الدرقية.. مشكلات كثيرة وشفاء مؤكد

توضح الدكتورة زينب صبري عبد الرؤوف، أخصائية الأمراض الباطنية، أن فرط نشاط الغدة الدرقية يعتبر من الأمراض الشائعة ونسبة حدوثه عند النساء أكثر من الرجال، حيث إن هناك عوامل تزيد من نسبة حدوث المرض، منها: العامل الوراثي، أي وجود أشخاص من أفراد العائلة لديهم أمراض الغدة الدرقية أوعوامل مناعية إذ لوحظ ازدياد ظهور الأمراض المناعية مع التقدم الحضاري والتمدن، كما أن هناك أمراضا مرتبطة ببعض الأمراض المناعية الأخرى التي ربما تصاحب حدوث فرط نشاط الغدة كمرض السكري من النوع الأول، مرض البهاق، مرض فقر الدم الخبيث.. وغيرها، وعندما نتحدث عن فرط نشاط الغدة الدرقية يجب أن نعرف أن هناك عدة أنواع منه، ويكون إما مصحوباً بزيادة كاملة في حجم الغدة، أو يوجد ورم مكور في أحد فصوص الغدة يبدأ بالنشاط المفرط، كما أن بعض الأدوية لها تأثير على الغدة الدرقية، منها التي تستعمل في بعض أمراض اضطراب نبض القلب أو علاج بعض الأمراض النفسية، ويقصد بفرط نشاط الغدة الدرقية هو الأعراض الناتجة عن زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية الذي يسمى T4 أو T3، وهذه الأعراض تحدث نتيجة تأثير الهرمونات على العمليات الأيضية في الجسم، ما ينتج عنه تسريع هذه العمليات الأيضية، ومنها تبدأ الأعراض التي تنقسم إلى أعراض ناتجة عن تأثير هرمونات الغدة على أعضاء الجسم وأخرى من تأثيرها على الجهاز العصبي السيمبثاوي.
أعراض وتشخيص

وتشير د. زينب إلى أن أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية الناتج عن تأثير الهرمونات على أعضاء الجسم، يتمثل في: خسارة الوزن مع ازدياد الشهية، العصبية والتوتر، قلة النوم، زيادة الحركة، خفقان بالقلب، تعرق اليدين، الشعور بالتعب والأعياء، إسهال، حكة أو طفح جلدي، تساقط الشعر، ويتم التشخيص عن طريق الأعراض الطبية التي يشكو منها المصاب، وكذلك بالفحص الطبي السريري للتأكد من أن القصة المرضية تابعة لفرط نشاط الغدة، ثم يتم عمل تحاليل طبية للفحص عن نسبة هرموني الغدة الدرقية وهرمون الغدة النخامية المحفز لها، بالإضافة لعمل تحليل لبعض مضادات المناعة الخاصة بالغدة الدرقية لتكمل التشخيص السريري والفحص الطبي، وفي بعض الحالات يحتاج الطبيب لطلب سونار للغدة أو أشعة نووية.
العلاج وأنواعه

وتؤكد د. زينب على أن علاج فرط نشاط الغدة الدرقية يعتمد على تخفيف أعراض زيادة نشاط الجهاز السيمبثاوي وأيضا على تقليل إنتاج هرموني الغدة الدرقية T3 وT4، وينقسم العلاج إلى:-
} العلاج بالأدوية، حيث تعطى أدوية مضادات مستقبلات الجهاز السيمبثاوي العصبي أو ما يسمى علمياً (Beta Blockers) للعمل على تقليل خفقان القلب والتوتر العصبي وتخفيف أعراض القلق، كما تعطى أدوية أخرى تعمل على تقليل إنتاج هرموني الغدة الدرقية وإفرازهما إلى مجرى الدم، ويتم الاستجابة للعلاج بعد فترة زمنية تصل إلى أكثر من أسبوع، يجب خلالها متابعة الفحص السريري، وفحص الهرمونات بعد فترة زمنية معينة، إذ إن التغيير في هرمونات الغدة الدرقية لا يظهر على الفور، ولكن يحتاج إلى عدة أيام لتظهر نتائجه، لذلك تكمن ضرورة إعلام المريض بالتحلي بالصبر حتى تبدأ الأدوية بالعمل وإعطاء النتيجة.
} العلاج باليود النووي الطبي، وفيه يتم تجهيز المريض، وإعطاؤه تعليمات معينة عند أخذ هذا العلاج من أجل تقليل بعض الأخطار على أفراد العائلة كالأطفال مثلاً.
} التدخل الجراحي، ففي حالات معينة يضطر الطبيب إلى تحويل المريض للجراحة لاستئصال جزء صغير أو كبير (حسب نوع الحالة) من الغدة ليتم معالجة فرط النشاط.
} يحتاج المريض فترة من الزمن إلى علاج بهرمون الغدة الدرقية لتعويض النقص في الهرمون الناتج عن العلاج، وخاصة عند العلاج باليود النووي أو الجراحة، حيث إن استعمال أي وسيلة من وسائل العلاج المذكورة تتطلب المتابعة وعدم الإهمال من أجل الحصول على أفضل النتائج وتقليل المضاعفات التي ربما تنجم عنها.
أورام الغدة الدرقية

