إشارات الجسم ومؤشرات المرض

ليست جزافاً

يقول الدكتور يورغان شيفر الأستاذ في جامعة ماربورغ الألمانية إنه ينبغي أحياناً أخذ "الإشارات البيولوجية" التي يصدرها الجسم بجدية كبيرة، لأن الجسم لا يصدرها جزافاً، مضيفاً "إن متابعة ومراقبة الجسم، يمكن أن تساهم حتى في إنقاذ حياة الإنسان، فبذلك يفتح المجال أمام البدء مبكراً باتباع العلاج المناسب" .
ويشير الدكتور يورغان شيفر إلى احتشاء عضلة القلب كمثال، حيث يمكن أن يترافق لدى النساء بالغثيان، أو بضغط في الجزء العلوي من البطن أو ضيق في التنفس، الأمر الذي يمكن أن يشير إلى قصور حاد في وظائف القلب .
وقال إنه حتى بالنسبة للرجال، لا يعتبر الألم الحاد الشائع في الصدر، المؤشر الوحيد الدال على وجود خطر الاحتشاء . فقد تكون هناك أعراض أخرى تتمثل في ألم شديد في منطقة الكتف الأيسر والفك العلوي . وغالباً ما تكون هذه علامات إنذار مبكر فقط عندما تكون الإصابة بالاحتشاء في بدايتها .

التشخيص الذاتي وخطر الإنترنت

ويؤكد الدكتور يورغان شيفر أن التشخيص الذاتي غالباً ما يكون صعباً، فلدى تساقط الشعر بشكل حاد مثلاً، يمكن أن تكون الغدة الدرقية مسؤولة عن ذلك، فقد يكون هناك نقص أو زيادة في مادة اليود . وعندما تطرأ بحة على الصوت مثلاً، فإن الحبال الصوتية ليست هي التي تقف دائماً وراء ذلك، إذ قد يكون ارتفاع الحموضة في المعدة هو السبب في بعض الأحيان .
وبالنسبة للأشخاص العاديين، فمن الصعب تفسير الأعراض والإشارات التي يصدرها الجسم بشكل صحيح . لذا يلجأ على سبيل المثال أكثر من خمسين في المئة من الألمان إلى البحث عن التشخيص على شبكة الإنترنت، وهو أمر محفوف بالمخاطر، لأنه يصيب أحياناً ويخطئ في أحيان أخرى .

علامات تحذير واضحة

ولا ينصح الدكتور يورغان شيفر بتجاهل علامات التحذير الواضحة، ويقول إنه إذا طرأت أعراض مفاجئة لم تكن موجودة من قبل، فيجب أن تؤخذ هذه العلامات التحذيرية بجدية . وبناء عليه فإن استشارة الطبيب بشكل سريع أمر مهم إذا لوحظت أي منها وهي:
فقدان سريع للوزن دون اتباع حمية غذائية، فقد يكون دليلاً على اضطراب في الهرمونات أو حتى على الإصابة بالسرطان .
الإحساس بضيق في الصدر أو في التنفس أثناء ممارسة الرياضة، فهذا إنذار على خلل في وظائف القلب .
ملاحظة الدم في البراز أو البول أو المخاط والسعال، يمكن أن يكون مؤشراً على وجود ورم . وبالرغم من أن التشخيص يظهر أن هذه الأعراض حميدة في معظم الحالات، فإنه من الحكمة التعامل معها بحذر وجدية .

المسكنات قد تفاقم المشكلة

يؤكد الباحثون أن الجسم يرسل إشارات تحذيرية للدلالة على وجود خلل ما يجب علاجه والتعامل معه في بداياته قبل تفاقمه، ويغفل الكثير من الناس عن هذه التحذيرات ويتعامل معها بشكل سطحي بتناول مسكنات الألم دون معرفة السبب الحقيقي من ورائها، ودون معرفة أن تناول المسكنات في بعض الحالات قد يفاقم المشكلة بدلاً من أن يخففها .
وتشير الدراسات إلى أن السبب وراء العديد من المشاكل الصحية يكمن في العادات الغذائية السيئة، التي تؤدي إلى ازدياد في تركيز بعض العناصر الغذائية أو تناقصها مسببة العديد من الأمراض .
ونورد فيما يلي مجموعة من الإشارات التي تنبئ بضرورة تغيير النظام الغذائي المتبع في الوقت الحاضر في حال ظهورها وهي:

