ارتجاع الصمام التاجي يسبب قصور وظائف الكبد

00:47 صباحا
قراءة 6 دقائق
يعد القلب من الأعضاء الحيوية والهامة للغاية بالنسبة إلى الجسم وحياة الأشخاص عموماً، فهو الذي يمد كل أعضاء الجسم وخلاياه بالغذاء، والأوكسجين اللازم للقيام بالعمليات الحيوية، وإنتاج الطاقة اللازمة لأداء الوظائف، وأي اضطراب، أو خلل يحدث في القلب ينعكس على الجسم كله، والقلب عموماً يعمل وفق منظمة كبيرة دقيقة متناسقة ومتجانسة للغاية، وأي خلل بسيط في تجانس عمل أي عضو في القلب يحدث نوعاً من الارتباك، ولذلك من الضروري إصلاح وعلاج المشاكل التي تصيب القلب، حتى لو كانت بسيطة، لأنها في أهم جهاز في الجسم.

توجد في القلب 4 صمامات وظيفتها الأساسية التحكم في حركة الدم، بحيث تكون في اتجاه واحد عندما يفتح ولا يسمح للدم بالمرور في الاتجاه العكسي متى أغلق، ويوجد صمامان على الجانب الأيسر، وصمامان آخران على الجانب الأيمن، ويقع الصمام ثلاثي الشرف في القسم الأيمن من القلب بين الأذين الأيمن والبطين الأيمن، ويقع الصمام الرئوي بين البطين الأيمن والشريان الرئوي، الذي ينقل الدم إلى الرئتين، ويقع الصمام الأبهري بين البطين الأيسر والشريان الأبهري، ويقع الصمام الميترالي، أو التاجي بين الأذين الأيسر والبطين الأيسر، ويتألف من ورقتين كبيرتين: الأمامية، وصغيرة، وهي الخلفية، وترتبط كلتا الورقتين بالقلب عن طريق خيوط لحمية بالغة الدقة، ومن الأمراض التي تصيب الصمام الميترالي الارتجاع، وفي هذا الموضوع سوف نتناول مشكلة ارتجاع الصمام التاجي، والأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى حدوثها، مع بيان طرق الوقاية والعلاج الممكنة والمتاحة.

وريقات الصمام

يحدث ارتجاع الصمام التاجي عندما لا تلتقي وريقات الصمام وهو مغلق، ويؤدي هذا الأمر إلى تدفق الدم مرة أخرى إلى الخلف في الأذين الأيسر، بدلاً من أن يتدفق إلى الشريان الأورطي عند انقباض البطين الأيسر، ويؤدي تزايد الضغط في الأذين الأيسر إلى ضخ الدم مرة ثانية للرئتين، وهذا يجعل القلب يعمل بقوة أكبر نتيجة ارتداد بعض الدم إلى الخلف، وبسبب ذلك يتمدد البطين الأيسر، ويبدأ بالانهيار، ويشيع مرض ارتجاع الصمام التاجي بين النساء أكثر من الرجال، ويمكن أن يكون هذا العيب موجوداً مع الولادة،وعامة، فإن معرفة السبب وراء الإصابة به تكون مهمة، لبدء العلاج وتفادي مضاعفات المرض، ويبدأ مرض ارتجاع الصمام التاجي من المرحلة البسيطة، ثم يتدرج إلى المتوسطة، وينتهي بالارتجاع الشديد، ولا ترتبط الأعراض بكمية الدم المرتجع مباشرة أو بشدة الصوت، كما أنه ليس لزاماً انتقال المريض من مرحلة إلى أخرى، وإنما يمكن أن يظل في مرحلة بسيطة طول عمره، ومراقبة الحالة الصحية هي الفيصل، وعامة، فإن ارتجاع الصمام التاجي ليس مرضاً خطيراً إذا تم اكتشافه مبكراً، وحصل المريض على العلاج المناسب والمتابعة الجيدة غير أن الأطباء يحذرون من إهمال علاج الحالات المتأخرة، حيث يمكن أن يؤدي لإصابة الصمام بالتهابات بكتيرية، وبالأخص البكتيريا التي تصيب الفم والأسنان، كذلك قصور مزمن في وظائف الكبد بسبب هبوط القلب من الجهة اليمنى، نتيجة ارتجاع الصمام الذي يسبب ارتفاعاً في ضغط الدم الشرياني، وكذلك يمكن أن تصاب عضلة القلب بالضعف والتوسع، وتكمن خطورة هذا الأمر في أنه حتى إذا تم إصلاح الصمام، فإن العضلة لن تعود لسابق عهدها، كذلك فإن توسع عضلة القلب يكون رد فعل من القلب لتعويض كمية الدم المرتجع إلى الأذين وتخفيف الضغط في الأوردة الرئوية.

