مخاوف المثقف العربي بين انتكاسة “الربيع” وصعود التطرف

أسئلة واقع ملتبس وسريع التحول
04:32 صباحا
قراءة 10 دقائق
القاهرة، عمان، بيروت، نواكشوط -"الخليج الثقافي":
تنتاب المثقف العربي مخاوف عدة وتدور في هواجسه أسئلة كثيرة شائكة حول مآلات المشهد الثقافي وحتى السياسي والاجتماعي في خضم الصراعات الميدانية والفكرية القائمة لاسيما بعد فشل ما أُطلقَ عليها "ثورات الربيع" في حصد نجاحات التغيير البريئة،وارتداد ذلك سلباً في ظهور قوى متطرفة تحاول إحكام السيطرة وفق مفاهيم لا تلتقي مع الإبداع . ما مخاوف المثقف العربي؟ وما الأسئلة الأكثر قلقاً التي تسيطر عليه؟ وكيف يرى انعكاس الأوضاع القائمة على الحالة الإبداعية عموماً؟ أسئلة طرحها "الخليج الثقافي" على عدد من المثقفين العرب في الاستطلاع التالي:
يقول الشاعر يوسف عبد العزيز: هناك مخاوف كبيرة وكثيرة تسيطر على المثقف العربي في ظل تداعيات "ثورات الربيع العربي" والإخفاق في حصد ثمار إيجابية لافتة، ويتجلى أبرز أوجه تلك المخاوف في انحصار المآل بين أنظمة ديكتاتورية من جانب وقوى سلفية رجعية من جانب آخر، وفي الحالتين، فإن النتائج مريرة مع تفاوت درجات انعكاس ذلك على الحالة الإبداعية التي تتسق مع مقومات مغايرة تماماً تريد تحوّلاً حضارياً حقيقياً بعيداً عن تخلف الماضي وديكتاتورية الحاكم العربي .
إن العودة إلى التاريخ العربي المعاصر منذ البداية تشي بأن الأمور لا تبشّر بنتائج مهمة لأن هذه الثورات قادها أو سطا عليها من يحسِبون أنفسهم على الدين بصورة خاطئة، فضلاً عن غياب شبه كامل للمثقف العربي وتأثيره الفاعل في المشهد لأن العديد من الدول رمت الثقافة الواعية والمنصفة في مجاهيل وزوايا النسيان وحاصرت هذه الثقافة وقمعتها واضطهدت المثقفين .
لقد تعاملت تلك الحكومات العربية المختلفة مع المثقفين بصورة غير منتجة للثقافة الحقيقية وصنعت ثقافات مُعوّقة ومُشوّهة غير قادرة على التغيير الحاسم، ولم تترك هامشاً صغيراً للمثقف حتى يصل إلى جمهوره كما في الدول المتقدمة، ونتج عن ذلك ثقافة مهدّمة، وكان المثقفون العرب بين قسمين قلّة منهم "تُطبّل" وتُهادن للسلطة، وهناك مجموعات واسعة مُهمشة وما بينهما مجرد محاولات محدودة لا تصل غالباً كما يجب وفقاً لما تستحق .
القاص مفلح العدوان يقول: هناك مخاوف كبيرة من التغوّل على الحريات وإغلاق منافذ العمل التنويري وقد أصبح المثقف اليوم بين سندان الأنظمة العسكرية ومطرقة التطرف الديني، لاسيما بعدما أدّى فشل "الربيع العربي" في السقوط فعلياً بين حدّين حادين، خصوصاً بعد ثبوت وجود مؤامرات كانت تُحاك جهة قيادة الأمور إلى غير مسربها الصحيح، وباتت الأسئلة "الملتبسة" تتعلق بعودة ذلك ضرراً على الحريات والتسامح وثقافة الوعي والتطور والاندماج في الحياة العملية .
إن نبتة "الربيع العربي" منذ بدايتها كانت تحيطها علامات استفهام، بعدما ظهر الحراك فجأة من دون إرهاصات وبوادر منطقية تشي بدخول المنطقة في خضم "دوامة" جديدة، وللأسف ثبت حياكة سيناريوهات أرادت أن تزج العالم العربي في أعاصير خطرة، لذلك ظل حضور المثفف العربي غير مؤثر بصورة لافتة، وإن كان المُتضرر الأساس عند مصادرة الحقوق والمكتسبات التي كانت قائمة حتى في عهد الأنظمة الزائلة .