فقدان الشعر

يقول باحثون إن فقدان الشعر المبكر عند الرجال قد يكون مؤشراً على زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستات مستندين بذلك إلى نتائج دراسة فرنسية أظهرت أن الذين يعانون سرطان البروستات بدأوا بالصلع على الأرجح، فترة المراهقة .
وقال الباحثون في مستشفى "جورج بومبيدو الأوروبي" بباريس إن الرجال الذين أصيبوا بسرطان البروستات كانت قد بدأت علامات الصلع تبدو عليهم في عمر العشرين أكثر على الأرجح أكثر بمرتين ممن لم يصابوا بالمرض .
وقال الباحثون إن الذين يصابون بالصلع في الثلاثينات أو الأربعينات من العمر لا يبدو أنهم يواجهون ارتفاعاً مماثلاً لخطر الإصابة بهذا النوع من السرطان .
إلا أن العلماء أشاروا إلى أن من يبدأ لديهم فقدان الشعر في العشرينات لا يزيد خطر إصابتهم بسرطان البروستات في وقت مبكر، ولا تنمو لديهم الأورام بشدة أكثر .
وقال الطبيب فيليب غيراد المسؤول عن الدراسة "حالياً، لا يوجد دليل دامغ يظهر أية فائدة من إجراء عامة الرجال لفحص سرطان البروستات . . نحن نحتاج لطريقة تحدد الرجال الأكثر عرضة لهذا المرض" .
وقال "إن الصلع في عمر 20 قد يكون أحد عوامل الخطر السهل تحديدها، والأمر يحتاج لمزيد من العمل للتأكد من ذلك .
ويقول الخبراء إن بصيلات الشعر تتطلب تغذية مناسبة للحفاظ على صحتها، وتسبب بعض أنواع الحمية التي تفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية تساقط الشعر، وتبين الدراسات ضرورة احتواء النظام الغذائي على البروتينات والأحماض الدهنية وفيتامين "سي" والزنك والحديد للحفاظ على صحة الشعر وحمايته من التساقط .

الشيخوخة المبكرة

يقول علماء بريطانيون إن تعابير الوجه تعكس الحالة النفسية والصحية للإنسان وتكشف عن الشعور الذي يكنه للآخرين .
فالوجه في الحقيقة هو "مرآة" الإنسان، ذلك أن تعابير الوجه مثلاً تكشف عن مشاعر رقيقة حيال الآخرين أو تخفي غيظاً ومقتاً لهم، كما قد تكون مؤشراً على الحالة الصحية والنفسية له .
ويقول العلماء البريطانيون إن الجلد يفرز خلال النهار كمية إضافية من الزيت لحمايته من المؤثرات الخارجية مثل الارتفاع في درجة الحرارة ولمنع تعرضه للأوساخ والتلوث . وحالة الجلد تكشف عن نمط حياة الناس، فإذا كان الجلد جافاً جداً فهذا يعني أن الحمية الغذائية غير متوازنة، مشيرين إلى أن الشيخوخة المبكرة قد يكون سببها التعرض المفرط لأشعة الشمس، لكن الأنف الأحمر الذي تكسوه طبقة دهنية، أو ظهور عروق نافرة في الجسم قد يكون مؤشراً على الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات الكبد .
أما شحوب الوجه وميل الجلد إلى الاصفرار فقد يعني أن الشخص مصاب بمرض في الكبد أو الطحال أو ضعف الغدد، والتشققات على جانبي الوجه قد تعني وجود نقص في فيتامين D أو اضطراباً في الجهاز الهضمي .
وتساعد بعض أنواع الأطعمة على تأخير شيخوخة البشرة وتعزيز نضارتها وشبابها، وتشير دراسة أجريت عام 2012 إلى أن اتباع نظام غذائي يحتوي على مختلف أنواع الفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة يفيد في تأخير مظاهر الشيخوخة والحفاظ على نضارة البشرة .

