البولينيزيون.. شعب مغرم بالزينة والوشم

عالم غريب
12:59 مساء
قراءة 4 دقائق

قبل الحديث عن البولينيزيين الذين يقطنون جزر المحيط الهادي يجدر الحديث أولاً: عن تقسيم هذه الجزر بشيء من الاختصار، فجزر المحيط الهادي تسمى أيضاً أوقيانوسيا وهو الاسم الذي يطلق على عدة آلاف من الجزر المتناثرة في المحيط الهادي حيث لا يعرف أحد على وجه الدقة عدد الجزر الموجودة في هذا المحيط، لكن الجغرافيين يقولون: إنها تتراوح ما بين 20 و30 ألف جزيرة.

ويقسم الباحثون جزر المحيط الهادي إلى ثلاث مناطق رئيسية: ميلانيزيا أي الجزر السوداء، وميكرونيزيا أي الجزر الصغيرة، والبولينيزيا ومعناها الجزر الكثيرة. ويعتمد هذا التقسيم على جنس وثقافة السكان الأصليين وكذلك على الطبيعة الجغرافية لهذه الجزر.

يشير علماء اللغة إلى أن اسم بولينيزيا مشتق من اليونانية فالشق الأول بولي يعني كثير أما الشق الثاني نيزوس فيعني جزيرة والكثير من الجزر عبارة عن حِمم براكين مغمورة تحت الماء وهناك غيرها من الشعب المرجانية الدقيقة وأشهر الجزر في بولينيزيا هي هاواي وشاموا وتونجا كما أن هناك جزر سوسيتيه وماركيزاس وكوك وايستر المعروفة بتماثيلها والمناخ فيها استوائي أو مداري تلطفه الرياح المحملة بالرطوبة التي تهب من المحيط كما تتميز بشواطئها البيضاء المتلألئة وبأشجار النخيل المتمايلة.

أصل البولينيزيين

أما عن أصل البولينزيين فالعلماء حائرون لكن بعد دراسة وتمحيص تبين لهم أن أول موجة من المستوطنين وصلت إلى جزر المحيط الهادي كانوا من ذوي البشرة الداكنة وذلك منذ أربعين ألف عام على الأقل كما يتوقع هؤلاء. ومنذ ما يقرب من الخمسة آلاف عام وصلت موجة ثانية من المهاجرين، كان لون بشرتهم أفتح وملامحهم آسيوية وهؤلاء انتقلوا فيما بعد إلى ما يسمى حالياً الجزر البولينيزية وأصبحوا أسلاف البولينيزيين.

والواقع أن كل ما يعرف عن البولينيزيين أنهم قوم طوال القامة، شعورهم داكنة مموجة وعيونهم واسعة بنية. ولم يعرف أحد شيئاً عن السفن التي حملت هؤلاء إلى هنا لأن ليس للبولينيزيين أنفسهم تاريخ مكتوب لكنهم اعتادوا تحفيظ أبنائهم عن ظهر قلب قوائم طويلة تحوي أسماء وأفعال أسلافهم. وتضم هذه الدروس قصص رحلات قطعها الأقدمون إلى نيوزيلندا بل إلى داخل جليد القطب الجنوبي.

وثمة نظريات تقول إن البولينيزيين جاؤوا من الهند عن طريق إندونيسيا في حين يرى العالم النرويجي ثور هيردال أن مقدمهم كان من بيرو في أمريكا الجنوبية ناقلين معهم حضارة أقدم من حضارة الأنكا، أو أنهم جاءوا من قارة آسيا عن طريق جزر كارولين.

ويشير العلماء إلى أن ملامح البولينيزيين لا سيما سكان مجموعات جزر الساموا وتونجاو وهاواي الذين يتمتعون بأجسام قوية وعظام بارزة، تعود إلى أن الزيجات التي كانت تتم بين سكان هذه الجزر والمستوطنين الآسيويين والأوروبيين، كانت أكثر انتشاراً في منطقة البولينيزيا منها في المنطقتين الثقافيتين الأخريين (ميلانيزيه وميكرونيزيه)، ونتيجة لذلك أصبح للكثير من البولينيزيين الذين اختلطوا مع الآسيويين والأوروبيين صفات جسمانية مميزة.

