مبادرات الجهات والأفراد تنصف لغة الضاد

«العربية» تتباهى بأبنائها في يومهاالعالمي
22:14 مساء
قراءة 16 دقيقة
ملف أعددته: غدير المزيني

تلبس اللغة العربية تاجاً تتباهى فيه بين الأمم والألسن على مر الأزمنة؛ وحسب ذلك يقول بشأنها، سبحانه وتعالى في مَطلع سورة يوسف: «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»، إلى جانب مقولات عدة على ألسنة كبار العلماء العرب أضافت إلى جذورها ثباتاً ورسوخاً لتضرب في قعر التاريخ، وتوطد لها مكانة بحروف من ذهب لخمسة عشر قرناً وأكثر، بعكس سائر اللغات، التي تختلف عما كانت عليه قبل عدد يسير من القرون، بل وينتهي التعامل بها عند حدود شريحة مجتمعية معينة، تزول بزوالهم، وتندثر بين طيات السنون العاجلة.

لأن اللغة العربية مستودع ذخائر الأمة ومخزونها الثقافي، بكون التراث العربي وعلمه مقيداً ومدوناً بالعربية، فضلاً عن تمتعها بغزارة بحور مفرداتها، كما قال الشاعر الراحل حافظ إبراهيم فيها: «أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ..فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتي»، تحتفي جهات عدة باليوم العالمي للغة العربية الموافق 18 من ديسمبر/‏‏كانون الأول، ويحتفل كل منها على طريقتها الخاصة في التعبير عن حبها لهذه اللغة المعطاء، لتنطلق سلسلة المبادرات، والأنشطة، والمسابقات، والجوائز، التي تصب في خدمة حروف هذه اللغة وموروثها الثقافي التراثي، الذي يشكل الحبل السريّ والملامح الأولى لأمة محمد الأمين «عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم الأولى».

ونستعرض في هذا الملف بعض أبرز الفعاليات التي قامت بها الجهات المختلفة للاحتفال باللغة العربية، بغرض تقديرها في عرسها السنوي إلى جانب أيام وشهور العام، باعتبارها إحدى اللغات الأساسية الست في المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، على الجانب الرسمي، إضافة إلى كونها من أكثر اللغات تأثيراً في وجدان الشعوب، وحضوراً في المجتمعات اللغوية من الجانب الاجتماعي.

أطلقت جمعية حماية اللغة العربية فعاليات أسبوع اللغة العربية، الذي نُظم في الفترة من 13-20 ديسمبر/‏‏ كانون الأول متزامناً مع احتفالات اليوم العالمي للغة العربية الذي اعتمدته المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، وتحتفي به المنظمة العالمية في باريس سنويا وتدعو جميع الفعاليات الثقافية في جميع دول العالم للاعتداد باللغة العربية.