مشاكل الفم

حتى لو كانت أسنانك بيضاء ناصعة وخالية من الجير، وشفتاك رائعتين ومفعمتين بالحياة، قد يكون هناك العديد من المؤشرات التي يرسلها فمك لتبشرك بوجود أخطار صحية متعددة .
فقد تبين وفق الدراسات الطبية أن العديد من المؤشرات التي تظهر في منطقة الفم غالباً ما تكون مرتبطة بعدد من المشاكل الصحية التي تصيب جسد الإنسان كالخلل في الهرمونات، والتوتر والضغط والأمراض القلبية .
فخلال فترة الحمل غالباً ما تعاني المرأة نزيف اللثة، وذلك لا يعود سببه لوجود مشكلة في الأسنان بل بسبب ارتفاع في نسبة الهرمونات في جسدها . وينطبق الأمر نفسه عند وصول المرأة لمرحلة الطمث . وإذا كانت زوايا الفم حمراء فهذا دليل على وجود نقص فيتامين B6 في الجسم . كما أن وجود ورم في اللسان أو في حال احمراره هو إشارة لنقص في مستوى الحديد . ويمكن أن يشير اللسان الشاحب إلى وجود فقر الدم .
وقد تبين أن الشقوق والتصدعات التي تظهر في الأسنان غالباً ما تكون يسبب تزايد أحماض المعدة المنبعثة أثناء النوم .
أما رائحة الفم الكريهة فقد تكون مؤشراً على وجود مشاكل معوية أو في الكلى أو الكبد . فقد أظهرت الدراسات الطبية أن تزايد البكتيريا في معدة المريض يؤدي إلى ظهور رائحة فم كريهة . كما أنه في حال كان لمصاب داء السكري رائحة نفس كريهة قريبة من رائحة العفن، فهذا يعني أن علاجه ليس تحت السيطرة ومن الضروري زيارة طبيبه على الفور .
ويقول الباحثون إن الأسنان البالية التي يرافقها الصداع الصباحي وألم الفك قد تكون مؤشراً على أن الشخص يعاني ضغطاً نفسياً، حيث تبين أن التوتر والإجهاد هما السبب وراء الأسنان البالية التي هي مجرد بداية، خاصة إذا كان الشخص يعاني عادة الصرير التي تؤثر في جهاز المضغ بكامله، من العظام التي تحيط الأسنان إلى العضلات التي تحرك الفك . والمعروف أن صرير الأسنان يمكن أن يسبب كسوراً في الفك أو آلاماً في العضلات أو في الرقبة . كما أن الصداع النصفي، الأكثر شيوعاً لدى النساء، مرتبط بصرير الأسنان .
وتدل الدراسات الحديثة على أن أمراض والتهاب اللثة هي مؤشرات على مشاكل القلب، حيث ينتقل نوع من البكتيريا المتكونة في الفم إلى الأوعية الدموية وتشكل نوعاً من الطبقة أو البلاك في الشرايين . ومن المعروف أن البكتيريا تنتشر في الجسم بأكمله، وبالتالي فإن التهاب اللثة حول سن واحد فقط يجعل البكتيريا موجودة في مجرى الدم . لذلك يعمل جسم الإنسان على إزالة هذه البكتيريا طوال الوقت لأنها تهديد يجب القضاء عليه، ما يتعب الجهاز المناعي . وهذا النوع من البكتيريا يشكل طبقة حول الأوعية الدموية يمكن أن يسبب مشاكل في شريان القلب ويعرف بالشريان التاجي . وينصح الأطباء بأنه في حال كان الشخص يعاني أمراض اللثة أن يكثر من العناية بأسنانه وينظفها بالكامل لدى طبيب الأسنان لتقليل الالتهابات ومساعدة الجسم بكامله .

