طاقة المستقبل من القمر

الهيليوم -3 يتوافر بغزارة على سطحه
01:45 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد: محمد هاني عطوي
نظراً لندرة المعادن على الأرض، يقترح بعض العلماء خططاً لبناء مناجم على بعض الأجرام مثل الكويكبات لاستخراج معادن ومواد يستفيد الإنسان منها حتى ولو كانت كويكبات صغيرة لا يزيد حجمها على كيلومتر واحد .
ويقول العلماء إن هذه الكويكبات يمكن أن تحتوي على عدة أمتار مكعبة من المواد الخام ويعتقدون أن الأهداف الأكثر فائدة في هذا الصدد هي الأجرام القريبة من الأرض التي يتقاطع مدارها معها . ففي العام 2004 تجاوز الإنتاج العالمي من خام الحديد مليار طن ومقارنة مع نوع صغير من هذه الكويكبات التي يبلغ قطرها 1 كم فإنه من الممكن أن تحتوي على أكثر من ملياري طن من خام الحديد والنيكل -2 أي ما يزيد بمرتين أو ثلاث مرات على إنتاج الأرض من هذه المعادن .
في إبريل/نيسان ،2012 قدمت مؤسسة (موارد الكواكب)، وهي شركة أسسها بعض الأثرياء الأمريكيين أمثال سيرجي برين، وإريك شميدت من غوغل، والمخرج جيمس كاميرون وغيرهم عرضاً يتم بموجبه العمل على استغلال موارد الأجرام السماوية مع بلوغ العام 2025 .
وفي ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، خططت شركة ديب سبيس للصناعات الفضائية أيضاً افتتاح مناجم في الكويكبات بطريقة مماثلة .
ومع تزايد أعداد العينات التي تعود بها مركبات الفضاء من الأجرام السماوية المختلفة والتطلعات والخطط الطموحة للهبوط على بعض الكواكب والأقمار واستيطانها، يعتقد البروفسور جون لويس من جامعة أريزونا أن مقادير وافرة من الحديد توجد في كويكبات قريبة من الأرض ما يجعلها هدفاً ثميناً لرحلات المستقبل الفضائية التعدينية .
ويشير جون لويس في كتابه "موارد الفضاء: بديل عن موارد الأرض" إلى أن الكويكب (3554 آمون) يحتوي وحده على مقادير من الحديد والنيكل تقدر قيمتها بستة تريليونات دولار تقريباً الأمر الذي يدفع الشركات الخاصة إلى التركيز على الفضاء .
اكتشف هذا الكويكب آمون على يد كارولين ويوجين إم . شوميكر في 4 مارس/ آذار ،1986 في جبل مرصد بالومار ويقدر قطره ب 5 .2 كيلومتر، ما يجعله واحداً من أصغر الكويكبات المعروفة من النوع M-type Aten الذي يعني أن مداره يتقاطع مع مدار الأرض وبالتالي فإنه من المتوقع أن يكون من السهل الوصول إليه نحو عام 2020 .
ويعتبر الكويكب آمون ذا تركيب معدني مميز استناداً لطيفه الضوئي من النوع M لكن مقياس كمية الضوء المنعكس على سطحه أي درجة (النصوع) المشاهدة بواسطة الرادار غير متوافقة مع تكوينه المعدني في علم المعادن الفضائية .
وتشير الأرصاد الأخيرة التي أجراها الباحث ستيفن أوسترو وأعضاء آخرون بواسطة Asteroid Radar Group التابع لمختبر الدفع النفاث إلى أن كثافة سطح الكويكب (3554) آمون تبلغ أقل من جرامين/ سم مكعب علماً بأن هذه القيمة منخفضة جداً كي يكون هذا الكويكب معدني الطبيعة .
ويقول الباحث جون لويس أن خططاً لاستثمار هذه الثروة المعدنية تدرس حالياً وثمة آراء ترى عدم الحاجة إلى إحضارها إلى الأرض، بل يمكن الاستفادة منها في مكانها لبناء مركبات المستقبل الفضائية ما يسهم في توفير مقادير الوقود اللازمة لإطلاق هذه المركبات من الأرض والتغلب على جاذبيتها .
ويشير لويس إلى أن معدن البلاتين وغيره من العناصر النفيسة توجد بوفرة على بعض الكويكبات . ويشار إلى أن عنصر البلاتين ثمين جداً لوجوده بكميات قليلة على الأرض حيث يستخرج منه سنوياً مئات قليلة من الأطنان فقط في حين يوجد منه على الكويكب السابق نصف مليون طن .