وتضمن احتفال جمعية حماية اللغة العربية تنفيذ مشاريع علمية ومبادرات وأنشطة ثقافية واحتفالات متنوعة في مختلف إمارات الدولة ومناطقها، بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ووزارة التعليم العالي، والجامعات الإماراتية، ووزارة التربية والتعليم، والمركز التربوي للغة العربية، ومكتب التربية العربي لدول الخليج العربية، ومن جُملتها إطلاق التقرير السنوي للمشاريع العلمية التي عملت عليها الفرق العلمية في الجمعية، حيث أطلقت الجمعية خلال العام 2015 ست مبادرات علمية نوعية هي: إعداد منهج متكامل لرياض الأطفال بمعايير محددة، وتأليف سلسلة قرائية موجهة للأطفال لتنمية الوعي الصوتي والطلاقة اللغوية، وإطلاق برنامج «نون الكتابة»، لتطوير تعليم الكتابة العربية، وإعداد مادة علمية لمساق مهارات الاتصال في الجامعات الإماراتية، والعمل على تفعيل اختبار العين للكفاية اللغوية الذي أعدته جامعة الإمارات، وتطوير مهارات الخطابة والقيادة لدى الشباب بواسطة أندية التوستماسترز.
كما تنوعت الأنشطة بين معارض للكتاب، ودورات تعليم الخط العربي، وحلقات قرائية، وورش عمل فنية، واستعراضات مسرحية، ومسابقات في الإلقاء والإبداع الأدبي، ومحاضرات وندوات فكرية، وهذا ما أكدته ولية الأمر سناء تحسين وهي تصطحب ابنها هيثم بشار جلال، لتسجيل اسمه بين جموع الطلاب والطالبات المشاركين في مسابقة «وألقيت قصيدتي»، من مدارس الدولة كافة، وأضافت: «أنشطة جمعية حماية اللغة العربية، تساهم في تنمية مهارات أبنائنا اللغوية، وبالأخص في فترات العطل الموسمية والسنوية، وتتنوع لتشمل مسابقات ملف الإنجاز، والقصة القصيرة، والإلقاء وفن الخطابة، بحيث تسبق كل مسابقة دورات تأهيلية تقف على مهارات المشاركين وتنميها إلى حدها الأقصى، عاكسةً أسمى مظاهر الفخر والاعتزاز بلغة الماضي والحاضر والمستقبل المجيدة».
وأثناء استعداد ولدها هيثم بشار جلال للدخول أمام لجنة تحكيم مسابقة «وألقيت قصيدتي»، كشف هيثم عن حبه للغة العربية وفنونها المتنوعة، خاصة مجال تأليف القصص، وقد ألف في هذا المجال عدة قصص، ذكر منها: «أحمد والفصول الأربعة» و«رحلة إلى مسجد الشيخ زايد»، وتابع: «طور تأليفي للقصص باللغة العربية الفصحى من قدراتي التعبيرية الإنشائية، وفتح مداركي وشعبة الخيال لدي لتخيل ما لم يمليه الموقف أو الظرف عليّ بشكل عام، وكل هذا ساعدني بشكل أو بآخر في دراستي، وطور من مستوى تحصيلي».
وأكد الطالب المشارك في المسابقة عينها، حسن علي حسن، أنه بعد حصوله على المركز الثاني على مستوى منطقة الشارقة التعليمية في مجال كتاب القصة القصيرة، تحمس للإقبال على كل الأنشطة المعنية باللغة العربية لتنمية ثقافته وتطوير مهارات الفصاحة والبلاغة لديه، باعتبار اللغة العربية أم الفصاحة والبيان، فهي اللغة الوحيدة التي يعبر عن معانيها الجمة حرف واحد أو كلمة صغيرة، تحمل خلف حدود أحرفها الكثير من المعاني والتلميحات المباشرة وغير المباشرة، مشيراً إلى مشاركاته في دورات تدريبية عدة تزيد من مهارات القراءة لديه، وتقف على تعليمه قدرة التعامل مع الموقف، باعتماد أسلوب يحاكيه ونبرة صوته تلبسه جمالاً إلى جماله، فضلاً عن تعلمه من مؤلفي هذه الكتب وإيحاءاتهم التي يستخدمونها؛ للتعبير عن المعنى المطلوب.

والتقط طرف الحديث أحمد عبد الرازق، منسق مادة اللغة العربية في مدرسة تريم عمران تريم، التي يقدم منها حسن وأستاذه المُشرف على تدريبه لدخول المسابقة، قائلاً: «نحاول التنويع في الأنشطة المدعمة للغة العربية في المدرسة لدينا، عبر إبعاد الطالب عن حيز الكتاب وتحرير آفاقه الواسعة للانطلاق والتعبير عن ذاته، والتفاعل مع اللغة العربية ككائن حي، بعيداً عن إطار الكتب والقراءة، بالتركيز على الجانب التفاعلي وإشراكه في المسابقات الأدائية والتمثيلية المتنوعة، بناءً على تطوير أعماله الذاتية، كما أننا لا نألو جهداً بتنظيم مثل هذه الورش والمسابقات، أو التنقيب عنها لترشيح طلبة مدرستنا للمشاركة فيها، ومنها على سبيل المثال مسابقة تحدي القراءة، التي اشترك فيها من مدرستنا حوالي 460 طالباً».

أما حب اللغة العربية فكانت تحكيه ملامح شيخة صالح، التي أعلنت أن مشاركتها في «وألقيت قصيدتي»، هي الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة كونها تحب الاشتراك الدائم في مثل هذا النوع من المسابقات التي تعزز اللغة العربية، خصوصاً تلك التي تُعنى بالإملاء والكتابة والقراءة، لافتةً إلى تسجيلها في ورش العمل التي تعلم خط الرقعة في مدرستها، إذ إن خطوط اللغة تستهويها للتعمق في خباياها وتعلمها عن قرب.
وأكد لؤي محمد قاسم، طالب من مدرسة العمداء الدولية، أن اشتراكه في هذه المسابقة التي تنظمها جمعية حماية اللغة العربية وغيرها، بهدف الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية لم يدفعه عليه أحد، وبرأيه يجب أن لا يكون الاشتراك إلزامياً، كون اللغة العربية أمانة في أعناق أفراد أمتها، ويتوجب على كبيرها وصغيرها استخدامها والافتخار فيها، وأردف: «أسعى دائماً إلى أخذ دروس لتقوية مهاراتي اللغوية، في مجال الخطابة وإلقاء الشعر النبطي والفصيح، إضافة إلى تدريب نفسي على كتابة المقالات وتعلم مهارات كتابتها بشكل جيد، حتى لو اضطرني الأمر إلى أخذ حصص إضافية، وزيادة معدل نصاب حصصي المأخوذة عن بقية زملائي، سواء في المنزل أو المدرسة».