ضيق التنفس المفاجئ

يعاني أشخاص كثيرون التعب الشديد، والشعور بضيق في التنفس، حتى مع بذل أقل مجهود، وهذا لا يعني بالضرورة نقص اللياقة البدنية لديهم، لكن قد يكون مؤشراً إلى الإصابة بأمراض كثيرة، منها على سبيل المثال تصلب الشرايين والربو .
وفي بعض الحالات يرجع سبب اللهاث الشديد، وضيق التنفس إلى ارتفاع ضغط الدم الرئوي . ونادراً ما يحدث هذا المرض، لكنه يظل غير مكتشف لفترة طويلة في أغلب الأحيان، وهو الأمر الذي يؤدي إلى الوفاة في كثير من الحالات .
وينصح أطباء ومختصون بضرورة إجراء الفحوص الطبية للوقوف على أسباب ضيق التنفس المفاجئ والوقاية من مضاعفاته .
ويقول مدير قسم أمراض الرئة بالمستشفى الجامعي بمدينة غرايفسفالد شمال شرقي ألمانيا، البروفيسور رالف إفيرت، إنه يتم ضخ الدم من البطين الأيمن عبر الشرايين الرئوية، إذ يتم إمداد الدم بالأكسجين . ومن هنا يتدفق الدم إلى البطين الأيسر، الذي يقوم بنقله إلى الدورة الدموية . وفي الشخص السليم يستقر متوسط ضغط الأوعية الدموية بين البطين الأيمن والأيسر عند قيمة 15 ملليمتر زئبق تقريباً، أما إذا بلغ متوسط الضغط 25 ملليمتر زئبق أو أكثر، فإن ذلك يُعتبر أمراً مقلقاً وخطراً للغاية، وهذا ما يُعرف باسم مرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي .

فقدان الذاكرة وقلة التركيز

يحتاج الدماغ كغيره من أعضاء وأجهزة الجسم إلى الغذاء المناسب لتأدية وظائفه على أكمل وجه، وفي حال عدم حصوله على حاجته من الغذاء يتراجع أداؤه بشكل ملحوظ مسبباً بعض الأعراض كفقدان الذاكرة الموقت وقلة التركيز في إنجاز المهام اليومية .
وعلى الرغم من أن العديد من الناس يعانون نوبات عرضية خفيفة من النسيان إلا أن فقدان الذاكرة التدريجي قد يكون مؤشراً على وجود اضطراب آخر نتيجة عوامل عديدة، بما فيها النظام الغذائي، الذي قد يلعب دوراً في تطوير مشاكل الإدراك ومنها فقدان الذاكرة ويمكن لكمية الملح في مجرى الدم أن يكون لها تأثير في الذاكرة .
ووفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية فإن هناك مناطق معينة من الدماغ بمثابة وحدة لتخزين الذكريات حيث يعتقد الباحثون أن قشرة الدماغ تلعب دوراً في تخزين واسترجاع الذكريات القديمة في حين يساعد الحصين في تشكيل ذكريات جديدة والمهاد يقوم بتخزين هذه الذكريات الجديدة، ويمكن لهفوات الذاكرة المتكررة التي تؤثر في روتينك العادي أن تكون من أعراض فقدان أخطر للذاكرة .
أما قلة التركيز فقد تكون مؤشراً على الاكتئاب . وفي هذا الصدد يحذّر مختص العلاج النفسي الألماني الدكتور كريستوف كروغر من أن فقدان التركيز أثناء العمل بشكل متكرر يعد مؤشراً إلى بداية الإصابة بالاكتئاب . كما يحذر من أن تجنب الموظف الدخول في مشاحنات مع زملائه بشكل مفاجئ وعلى نحو يتعارض مع سلوكه الطبيعي، يُعد من المؤشرات التحذيرية الدالة على بداية الإصابة بالاكتئاب . ولذلك يشددّ الدكتور كروغر على ضرورة أن يستشير الموظف طبيباً مختصاً بأقصى سرعة ممكنة عند ملاحظة مثل هذه الأعراض؛ لأنه كلما تم اكتشاف الإصابة بالاكتئاب بشكل مبكر، زادت فرص علاجه بنجاح .
ويؤكدّ كروغر أنه لا يُوجد أي داع للذعر، إذا ما شعر الموظف مثلاً بفقدان الدافعية للقيام بمهام عمله لبضعة أيام، إذ إنه من الطبيعي أن يشعر أي موظف بذلك من آن لآخر، أو حتى على مدار بضعة أيام في بعض الأحيان .

