متلازمة الشلل الدماغي.. العلاج المبكر يحد من المضاعفات

21:50 مساء
قراءة 12 دقيقة
تحقيق نهلة الفقي:

ألم وأمل تظهران من رحم معاناة أم تعرضت لولادة مبكرة يصاب على أثرها وليدها بمتلازمة الشلل الدماغي نتيجة لنقص الأكسجين، لتبدأ رحلة خضوعه لدروب العلاج والتأهيل، ليتجاوز معاناته.
هذه المتلازمة ترتبط باضطراب في مجال الحركة وعملية التوازن والوضعية الجسمية السليمة والتي غالباً ما تنتج عن إصابة أو عطب في أجزاء الدماغ خلال المرحلة الجنينية أو بعد الولادة والتي تؤثر بدورها في تناغم وتوازن حركة العضلات والحركات الإرادية عند هؤلاء الأطفال، تستمر معهم مدى الحياة بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة، وتعد من أكثر أسباب الإعاقة الحركية عند الأطفال التي تحتاج إلى كثير من الإمكانات في علاجها والحد من مشاكلها المصاحبة. وفي السطور التالية نبين أسباب الشلل الدماغي وسبل الوقاية وطرق العلاج.
يتزود الجنين بالأكسجين من دم الأم عن طريق المشيمة، لذا لابد أن تعمل المشيمة بشكل جيد وأن يكون الوريد السري الموجود في الحبل السري سالكاً. بيد أن التقلصات الرحمية أثناء المخاض قد تخفض أو تمنع تماماً جريان دم الأم إلى الجنين، معرضة بذلك صحة الجنين للخطورة، ويمتلك معظم الأجنة احتياطياً كافياً من الأكسجين للتعامل مع انخفاض إمدادات الأكسجين غير أن هناك عدداً من الحالات تعاني نقص الأكسجين، ويعد انضغاط الحبل السري أثناء المخاض أحد أسبابها، وهنا تترافق عوامل خطورة عدة قبل وأثناء الولادة باعتلال الدماغ عند الوليد أو إصابته بالشلل الدماغي، ذلك وفقاً لما أوردته منظمة الصحة العالمية.
يقول دكتور سهيل عبدالله الركن استشاري طب الأعصاب ورئيس جمعية الإمارات لطب الأعصاب: الشلل الدماغي (Cerebral Palsy) هو اضطراب يؤثر في العضلات والحركة والمهارات الحركية ( القدرة على التحرك بطريقة منسقة وهادفة) لدى الأطفال، ويعد من أشهر أنواع الإعاقات الخلقية على مستوى العالم، حيث يوجد اكثر من 500,000 طفل في أمريكا يعانون علة الشلل الدماغي، الذي ينجم عن تلف في أنسجة الدماغ، أثناء شهور الحمل الأولى حينما تبدأ مرحلة تشكل ونضوج دماغ الجنين أو نتيجة لمشاكل صحية أثناء فترة الحمل كإصابة الأم بالتهابات، أو نتيجة للولادة المبكرة فالطفل الخديج وخاصة ممن يقل وزنه عن 1510 جرامات حيث تزيد لديهم فرضية الإصابة مقارنة بمن أتموا فترة الحمل، كما تظهر في بعض الحالات خلال 3 إلى 5 سنوات الأولى من حياة الطفل نتيجة لإصابته بمرض التهاب السحايا أو اضطراب وراثي أو أي مسبب آخر يتداخل مع نمو المخ بشكل طبيعي، ويرافق التلف الدماغي اعتلال في البصر أو العمى، فقدان السمع، مشاكل في البلع والرضاعة، مشاكل في التغذية والنمو البدني، مشاكل في النطق، اضطرابات في النوم، هشاشة العظام، مشاكل سلوكية، الصرع، مشاكل في النمو الذهني والعقلي.
وتختلف الأعراض باختلاف حجم الضرر الذي لحق بأنسجة الدماغ، فنجد درجات متفاوتة من الإعاقة الجسدية فالبعض قد يعاني ضعفاً بسيطاً فقط، في حين آخر يعاني إعاقة شديدة فعلى سبيل المثال: قد يصاب الطفل بتلف في أنسجة الدماغ التي تتحكم في عضلات الأرجل فيعاني فقط مشاكل في المشي والتوازن، مع نمو طبيعي في باقي الحركة وتطور ذهني طبيعي، ولكن إذا كان التلف في أنسجة الدماغ كبيراً ينتج عنه فقد السيطرة بشكل كامل على وظائف الحركة والعضلات وتخلف في التطور الذهني لدى الطفل.
