كريمة نايت: أحمل صورتنا العربية الجميلة إلى العالم

أصدرت ألبومها الأول بالفرنسية لتصل برسالتها إلى الغرب
13:17 مساء
قراءة 6 دقائق

كريمة نايت مغنية وراقصة وممثلة جزائرية، حازت على شهادة من الكونسرفاتوار الوطني في الجزائر، أقامت وعملت في القاهرة، ثم انتقلت إلى أوروبا حيث تعمل اليوم . أصدرت ألبومها الأول باللغة الفرنسية بعنوان quoi d'autre ماذا بعد؟ الذي تم إنتاجه في السويد وجمع شخصيات مختلفة، تتكلم كل واحدة منها بدورها لتسرد لنا قصتها . هو صورة من الواقع الذي نعيشه والذي قد يتبعه ألبوم ثان وثالث لأن قصصنا ومعاناتنا لا تنتهي في الوطن العربي، كما تقول في هذا اللقاء الذي أجريناه معها . .

كيف ترين ألبومك الأول وهل صببت كل طموحاتك الفنية فيه، أم أنك تفضلين أن تعطي الجمهور فنّك على جرعات؟

أُفضّل أن أعطي الجمهور جرعات من فني، لأن أي عمل يقدمه أي فنان مهما علا شأنه، لا يمكن أن يأتي متكاملاً، خصوصاً وأني من النوع المتطلب دائماً . . فأنا ابنة المسرح الراقص الذي تعلمت منه العمل دائماً على تحسين النفس، لنستطيع إيصال رسالتنا بالشكل المطلوب . في هذا الألبوم عبرت عن مشاعر كثيرة خرجت من قلبي، فكان كمولودي الأول الذي حاولت الاهتمام به قدر الإمكان، والذي أحاول أن أُسمعه ليس فقط للعالم العربي، بل للعالم الغربي أيضاً . أرغب أن أُغيّر الصورة المغلوطة السائدة عن العرب لأن من واجبي أن أُصحّح هذه الصورة من خلال رسالتي الفنية . . ولكن إيصال فني للغرب وحده لا يكفي، لأنه يجب أن يصل لمجتمعي العربي الذي عشت فيه كفتاة وامرأة ومواطنة، أعيش معاناة داخلية، رأيتها ولمستها من حولي .

لذلك عنونت ألبومك ماذا بعد؟

بالتأكيد، هو سؤال كبير سيبقى ملازماً لكثير من شعوبنا العربية في ظل القهر الذي تعيشه لدرجة أننا كرهنا سماع المزيد من الأخبار السلبية في مواجهة القليل من الإيجابيات . لذلك أردت أن أتكلم عن هذه الأوضاع وأن أكون متنفساً للشعوب بطريقة شاعرية جميلة، تدخل إلى القلوب .

لماذا لم تحاولي ترجمة أحاسيسك من خلال عمل استعراضي مثلاً خصوصاً وأنك ممثلة وراقصة؟

لأني أؤمن بالاختصاص، وأحترم فن الطوبوغرافي الذي يُعتبر فناً قائماً بذاته في أوروبا ويقوم على دراسة وفكر وتجربة، بينما في العالم العربي يتم الخلط . لقد عملت كراقصة في دار الأوبرا المصرية وفي الجزائر، حيث رأيت كل من هبّ ودبّ يسمي نفسه فناناً لمجرد أنه قدّم ثماني حركات على المسرح وعبّر فيها عن شيء . . يجب احترام الاختصاص وأصحابه، فأنا أتعامل مع أهل الاختصاص، وأحاول أن أوصل ما يريدونني أن أوصله من خلال لوحاتهم، ولكن بطريقتي .