السمنة أو النحافة المفرطة

تشير زيادة الوزن إلى وجود خلل في نظام الحمية المتبع وكذلك الحال بالنسبة لفقدان الوزن المفاجئ، لذلك يجب العمل على اتباع نظام غذائي مناسب يحقق الاعتدال ويحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية في كلتا الحالتين . و تعرّف حالات السمنة وفرط الوزن على أنّها تراكم الدهون بشكل شاذ ومفرط قد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض .
ويُعد منسب كتلة الجسم مؤشّراً بسيطاً للوزن مقابل الطول يُستخدم عادة لتصنيف فرط الوزن والسمنة بين البالغين من السكان والأفراد عموماً . ويُحسب ذلك المنسب بتقسيم الوزن (بالكيلوغرام) على مربّع الطول (بالمتر) (كيلوغرام/ م2) .
ويُعد منسب كتلة الجسم أفضل الوسائل لقياس فرط الوزن والسمنة لدى السكان، ذلك أنّه يُحسب بالطريقة ذاتها لدى الجنسين ولدى جميع البالغين من كل الأعمار . غير أنّه يجب اعتبار الأرقام التي يتيحها أرقاماً تقديرية لأنّها قد لا تعكس نسبة الدهون ذاتها لدى مختلف الأفراد .
وتعرّف منظمة الصحة العالمية "فرط الوزن" على أنّه الحالة التي يبلغ فيها منسب الجسم 25 أو يتجاوز تلك النسبة، وتعرّف "السمنة" على أنّها الحالة التي يبلغ فيها ذلك المنسب 30 أو يتجاوز تلك النسبة . وتُعد هاتان النسبتان الحدّيتان مرجعاً هاماً لتقييم فرط الوزن والسمنة لدى الأفراد، غير أنّه ثمة بيّنات تدلّ على أنّ مخاطر الأمراض المزمنة تزيد تدريجياً عندما يساوي منسب كتلة الجسم 21 .
وتتضمن المعايير الجديدة لنمو الأطفال التي وضعتها منظمة الصحة العالمية ونشرتها في إبريل/ نيسان 2006 مَناسب كتلة الجسم الخاصة بالرضّع وصغار الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم خمس سنوات . بيد أنّ حساب فرط الوزن والسمنة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً من الأمور الصعبة نظراً لعدم وجود تعريف معياري لسمنة الطفولة يمكن تطبيقه في جميع أنحاء العالم . وتعكف المنظمة حالياً على وضع مقاييس مرجعية دولية تتعلّق بنمو الأطفال الذين بلغوا سن الدراسة والمراهقين .
وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن حالات فرط الوزن والسمنة تؤدي إلى آثار صحية وخيمة . وتتزايد المخاطر تدريجياً مع تزايد منسب كتلة الجسم . وارتفاع ذلك المنسب من عوامل الاختطار الرئيسية المؤدية إلى الإصابة بأمراض مزمنة من قبيل:
* الأمراض القلبية الوعائية (أمراض القلب والسكتة بالدرجة الأولى)- وتمثّل هذه فعلاً أولى مسبّبات الوفاة على الصعيد العالمي، إذ تفتك بنحو 17 مليون شخص في كل عام .
* السكري- الذي سرعان ما أصبح وباءً عالمياً . وتشير إسقاطات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ وفيات السكري ستسجل في السنوات العشر القادمة ارتفاعاً تفوق نسبته ال50% في جميع أرجاء العالم .
* الاضطرابات العضلية الهيكلية- وبخاصة الفصال العظمي .
* بعض أنواع السرطان (سرطان بطانة الرحم، وسرطان الثدي، وسرطان القولون) .
وبالمقابل فإن للنحافة الشديدة بعض التأثيرات السلبية في جسم المصاب بها، منها ما هو بسيط، كالتأثر ببرودة الطقس، وذلك لفقدان الجسم الطبقات الدهنية التي تعمل عازلاً وقائياً للجسم من الطقس البارد، لذا يتأثر الجسم النحيف أكثر بالمناخ البارد أثناء فصل الشتاء . ومنها ما هو أشد سلبية، كسهولة التعرض للكسور أثناء الإصابات والحوادث، ويعود الأمر في ذلك لأن نسبة احتمالات الإصابة بمرض هشاشة العظام لديهم أعلى من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي، كما ويسهل عليهم الإصابة بالإعياء الشديد والجفاف لدى إصابتهم بالإسهال أو النزلات المعوية أو الحمى .