ويتطرق دكتور سهيل الركن إلى الطرق المتبعة لعلاج الشلل الدماغي فيقول: حالياً لا يوجد علاج للشلل الدماغي، ولكن توجد مجموعة متنوعة من الموارد كعلاج تحفظي لتحسين نوعية الحياة لهؤلاء الأطفال ومساعدتهم على تحقيق أقصى قدر من إمكاناتهم في النمو والتنمية الاجتماعية والعاطفية، إضافة إلى ذلك يتم التعامل مع مشاكل التشنج أو الصرع وتيبس أو تصلب الأطراف بالأدوية المناسبة، أو اللجوء للتدخل الجراحي لتحسين وظيفة العضلات، ومن الطرق الحديثة لعلاج التيبس الطرفي مضخة «الباكلوفين» أو جراحات تحرير أوتار العضلات أيضاً، كما ينصح بتناول الوجبات الغذائية الغنية بالكالسيوم وفيتامين (د) والفوسفور لتحسين وتقوية العظام.
ينصح د.سهيل الركن: بأن يقوم بالإشراف على الأطفال المصابين بالشلل الدماغي فريق طبي متكامل، يشمل طبيب الأطفال أو طبيب الرعاية الأولية، وأخصائي التغذية، ومعالج النطق واللغة، والمعالج الوظيفي والحركي، والأخصائي النفسي والاجتماعي، حيث يساهم هذا الفريق الطبي بالعناية المتكاملة للطفل المصاب.
وتقول دكتورة أميمة السيد استشاري الأطفال: من أكثر المواقف الصعبة التي يتعرض لها طبيب الأطفال هي حينما يفحص طفلاً حديث الولادة ويكتشف دلالات تشير إلى احتمالية إصابته بمرض الشلل الدماغي، وكيفية حمل هذا الخبر الصادم لوالديه ورؤية تبدل ملامحهما من الفرح إلى الحزن ومن الاطمئنان إلى القلق، ومن تلك العلامات المبكرة التي تظهر عند إجراء أول فحص روتيني للطفل هي صغر محيط الرأس عن المعدل الطبيعي، كما يرافقها عوارض أخرى كصعوبة عملية الرضاعة مع صراخ الطفل المستمر بشكل يتجاوز معدلاته الطبيعية. وهنا يبدأ طبيب الأطفال بسؤال الأم عن ظروف الولادة وما إذا كان الطفل قد تعرض لنقص الأكسجين أو للاختناق أثنائها، أو تعرضها لولادة مبكرة، وما إذا كانت الأم قد تعرضت لأحد الأمراض المعدية أو للإشعاع أثناء فترة حملها خاصة في فترة الثلاثة أشهر الأولى التي يتم فيها نمو الجهاز العصبي، وما إذا كان في نفس الحمل توأم متشابه من نفس المشيمة ومات جنيناً قبل الولادة وغيرها من الأسئلة التي تتعلق بأسباب احتمالية إصابة الطفل بالشلل الدماغي، وقد لا يتمكن الطبيب من تحديد أسباب الإصابة لبعض المرضى ولكن تظل النتيجة واحدة، وهنا يقع على طبيب الأطفال مسؤولية إعلام الوالدين بمخاوفه وحثهم على ضرورة المتابعة وإجراء الفحوص اللازمة لتبين أو استبعاد إصابة وليدهم بالمرض.
وتشير دكتورة أميمة السيد إلى أن عدم اكتمال النمو يزيد من احتمالية عدم وصول الأكسجين الكافي للمخ، في حين إن نقص الأكسجين وقت الولادة يقف وراء نسبة لا تتجاوز 10% من إجمالي عدد الحالات المصابة.
