الحُقن الدوائية..لعلاج الشبكية

00:42 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

الشبكية نسيج حساس للضوء يقع في مؤخرة العين، وهي الجزء المسؤول عن رؤية التفاصيل الدقيقة بوضوح، وتتصف في كونها رقيقة لا يتعدى سمكها سمك ورقة كتاب، ولذلك يعتبر تلف الشبكية أحد أخطر الأمراض التي تصيب العين، ويؤدى إلى تراجع قدرة الإبصار وفي بعض الأحيان الإصابة بالعمى، وأيضا انفصال الشبكية الذي يعيق القدرة على معالجة الضوء أو يمنع الدماغ من استقبال المعلومات التي ترسلها، ما ينتج عنه الإصابة بأمراض مثل: التنكس البقعي، واعتلال الشبكية الناتج عن مرض السكري، والتهاب مؤخرة العين.. وغيرها، ومع تقدم العلاجات الحديثة في طب العيون أصبحت الحقن الدوائية تستخدم كعلاج فعال لأمراض العين، وهذا ما سنتعرف إليه في هذا التحقيق.
يقول الدكتور رمزي غانم، استشاري طب العيون وأمراض الشبكية، إن التنكس البقعي يصيب كبار السن، في الجزء الذي يتوسط الشبكية، الذي يتحكم في جودة ووضوح الرؤية المركزية للأشخاص، الواقع في مؤخرة العين، ويسمى «البقعة العينية»، ومن أهم مسببات الإصابة بهذا المرض، مرض التنكس البقعي الجيني، التاريخ العائلي، أو الشيخوخة حيث إنه يصاب به الأشخاص بعد سن الـ55، أما إذا أصيب أحدهم بمرض التنكس البقعي قبل ذلك، فيجب عمل فحوص وتحاليل للتأكد من وجود مشكلة أخرى -على سبيل المثال- مشاكل في الكلى.

نوعان

ويوضح د. غانم أن هذا المرض ينقسم إلى نوعين هما: التنكس البقعي الجاف أو المبكر، الذي يعانيه حوالى 75% من الحالات، وتحدث الإصابة به نتيجة تراكم الفضلات تحت البقعة العينية، وترقق الشبكية من الوسط، وفي المراحل المبكرة لهذه الإصابة، تكون درجات فحص النظر لمعظم المرضى طبيعية، أو ربما يعانون تراجعا تدريجيا في قدرة الإبصار، أما التنكس البقعي الرطب فهو يحدث نتيجة لنمو الأوعية الدموية تحت الشبكية بصورة غير طبيعية، ويتسرب الدم والسوائل منها، ما يؤدى لفقدان مفاجئ للرؤية المركزية، وإعاقة وظائف الشبكية وهي حالة طبية طارئة تستدعي العلاج على الفور.

علامات ظهور التنكس البقعي

ويذكر د. غانم أن مرض التنكس البقعي يترافق مع ظهوره بعض الأعراض والعلامات، ومنها: -
* ضعف النظر، وتطورات سريعة في فقدان الرؤية.
* يفقد المصاب القدرة على رؤية التفاصيل الدقيقة سواء عن قرب أو عن بعد.
* التغييرات النضحية، كالنزيف في العين والإفرازات الصلبة، أو السوائل داخل الشبكية.
* الرؤية الضبابية، حيثُ إن المصابين تكون حالتهم عديمة الأعراض أو يلاحظون فقدان تدريجي للرؤية المركزية.
* تشوش الرؤية، ورؤية شبكة من الخطوط المستقيمة، في شكل متموج، ويرى المصابون ذلك عادة عندما ينظرون في الستائر المعدنية المصغرة في منازلهم.
* معاناة في تمييز الألوان، وأيضاً القدرة على تمييز وجوه الأشخاص المحيطين بهم.
* بطء استرداد الوظيفة البصرية بعد التعرض لضوء ساطع.
* الضمور المكاني، الذي يفقد فيه المريض قدرة الإبصار نتيجة الترقق الشديد، أو التلف الكلي لنسيج البقعة العينية دون حدوث تسرب من الأوعية الدموية، ويتزامن ظهور هذا العارض في المراحل المتقدمة من التنكس البقعي المرتبط بتقدم السن.

العلاج

ويوضح د. غانم أن مريض التنكس البقعي يحتاج لتلقي الرعاية الطبية، ولذلك يتم وضع خطة علاجية يتم فيها استخدام الحقن الدوائي المثبط، لتحد من مضاعفاته، وتستخدم هذه الحقن داخل الجسم الزجاجي للعين، حيث تحقن العين بمضادات النمو الوعائية وتشمل أعطاء المصاب بالتنكس البقعي الجرعة ثلاث مرات على مدى ثلاثة أشهر، ثم يتم فحص العين وتحديد درجة الحالة، لوصف الجرعة التالية من العلاج، حيث إن حقن داخل العين بشكل دوري ومنتظم، يعمل على إيقاف النمو غير الطبيعي للأوعية الدموية، وتوقف النزيف والتسرب تحت شبكية العين، ولذلك يحتاج غالبية المصابين بالتنكس البقعي إلى أخذ هذه الحقن عدة مرات كل عام، ويمكن أيضاً استخدام العلاج بالليزر لحالات معينة من التنكس البقعي المرتبط بتقدم السن، إلا أن هذا العلاج ليس فعالاً في معظم الحالات.