الروائي هزاع البراري يقول: إن أكثر ما يثير القلق حالياً هو مآل التطرف الفكري والديني إلى الدخول في مأزق خطر، والعلّة المخيفة تكمن في إمكانية إنتاج جيل محسوب على الثقافة يقود زمام المستقبل إلى المجهول وفق نوازع غير معتدلة تهدم الحضارة، وتؤدي إلى فتح الباب على مصراعيه أمام قوى استعمارية .
ويضيف البراري: إن المخاوف لا تنحصر في الحاضر فقط، بل تتعداه بصورة أكثر خطورة إلى المستقبل وانهيار جيل كامل ثقافياً وفكرياً وإبداعياً في ظل تخبط المفاهيم، وهنا استحضر قولاً لأدونيس جاء فيه أن العرب ينقرضون من الناحية الفكرية والثقافية، ومازلت أعتقد أن ما حدث في الوطن العربي ليس "ربيعاً"، وإنما انقياداً صوب قوى دخيلة أخرجت الحراك من إطاره القومي .
الناقد زياد أبو لبن يقول: المثقف العربي يتابع جيداً ما يحدث حوله، وهناك سؤال يحمل قلقاً متزايداً حول مصير الحريات، سواء في ظل ارتداد تداعيات "الربيع العربي"، أو ظهور التطرف، وقد أصبح الواقع "ملغّماً" في كل اتجاه بحيث يخشى المثقف قبل كل شيء من انكماش الديمقراطية المتواضعة أساساً إلى حد السقوط في متاهات لا خلاص منها .
الروائية بسمة النسور تقول: هناك من سعى إلى إفشال "الربيع العربي" داخل الوطن العربي وخارجه ولا أعتقد أن التأثير آني ومباشر وواضح في المثقف العربي حالياً، لكن أكثر الهواجس تتعلق بإشكالية "التباس" المشهد وغموض وضبابية الأمور، بحيث لا يمكن قراءة المآل بصورة قريبة المدى .
إن أخطر ما ظهر وسط الوضع الراهن اصطفاف بعض المثقفين إلى أجندات تخدم قوى حزبية ذات عباءات دينية وتسيّد حالة الارتباك مفاصل رئيسية في المشهد والفعل الثقافي بحيث تضخّمت الأيدلوجيات، وأصبحت المواقف الحرة نادرة وغير ظاهرة بصورة عامة، إلاّ أن الأمل موجود حتى وإن استغرق وقتاً طويلاً .
يقول الإعلامي سماح إدريس: كلّما تعرّضتْ بلادُنا لتهديد جديد تساءلنا عن "دور المثقّف" . الواضح، في رأيي، أنّ مجرّد تكرار السؤال سنةً بعد سنة، وتهديداً إثر تهديد، يعني واحداً من أمريْن: إمّا أنّ "المثقف" لا يعي "دورَه"؛ وإمّا أنّه لا وجود أصلًا لهذا "المثقف" كشخص مميّز مكلف بلعب "دور" معيّن .