الشعور الدائم بالتعب

يعد مؤشر الطاقة من أهم المؤشرات التي تدل على كفاءة النظام الغذائي، وتبين الأبحاث والدراسات أن النظام الغذائي الغني بالكربوهيدرات والفقير بالبروتينات يقلل من مستوى النشاط أثناء النهار، لذلك ينصح دوماً باتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على نسب معتدلة من مختلف العناصر الغذائية .
وتحذر الدكتورة كاثرينا لاريش، من جامعة لايبزغ الألمانية من أن التعب الدائم كحالة تدل على معاناة الإنسان من أمراض صامتة، ومن أمراض خطرة في بعض الأحيان .
وقد كشفت دراسة جديدة أجراها اتحاد شركات التأمين الصحي في ألمانيا أن نصف العاملين والموظفين يعانون حالات الإرهاق لنحو ثلاث مرات في الأسبوع، وهذا يشمل نحو 20 مليون ألماني . إلا أن عدد الذين يعانون حالة إرهاق يومية، حسب معطيات شركات التأمين، لا يقل عن 4 ملايين إنسان من الجنسين، وهو ما اضطر خبراء شركات التأمين إلى تسمية التعب اليومي بالمرض الشعبي الأول في ألمانيا .
وذكر الباحث يورجن شوستر أن اضطراب النوم كان السبب الرئيسي وراء هذه الحالة في ألمانيا . وثبت ذلك علمياً من خلال إخضاع آلاف من الذين يعانون التعب الدائم إلى الفحوص السريرية في مختبرات النوم . وعدا عن المشكلات العائلية وإجهاد العمل، فإن حالة انقطاع التنفس أثناء النوم كانت المسؤول الأول عن الأرق، وهي حالة تنجم عند نوم الإنسان على ظهره، وبسبب ضعف عضلات الرقبة والحلقوم، وتتفاقم بسبب سقوط اللسان إلى الخلف . وينقطع نفس الإنسان عندها لأقل من دقيقة ثم يطلق الجسد إنذاراته الكفيلة بدفع النائم للاستيقاظ وهو يعاني ضيق التنفس . وطبيعي فإن الحالة تتفاقم لدى الأشخاص البدينين في المساء، خصوصاً بعد تعاطي الكحول والطعام الدسم . كما تنتشر الحالة بين غير الرياضيين وبين الذين يعانون ضعف عضلات الرقبة .
وفي مختبرات النوم، ظهر أن ضعف عضلات الرقبة يؤدي إلى حالة انقطاع النفس أثناء النوم . وكشفت تخطيطات النوم التي أخذت للمعانين حالة الإرهاق الدائم أن التنفس ينقطع مرات عدة يومياً، ويسبب ذلك حالة الشعور بالتعب صباحاً . وثبت أيضاً أن عازفي آلات النفخ الموسيقية هم أقل البشر تأثراً بانقطاع النفس مساء بسبب دور النفخ في تقوية عضلات رقابهم
ولا تقل كثرة النوم ضرراً عن قلته من الناحية الصحية . فقد ثبت أن من ينام كثيراً، حاله حال قليلي النوم، يعاني أكثر من غيره الاكتئاب وأمراض القلب والدورة الدموية . والمعدل الصحي للنوم هو 8 ساعات يومياً بالنسبة للبالغين، وهو ما يحفظ لهم الصحة والوعي الكافيين .
ويميل الباحث شوستر إلى تفسير أمراض كثيري النوم على أنها السبب المباشر للبقاء في ظلام غرف النوم وبالتالي تلقي أقل قدر من فيتامين (د) . وفي مختبرات النوم، اتضح أن النوم ليوم واحد لفترة طويلة أكثر من 8 ساعات لا يكفي لتعويض المعانين قلة النوم، والإعياء، عن الطاقة التي يحتاجون إليها . فالقضية لا تتعلق بطول فترة النوم وإنما بعمقه، وينصح شوستر لذلك بتوفير أجواء نوم عميق لفترة 7 - 8 ساعات تكفي الإنسان لاستعادة قواه بعد فترة إرهاق طويلة نسبياً .
وتقول الدكتورة كاثرينا لاريش إن اضطراب النوم ليس السبب الوحيد لحالة الإرهاق اليومي التي يعانيها البعض .
وأشارت إلى أنها قد تكون انعكاساً لأمراض صامتة لا يدري الفرد أنه يعانيها، وربما هي تعبير عن مرض خطر . وتنصح من يعاني التعب، رغم نومه الجيد، بأن يراجع الطبيب في الحال . وكمثال، فقد كان اضطراب الغدة الدرقية وانخفاض الضغط ونقص الحديد من أكثر أسباب التعب اليومي عند النساء، في حين كانت أمراض القلب والسكري والأمراض السرطانية المختلفة من أكثر أسباب حالة الإعياء النهارية التي يعانيها الذكور .
والخبر السار، حسب لاريش، هو أن الإرهاق اليومي قد يكون إيجابيا، بمعنى أنه ناجم عن إشارات يطلقها الجسد محذراً صاحبه من أن عظامه بحاجة إلى شيء من الراحة . وهذا يحصل مع الموظفين النشطين، والعمال المناوبين، الذين يؤدون أعمالاً جسدية، كما يحصل مع الكتاب والفنانين الذين تجرفهم خيالاتهم طوال الوقت وتتسبب بتعب أدمغتهم . وحالة الإرهاق تتفاقم بالطبع في فصل الشتاء حيث يقل النور ويذهب الإنسان إلى العمل في جو مظلم ومن ثم يعود إلى البيت، بعد انتهاء العمل، في جو مظلم أيضاً .
وكانت دراسة بريطانية قد أشارت إلى حالة من الخمول والإجهاد المستمر قد تصيب المرء، مسبّبةً له زيادةً في الوزن نتيجة قيام الجسم بتخزين الطاقة على شكل دهون . وكشفت نتائج الدراسة عن وجود نوع من العدوى الفيروسية المزمنة بالمعدة لدى 60 % من المصابين، يُعتقد أنها شكل من فيروس التهاب النخاع السنجابي، يهاجم المخ مسبّباً الشعور بالإجهاد والتعب المزمن . وقد أطلق الباحثون تسمية "الداء الغامض" على هذه الحالة التي لوحظ أن 90 % من المصابين بها يعانون أعراضاً مشابهة لأعراض الإنفلونزا الحادّة بشكل دائم .