وتفيد د. زينب أن أورام الغدة الدرقية تعد من الأورام النادرة، ولكن لوحظ ازدياد نسبة ظهورها بالفترة الأخيرة، حيث إن الورم يظهر بين عمر 40-50 سنة وينتشر أكثر بين النساء، ويتم الشك بوجود ورم في الغدة نتيجة كبر حجم الغدة الدرقية أو كبر حجم ورم مكور سابق بها، وتقسم الأورام حسب نوع الخلايا المكونة لها كالتالي:
} سرطان حليمي، وهو من الأنواع ذات العواقب الجيدة في المستقبل. يظهر بين عمر 30-50 سنة.
} سرطان مسامي، وهو أيضا من الأنواع ذات العواقب الجيدة في المستقبل، يظهر بين عمر 40-50 سنة.
} سرطان كشمي، ويظهر بين عمر 60-80 سنة، ذو عواقب متسارعة التطور وقابل للانتشار.
} سرطانات أخرى قليلة الحدوث، كالليمفوما.
أسباب أورام الدرقية

وتذكر د. زينب أن هناك عدة عوامل تؤدي إلى زيادة احتمال حدوث سرطان الغدة الدرقية منها عوامل بيئة لها علاقة بنسبة اليود في المنطقة، نسبة الإشعاع في المنطقة، تعرض الغدة الدرقية للإشعاع نتيجة العلاج بالإشعاع لمشاكل في الرأس أو الرقبة، أو عوامل وراثية تلعب دور في حدوث بعض أنواع سرطانات الغدة كالسرطان الحليمي والمسامي، ويتم التشخيص في العادة عن طريق خزعة تأخذ من مكان الورم ويتم تحليل النسيج في المختبر وإعطاء النتيجة النهائية، ويكون العلاج بمساعدة فريق طبي متعدد المجالات كــ:
} يحتاج المريض إلى استئصال الورم ثم متابعة العلاج حسب حجم الورم، وعندما يكون الورم مصحوبا بانتشار موضعي أو انتشار إلى مناطق أخرى بالجسم سيتم الاستعانة بالعلاج النووي الطبي باستخدام اليود المشع.
} يجب على المريض الالتزام بمواعيد الزيارة الدورية لبرنامج العلاج، إذ يحتاج بعد الشفاء المبدئي بالبقاء والاستمرار بمواعيد المتابعة الدورية، لاكتشاف تواجد السرطان في الغدة أو ما يجاورها من أجل التدخل المبكر، والاطمئنان بعدم رجوعه مرة أخرى.
} تعتبر أورام الدرقية من السرطانات ذات النتائج الجيدة على المدى البعيد ولتحقيق هذا الهدف يجب إبقاء المريض على علم بما يحدث، طرق العلاج، آلية المتابعة.
قصور الغدة الدرقية

وعن قصور الغدة الدرقية تبين الدكتورة شهدان حسين، أخصائية الطب الباطني، أنها من الغدد الصماء أي تفرز هرموناتها مباشرة إلى الدم بدون قناة، وهي تتحكم في عمليات الأيض الحيوي (الطاقة) لكل خلايا الجسم بمعنى أنها تدخل في عمل كل خلية بالجسم، وتقع الغدة الدرقية في الرقبة، أمام القصبة الهوائية أسفل تفاحة آدم، تتكون من فصين، وتحتوي على خلايا خاصة تقع في بطانتها تدعى الخلايا الكيسية، وهذه الخلايا هي المسؤولة عن إفراز هرمونات الغدة الدرقية (الثيروكسينT4 وثلاثي يود الثيرونين3T)، وتختلف أعراض قصور الدرقية من مريض لآخر وتتدرج على حسب معدل نقص الهرمون، وهناك حالات لا توجد لها أي أعراض وفي حال ظهورها تكون غير واضحة وتتقدم ببطء ويتم تشخيصها من خلال إجراء الفحوصات العامة، ويعاني المريض من قلة الشهية، مع زيادة في الوزن، تعب، ضعف عام في الجسم، تساقط الشعر، جفاف وشحوب الجلد، الشعور بالبرد، تقلصات العضلات وآلام في العضلات المتكررة، الإمساك، كآبة، فقدان الذاكرة، وتقسم مسببات هذا المرض إلى ثلاث مجموعات أساسية:-
} قصور الدرقية الأولي، حين تعجز الغدة الدرقية عن إنتاج الهرمونات بسبب عوامل ما أصابت الغدة بضرر.
} قصور الدرقية الثانوي، حين يتضرر إنتاج هرمون الموجّهة الدرقية، (ثيروتروبين في الغدة النخامية)، وهو هرمون المراقبة الخاص بالغدّة الدرقية.
} قصور الدرقية الثالثيّ: حين يتضرر إنتاج الهُرمون المُطلِق لمُوَجّهَة الدرقية في الوِطاء (هيبوثالامُس)، وهو هرمون المراقبة الخاص بالغدّة النخاميّة.
تشخيص القصور

