هبوط ضغط الدم الانتصابي قد يهدد الحياة

06:03 صباحا
قراءة 4 دقائق

الكثير منا لابد أنه يشعر يوماً بما يشبه الدوخة أو الدوار البسيط عند الوقوف بعد الاستلقاء أو بعد الجلوس لمدة طويلة، حيث يستمر هذا الدوار بضع ثوان وقد يصحبه ضبابية في الرؤية وصوت طنين في الأذن وأشياء أخرى بنسبة أقل كتنميل الأطراف أو غيرها من عدم التوازن ما يزعج الشخص، ولكن سرعان ما يتناسى ذلك بعد زوال الحالة .

وهذه الأعراض ينبغي عدم تجاهلها، فهي نوع من أنواع هبوط ضغط الدم الذي يحدث عند الحركة المفاجئة حيث يصل في بعض الأحيان النادرة إلى الإغماء .

وقد يحدث هبوط ضغط الدم الانتصابي لأي شخص خاصة كبار السن، فنسبة حدوثه بين من تجاوز سن ال65 سنة تصل إلى 15% وغالباً ما يأتي هبوط ضغط الدم الانتصابي بشكل خفيف ويستمر بضع ثوان أو دقائق .

ويجب ألا نتجاهل هذه الظاهرة حيث إنه من الممكن أن تكون مؤشراً خطيراً إلى وجود مشكلة خطيرة خاصة عند تكرار المشكلة لمدة طويلة . ففي الحالات الخفيفة قد لا تحتاج إلى العلاج لكن يجب علاج المسبب للحالات الأصعب .

وللتعرف إلى أسباب هذه الحالة، فإن الاستلقاء أو الجلوس مدة طويلة يؤدي إلى تجمع الدم في الأجزاء الأقرب إلى سطح الأرض بسبب الجاذبية الأرضية، وعند القيام المفاجئ يتأخر الدم في الوصول إلى القلب ليضخه إلى أجزاء الجسم المختلفة ومنها الدماغ، فمن المتوقع هنا أن يهبط ضغط الدم، لكن هناك آليات فسيولوجية في الجسم تمنع حدوث ذلك مثل وجود رد فعل انعكاس عصبي سريع عن طريق بعض المستقبلات الموجودة بجانب شرايين القلب والرقبة التي تؤدي إلى تسارع في ضخ القلب (زيادة الخفقان) وزيادة قوة انقباضه لزيادة كمية الدم التي يضخها في الانقباضة الواحدة، ولذلك يتم إفراز الهرمونات اللازمة لأن قباض الأوعية الدموية وبالتالي زيادة المقاومة فيها ورفع ضغط الدم . وعند وجود أي خلل في هذه الآليات أو وجود ما يعاكس عملها يحدث هبوط الدم الانتصابي نتيجة نقصان حجم الدم، وذلك نتيجة لقلة شراب السوائل أو فقدانها بكثرة، كما يحدث في حالات التقيؤ والإسهال والتعرق الشديد في حالات الإصابة بالحمى أو القيام بعمل تمارين رياضية مفرطة، فكل هذا يؤدي إلى فقدان كميات من الماء بالإضافة إلى فقدان أملاح الصوديوم بشكل أكبر ما يتناوله الشخص وحتى فقدان كميات قليلة منها قد يؤدي إلى عدم توازن وتعب وإرهاق .

أما في حالة الفقدان الكبير منها فمن المحتمل حدوث ما يسمى صدمة نقصان الحجم، وهي من المضاعفات التي تهدد حياة الشخص في حالة سوء التروية في الجسم خاصة إذا كانت هذه الحالة شديدة ولم تتم السيطرة عليها، حيث إنه من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة في غضون دقائق أو ساعات قليلة .

ولعلاج هذه الحالة هناك الكثير من الأدوية التي تسبب هبوط ضغط الدم الانتصابي وأهمها أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم وأدوية القلب لأنها تؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من السوائل عبر الكليتين خاصة عندما تؤخذ بجرعات عالية .

كما أن تناول الأدوية التي لها تأثير في الجهاز العصبي يؤثر في المجسات العصبية الموجودة في الشرايين فتقلل من كفاءتها ورد فعلها .