مشاكل الهضم

يسبب نقص الألياف مشاكل عديدة للجهاز الهضمي ومن بينها الإصابة بالإمساك والإسهال وبطء في امتصاص الغذاء من قبل الأمعاء الدقيقة، ويحتاج جسم الإنسان إلى كمية من الألياف بمعدل 25 غراماً بالنسبة للنساء و38 غراماً للرجال .
ويقول أطباء الجهاز الهضمي إن إخراج الغازات من الجسم هي عملية طبيعية، لكن زيادة حدوثها قد يدل على مشاكل وأمراض خطرة في الجهاز الهضمي كنقص الإنزيمات مثلاً، حيث يدل انتفاخ البطن على نقص بعض المكونات في عملية الهضم، وبالتالي وجود بقايا أكثر من الأطعمة داخل القناة الهضمية، وقد تدل على اضطرابات في أعداد البكتيريا .
ويحذر الأطباء من تغير الرائحة إلى الكريهة جداً، حيث يعتبر ذلك دليلاً على العدوى أو نزيف داخل الجهاز الهضمي بسبب الإصابة بالقرحة أو غيرها . ويقول الدكتور أنيش شيث أستاذ أمراض الجهاز الهضمي في جامعة برينستون، إن نمط الغازات يعبر عن النمط الغذائي، حيث تزيد كمياتها بزيادة الأطعمة الغنية بالغازات، كما يدل التغير على تغير حالة الجهاز الهضمي . موضحاً أن الغازات تنتج من عمل بكتيريا الأمعاء على تحليل بقايا الأطعمة، بعد إتمام عملية هضمها، وتخرج نواتج هذا التحليل في هيئة غازات . وأكد الدكتور شيث أن معظم الغازات تنتج من تحلل الكربوهيدرات، كالسكريات والنشويات والألياف، وهذا السبب في أن النباتيين لديهم معدل أعلى من الغازات مقارنة بآكلي اللحوم .
أما الدكتورة جينا سام، مديرة مركز الجهاز الهضمي في مستشفى جبل سيناء بنيويورك، فتؤكد أن هناك أطعمة معينة تعمل على زيادة الغازات، كالفاصوليا والقرنبيط والردة والمشروبات الغازية، ولابد من تقليل تلك الأطعمة وتناول بروتينات أعلى لتقليل إنتاج الغاز .