أميلُ إلى القول إنّنا نبالغ في إضفاء هالة التبجيل على "المثقف" . أصلًا، لا أعرف ما تعنيه الكلمةُ بالضبط، وهل "المثقف" إنسان مختلف عن المهندس أو الطبيب أو المناضل الحزبيّ أو العسكريّ . وفي كلّ الأحوال فإذا أبدلنا كلمة "مثقف" بتعبير "عامل في الشأن الفكري" (وهو ما أفضّله)، فإنّني أميلُ إلى القول بغيابٍ شبهِ كليّ عن الساحة العربيّة لصورة ذلك "العامل في الشأن الفكريّ" الذي يطرح المخاوفَ والتهديداتِ والحلول بشكل واضحٍ ومتوازنٍ ومتكاملٍ، وبالاستناد إلى معرفةٍ جيّدة بحال مجتمعه والإقليم والتطوّرات الدوليّة، بلا خوف أو حسابات ماديّة، وبلا ارتباط مصلحيّ بأيّ جهة رسميّة . نعم، نعاني اليوم، في الوطن العربيّ، غيابًا شبهَ كليّ لهذا "العامل في الشأن الفكريّ" الذي يوازن بين الحاجة إلى الديمقراطيّة والتصدّي للكيان الصهيونيّ وللإرهاب التكفيريّ معًا . لقد تحوّل أمثالُ هذا العامل إلى "واقعيين" يرسمون "الأولويّاتِ" ويحدّدون اتجاهًا واحدًا للبوصلة: "داعش" أولًا، بل "إسرائيل" أولاً، بل الاستبداد المحليّ، بل الإخوان، بل الاستعمار، ومع انتشار المنظّمات غير الحكوميّة زادت الأولويّات وتغيّرتْ، فإذا هي الآن: مقاومةُ الذكوريّة أولًا، بل محوُ الأمّيّة، بل الزواجُ المدنيّ، بل إعطاءُ الأمّ جنسيّتَها لأولادها، بل العدالة الانتقاليّة، بل . . .
وهكذا بات أكثرُ المثقّفين، بذريعة "الواقعيّة"، أقربَ إلى الأشخاص الحزبيين أو السلطويين ذوي الاتجاه الواحد . وتراجعتْ صورة العالَم الكليّ المنشود: العالَم الخالي من كلّ تسلّطٍ أو إرهابٍ أو تخلّف . وصار المناضلون من أجل فلسطين أو الديمقراطيّة أو محاربة التكفير أو تحرّر المرأة ينظرون بعين الريبة بعضُهم إلى بعض .
الباحثة ليلى بركات تقول: شخصياً لم أعول على الانتفاضات العربية حتى أصاب بأي خيبة أمل . انتفاضات "الربيع العربي" كانت مدفوعة وممسوكة من الخارج أو جرى احتواؤها من الخارج لاحقاً، وقد تكون تونس البلد العربي الوحيد الذي لم تؤد فيه الثورة إلى ضياع وفوضى . إنما إجمالاً هي ليست بالضرورة صناعة عربية ما يفيد أن حسابات الخارج لا تتلاءم مع أهداف الثورة . باختصار الانتفاضات العربية ليست صنيعة الشعوب ولا المثقفين . عدد منها أدى إلى حروب أهلية مثل ليبيا واليمن وسوريا، حيث المثقف مهمش ورأيه لا يغير أي شيء في موازين القوة . وقد يكون هذا هو الدافع ذاته لإعادة صياغة دور المثقف وتجديده .
بالنسبة إلى لبنان الذي بالضرورة يتأثر بمحيطه العربي وهو يعاني انقساماً حاداً على كل المستويات ما يفيد بأن المثقفين اللبنانيين لم ينجحوا في إعادة صياغة دور المثقف وتفعيله .
الشاعر ناجي محمد الإمام، رئيس مجلس إدارة بيت الشعر في نواكشوط، يقول: "يبدو لي بعد كل اللغط الذي صم آذان الشعب العربي بقصد بلقنة عقله العروبي الجمعي وتشويش ذاكرته الواحدة أنه يجب تحديد المفاهيم الثقافية وتصحيحها" .
وأمام هذا الوضع الرهيب يقف المثقف العربي مغلول اليدين مقيد الرجلين مكمم الشفتين بسبب الراهن الأسود في أغلب البلدان الواقعة في دائرة الظلام، فهل ستوفر الدول العربية المستقرة حتى الآن والمهددة بزحف قوى الظلام مناخاً تنويرياً وملاذاً آمناً للعقل العربي الحديث ومنطلقاً لدعوة الإبداع لمشروع النهوض والترقي؟ سؤال برسم المثقف والحاكم" .
المفكر والباحث الموريتاني محمد ولد أحظانا، يقول "في الحقيقة يعاني المثقف العربي ظاهرة تبدد الرؤية حول الواقع الثقافي العربي تؤثراً بتشتت مكونات الواقع العربي عموماً، من اهتزاز للثوابت وارتياب في المتداول، وتفريط في الحاضر، وتبذير للمتاح، وعدم رشد عام .
