الحمى الروماتيزمية .. تبدأ من التهاب الحلق

01:53 صباحا
قراءة 5 دقائق
الحمى الروماتيزمية مرض التهابي، يحدث بسبب مضاعفات التهاب الحلق أو اللوزتين، ويكون الالتهاب في الغالب متكرراً وغير معالج بشكل كاف، وينتج الالتهاب نتيجة العدوى بالبكتيريا العقدية، حيث ينتج الجسم أجساماً مضادة تهاجم هذه البكتيريا، وتحتوي البكتيريا العقدية على بروتين يشبه بروتيناً موجوداً في بعض أنسجة الجسم، فيقوم الجهاز المناعي للشخص بمهاجمة هذه الأنسجة، التي منها القلب والمفاصل والجلد والجهاز العصبي المركزي.
فينتج عن ذلك أعراض الحمى الروماتيزمية، وهناك مجموعات عديدة من البكتريا العقدية، إلا أن المجموعة الوحيدة التي تسبب الحمى الروماتيزمية هي المجموعة «أ»، وعلى الرغم من أن عدوى البكتيريا العقدية تعد سببا شائعا للغاية لالتهاب الحلق أو اللوزتين في فئة أطفال المدارس بالتحديد، إلا أنه ليس كل الأطفال المصابين بالتهاب الحلق أو اللوزتين يصابون بالحمى الروماتيزمية.
الالتهاب العابر

لا يتذكر أكثر من 40% من مرضى الحمي الروماتيزمية إصابتهم بالتهاب الحلق قبل حدوث الحمى الروماتيزمية، وهذا يعني أن التهاب الحلق يمكن أن يكون عابرا لا تظهر له أي أعراض يشعر بها المريض، وغالباً تصيب الحمي الروماتيزمية الأطفال بداية من عمر 4 سنوات وحتى 14 سنة، وتؤثر الحمي الروماتيزمية على 4 أجهزة في الجسم هي القلب، والمفاصل، والجلد، والدماغ، وتم وصفها من قبل عالم فرنسي منذ أكثر من 120 سنة، بأنها تبدأ في الحلق وتلحس المفاصل وتعض القلب، وبالفعل فإن الحمى الروماتيزمية تمر على المفاصل مرور الكرام، ثم تسبب التهابا في المفاصل، ولكنها لا تدمرها كما يحدث في مرض روماتيزم المفاصل، وفي المقابل تسبب الالتهابات في صمامات القلب وتدمرها بالتكلس وتليف الصمامات، وتعطل عملها بالارتجاع أو التضييق، وأكثر الصمامات تأثرا هو الصمام المترالي يليه الأورطي ثم ثلاثي الشرفات، وأقلها تأثرا هو الصمام الرئوي، وهذا عكس مرض الروماتيزم الذي يدمر المفاصل على المدى البعيد، ولكنه لا يؤثر كثيرا في صمامات القلب.
التهاب المفاصل الانتقالي

عادة ما يظهر لمرض الحمى الروماتيزمية عدد من الأعراض، تكون لها طابع متفرد عند كل مريض، وتبدأ أعراض الحمى الروماتيزمية بعد مرور من أسبوعين إلى 3 أسابيع من التهاب الحلق أو اللوزتين، ويمكن أن تحدث بعد أسبوع واحد، وتسبب ارتفاعا في درجة حرارة الجسم، وآلاما والتهابا وانتفاخا في عدد من المفاصل، وأحيانا يبدأ الألم بمفصل واحد، وينتقل لآخر، ويسمى حينها التهاب المفاصل الانتقالي أو المؤقت، وتبدو المفاصل المصابة حمراء منتفخة ساخنة ومؤلمة عند الحركة، وعادة ما تختفي علامات الالتهاب في المفاصل بعد فترة بسيطة لا تتجاوز 48 ساعة، ولكن إذا لم تعالج الحالة تصاب مفاصل أخرى بالالتهاب، وأكثر المفاصل إصابة مفاصل الرسغين والمرفقين والركبتين والكاحلين، ونادرا ما تصاب مفاصل أصابع اليدين أو القدمين، كما يشعر المريض بألم في الصدر، وسرعة ضربات القلب، والتعب، وضيق في التنفس، والطفح الجلدي أقل الأعراض شيوعا، ويبدو كحلقات حمراء غير مؤلمة، مع كون لون الغطاء الجلدي طبيعيا، ويمكن عدم ملاحظتها نظرا لخفتها وظهورها بشكل عابر، وينتاب الشخص حركات لا إرادية، وغالباً ما تحدث في اليد أو القدم أو الوجه، كما يبدو المريض متعرقا وشاحبا.
خفيفة وشديدة