وتردف: يعتبر تعرض الأم لنوع من العدوى بما في ذلك أنواع العدوى التي لا يمكن اكتشافها بسهولة، إلى مضاعفة احتمالية إصابة الجنين بالمرض ثلاثة أضعاف، ويحدث ذلك بصفة أساسية كنتيجة للتأثير السمي الذي يتعرض له دماغ الجنين من أنواع «السيتوكين» التي يتم إنتاجها كجزء من الاستجابة الالتهابية لجسم الأم لمقاومة العدوى التي أصابتها، مع تعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى إصابة الطفل بالشلل الدماغي بعد الولادة أيضاً وأشهرها على الإطلاق إصابة الطفل باليرقان أو ارتفاع نسبة صفراء الدم «البليروبين» إلى معدلات عالية تتسرب من الدم إلى خلايا المخ وتتلفها، وتعرض الجنين لبعض المخاطر أثناء الولادة التي تؤدي لنقص الأكسجين مثل التفاف الحبل السري حول رقبته، أو غرقه في السائل الأمينوسي المحيط به، أو إصابته بمرض التهاب الدماغ أو التهاب السحايا عقب الولادة مباشرة، وقد يحدث في حالات نادرة اضطراب كروموسومي ينتج عنه تشوه وراثي في تلافيف المخ تؤدي إلى الشلل الدماغي، بينما لا يصنف الشلل الدماغي في حد ذاته مرضاً جينياً أو وراثياً. فالشلل الدماغي لا يعتبر اضطراباً مرضياً يتطور إلى الأسوأ (مما يعني أن التلف الحادث للدماغ لا يتحسن ولا يصبح أكثر سوءاً)، بيد أن أعراضه تصبح أكثر شدة بمرور الوقت بسبب التلف الذي يصيب المنطقة الواقعة في الدماغ والمعروفة باسم تحت الأم الجافية.
وعن البروتوكول المتبع لتشخيص وعلاج الحالة تقول: يسعى طبيب الأطفال جاهداً لتشخيص المرض بدقة حتى يتخذ القرار في علاجه واختيار الطاقم الطبي المعاون له من باقي التخصصات مثل أطباء الأعصاب والعظام والعلاج الطبيعي والأطباء النفسيين، وكان تشخيص الإصابة بمرض الشلل الدماغي في الماضي يعتمد فقط على التاريخ الطبي للمريض وفحصه جسدياً، وعندما يتم تشخيصه بالإصابة بالشلل الدماغي، يكون إجراء الاختبارات التشخيصية الأخرى مسألة اختيارية، أما الآن فوجود بعض التقنيات الحديثة مثل الأشعة المقطعية بالكمبيوتر (CT) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) وتصوير الأعصاب باستخدام الأشعة المقطعية بالكمبيوتر أو بالرنين المغناطيسي أسهمت بشكل ملحوظ في التشخيص وخاصة في حالة كون المسبب المرضي للإصابة بالشلل الدماغي غير معروف، ويفضل استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي على استخدام الأشعة المقطعية بالكمبيوتر لدقة نتيجة التشخيص التي يمكن الحصول عليها وكذلك بسبب كونه أكثر أماناً في الاستخدام، ويعتبر دوره مهم في اكتشاف الحالات المرضية القابلة للعلاج، مثلما هي الحال في إصابات استسقاء الدماغ وتثقبها والتشوه الشرياني الوريدي والورم الدموي لمنطقة تحت الجافية والورم الرطب والورم دودي الشكل، وهذه حالات تتشابه أعراضها مع الشلل الدماغي ولكنها قابلة للعلاج وتصل نسبة حدوثها إلى نسبة تتراوح ما بين %5 إلى %22 من إجمالي عدد الحالات المصابة بالشلل الدماغي.