هذا ما قصدته بسؤالي، لماذا لم تتعاوني مع أحد في عمل مسرح استعراضي تتجولين فيه في الدول العربية؟

أنا بصدد العمل على استعراض من هذا النوع مع عدد من راقصي الفلامنغو في سويسرا والقيام بجولة على عدد من العواصم، وفي هذا السياق أعمل على استضافة الجزائر لهذا العمل الذي يمزج بين الحضارة الإسبانية والحضارة العربية من خلال الأندلس، أتمنى أن يُعرض هذا العمل في العالم العربي، خصوصاً وأنه يتضمن نصاً وغناءً عربياً، وفيه مزج بيني وبين مغنية أوبرالية كلاسيكية من سويسرا . وبصراحة أُحاول إيصال صورتنا العربية الجميلة إلى كل العالم . صحيح أنني أعيش في أوروبا، لكن نشأتي كانت في الجزائر، وعشت فترة طويلة في مصر، وذهابي إلى أوروبا كان خدمة لمشاريع الرقص الخاصة بي .

أذهبت إلى أوروبا لأنهم يقدّرون الفن أكثر، أم لأن هناك تقنيات أكثر تخدم فنك؟

لن أُحاول إخفاء الشمس بالغربال، الحقيقة تُقال، لا شك أن الغرب يمتلك مواهب وتقنيات تتصدر الأفيشات الكبرى، لقد لاحظت من خلال ألبوم ماذا بعد، موجة تغيير جديدة في العالم العربي، الأمر الذي بعث السرور والتفاؤل بنفسي، فأنا رغم كوني فنانة غير معروفة في لبنان، وأُقدّم فناً مختلفاً عن السائد، خصوصاً بعد أن سادت موجة الرأي في الشرق الأوسط، واحتل الفن التجاري مساحة كبيرة، إنما فوجئت بجمهور يريد أن يسمع فناً جديداً، الأمر الذي يعني بأن الاتجاه للتغيير نحو الأفضل بات قريباً .

كم نحن قادرون على التغيير؟

إذا كانت الذهنية السائدة باقية، فسنأخذ وقتاً كثيراً لتحقيق التغيير المطلوب . أنا متفائلة ولو كان لدينا عدد قليل ممن يبذلون جهوداً نحو الأفضل على الرغم من القيود المتوارثة .

متفائلة بالثورات التي يمكن أن تشمل كل القطاعات؟

كان لابُد من هذه الثورات في بعض البلدان . تعبير الجمهور عن حقه ضرورة، ولكن البعض لا يدرك تداعيات الثورات والوقت اللازم لإعادة الهيكلية، لذلك يجب أن نجتهد لتحسين أنفسنا، ويجب أن يكون التغيير داخلياً قبل أن يكون خارجياً، وهذا ما يجب أن نعوّل عليه .

في ألبومك ماذا بعد دعوة الناس للثورة والتغيير؟

بالتأكيد .

هل تعتقدين بأن الفن يمكن أن يغيّر واقعاً؟

إلى حد كبير، لأنه يحمل رسائل مباشرة وغير مباشرة يمكن أن ترسخ في أذهان الناس، فيعيدوا التفكير بمواقفهم، وهذا بحد ذاته خطوة نحو التغيير .

لكن الفن المتداول أفسد ذوق الجمهور . هل تعتقدين بأنه من الصعب إصلاح ما فسد؟

أعرف بأن الأمر صعب، خصوصاً أن القنوات الإعلامية لا تدعم الفن الحقيقي، لكن هناك وسائل أخرى مثل المسارح، ولهذه الغاية وُجد المسرح الحرّ والموسيقا الحرّة، وهو موجود في لبنان، ومصر، والجزائر، وقد تخرّج منه فنانون حقيقيون يقيمون توازناً، وأنا واحدة منهم . وأكثر، يمكننا العودة لأيام الفنانة إديت بياف، حيث كان الفنان يخرج للشارع ويغني فيه . لقد فوجئت ب مهرجان الشارع وتلك وسيلة أهم من مرور عابر عبر شاشة التلفزيون، وإن كانت تحتاج لبعض الوقت . اليوم يضم الجمهور 20 شخصاً، وخلال ستة أشهر قد يتضاعف العدد مرات، فتزداد أهمية المهرجان وأمثاله . .