التهاب بكتيري وأزمة

تتعدد الأسباب وراء الإصابة بارتجاع الصمام التاجي، ولعل في المقدمة منها تكون الإصابة بالحمى الروماتيزمية، وهي من أهم أسباب المرض في دول العالم النامي، كما أن تعرض الصمام التاجي للانزلاق بسبب انغلاق وانقباض البطين الأيمن للقلب يؤدي للارتجاع، وفي الأغلب يكون له تأثير سلبي في القلب، وكذلك إذا كان هناك عيب خلقي في الصمام، أو أصيب الصمام بالالتهاب البكتيري أو الفطري، حيث تؤدي الإصابة إلى ارتخاء الصمام.
ويعد اعتلال، أو خلل الوظائف في العضلة التوسعية للقلب سبباً في توسع الصمام، وهو ما يؤدي إلى الارتخاء، أو الارتجاع، وتضعف بعض خلايا القلب بسبب التحلل المخاطي، وهو ما يجعل الصمام عرضة للإصابة بالارتجاع، هذه الحالة يمكن أن تؤثر في أجزاء أخرى من الصمام، مثل الحبال التي تربط الصمام بالعضلات الكامنة، أو الموجودة تحته حيث تتمزق، وفي بعض الحالات يمكن أن يصاب المريض بارتجاع الصمام بسبب أزمة قلبية، أو أحد مضاعفات عملية توسيع الصمام التاجي، عن طريق القسطرة، حيث تتمزق العضلات الحليمية فجأة، ويستلزم خضوعه لجراحة عاجلة لأن حالته تكون سيئة.
ويمكن أن تؤدي بعض الأمراض إلى الإصابة بارتجاع الصمام التاجي إذا أصيب المريض بالروماتويد، وعند حدوث اضطراب في الغدد الدرقية والغدد المجاورة لها، وكذلك إذا أصيب المريض بالقصور الكلوي المزمن، نتيجة ارتفاع معدل الكالسيوم في الدم، وعند إصابة الأذين الأيسر بورم أو تعرضه لما يسمي بخثرة الدم، وعندما يصاب العمود الفقري بأمراض الروماتيزم المختلفة، يؤدي ذلك لإصابة القلب بالارتخاء الصمامي، وعلى الأخص الصمام التاجي، وكذلك الإصابة ببعض أمراض النسيج الضام مثل الذئبة الحمراء، وكذلك مرض الشريان التاجي الذي يسمى بارتجاع الصمام الميترالي الإقفاري بسبب عدم كفاية الدم الذي يدخل العضلات المتحكمة في الصمام.

ارتجاع بسيط وشديد

تكون أعراض ارتجاع الصمام الميترالي شبه معدومة في حالة كان الارتجاع بسيطاً، أما في حالة الارتجاع الشديد فإن الأعراض تعتمد على الأمراض القلبية المصاحبة، ويمكن أن يعاني المريض في هذه الحالة عدم القدرة على بذل أي مجهود، ويعود ذلك إلى نقص كمية الدم التي يضخها القلب بسبب الارتجاع، وفي بعض الحالات يصاب المريض بالسعال، ويمكن أن يكون مصحوباً بنفث الدم، وفي الحالات الشديدة المفاجئة يكون ضيق النفس شديداً لدرجة يحتاج المريض إلى جهاز تنفس، كما يعاني المريض خفقان القلب الناتج عن الارتجاف الأذيني، ويمكن أن يتعرض المريض للدوخة والدوار، وفي بعض الحالات يعاني المريض انتفاخ البطن بسبب استسقاء بطيني نتيجة هبوط القلب، وقصور الكبد المزمن، ويؤدي تدني وظائف البطين الأيسر الانقباضية إلى معاناة المريض صعوبة التنفس.
في الحالات التي تستمر فيها أعراض ارتجاع الصمام الميترالي مدة كبيرة يلاحظ وجود تورم في الأرجل، وألم أعلى البطن نتيجة تضخم الكبد.

