“اليازرة” هندسة إماراتية للري

أهم وسائل الحصول على المياه
03:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
قبل اكتشاف أنظمة الري الحديثة كالتنقيط والرش أو استخدام الأنابيب لنقل مياه الري، اعتمد الرعيل الأول من مزارعي الإمارات في ريهم للأراضي الزراعية على أدوات تقليدية أهمها الثور، والمرافس، المريل، والتافر، والصدر، والسواعد، والطوي، والمقيله، والمدوار، والحوض، والترجيبه، وتسمى كل هذه الأدوات مجتمعة ب "اليازرة"، بينما يسمى المزارع القائد لثور اليازرة، "اليازر"، وكان الثور يجر حبلاً قوياً موصل طرفه الآخر بدلو أو اثنين لسحب المياه من جوف الآبار في المناطق الساحلية، وتسمى الحفرة الأفقية المملوءة بالمياه "بالخب"، ونظراً للمجهود الشاق الذي كانت تتطلبه عملية الري من حمل وتفريخ للماء، صاحب صوت اليازرة أغنيات قديمة تحفز المزارعين على العمل والمثابرة وتحمل المشاق .
عن الري باليازرة يقول الوالد علي يوسف، أحد قدامى المزارعين بالشارقة: "تعد اليازرة من أهم الوسائل المستخدمة في ري المحاصيل الزراعية قديماً، وهي هندسة إماراتية ابتكرها الأجداد للحصول على الماء العذب من باطن الأرض، فبعد حفر الطوي أو البئر، كان لابد من وسيلة لرفع الماء إلى السطح، وهو ما يتطلب تثبيت أربعة جذوع طوال من أشجار النخيل، توضع عليها بكرة لتسهل عملية سحب الثور للحبل، وفي آخر الحبل المجدول يثبت دلو أو اثنان، يملأن بالماء بعدما يرخي الثور الحبل نزولاً، ويرفعان مملوءين صعوداً .
وعن تصنيع أدوات اليازرة يتابع: "كانت كل الأدوات تصنع بشكل يدوي وتباع الحبال في الأسواق، إضافة إلى مستلزمات الثور المصنعة من الجلود الطبيعية، بينما يحتاج الثور إلى تدريب واختياره يكون بعناية وشراؤه يكون لهذا الغرض" .
ويضيف: "يحتاج ثور اليازرة إلى تدريب أولي للسير داخل المكان المخصص له، وإلى مدة لا تقل عن شهرين ليكتسب مهارات سحب الدلو، وتحمل ثقل المياه الذي يتضاعف مع طول المدة خلال أيام الري، كما يجب على المزارع اختيار ثور قوي البنية ليتحمل مشاق العمل لساعات طوال .
وعن استخدام أساليب الري القديمة يقول الوالد عبد الله سعيد عبود من الشارقة، إن المزارع الإماراتي اعتمد على حفر الآبار للحصول على المياه العذبة لري محاصيله، وكانت اليازرة والغرفة هما من وسائل الري المعروفة لدى مزارعي الإمارات .
وعن عمق البئر ومدة حفرها والمسافة التي تقطعها اليازرة للحصول على الماء يتابع: "تتفاوت مدة حفر الطوي بحسب مستوى وجود المياه تحت سطح الأرض، فكلما قربت قل عدد أيام الحفر من يومين إلى أربعة أيام، أما إذا بعدت المياه عن السطح فربما تستغرق مدة تزيد على عشرة أيام، كما يساعد عدد الرجال القائمين على الحفر على إنجاز المهمة والتعجيل بوصول الماء كلما زاد العدد .
ويضيف: "لاختيار مكان الطوي أهمية كبيرة فرغم معاناة المزارعين في حفر الأرض الطينية الصلبة، إلا أنها الأنسب لحفر الطوي لأن الأرض الرملية سريعة الانهيار، ما يضيع الكثير من الوقت والجهد والبحث عن مكان آخر لحفر بئر جديدة" .
ويشير عبود إلى مهارة اليازر في الحصول على الماء الكافي لري محصوله في المدة المحددة، والمجهود المتواصل المتطلب لعملية استخراج المياه، موضحاً أن المزارع القديم كان يبذل مجهوداً كبيراً حتى تخضر أرضه وتأتي بالخير له ولأهله، منوهاً إلى تمتعه بالذكاء والصبر لتدريب ثور اليازرة على رفع المياه من مسافة تصل بين سبعة إلى عشرة أمتار .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"