وذمة السكرى

وتفيد الدكتورة فاطمة إبراهيم الأميري أخصائية طب العيون، أن مرض الاعتلال البصري الناجم عن وذمة السكرى البقعية، ينشأ عن تدهور في بنية الأوعية الدموية الشبكية، ويستهدف شبكية العين، التي تعتبر حساسة للغاية، كما يؤثر في قدرة الجسم على السيطرة على مستويات السكر في الدم، وهو يصيب الأشخاص الذين يعانون داء السكرى، وخاصة من النوع الأول، أو الأطفال بعد خمس سنوات من إصابتهم بالسكرى، أما النوع الثاني فيدركون الإصابة بمرض الاعتلال البصري بعد حدوث انتكاسة بالنظر أو تشوش في الرؤية، حيث إن أغلبهم لا يدركون إصابتهم بالسكرى إلا بعد فترة.

المضاعفات

وتذكر د. الأميري أن اعتلال الشبكية السكري أحد مضاعفات العين الناجمة عن مرض السكري، ومع تطور مراحل المرض، تتشكل أوعية دموية جديدة، ويتكاثر النسيج الليفي في شبكية العين، ما يترتب على ذلك حدوث بعض المضاعفات مثل: انخفاض تدريجي وتدهور في الرؤية، ارتفاع ضغط الدم، والسمنة، زيادة نسبة الكولسترول، والتدخين، كما يؤدي اعتلال الشبكية السكري إلى الإصابة بوذمه البقعة الصفراء وهي التورم وتراكم السوائل الحاصل في الشبكية، ويحدث عندما تتسرب السوائل من الأوعية الدموية في شبكية العين، ما يؤدي إلى انخفاض في الرؤية المركزية، وفي بعض الأحيان، يبدأ المرض بنزيف حاد داخل العين، وظهور مفاجئ لأجسام طافية قد تحجب الرؤية جزئياً أو كلياً، وعند حدوث ضبابية العين فهذه علامة بأن هناك خللا ما ناتج عن السكرى، ولذلك يترتب على مريض السكرى تجنب حدوث هذه المضاعفات، بوضع نظام صحي منضبط في كل ما يتعلق بالنظام الغذائي، والسيطرة على الوزن وتجنب التدخين، مع الخضوع لفحوص طبية منتظمة تحت إشراف الطبيب المعالج.

علاج الوذمة

وتذكر د. الأميري أن الأطباء في وقت سابق كانوا يعتمدون على استخدام الليزر في معالجة الاعتلال البصري الناجم عن وذمة السكرى البقعية، أما الآن فيمكن أن يتم استخدامه كعامل مساعد لتلك العلاجات الحديثة التي تم اكتشافها مؤخراً، مع التطور الهائل في العلم، حيث أصبحت هناك أدوية جديدة، وأكثر فاعلية، ونتائج باهرة، كتلك العقاقير التي تحتوي على مادة الكورتيزون، وأيضا الحقن التي يتم إعطاؤها بجرعة أساسية محددة ثلاث حقن متتالية لمدة ثلاثة أشهر، ثم يوضع المريض تحت الملاحظة وعمل فحوص دورية للعين، لمعرفة هل مازال هناك انخفاض في بطانة الأوعية الدموية الشبكية، أو ورم، انتفاخ، ارتشاح في عين واحدة أو في عينين، حيث تُعرف الترشحات البروتينية، بأنها التي تخرج من الأوعية الدموية، وتترسب في البقعة الحساسة بداخل العين، وتسبب فقدان النظر، بنسبة 30-40، ويجب مراجعة طبيب العيون بشكل دوري، ثم يُعاد التشخيص عن طريق فحص وتصوير طبقات الشبكية، ومع تطور الأجهزة الطبية الاستكشافية أصبح باستطاعتنا تحديد مكان الإصابة في أي طبقة من الطبقات التسع للشبكية.

اعتلال المشيمية

يقول الدكتور خالد السبتي، استشاري أمراض العيون وجراحة الشبكية، أن سبب الإصابة باعتلال المشيمة والشبكية المصلى المركزي، ما زال مجهولا حتى الآن، ولكن يرجح أن يكون وراثياً في معظم الحالات، ويستهدف شريحة كبيرة على مستوى العالم، ولكن الفئة الأكبر تكون من الشباب من 30 إلى 50 سنة، ممن يعيشون في منطقة شرق آسيا، ويمكن اكتشافه مبكراً ولكن عن طريق الصدفة عند إجراء فحص طبيعي للعين، ففي الغالب يعيش المصابون به دون شكوى أو أعراض ظاهرة، ويظهر في مراحله المتأخرة على شكل وجود شرايين غير طبيعية، أو نزيف تحت مركز البصر أو مشيمة العين، ما يؤدى لفقدان البصر دون التأثير على أطراف الشبكية، وتختلف أعراضه من شخص لآخر حتى ولو كان المصابون أشقاء، وتتمثل علامات ظهوره في رؤية المريض لتعرجات في الخطوط المستقيمة، وهو ما ينبأ عن نزيف تحت الشبكية ويتغير مكانها فتظهر الصورة لدى المصاب متعرجه.