أما تقنية تصوير الأعصاب فتصل في دقتها إلى درجة معرفة التوقيت الذي حدثت فيه الإصابة المبدئية بالمرض، علاوةً على ذلك يمكن لتصوير الأعصاب أن يكشف عن احتمالية كبيرة لإصابة مريض الشلل الدماغي بحالات مرضية مصاحبة مثل الصرع والتأخر العقلي، ويمكن لحالة المريض بهذا الاضطراب أن تتحسن إلى حد ما خلال فترة الطفولة إذا تلقى عناية مركزة من قبل الأخصائيين، ولكن بمجرد أن تشتد العظام والجهاز العضلي قد يكون من المطلوب اللجوء لجراحة تقويم العظام حتى يمكن أن يطرأ تحسن ملحوظ على الحالة، فمرضى الشلل الدماغي أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل في سن مبكرة عن غيرهم من الأشخاص، ويحدث ذلك بسبب الضغط الواقع على المفاصل من العضلات التي تتميز بالقوة والتصلب المبالغ فيهما. ومع بلوغ سن المدرسة يتم اكتشاف الإمكانات العقلية الكاملة للطفل الذي ولد مصاباً بالشلل الدماغي، فتظهر أنواع متفاوتة من صعوبات التعلم التي لا ترتبط مطلقاً بقدرة المريض على التفكير أو بمستوى ذكائه، حيث يتفاوت المستوى العقلي لمصابي الشلل الدماغي من العبقرية إلى الإصابة بالتأخر العقلي تماماً مثلما هي الحال مع سائر البشر، فيجب حصول هؤلاء المرضى على كل فرصة ممكنة للتعلم وعدم التقليل من شأن قدراتهم أو الاستهانة بها.
من جانبه يقول الدكتور سعيد حامد أخصائي أول جراحة العظام والكسور: يأتي دور جراحة العظام في الحالات الشديدة من الشلل الدماغي و المعاناة من التشنجات المتكررة للعضلات والأوتار وأعصاب الجسم المتيبسة وشد العضلات والتواء الأطراف والعظام خاصة عظمة الفخذ وعظمة الساق، وعادةً يشتمل التدخل الجراحي لمرضى الشلل الدماغي على إرخاء العضلات المشدودة وتحرير المفاصل الثابتة ويتم إجراء معظم هذه الجراحات في منطقة الأرداف والركبتين وأوتار المأبض والكاحل وفي حالات نادرة قد يتم استخدام هذه الجراحة مع الأشخاص الذين يعانون من التيبس في مناطق المرفقين والرسغين واليدين وأصابع اليدين. يضيف: هناك حالات توجب التدخل الجراحي لاستعدال الالتواءات غير الطبيعية في عظام الساق، مثل الالتواء في منطقة الفخذ (الذي يطلق عليه اسم التواء عظمة الفخذ للأمام ) وفي عظمة القصبة (التفاف القصبة)، وعادةً ما يؤدي إلى حدوث حالة اتجاه الأصابع للداخل، ويتم إطلاق اسم جراحة إعادة دوران العظام على هذا النوع من العمليات حيث يتم فيها كسر العظمة ثم وضعها مستقيمة في الوضع السليم، و قطع أعصاب الأطراف الأكثر تضرراً من حركات المريض والتقلصات العضلية التي يعانيها ويتم إطلاق اسم جراحة قطع الجذور الانتقائي على هذا النوع من الإجراءات الطبية، وتهدف تلك الجراحة إلى الحد من التقلصات والسماح بدرجة أكبر من المرونة والتحكم في الأطراف والمفاصل المصابة، لتخفيف الإعاقة والألم الناتجين عن التقلص غير السليم للعضلة. ويشكل العلاج الطبيعي للشلل الدماغي عند الأطفال دوراً محورياً في تخفيف الألم وتحسين الحالة وتقليل مضاعفاتها ومن جهتها تقول الدكتورة آية الغوطي أخصائية العلاج الطبيعي: يرجع حدوث الشلل الدماغي عند الأطفال لنقص في الأكسجين سواء عند الولادة أو أي حادثة أخرى لدى الطفل تظهر في أول ثلاث سنوات من عمره تتسبب في عجز التطور الحركي لدى الطفل، كما يصاب الجهاز الحسي والجهاز الدهليزي في بعض حالات الشلل الدماغي.
