءة 5 دقائق
حلمي موسى

على الرغم من تفشي فيروس «كورونا»، وانشغال الجميع بمواجهة هذا الوباء، فإن عنصرية الكيان «الإسرائيلي» تواصل الإفصاح عن نفسها بأكثر من وجه ووسيلة. ومن الواضح أن ادعاء الاحتلال بأنه واحة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة لم يمنع زعيم الليكود من التحريض العلني ضد العرب في فلسطين 48، ولم يمنع خصومه من النظر إلى القائمة العربية المشتركة وكأنها نبت غريب وغير شرعي.
ما يمنع حتى اللحظة من تشكيل ائتلاف حكومي بزعامة بني جانتس؛ هو رفض أغلبية الحلبة السياسية الصهيونية، الاستناد إلى دعم الأقلية العربية. وبدهي أن هذا ليس سوى الوجه الداخلي للعنصرية الصهيونية، التي تتجلى بأشكال أشد بشاعة؛ عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين في الأراضي المحتلة. فأراضيهم معدة للسلب، وحقوقهم جاهزة على الدوام للمصادرة، ومستقبلهم مرهون بما يريده الاحتلال لهم. وهذا ما دعا الفلسطينيين، خصوصاً في اليوم العالمي للقضاء على كل أشكال التمييز العنصري إلى مطالبة الأسرة الدولية، بقمع التمييز الذي يمارسه الكيان ضدهم.
وأثنت الخارجية الفلسطينية على «انتصار الإرادة الدولية على محاولات الكيان حجب اختصاص اللجنة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من النظر في شكوى فلسطين». واعتبرت ذلك ترسيخاً لنموذج «يحتذى في نصرة الحق، وتعزيز سبل الإنصاف وتحقيق العدالة». وشددت الخارجية الفلسطينية على أن «منظومة الاحتلال الاستعماري «الإسرائيلي» بنيت على أساس فكر عنصري إحلالي، ينكر وجود الشعب الفلسطيني وجذوره الأصيلة في هذه الأرض». وأكدت أن السلطة الفلسطينية ستواصل مساعيها «لمحاسبة» الكيان؛ بوصفه سلطة احتلال غير شرعي على سياساته العنصرية، وعلى جرائمه بحق الشعب الفلسطيني؛ وبينها التهجير القسري ضمن خطط التطهير العرقي، لخدمة الأهداف الاستيطانية التوسعية.


الضم والتهويد


وكانت السلطة الفلسطينية قد اتهمت الكيان مؤخراً بتصعيد وتيرة مخططات الضم والفصل في الضفة الغربية عن طريق بناء نظام فصل عنصري، مستغلة انشغال العالم بمكافحة فيروس «كورونا». وسلم المندوب الدائم لفلسطين في الأمم المتحدة، رياض منصور، ثلاث رسائل متطابقة لكل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر، ولرئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وتعرض هذه الرسائل مسيرة تدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة عموماً، وفي القدس الشرقية خصوصاً؛ جرّاء تصعيد الكيان وتيرة مخططات الضم والاستعمار.
وأشارت الرسائل على وجه الخصوص إلى ما أعلنته حكومة الاحتلال مؤخراً من خطط لبناء 1739 وحدة استيطانية في عمق الضفة الغربية. وتحدثت أيضاً عن إعلان المسؤولين الصهاينة عن نيتهم إنشاء طريق فصل عنصري جديد قرب مستوطنة معاليه أدوميم، والاستيلاء على الكثير من أراضي الفلسطينيين بين قريتي عناتا والزعيم في محيط القدس.
ومن المعروف أن توسيع معاليه أدوميم يأتي في نطاق مخطط معروف للعالم، يقضي بالفصل جغرافياً وعلى الأرض بين جنوبي الضفة الغربية وشمالها ما يقطع عملياً الضفة، ويمنع تواصلها. وقد تم وضع هذا المخطط في إطار مكافحة فكرة «حل الدولتين»، ولتبيان استحالة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة إلا إذا خضعت للشروط الصهيونية.