هل يمكن أن تصوري أي أغنية بطريقة الفيديو كليب، وأن تسعي لعرضها عبر قنوات ميلودي أو روتانا أو غيرهما؟

لا أعتقد بأن هذه القنوات يمكن أن تُبدي استعداداً أو شجاعة لعرض أعمالي بعدما سمعت ما قال أحدهم، كريمة ليست من العالم العربي . أنا لا أبحث عن قناة لا تعترف بالفنانين العرب، وعلى أي أساس سأفعل هذا؟ خصوصاً أن منطقهم تجاري بحت . أحترم أجواءهم الخاصة، إنما أنتقدها في الوقت نفسه لوجود من هب ودب فيها حيث يتم التركيز في الكليبات على الصورة بدل الموهبة والصوت .

لا يمكن أن ننكر بأننا نعيش عصر الصوت والصورة؟

بل عصر صورة أولاً ثم صوت، هذه الظاهرة التي سادت زلزلت الساحة الفنية، أين الطرب المصري على سبيل المثال؟ لا أتحدث عن الجيل القديم الذي أرسى قواعده، بل أعني الجيل الجديد الذي حاول اللحاق بمن سبقه في الأعمال الطربية فوضع جانباً على الرف .

هل هذا يعني أنك لن تصوري أي أغنية؟

بل سأُصوّر، ولكن بشروط محدّدة وخيارات خاصة ومع أناس مقتنعين بطبيعة فني، وقد بدأت بالفعل الحديث مع مخرج إيراني يقيم في السويد وآخر سويسري اقترح عليّ القيام بالمبادرة وأظن أنه سيشكل انقلاباً على الكليبات العربية يفوح منها الفن ولا تعتمد فقط على الصورة والجسد .

ولكنك لن تغفلي فيه لغة الجسد؟

بالتأكيد، لأن هذه اللغة جزء من كياني الفني، وستكون تعبيراً عن مشاعر ولوحات حقيقية وليس صورة اصطناعية لا لزوم لها .

لديك تجارب في الكتابة والتلحين، فهل ستبقينها في إطارك الشخصي؟

أنا منفتحة على أي تعامل مع أي فنان أو فنانة، ومع الكتّاب والملحنين . . تجربتي في الكتابة ليست جديدة ولكن فتحي سلامة هو الذي أطلقها للعلن . . ربما سيكون لي محطات جديدة معها في ألبومي الثاني فأتعاون مع شعراء وملحنين وفق خيارات دقيقة جداً .

تأخذين آراء من حولك أم تتقيدين بقناعاتك؟

المشورة ضرورية، لكنني أملك وعياً كبيراً لما أريد قوله . . وبالتالي لا يمكن أن أقدم عملاً غير مقتنعة به . . لو أردت أن أكون كذلك لما رفضت منذ زمن أن أكون ماجدة الرومي الجزائرية، أردت أن أكون كريمة فقط .

تركزين اليوم على الغناء فقط؟

صحيح أن الألبوم استغرق الكثير من الوقت لإنجازه ولكني في الوقت نفسه لم أترك الرقص أبداً، وبالنسبة للسينما، لم يكن لي تجارب كثيرة فيها . بل خضت تجربتين الأولى في الجزائر حيث قدّمت فيلماً يحكي معاناة راقص توفي بالسرطان وظروف معيشته ونظرة المجتمع الرافض له، وفي عام 2004 أديت بطولة فيلم وثائقي روائي شكّلت تجربة جميلة جداً بالنسبة لي، واليوم لديّ عرض من السيناريست الجزائري أنيس جاد، عن حياة راقصة، قد أعود إلى السينما من خلاله .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"