دوائي وجراحي

ينقسم علاج ارتجاع الصمام التاجي إلى دوائي وجراحي، حيث تفيد أدوية توسيع الأوعية الدموية في تخفيف ارتفاع الضغط، وكي تعمل الأوعية بأقل قدر من المقاومة.
وإذا كان المريض يعاني احتقاناً رئوياً أو هبوطاً في الجانب الأيسر من القلب، فيجب عليه تناول أدوية مدرة للبول، ويبقي الخيار الجراحي، وهو نوعان، أولهما إصلاح الصمام إذا كان التلف لم يصبه كلية، ويساعد إصلاح الصمام على الفتح والغلق بشكل أفضل، ويتم بترقيع حلقات الصمام حتى يكون الإغلاق محكماً، وذلك بوضع حلقة من المعدن أو النسيج حول الصمام.
ويمكن أن يتم الإصلاح بإعادة بناء الوريقات، أو الحبال، أو العضلات الحليمية للصمام، ويبقي الخيار الجراحي الثاني وهو تغيير الصمام التالف، وهناك ثلاثة أنواع للصمامات الاصطناعية، الأول الصمامات الحيوية الاصطناعية، ونحصل عليها من بعض الحيوانات، وتعالج كيميائياً حتى لا يرفضها الجسم، والثاني الصمامات الميكانيكية وتصنع من المعادن مثل الكربون،
غير أنه يجب على من يستخدمها تناول مضادات منع تجلط الدم، والثالث الصمامات البيولوجية وهي التي نحصل عليها من أحد المتوفين حديثاً، وهناك عدد من العوامل تجعل التدخل الجراحي ضرورياً، وذلك عندما تقل قوة ضخ الدم عن 60% من قوة الضخ في الحالة السليمة، وإذا أصبح الضغط الشرياني الرئوي أعلى من 50 ميلي متر زئبق، وإذا أصبح توسع البطين الأيسر أكثر من 45 ميلي أثناء الانقباض، وإذا وجد المريض صعوبة وضيقاً في التنفس بمجرد القيام بأي جهد بسيط، كأن يمشي مسافة أقل من 10 أمتار.

أكثر انتشاراً

تعود تسمية التاجي إلى كون الصمام يشبه القبعة التي كان يرتديها الأساقفة قديماً، ويشبه التاج من ناحية الشكل، وتؤكد الإحصاءات أن مرض ارتجاع الصمام الميترالي واحد من أكثر أمراض القلب انتشاراً في العالم، حيث يعاني أكثر من 20% ممن تخطوا 50 عاماً من درجة من درجات الارتجاع، وينتشر سوء فهم بين العامة حيث يظن الكثيرون أن ارتخاء الصمام التاجي هو نفسه ارتجاع الصمام التاجي، بينما هما في الواقع مرضان مختلفان اختلافاً كبيراً، فارتخاء الصمام التاجي يحدث بسبب تراجع إحدى الورقتين اللتين يتألف منهما الصمام لمسافة 2 ملليمتر، أما ارتجاع الصمام فيحدث بعودة الدم مرة أخرى للأذين الأيسر أثناء انقباض البطين الأيسر، بسبب خلل في الصمام، وتشير الدراسات إلى أن استبدال الصمام التاجي نتائجه أفضل من عملية الإصلاح، حيث إن من قاموا بعملية الاستبدال تراجعت الأعراض لديهم بصورة كبيرة، ولم تتكرر بعد أكثر من سنتين، في حين أن المرضى الذين قاموا بعملية الإصلاح عاد إليهم الارتجاع بعد مدة زمنية أقل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"