وعن تقييم الحالة لتحديد طرق العلاج المناسبة تقول دكتورة آية الغوطي: لا يوجد علاج طبي جذري لهذه الحالة، وكل العلاج المتبع للمساعدة على تحسين وتطور الحالة ومنعها من التدهور. ويهدف العلاج الطبيعي إلى تعليم الطفل الحركة والاتزان الجسمي لمواجهة تأخرها في مراحل النمو الحركي الطبيعية، كالتأخر في التقلب، والتحكم بوزن الرأس، والجلوس باتزان، والحبو، والوقوف والمشي. ويقوم مختص العلاج الطبيعي بتقييم حالة الطفل من حيث مراقبة قدرات الطفل الحركية، وتقييم مستوى التوتر العضلي، وتقييم نمط حركة مفاصل الطفل إذا كانت موجبة بحيث يحرك الطفل بنفسه أو سلبية يحتاج المعالج لتحركيها، وتقييم طول العضلة، وقوتها، وتقييم جهاز التوازن وردود الفعل التوازنية، والجهاز الحسي. وبناء على التقييم وتشخيص طبيب الأعصاب المختص يتم تحديد نوع الشلل الدماغي إما أن يكون شللاً دماغياً تشنجياً (مستوى التوتر العضلي يكون عالياً) ويصيب الطفل بتشنجات دائمة وهو الأكثر شيوعاً ويتشعب إلى أربع أنواع أخرى حسب الجزء الحركي المعتل سواء كان شللاً رباعياً كاملاً في جميع الأطراف أو شللاً مزدوجاً فقط في الجزء السفلي من الجسم أو شللاً نصفياً، أو شللاً ثلاثياً في الجزء السفلي بالكامل وجزء واحد من الجزء العلوي من الجسم. ونوع آخر يسمى الشلل الدماغي الرنحي وهو الأقل شيوعاً أعراضه حالة من الارتعاش مع فقدان التوازن في الحركة كالشخص المترنح. أما الشلل الدماغي الاثيتويدي فيصاب الطفل بعسر في الحركة ومن الصعوبة الإبقاء على وضعية واحدة بشكل متزن.
وعن العلاج تقول: بالنسبة لحالات الشلل الدماغي التشنجي، يركز المعالج على التمارين والوضعيات التي تخفف من التوتر العضلي، فبالنسبة لوضعية الرأس يبدأ المعالج بتصحيح الوضعية بحيث تكون مستقيمة وذلك لمنع الرسائل العصبية التي تزيد من التوتر العضلي. وهناك تقنيات يعتمد عليها المعالج مثل تقنية بوباث والتي تعتمد على تسهيل الحركات المطلوبة ومنع الوضعيات المتشنجة للمفاصل غير المرغوب فيها عن طريق شد العضلات بوضعيات مختلفة، وتقنية رود التي تعمل على تنشيط الجهاز الحركي عن طريق تحفيز الجهاز الحسي باستخدام الحرارة والتدليك أو الثلج لرفع مستوى النشاط العضلي. كما يلجأ المعالج الفيزيائي إلى تمارين الحركة السلبية التي تمارس مع الحالات التي لا تستطيع تحريك مفاصلها إرادياً فيقوم المعالج بتحريك مفاصل الجسم كاملة خلال الجلسة ليضمن عدم حدوث ضمور في العضلات. كما يلجأ إلى استخدام المعالجة المائية حيث تقلل من نشاط الألياف العصبية التي تزيد التوتر العضلي وتكون على عدة أشكال مثل الكمادات الباردة، وأحواض ماء بارد، والتدليك بالثلج. وأخيراً استخدام الجبائر أو الدعامات بوضع دعامة المفصل في الوضعية الصحيحة بحيث تمنع حدوث تشوهات زائدة للمفصل ولكنها لا تقلل ولا تصحح التشوهات هي فقط تمنع من التدهور إذا تم استعمالها حسب الإرشادات.
تضيف: كما يقوم المعالج الفيزيائي بتحميل وزن الجسم على الأطراف لتقليل رخو العضلات وتقوية العظام حيث يفيد تحميل الوزن على اليدين والقدمين في الضغط على المفاصل لتقويتها ومنع حدوث أي خلع حيث تكون المفاصل رخوة.
وهناك تمارين تقوية عضلات الجزء العلوي، والسفلي، والظهر، والجذع والبطن لتأهيل الطفل لمراحل النمو الحركي. فتتم تقوية عضلات الجزء العلوي كاليدين بتحميل وزن جسمه على يده عدة مرات خلال الجلسة. أما الجزء السفلي فتتم تقويته عن طريق وضع أوزان على الساق إما أن يحركها الطفل أو أن يساعده اﻷخصائي على الحركة لتقوية العضلات ومنع ضمورها. كما يتم تقوية عضلات الظهر والبطن عن طريق استخدام الكرة العلاجية وممارسة التمارين عن طريقها تحت إشراف المعالج الفيزيائي.