ويحتوي الكويكب السابق مثلاً على ترسبات من البلاتينيوم تصل قيمتها إلى 12 تريليون دولار كما أن استخراج هذا العنصر وإعادته إلى الأرض عملية مجدية اقتصادياً .
وتعتزم وكالة "ناسا" العثور على كويكب مناسب يزن نحو 500 طن بالقرب من الأرض وتوجيهه إلى مدار القمر، ليصبح ميداناً للتجارب المتعلقة بتطوير تكنولوجيا استخراج المعادن في الفضاء .
أعد مشروع هذه المهمة بالفعل وتجري الاستعدادات لتنفيذه، وسيتوجه رواد الفضاء بحلول عام 2021 إلى الكويكب لجمع نماذج، ثم سيجري تطوير محطات تعدين أتوماتيكية .
وبعد وصول الشحنات الأولى من المعادن النادرة من الفضاء إلى الأرض، ستتوفر كميات أكبر من البلاتين والإريديوم ما سيتيح تطوير عدد كبير من التكنولوجيات الواعدة على نطاق واسع، ربما تصبح المعادن الثمينة مثل الذهب رخيصة كالألمنيوم الذي كان غالي الثمن في البداية، ثم انخفضت قيمته بعد اكتشاف عملية معالجة خام البوكسيت . من جانب آخر يقول العلماء أن القمر يحتوي على مقادير هائلة من وقود المستقبل النووي (هيليوم-3) الذي يمكن الحصول عليه عن طريق التفاعل الاندماجي الذي لا يولد أي نيوترونات قاتلة، ويعتمد ذلك على دمجه مع الديتيريوم . ومن المعلوم أن الهيليوم-3 نادر الوجود على الأرض لكنه يتوافر على القمر حيث ترسب على سطحه عبر مليارات السنين بفعل الرياح الشمسية .
ويشير العلماء إلى أن محطات الطاقة النووية تستخدم الانشطار النووي كوقود حيث تنشطر نوى بعض الذرات الثقيلة محررة الطاقة لكنها أيضاً تولد فضلات مشعة خطرة كما أن الاندماج النووي الذي يستخدم الهيدروجين ليوّلد طاقة هائلة يطلق نيوترونات قاتلة .
وأعلن علماء روس في عام 2006م عن خطط لتعدين الهيليوم-3 من تربة القمر، ويقول لورنس تيلور مدير المعهد الأمريكي لعلوم تربة الكواكب إن "القمر يحتوي على كمية هائلة من غاز الهيليوم 3" في طبقة الغبار التي تكسو أرضه على عمق خمسة أمتار تقريباً ويضيف تيلور أنه حين يمتزج هذا الغاز الدوتيريوم تحدث عملية الانصهار بدرجة حرارة مرتفعة جداً ويمكن أن تنتج عنها كميات هائلة من الطاقة .
ويشير تيلور إلى أنه إذا تم نقل كمية قدرها 25 طناً من الهيليوم بواسطة مكوك فضائي فإنها تكفي لتزويد الولايات المتحدة بالطاقة لمدة سنة كاملة لكن الأمور حسب رأي تيلور ليست بهذه البساطة فمن أجل استخراج الهيليوم 3 من تربة القمر، ينبغي معالجة الصخور على درجة حرارة تصل إلى 800 مئوية، كما ينبغي استخدام 200 مليون طن من التربة لإنتاج طن من هذا الغاز .
وأقر تيلور بأن تكنولوجيا الصهر لا تزال في مراحلها الأولى ومازال العلماء في مرحلة المختبر وبحسب الوتيرة الحالية التي تسير عليها الأمور، فسيستغرق الأمر ثلاثين عاماً . وأسف تيلور لعدم تخصيص أموال لمشروع من هذا النوع في الولايات المتحدة في حين أن "العالم سيواجه مشكلة هائلة بحلول العام 2050" مع نفاد موارد الغاز والنفط ودعا إلى "استباق الأمور" .
ويعتقد د .ج . لورنس من مختبر لوس الاموس الأمريكي أنه ينبغي أولاً قياس احتياطي الهيليوم -3 على القمر "بحيث نكون مهيئين حين تصبح التكنولوجيا فاعلة وتكون لدينا معلومات دقيقة كي نستخرجها من دون أية صعوبات . ويضيف "بإمكاننا حقاً استخدام الهيليوم 3 كوقود في المستقبل وهو ليس خطراً وليس الأمر إطلاقاً من نسج الخيال العلمي" .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"