عادات وتقاليد

يسكن البولينيزيون بيوتاً على شكل أكواخ مستطيلة الشكل إلا في جزيرة الساموا فالأكواخ فيها مستديرة غالباً. وتدعم هذه الأكواخ أعمدة خشبية قوية ويغطي أسقفها العشب وسعف النخيل، أما الجوانب فمصنوعة من الحصير. واليوم يعيش الكثير من البولينينيزيين في منازل على النمط الأوروبي أدخلها إلى الجزر الأجانب الذين استقروا فيها. ويصنع الحصير عادة من جوز الهند كما تستخدم قحوف جوز الهند لشرب الماء.

أما عن ملابس البولينيزيين فبسيطة جداً بسبب المناخ الدافئ واعتاد الرجال ارتداء ثوب يغطي الوسط أما النساء فيرتدين تنانير مصنوعة من شرائط أوراق الشجر والأعشاب.

ويتميز البولينيزيون بأنهم يحبون الزينة دائماً وخاصة تزيين شعورهم، ولذا ينتشر فوق جزر المحيط الهادي، رجال يحملون أمشاطاً من الخشب ومن العظام تزخرفها أصداف اللؤلؤ، أما الوشم الذي يطلق عليه اسم التاتو فقد اشتق من البولينيزيه (تاتو) وهو الفن الذي ظل شائعاً في المنطقة.

اعتاد البولينيزيون الطعام النباتي ويتكون من اليام والتارو (جزور نباتية) والبطاطس الحلوة وجوز الهند والموز وثمار الخبز. وقبل وصول المستكشفين الأوائل وجلبهم للفخار كان البولينيزيون يطهون الطعام بلفه بأوراق الشجر ووضعه في حفرة تملؤها الأحجار الساخنة، ومازالت هذه الطريقة مستخدمة إلى الآن.

وثمة عادة عند البولينيزيين تتمثل في شرب (الكافا) المصنوعة من جذور الفلفل التي تمضغ وتهرس وتغمر في الماء ثم تعصر وذلك في كل مناسبة مهمة. ومن المعتقد أنها ذات أصل ديني. ويتناول البولينيزيون السمك بكل أنواعه كباراً أو صغاراً والكل يصنع لنفسه أدوات صيده الخاصة به بدءاً من الشباك والحبال وحتى الشصوص المصنوعة من العظام والخشب والصدف.

معتقدات غريبة

ومنذ القدم اعتاد أسلاف البولينيزيين تقديس قوى الطبيعة كالشمس، وفي العديد من الجزر كان تانجاروا هو الإله العظيم لكن هناك آلهة أخرى يقدسونها، وإذا أراد الرجل أن يقطع شجرة مثلاً ليشيد منها زورقاً فعليه أن يرضي الروح التي ترعى الشجرة، أما اليوم فيدين معظم سكان الجزر بالديانة المسيحية.

والبولينيزيون مغرمون بالموسيقا ويمتلكون آلات موسيقية متنوعة والآلة المفضلة لديهم تسمى الأوكيوليل وقد أدخل البرتغاليون هذه الآلة إلى هاواي التي تتميز برقصة مشهورة تسمى الهولا. ويجتمع السكان في معظم جزر المحيط الهادي للاحتفال والرقص والغناء في المناسبات كالميلاد والزواج. والرقص جزء مهم في احتفالات القرى وغالباً ما يرتدي الراقصون الأقنعة والريش والأزهار وأصداف البحر أو أية زينات أخرى ملونة. ويتميز رقص البولينيزيين بوجه خاص بالحيوية. ومن الرقصات الشعبية المشهورة رقصة التامبور في تاهيتي. ويستمتع الكثير من سكان الجزيرة بممارسة الألعاب الرياضية التي جاءتهم من البلاد الغربية كلعبة كرة القدم والطائرة والرجبي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"