اقتلاع الأشجار


وواضح أن الحلبة السياسية الصهيونية في ظل أزمتها الحكومية شهدت تصعيداً في الخطاب الاستيطاني؛ تمثل في الدعوات المفتوحة لضم غور الأردن والكتل الاستيطانية؛ بل إن قوى اليمين المتطرف لم تعد تتردد في الإعلان عن رفضها لأي صيغ يمكن أن تقود إلى سيادة فلسطينية على أي بقعة من الأرض. وتطالب هذه القوى التي صارت بالغة النفوذ في دوائر الحكم الصهيونية، بمنع الفلسطينيين من إنشاء أية أبنية في المنطقة «ج»، وسلب صلاحيات السلطة حتى في المنطقة «ب» و«أ». وتشجع قوى اليمين المتطرف، المستوطنين على الاعتداء على أراضي الفلسطينيين، وحرق واقتلاع أشجارهم؛ بل إن رسالة السلطة الفلسطينية للأمم المتحدة تطرقت أيضاً إلى استغلال الاحتلال لنظام الحجر الصحي الصارم في منطقة بيت لحم؛ لتسهيل اقتلاع المستوطنين لنحو 1200 شجرة زيتون وكروم عنب.
وكان زعيم حزب «يمينا» المتطرف، نفتالي بينت، قد أعلن بصفته وزير حرب الكيان، عن شق طريق منفصل للفلسطينيين في المنطقة E1 قرب مستوطنة معاليه أدوميم؛ للربط بين شمالي الضفة وجنوبها. ورأى المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في إنشاء هذا الطريق «خطوة إضافية باتجاه بناء نظام فصل عنصري». ولم يخف بينت أن الغاية من شق هذا الشارع؛ هو إيجاد طريق التفافي يمكن التحكم به للقرى الفلسطينية؛ مثل: عناتا وحزما والرام؛ لمنع استخدام سكان هذه القرى للطريق الرئيسي، وللفصل بين المواصلات العامة الفلسطينية والصهيونية.
ولا يمكن هنا إلا المرور على توجيهات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، خلال الشهر الجاري لإنشاء 3500 وحدة استيطانية في منطقة معاليه أدوميم. وكان توسيع الاستيطان في هذه المنطقة يعرض الكيان على الدوام لانتقادات دولية شديدة خصوصاً من الجانب الأمريكي الذي كان لا يزال يؤمن ب«حل الدولتين»، ويرفض فكرة «القدس الكبرى». غير أن ذلك تغير منذ شجع الرئيس الأمريكي ترامب الاستيطان الصهيوني؛ بعد أن اعترف بالقدس عاصمة للكيان ورفض مبدأ «حل الدولتين» وحدود 67. وفي أعقاب ذلك تمادى قادة الكيان في الإفصاح عن مواقفهم العنصرية ورفضهم لمبادئ القانون الدولي وعدم خشيتهم من الملاحقة الدولية. كما أن الضغوط الأمريكية والأوروبية على المحكمة الجنائية الدولية لصرف النظر عن التحقيق في جرائم الحرب الصهيونية؛ ساعدت في عدم كبح التحريض والعدوان الاستيطاني المتواصل على الشعب الفلسطيني.


مصير الأسرى


وفي الأيام الأخيرة، وفي ظل انتشار فيروس «كورونا» تزايد الاهتمام الفلسطيني بمصير آلاف الأسرى في معتقلات الاحتلال والذين تمارس عليهم وبشكل منهجي سياسة التمييز العنصري. وقد حذرت منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني من عواقب استمرار تجاهل إدارة السجون الصهيونية للأوضاع الصحية للمعتقلين، واستمرار إجراءات القمع والتنكيل بحقهم. وأشارت هذه المنظمات إلى أن سلطات الاحتلال قلصت مؤخراً من كمية مواد التنظيف التي تصل إلى الأسرى وزادت من حالات العزل الانفرادي، وفرض الغرامات المالية وتقليل مدة زيارة أهاليهم لهم. ومعروف أن في المعتقلات الصهيونية ما لا يقل عن 5 آلاف أسير وأسيرة يعاني 700 منهم أمراضاً مزمنة تزداد خطورتها في ظل انتشار فيروس «كورونا» والإهمال الصحي.
وقد أعلن وزير الأمن الداخلي «الإسرائيلي»، جلعاد أردان عن نيته في الإفراج عن 500 من السجناء الجنائيين اليهود؛ للتخفيف من اكتظاظ السجون بهم، وخشية تفشي وباء «كورونا» بينهم؛ لكنه لم يتطرق البتة إلى آلاف المعتقلين الفلسطينيين، واكتظاظ المعتقلين الفلسطينيين وخطر تعرضهم لتفشي الوباء. وهذا ما دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، تيسير خالد إلى تحميل سلطات الاحتلال كامل المسؤولية عن حياة الأسرى الفلسطينيين، وطالب الأسرة الدولية بالتدخل؛ لكبح عنصرية أردان وموقفه من الأسرى الفلسطينيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"