وإذا كانت هناك مشكلات في القلب مثل المشكلات التي تؤدي إلى ضغط دم منخفض كانخفاض تسارع نبضات القلب والمشكلات في الصمامات وفشل القلب، فهي كلها أسباب من الممكن أن تؤدي إلى هبوط ضغط الدم الانتصابي لعدم كفاية الدم داخل الدورة الدموية .

وبالنسبة للمصابين بالسكري، فعندما لا تتم السيطرة عليه فإنه يؤدي إلى زيادة التبول وبالتالي فقدان السوائل، كما أن السكري يؤثر أيضاً في وظائف الأعصاب في الجسم ومنها تلك التي تصقل الإشارات العصبية للسيطرة على ضغط الدم .

كذلك، فإن الاستلقاء والوقوف لمدة طويلة كمن يستلقي في الفراش لمدة طويلة بسبب مرض أو عملية جراحية يؤديان إلى ضعف عام في الجسم، وقد يصاب الشخص بهبوط ضغط الدم الانتصابي لفترة مؤقتة .

وهناك الجلوس بقدمين متقاطعتين مدة طويلة سواء كانت الرجل على ركبة الرجل الأخرى أو الكاحل على ركبة الرجل الأخرى، كما يجلس الرجال عادة فيؤدي هذا الضغط على الأوردة الدموية وبالتالي يشجع تجمع الدم في القدمين .

أما الحمل فإنه قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم نتيجة لتوسع الدورة الدموية بشكل سريع لدى الحامل، وقد يصبح كافياً للهبوط الملموس عند القيام بشكل مفاجئ .

وتكون معظم الحالات بسيطة ومؤقتة بسبب قلة شرب السوائل أو قلة السكر في الدم أو التعرض للشمس أو الحرارة لمدة طويلة، ولكن إذا استمرت المشكلة مدة طويلة ومن دون تدخل أحد هذه الأسباب السابقة فقد تكون مؤشراً إلى وجود مشكلة ما وعند ذلك يجب مراجعة الطبيب .

ورغم أن معظم الحالات غالباً لا تؤدي إلى مضاعفات إلا أنها تضايق الشخص لا أكثر، ولكن قد تؤدي أحياناً إلى مضاعفات خطيرة في الحالات المتطورة كالسقوط نتيجة الإغماء وما يتبعه من مخاطر الجلطات الدماغية وأيضاً تدهور القدرات العقلية، فقد أثبتت بعض الدراسات الحديثة أن هبوط ضغط الدم الانتصابي المزمن قد يؤدي إلى تلف خلايا الدماغ نتيجة التروية وما يتبعها من حدوث الخرف المبكر ومشكلات الدماغ .

ولهذا فإن من المهم بحث السبب الأساسي للمشكلة، وعند شعور الشخص بأي من هذه الأعراض فإن عليه الاستلقاء والتمدد بشكل مستقيم بحيث يكون مستوى القدمين أعلى من مستوى الرأس .

أما إذا كان سبب المشكلة الأدوية فإما أن يتم تقليل الجرعة المستخدمة أو يتم استبدال الدواء بآخر، وهناك بعض العلاجات التي قد تفيد مثل تغيير نمط الحياة بشرب كميات أكبر من السوائل وتجنب شرب الكحول، وتجنب التعرض للحرارة لفترات طويلة، كذلك تجنب الوقوف المفاجئ بل يجب القيام بشكل تدريجي بعد الاستلقاء وتجنب الوقوف مدة طويلة من دون حركة .

وهناك بعض التمارين الرياضية التي تعمل على تقوية عضلات الرجل، وقد ينصح الطبيب بزيادة كميات الملح في الطعام بشكل قليل إذا لم يكن الشخص يعاني ارتفاع ضغط الدم .

كذلك فإن استخدام الجوارب الضاغطة التي تستخدم عادة في حالة دوالي الساقين فمن الممكن أن تفيد في منع تجمع الدم في القدمين وبالتالي تخفيف الأعراض .

أستاذ أمراض الأوعية الدموية والقلب بطب قصر العيني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"