وفي حقيق الأمر لما لم تتحكم النخبة القافية في مسارات الحراك ابتداء فقدت التحكم فيه خلال أي محطة من محطاته . وسيطرت رؤية السفهاء بالمعنى الحضاري، أياً كان مصدر ذلك السفه . وعدم المسؤولية والعمى الجماعي . وبالتالي فإن الراهن الاجتماعي والسياسي والثقافي والحضاري والفكري يعاني ضبابية وتبخر تملأ الجو برذاذ الشتات والتحلل .
الروائي الموريتاني والوزير السابق محمد ولد أمين، يقول: "الانحرافات الخطرة للتحولات السياسية في أغلب الدول العديدة أظهرت أن الشعوب العربية لديها مشكلة بنيوية وجسيمة وهي مشكلة قوى الانكفاء والاندحار والرجوع إلى الوراء، هذه القوى تبني نظريات شعبوية تستلهم الماضي النير للأمة الإسلامية، وتختزل سبب كل التحديات في مسلمة واحدة ووحيدة مفادها أننا تركنا الإسلام الصالح فحل بنا البلاء" .
الحقيقة التاريخية ليست بهذه البساطة، ووضعنا الحالي يبشر بكل الخير، بل نحن الآن فيما يجب أن يكون أبهى الأزمنة العربية بسبب المصادفات الكبرى التي تقاطعت في زمننا هذا وهي: الثورة الديموغرافية العربية، وجود ثروات طبيعية تشبه الكنز على الأراضي العربية وتراكم غير مسبوق في العلوم والمهارات في جل الدول العربية .
إن المثقف العربي لم يقم بدوره في وجه القوى الظلامية، بل فضل دوماً مهادنتها والاستقواء بها في وجه الأنظمة الاستبدادية، وربما لهذا السبب خسرنا المعركة لأنها معركة مزدوجة ضد الاستبداد من جهة والظلامية من جهة أخرى، وهذا ما يفسر العثرات المتكررة في كل تجارب النهوض .
ويرى د . علي مبروك، أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة، أن أهم تحد يواجه المثقف العربي، هو أن يكون قادراً على فتح الباب لتجديد خطاب فكري عربي جديد ينقلنا من منطق القوة التقليدية، إلى خطاب الحق، هذا هو التحدي الذي يجابهه المثقف العربي، موضحاً أن هناك حالة ارتباك في المشهد العربي ترتبط بعدم تخمر خطاب جديد، وحتى نصل إلى صياغة هذا الخطاب سيستغرق الأمر فترات زمنية طويلة .
ويضيف: هناك انبثاق لحركة نقدية للخطاب التقليدي، وهذه الإرهاصات النقدية على درجة كبيرة من الأهمية، وعلى المثقف أن يستكمل مهام التجديد، فالنقد ليس بمعنى الهدم، ولكن بفهم الحدود التي تتحرك فيها الخطابات، من أجل حدود جديدة، فنحن لم نسيطر على الماضي بعد، هذا الماضي بحاجة إلى سيطرة وإذا ظللنا على هذه الحالة سنخسر كثيراً، كما أننا بحاجة إلى امتلاك الماضي معرفياً، فالسيطرة عليه تمكننا من وضعه في حدوده .
ويتساءل د . مبروك: كيف ينزل المثقف إلى الشارع؟ المطلوب أن يُحدِث تأثيراً في عقل النخبة نفسه، نعم مطلوب منا أن نحدث خلخلة في فكر الجماهير، لكن التأثير في عقل النخبة يجب أن يكون أولاً، لأن بقاء عقل النخبة على حاله، يجعلنا نعيد إنتاج البضاعة الفكرية ذاتها، المشكلة أن عقل النخبة اختزالي، يختزل الظاهرة في عامل واحد .