سهولة التقاط الأمراض

يؤدي نقص العناصر الغذائية الأساسية في الجسم إلى إضعاف جهاز المناعة الذي يعد خط الدفاع الأول والحصن المنيع ضد الأمراض، ويحتاج الجسم إلى الفيتامينات والمعادن بشكل أساسي لتعزيز قدرة جهاز المناعة على محاربة الأمراض .
ويقول أطباء أمريكيون إن الخطوة الأولى لمنع التقاط العدوى والأمراض خاصة في المدارس تكون بغسل الطلاب ومدرسيهم لأيديهم بعد خروجهم من المرحاض وقبل وبعد تناول الطعام .
وحث خبراء صحيون في مركز "لايف بريدج هلث" في بالتيمور، والمسؤول عن تشغيل كل من مستشفى سايناي ونورث وست المدرسين والطلاب على غسل أيديهم باستمرار خلال اليوم من أجل منع نقل الجراثيم من شخص إلى آخر والتسبب بانتشار الأمراض .
وقال هؤلاء إنه يتعين على كل واحدٍ من ال 82 مليون طالب ومدرس الذين يشكلون نحو ربع سكان الولايات المتحدة، غسل أيديهم من وقت إلى آخر خلال اليوم من أجل ضمان عدم نقل الجراثيم في المدارس .
وأوضح هؤلاء أن غسل اليدين يساعد على منع الإصابة بالأمراض ونقل الجراثيم وانتشارها عن طريق فرك العينين أو الأنف أو لمس الوجه .
وفي هذا السياق، قالت ماري والاس من مستشفى نورث وست لايف بريدج لمكافحة الالتهابات "إن اليدين تلتقطان الكثير من الجراثيم، ومن المهم جداً غسل اليدين عند الخروج من المرحاض، وكذلك قبل وبعد الانتهاء من تناول الطعام" .
ووافق على ذلك الدكتور جون سمار من مستشفى سايناي في لايفبريدج الذي قال "إني أنصح دائماً بعدم تناول الطعام في مطاعم مشكوك في اتباعها قواعد النظافة من أجل الوقاية من الأمراض" .

صعوبة التئام الجروح

يحتاج الجسم إلى الحصول على الغذاء المناسب لإعادة إنتاج خلايا جديدة بدل الخلايا التالفة ويساعد ذلك على التئام الجروح بشكل سريع، ويؤدي نقص بعض العناصر الغذائية في الجسم إلى تأخر التئام الجروح وشفائها .
ولكن بطء التئام الجروح يعتبر في الوقت نفسه الدليل الأكثر بروزاً وشيوعاً على احتمال الإصابة بالنوع الثاني من السكر، ومن مضاعفات السكر أن تصاب الشرايين بالتصلب أي أن تصبح جدران الأوعية الدموية أكثر سماكة، وبالتالي أقل اتساعاً أمام مجرى الدم . ومن شأن هذه التغيرات أن تجعل حركة كريات الدم البيضاء في الأوعية أكثر صعوبة، وبما أن من بين وظائف هذه الكريات محاربة الالتهابات في حال وجود جروح، فتأخر وصول الكريات البيضاء إلى الجروح يسبب تأخر التئامها . ومع بطء التئام الجروح هناك أيضاً العديد من الدلائل المؤكدة والغريبة على الإصابة بالسكر . كما أن التنميل في اليدين أو القدمين من الدلائل التي يتجاهلها معظم الناس الذين يربطون الشعور بخدر (تنميل) في القدمين أو في اليدين بطريقة الجلوس أو لطول فترة الجلوس، لكن في الحقيقة قد يكون هذا الشعور دليلاً على الإصابة بالسكر . ومن الدلائل الأخرى التي يتجاهلها الكثيرون: الشعور الزائد بالعطش والجوع وكثرة التبول، ربما كل ساعة والشعور بالتعب والهزال وزغللة البصر والشعور بالغثيان وربما الرغبة في التقيؤ وظهور الفطريات وجفاف الفم وكثرة الحكاك ،خاصة أسفل البطن وفقدان الوزن أو زيادته بصورة غير طبيعية والصداع والعجز الجنسي حيث يقدر أن ما بين 35 إلى 70% من الرجال المصابين بالسكر يعانون العجز الجنسي الكامل أو الجزئي . ومن الدلائل الغريبة أن المرأة التي تلد طفلاً يزيد وزنه على أربعة كيلوغرامات تكون أكثر من غيرها عرضة للإصابة بالنوع الثاني من السكر بعد الولادة .