توضح د.شهدان أن أهم خطوة في التشخيص هي التاريخ المرضي للمريض والكشف السريري، ثم بعد ذلك تأتي الفحوصات المختبرية لمستويات هرمون منبّه الدرقية TSH الذي يتم إنتاجه في الغدّة النخاميّة ويحفز إنتاج هرمونيّ الغدة الدرقية T3 وT4، وهو يعتبر أفضل اختبار أولي لفحص قصور الدرقية، وفي بعض الأحيان يتم فحص مستويات هرمون منبّه الدرقية ثانيةً بعد عدة أسابيع للتأكيد، وعندما تشير الفحوصات إلى ارتفاع مستوي هرمون منبه الدرقية، يقوم الطبيب بعد ذلك بفحص مستوى هرمون الثايروكسين T4 لتأكيد التشخيص، بالإضافة للأجسام المضادة التي تساعد على معرفة السبب في قصور الدرقية، كما أن تشخيص قصور الدرقية دون تحسس، أو وجود أي كتل لا يتطلب تصوير للغدة، ولأن هناك نسبة ارتباط بين قصور الغدة الدرقية وبعض الأمراض يتم عمل فحوص أخرى مثل: مستوى الكولسترول والسكر ووظائف الكبد وفحص الدم العام للتأكد من عدم وجود أنيميا وفحوصات أخرى يحددها الطبيب على حسب كل مريض.
العلاج بالهرمون

تذكر د. شهدان أن علاج قصور الغدة الدرقية يتم بتناول أقراص تحتوي على هرمون T4، مرة واحدة كل يوم، حيث تتلاءم الجرعة بحسب استجابة المريض وتحسن الأعراض، مع متابعة الفحص المتكرر لنسبة الهرمونات، وفي معظم الحالات يستمر العلاج مدى الحياة، ماعدا في حالات بسيطة مثل قصور الدرقية المصاحب للحمل نتيجة التهاب مؤقت في الغدة، وعند بداية العلاج يوضح للمريض أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية الذي ربما تحدث أثناء العلاج، وفي هذه الحالة يوصى المريض باستشارة الطبيب مباشرة لعمل الفحص وتقليل الجرعة.
وتستكمل: بالنسبة للعلاج الوقائي، يستعمل اليود في بعض المناطق المعروفة بانتشار نقص اليود، كما يوصى بإعطائه لبعض الفئات التي تعتبر أكثر عرضه لنقص اليود كالنساء الحوامل، ويتم ذلك من خلال استعمال الملح المعالج باليود، كما يجب على المريض عمل متابعة دورية مع الطبيب لعمل الكشف الدوري للتأكد من الجرعة عن طريق عمل الفحوصات، وفي حالة السيدات الحوامل يوصى بعمل متابعة دورية، وفي أغلب الأحوال يوصى بزيادة الجرعة عند حدوث حمل لزيادة الاستهلاك من الأم والجنين، ومن المعروف أن الحمل يؤدي إلى تغيرات واضحة في وظائف الهرمون الدرقي، فيزداد حجم الغدة بنسبة 50% وتزيد الحاجة لليود، ومن المهم أيضا متابعة الجنين أثناء الحمل وعمل فحص الهورمون بعد الولادة إذا كانت الأم تعاني من قصور الغدة الدرقية.

مبنى الغدّة

التهاب الغدّة الدرقيّة يكون مزمناً مصحوباً بتضخّم الغدّة الدرقيّة، وهو يشّكل السبب الأكثر انتشاراً لقصور الدرقيّة، وينجم هذا الداء عن وجود التهاب مستمر يؤذي مبنى الغدّة وأداءها الوظيفيّ، وينشأ بفعل مضادات يتم إنتاجها في الجهاز المناعي لدى المريض، فتهاجم الغدّة وتؤدي إلى إتلافها بشكل تدريجي لا يمكن منعه أو وقفه، وهذا المرض وراثي، يمكن أن يصيب أكثر من فرد واحد من أبناء العائلة الواحدة، كما ينتشر التهاب الدرق بين النساء أكثر من الرجال (بنسبة 4 لـ 1 ولدى المسنين بنسبة 8 لـ 1)، ويظهر هذا المرض في أي مرحلة من العمر، ويزداد احتمال ظهوره مع التقدم في السن.