ويضيف مبروك: أعتقد أن الخطابات حول التنوير والنهضة والإصلاح وغيرها كلها تنويعات على خطاب واحد، يتقنع خلف كل هذه الأقنعة، وأنا أرى أن النهضة الحالية في مصر والوطن العربي لم يكن بها التنوير الذي نريده، ولذا، فإن الناتج الخطر هو ما نجده من "داعش" وأمثالها، وعلينا أن نضع هذا الخطاب تحت منظور النقد، ونسائله: لماذا لم ينتج؟ لماذا أعطانا كل هذه الظلامية التي نشاهدها في الوطن العربي؟ نحن بحاجة إلى ضبط المفاهيم التي نتعاطاها، هل الخطاب هو المسؤول عن الأزمة التي نواجهها الآن؟
ويؤكد د . مبروك أنه لا سبيل إلى الخروج من هذه الأزمة إلا بالخروج إلى أفق تنويري أكثر رحابة .
ويرى الناقد السينمائي، محمود قاسم، أن معظم الثورات العربية غير مكتملة، وبعضها ليس ثورات حقيقية، مشيراً إلى أن هذه الثورات أحدثت تغييراً طفيفاً، لكن أغلبها حتى الآن ما زال في مرحلة عنف، كما في سوريا والعراق واليمن .
وعن موقف المثقف في ظل ما يدور حوله، يقول: إن المثقف اكتشف أنه في الأغلب مع السلطة الحاكمة، التي تريد أن يكون المثقف تابعاً لها، هناك أسماء تجدها تتكرر بتكرار الزعيم، ويكرس لهم الإعلام، بعضهم يقيم مؤتمرات ويحصل على جوائزها، هناك مثقفون حقيقيون ينعزلون، والمشكلة تكمن في الذهنية العربية .
ويؤكد المخرج المسرحي محمد عبدالخالق أن المثقف العربي وجد نفسه في أزمة حقيقية بعد هذه الثورات، فإما أن يظل في مكانه، وإما أن يشارك بفاعلية في الأحداث، وبوجه عام فهو في الواجهة، وعليه أن يكون قادراً على التغيير بما يمتلكه من مخيلة وثابة وتمرد، عليه أن يضع رؤى للمستقبل تأخذ بالواقع إلى الأمام، فلم يعد هناك مكان للعزلة أو التكاسل، وعلى المثقف أن يندمج في المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، ليقدم ما يراه صالحاً لتغيير المجتمع إلى الأفضل .
ويؤكد د . غيضان السيد علي، أستاذ الفلسفة في جامعة بني سويف، أن التحديث الثقافي هو نقطة البدء الحقيقية في مواجهة تحديات العصر، لأنه يمثل جوهر المنظومة الإصلاحية ككل، ومن ثم يجب علينا أن نضع أيدينا على لوازم التحديث الثقافي فيكون شعارنا فيما بعد الثورة "من هنا نبدأ" أي من ذلك الإصلاح الثقافي، ومن دون امتلاك الجميع رؤية واضحة، واقتناعهم بضرورة سيادة قيم العقلانية والعلم في كل نواحي حياتنا، لن يكون الطريق ممهداً أمام أي تحديث، كما يصبح ذلك التحديث - في الآن نفسه - هو رهاننا الوحيد لدخول المستقبل بخطى راسخة .
ويضيف أن آليات التحديث الثقافي لمصر وللأمة العربية تكمن في ضرورة توافر إرادة سياسية، ونخبة تقود الأمة نحو ثقافة التقدم، فالتحول يأتي دائماً من أعلى .
ويولي غيضان إصلاح العملية التعليمية أهمية كبيرة، كذلك الاهتمام بثقافة الحوار وتقبل الآخر، والتوفيق بين الوافد والموروث، فلا نرفض الآخر كليةً، ولا نتحصن داخل التراث وننغلق على ذواتنا ولا نقبل أيضاً بالتلفيق، نحن الآن في مرحلة متغيرة، والمثقف يمتلك كثيراً من الآليات التي تمكنه من العمل في الإطار الجماعي، وأن يقود الجماهير نحو أفق مستقبلي من الوعي والمعرفة واستخدام العقل، ومواجهة أي مشكلة بأسلوب علمي، فضلاً عن الحرص على حرية الإبداع، وعدم الجمود، والقدرة على تجديد الفكر باستمرار، وعدم الركون إلى الماضي، وخوض غمار تجارب جديدة في كل المجالات مع عدم الخوف من الفشل .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"