طرق العلاج

ويذكر د. السبتي أن تحديد نوع العلاج يتم بحسب المرحلة التي وصل إليها تطور الحالة، فعند الاكتشاف المبكر يكون العلاج بالمتابعة، وإذا كانت الإصابة بعيدة عن مركز الإبصار يتم استخدام الليزر إذا كانت الشرايين المتضررة محدودة أو بعيدة عن مركز البصر، ولكن مع الحالات المتقدمة التي يحدث بها نزيف نتيجة ظهور الشرايين غير الطبيعية، يتم استخدم أسلوب حديث لعلاج أمراض الشبكية، وهى حقن الأدوية الجديدة، كما تعتمد نسبة الشفاء من المرض على سن المريض، وقت التشخيص وقوة درجة الإصابة، والتاريخ العائلي.

العلاج بالحقن

ويؤكد د. السبتي أنه تم استخدام الليزر في علاج أمراض العيون على مدى عقود وتم اعتماده كعلاج اعتيادي لأمراض العيون، ومازال الأطباء يستعينون به في علاج الكثير من الأمراض، ولكن بالنسبة للإصابات التي ترتبط بمركز الإبصار، فإن العلاج بالليزر يحمل الكثير من الأضرار، حيث يتم توجيهه ناحية الشرايين دون التمييز بين منطقة وأخرى، ومع معالجة الشرايين غير الطبيعية يتلف أيضاً بعض خلايا الشبكية.
ويضيف: أما الحقن فهي تُعد نقلة نوعية في علاج أمراض العيون، وهى تحتوي على المواد التي تثبط عمل الهرمون داخل العين، كما أنها تعتبر دواء اختياريا في العلاج، بمعنى أنها تستهدف الشعيرات الدموية التي تكون أصل مشكلة الإصابة، ويتم أعطاء المادة لتذهب للمنطقة المتضررة في العين، ما يجعل الشرايين غير الطبيعية تتقلص، وتعطى مساحة لتتجدد ونمو الشرايين الطبيعة، ولذلك يجب إعطاء الحقن بشكل شبه مستمر ومتكرر، فمن الحالات النادرة التي يتم علاجها بحقنة واحدة فقط، كما يمكن أن يتم وصف جرعة محددة للمريض في بعض الحالات وتكون على هيئة عدد من الحقن، لتحد من تطورات ومضاعفات المرض ومدى انتشاره، وتختلف الحُقن الدوائية بحسب أنواعها، ومدى كفاءتها، والأمراض التي تعالجها، وأثبتت الدراسات أن أعطاء الحقن لفئة معينة من المرضى يكون زيادة من فرص نجاح الجراحة، حيث إنها تجعل العين مستعدة للجراحة دون حدوث نزيف، كما تعمل على انكماش الشرايين، وهناك الكثير من أمراض العيون التي يتم معالجتها بنفس الحقن مثل: -
* اعتلال الشبكية السكرى الذي يتسبب في فقدان النظر بنسبة 50% للمصابين بداء السكرى، نزيف متكرر داخل العين.
* انسداد الوريد الرئيسي في الشبكية (الجلطات).
* اعتلال الشبكية لدى الأطفال الخدج.
* يتم استخدام الحقن من قبل جراحي الشبكية في تحضير المريض عند إجراء عمليات في العين، كانفصال أو اعتلال الشبكية.

اختبار شبكة آمسلر

يُعد اختبار شبكة آمسلر واحداً من أبسط الطرق وأكثرها فعالية على المرضى لمراقبة صحة البقعة، عن طريق رسم من الخطوط المتقاطعة (مطابقة لورقة الرسم البياني) مع نقطة سوداء في وسطها، يتم استخدام النقطة السوداء المركزية لتثبيت النظر (مكان تحديق العين)، مع الرؤية الطبيعية، بحيث تكون جميع الخطوط التي تحيط بالنقطة السوداء تبدو مستقيمة ومتباعدة بالتساوي بدون فقدان مناطق أو ظهور مناطق غريبة عند التركيز على النقطة السوداء المركزية في الشبكة، وعندما يكون هناك مرض يؤثر في البقعة كما في التنكس البقعي وغيره، يتم الكشف عنه باستخدام هذا الاختبار، حيث يمكن للخطوط أن تبدو منحنية ومشوهة أو مفقودة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"