وإذا كانت هجمة الحمى الروماتيزمية خفيفة، فمن الممكن ألا تبدو أي أعراض خاصة تشير إلى إصابة عضلة القلب، ولهذا تمر الحالة مرور الكرام دون تشخيص، أما إذا كانت هجمة الحمى الروماتيزمية شديدة، فتكون الأعراض أكثر وضوحا، ويمكن أن يشكو المريض حينئذ من ضيق النفس، عند القيام بالجهد أو حينما يكون مستلقيا على السرير، كما يمكن أن يظهر انتفاخ في الساقين، وتكرر حدوث نوبات الحمى الروماتيزمية دون علاج يزيد خطر إصابة صمامات القلب، حيث يحدث تليف وتسمك في صمامات القلب، ما يؤدي إلى حدوث تضيق أو تسرب فيها، وفي الغرب تحدث إصابة الصمامات بعد سنوات عديدة من نوبة الحمى الروماتيزمية، أما في العالم الثالث فتحدث الإصابة القلبية بصورة مبكرة للغاية، وأكثر إصابات صمامات القلب شيوعا هي التضيق الأورطي والقصور الأورطي والتضيق الميترالي والقصور الميترالي، وفي بعض الحالات من الجائز أن تذهب الحمى الروماتيزمية دون أن تسبب تلفا خطيرا بالجسم، وآخرون يصابون بتلف دائم بصمامات القلب.

بقايا البكتيريا العقدية

يمكن الوقاية من الحمي الروماتيزمية عن طريق علاج التهاب الحلق فور اكتشافه، والعلاج بالمضادات الحيوية خلال 9 أيام من بداية التهاب الحلق أو اللوزتين يعتبر فعالًا في الوقاية من الحمى الروماتيزمية الحادة، أما بالنسبة لهدف علاج الحمى الروماتيزمية، فهو القضاء على المتبقي من البكتيريا العقدية بجسم الطفل، وتخفيف الأعراض والالتهابات، ومنع النوبات المتكررة من الحمى الروماتيزمية، والعلاج يشمل مضادا حيويا، وغالباً ما يصف الطبيب البنسلين للقضاء على ما تبقى من البكتيريا العقدية بجسم المريض، ويكرر المضاد الحيوي مرة أخرى لمنع تكرار نوبات الحمى الروماتيزمية، وذلك حتى يصل الطفل لعمر 20 عاما أو أكثر حسب حالته، كذلك يصف الطبيب مضادا للالتهاب لتقليل الالتهابات والألم والحمى، وإذا لم يأت هذا العلاج بنتيجة، فيمكن أن يصف بعض أنواع الكورتيزون، وإذا كان الطفل يعاني حركات لا إرادية، فيمكن أن يصف له الطبيب علاجا لذلك، وحاليا تجري الأبحاث لإنتاج لقاح يمكنه الوقاية من العدوى الأولية، ويمكن أن تصبح هذه الطريقة هي سبيل الوقاية من الحمى الروماتيزمية في المستقبل، وبعد تأكيد التشخيص يوصي الطبيب بالوقاية طويلة المدى باستخدام المضادات الحيوية من أجل تفادي تكرار الإصابة بالحمى الروماتيزمية الحادة.
عوامل جينية وبيئية

بالرغم من أن هناك عائلات يصاب فيها العديد من أبنائها بالحمى الروماتيزمية، إلا أن المرض غير وراثي، حيث لا يمكن أن ينتقل بشكل مباشر من الوالدين للطفل، ويمكن أن يكون سبب الإصابة عوامل جينية مرتبطة باحتمالية انتقال عدوى العقديات من شخص إلى آخر، حيث يمكن انتقال عدوى العقديات من خلال مسارات الجهاز التنفسي واللعاب، كذلك فإن الحمى الروماتيزمية ليست معدية في حد ذاتها، ولكن التهاب الحلق هو المعدي، فالبكتيريا العقدية تنتشر من شخص لآخر، ومن ثم ترتبط العدوى بالزحام في المنزل أو في المدرسة أو في صالة الألعاب الرياضية، ومن المهم غسل اليدين بحذر، والابتعاد عن التلامس القريب مع المصابين بالتهاب الحلق للوقاية من انتشار المرض، وتعد البيئة والبكتيريا العقدية من العوامل المهمة في تطور المرض، إلا أنه من الناحية العملية يصعب توقع من سيصاب بهذا المرض، وينتج التهاب المفاصل والتهاب القلب من الاستجابة المناعية غير الطبيعية لبروتينات البكتيريا العقدية، وتزيد فرص الإصابة بالمرض إذا أصابت عدوى أنواع معينة من البكتيريا العقدية شخصًا يكون عرضة لها.

3 أطفال!

تشير الدراسات الحديثة إلى أن الحمى الروماتيزمية تحدث في أقل من 4% من التهابات اللوز غير المعالجة، وهو مرض يصيب أطفال المدارس والشباب الصغير حتى أقل من 30 سنة، وهي نادرة قبل عمر 3 سنوات، وأقل من 90% من الحالات تكون الفترة العمرية بين 6 سنوات و16 سنة، إلا أنها يمكن أن تقع في مراحل لاحقة من العمر، إذا لم يتم الالتزام بالوقاية بالمضادات الحيوية التي يصفها الطبيب المختص بشكل دائم، وتتباين الإصابة بالحمى الروماتيزمية بين دولة وأخرى، وتشير الإحصاءات إلى أن 3 أطفال من كل ألف طفل يصاب بالحمى الروماتيزمية، ويبلغ عدد المصابين بأمراض القلب الروماتيزمية أكثر من 14 مليون حالة حول العالم، ومع ظهور ما يقرب من 280 ألف حالة جديدة و221 ألف حالة وفاة كل سنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"