دنقلا العجوز.. مدينة الأساطير في السودان

تحتفظ بآثار ومدافن من عصور قديمة
02:41 صباحا
قراءة دقيقتين
الخرطوم عماد حسن

تعتبر دنقلا العجوز، من أقدم المدن السودانية، ويقصد بها المنطقة التي تحتوي على الآثار القديمة لعاصمة مملكة المقرة المسيحية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل على بعد 105 كيلومترات، جنوب مدينة دنقلا و30 كيلو متراً شمال مدينة الدبة في الولاية الشمالية، وبها بقايا آثار كنسية وقلعة وعدد من الأديرة، كما يوجد بها أيضاً مسجد عبد الله بن أبي السرح، وهو مسجد أثري يعتبر أول مسجد بُني في السودان.
«الخليج» سجلت زيارة للمدينة التي كانت مركزاً مهماً في بلاد النوبة في العصور الوسطى وفي التاريخ الإسلامي في السودان، ويعتبر المسجد المقام بها من أقدم المساجد في إفريقيا، وهي عاصمة مملكة المقرة التي وقع معها المسلمون اتفاقية البقط الشهيرة.
وانتقل المركز الحضري للمدينة شمالاً خلال القرن التاسع عشر إلى الجانب الآخر من نهر النيل، ليصبح مدينة دنقلا الحديثة. ويشير ابن المنطقة الصحفي عبد الله الشيخ، إلي أن ابن خلدون ذكر في مقدمته التي كتبها في سنة 1377م أن المدينة كانت تقع غربي النيل، - منطقة الباجا حالياً - ما يعني أن النهر، كعادته، قد غيَّر مجراه.
تتميز المدينة التي يطغى عليها اسم (القدار) بالعديد من المواقع الأثرية التي تعود للحقبة المسيحية؛ حيث توجد بها قلعة الخندق الشهيرة التي تقع على ضفاف النيل والتي استخدمت في كل العصور القديمة وهي تشبه حصن أو قلعة للمراقبة وحركة التجارة والبضائع على النيل.
وتعد الباجا المقابلة بالضفة الغربية لدنقلا العجوز، من أعرق المناطق وأقدمها، ووفقاً لحديث المترجم والباحث محمد سعيد شلي ل«الخليج»، فقد ضمت أسر وعائلات الحريراب وشيخ نورالدين وشامي والضكير والأدبيري وعبد الرحمن فضل الله وعلي شلى وساتي علي حمد وود أمين وعبيدالله الزين، الذين يعتبرون من شيوخ المنطقة قبل أفول شمس دنقلا العجوز وتفرق أهلها شرقاً وغرباً. ولا تزال المدينة القديمة تتوشح بالأساطير والحكايات الغريبة، وتخرج من ثنايا صخورها ورمالها قصص تشبه الخيال، خاصة بعد اكتشاف بعثة الآثار البولندية لمدينة كاملة تحت رمالها، وعثورها على مدافن لملوك دولة المقرة المسيحية، في قرية «بنقنارتي» التي تعني في رطانة النوبة، جزيرة الجراد، إلى الشمال من قصر الملك الشاهق الذي يطل من أعلى ربوة في المدينة، والذي يُعد من أهم الآثار الباقية والدالة على حضارة النوبيين، أو «وادي النيل» القديمة.
وتشهد المدينة زيارات أهالي المنطقة والمناطق المجاورة في الأعياد لقباب التسع والتسعين ولي، الشهيرة بقباب الصالحين، وهي في الأصل، مدافن ملوك المقرة التي اكتشفت حديثاً، وتبدو بعيدة نوعاً ما، عن مركز المدينة الحالي، وتنتشر داخلها قباب الصوفية، التي يقول أهالي المنطقة إنها 99 قبة، لأولياء الله الصالحين.
وقد عثرت بعثة التنقيب البولندية بالفعل على كنز مسيحي في المنطقة، عبارة عن صفٍّ من أعمدة رهيبة المنظر كان تحت الرمال. كما عثرت على كنيسة قديمة إلى جانب مسجد الحلة الذي أُسس في بدايات دخول الإسلام إلى السودان. ولا تزال المدينة العجوز تحتفظ بآثارها ومدافنها وما تبقى من زهوها القديم، وأساطيرها وقصصها الكثيرة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"