وعادة يعاني أطفال الشلل الدماغي تأخراً في مراحل النمو الحركي كالتحكم بالرأس، والتقلب، والجلوس، والوقوف، والمشي والتوازن، وتقول د. آية الغوطي: يركز العلاج الطبيعي على تطوير مراحل النمو لدى الطفل، فمثلاً للتحكم بالرأس يقوم المعالج الطبيعي بالتركيز على تقوية عضلات الرقبة والجذع التي بدورها تحفز التحكم بالرأس.
وفي حال كان الطفل لا يستطيع التقلب لليمين وإلى اليسار أو على بطنه وظهره فيقوم المعالج الفيزيائي بتدريبه على ذلك عن طريق وضعيات معينة تحفز جهازه العصبي على عملية التقلب، أما الحبو فيركز على تقوية عضلات الظهر، والبطن والجذع بحيث يؤهل الطفل لعملية الحبو، فمن الخطأ تدريب الطفل على الحبو من قبل أن تقوي هذه العضلات عن طريق التمارين ثم يقوم بتدريبه على الحبو بوضعه على عربة صغيرة بعجل مخصصة لتدريب الطفل على الحبو. ولمساعدة الطفل على الجلوس بشكل متوازن تقول: يجب أن تكون عضلات الرقبة، الجذع، الظهر والبطن قوية لكي يجلس بتوازن فيقوم المعالج بوضعه جالساً ومستنداً إلى الحائط مع إعطائه بعض الألعاب ليضمن بقاءه في تلك الوضعية مدة 15-30 دقيقة.
تردف: أما في حالة الوقوف فيجب أن يكون الطفل مؤهل لوضع وزن جسمه على قدميه من البداية ويتم ذلك من خلال وضعه في جهاز الوقوف من عمر 9 شهور لمدة نصف ساعة يومياً. فذلك يعمل على تحفيز الرسائل العصبية للمخ عن فكرة تحميل وزن الجسم على القدم، فإذا تحققت كل المراحل السابقة وتحقق التوازن عند الطفل سوف يكون مؤهلاً للمشي من خلال قيام الأخصائي بتدريبه على التوازن بعدة طرق لمساعدته على الوقوف ليعطيه الثقة بنفسه حين يبدأ يمشي. ومن التقنيات الحديثة التي تساعد في تطور توازن ونمو الطفل تقول د.آية الغوطي: ركوب الخيل فعال جداً في تحسين الجهاز الدهليزي المسؤول عن التوازن والتركيز خاصة لحالات الشلل الدماغي الرنحي والاثيتويدي. وتقنية أخرى تسمى قفص العنكبوت وهي عبارة عن قفص حديدي يوجد بداخله عدة أحزمة بأطوال وأوزان مختلفة، يوضع الطفل بوضعية التأرجح ويثبت بالأحزمة، وتساعد تلك التقنية على تطوير الجهاز الدهليزي والتوازن. كما تستخدم العكاكيز والكراسي المتحركة حسب حاجة الطفل ويتم تأهيله على طريقة استخدامها. ثم تنتقل بالحديث عن تطوير الجهاز الحسي قائلة: عادة ما يكون هذا الجزء من اختصاص المعالج المهني وليس الطبيعي، حيث تستخدم تقنيات عدة لتطوير السمع والنظر والإحساس عن طريق الأضواء والأجراس وأجسام بملمس مختلف خشن وأخرى ناعمة حتى يتعرف الطفل إلى أنواع مختلفة من الملامس.
وحول الهاجس الذي يراود ذوي الطفل المصاب بالشلل الدماغي عن مراحل تطور الحالة فمتى يمشي ومتى يندمج في أنشطته مثل الأطفال العاديين تقول د. آية الغوطي: كل ما نملك أن نقوله في حال استمرار الطفل على العلاج الطبيعي بشكل يومي ومكثف سوف تأتي بنتائج إيجابية ولكن تختلف الاستجابة من طفل لآخر، فهناك من تستغرق استجابته للعلاج الطبيعي سنة وآخر قد يستغرق أشهر قليلة ليتمكن من التحكم برأسه. لهذا من وجوب الأهمية على الأهل الالتزام بالتمارين والجلسات لمنع تدهور الحالة والسير قدماً في سبيل تحسنها، كما يجب عليهم دائماً الصبر وتشجيع الطفل فهو عامل مهم جداً في سبيل العلاج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"