وقالت معلمته نادية قيمة، معلمة ومشرفة مادة اللغة العربية في مدرسة العمداء الدولية، إن المدرسة توجه اهتماماً خاصاً باللغة العربية عبر تشجيع المشاركين في مسابقة تحدي القراءة على استعارة الكتب من مكتبة المدرسة وفي كل الأوقات، وتوفير أقسام مخصصة لتوفير الكتب الممتعة والمثقفة لمستعيرها، وتفعيلها بشكل يتواءم مع احتياجات الطلبة بل ويحفزهم على دخول هذا التحدي وتعلم فنون التلخيص، فضلاً عن تخصيص أسابيع لبيان أهمية هذه اللغة، وتنظيم الفعاليات التي تبين مدى أهميتها وقوتها.

قراءة القصص والروايات هي شغل الطالبة ريم عبد الفتاح الشاغل، إلى جانب اهتمامها الأساسي بإتقان الإلقاء باللغة العربية من الصف الثالث الابتدائي، وتابعت: «يأتي اهتمامي باللغة العربية متماشياً مع حفظي لكتاب الله، ومشاركاتي المستمرة بكل أنواع المسابقات التي تحفز اللغة العربية وتقويها، كمسابقة قطار المعرفة المعنية بالمجال القصصي وتحلق على مستوى أقطار الوطن العربي كافة

أهداف وفعاليات

بيّن د. علي عبد القادر الحمادي، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية حماية اللغة العربية، أن الجمعية منذ انبثاقها في أواخر عام 1999 تعمل من أجل تحقيق أهداف سامية عدة، تتمحور حول غرس الاعتزاز باللغة العربية في نفوس أبنائنا لكونها لغة القرآن الكريم، والتوعية بأهمية اللغة العربية باعتبارها اللغة الروحية والرسمية على المستويين الرسمي والشعبي، وحث الهيئات والمؤسسات العامة والخاصة على تعزيز استخدام اللغة العربية وجعلها الأساس في التعامل والتخاطب والإعلام، علاوة على تنظيم المحاضرات والدورات وورش العمل والمسابقات التربوية وحلقات البحث للنهوض باللغة العربية، وتبني المواهب الطلابية ورعايتها والعمل على تنميتها في كل ما يخص اللغة العربية. وكشف الحمادي أن احتفالية الجمعية هذا العام، حرصت على ترك بصمة فعليّة لجهود تعزيز اللغة العربية، من خلال المشاريع العلمية التي تتجاوز مفهوم الاحتفال إلى الإنجاز، مؤكداً أن دعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، للاحتفال وللجمعية، له أثر كبير في تطور نوعية العمل في الجمعية، وأن رعاية سموه للحفل الرئيسي الذي تم تنظيمه في الجامعة القاسمية يوم الثلاثاء 15 ديسمبر/ كانون الأول، أعطى للاحتفالية وهجاً كبيراً.

أما عن أهم الفعاليات التي تنظمها الجمعية على مدار عام 2015، فلفت الحمادي إلى أن محاورها كثيرة، وتبدأ من الورش والدورات والمحاضرات للمعلمين والطلاب وأولياء الأمور بمختلف إمارات الدولة، ومختلف المراحل الدراسية، وتركز في جزء كبير منها على ترسيخ عدة مهارات تعليمية كالخطابة، وإلقاء الشعر، وفن الخط العربي، والكتابة، والقراءة، والتلخيص، والقيادة التربوية، فضلاً عن المسابقات اللغوية، التي تضم أفضل ملف إنجاز في اللغة العربية، والقصة القصيرة، والخطابة وإلقاء الشعر، وألقيت قصيدتي، ولغتي عربية، المستهدفة للعاملين بمؤسسات الدولة.

وتشارك الجمعية، بحسب الحمادي، بمعارض عامة لبناء علاقة وثيقة مع الجمهور بشرائحه المتنوعة، ومنها معرض الشارقة الدولي للكتاب، إلى جانب إقامة معارض الكتاب في المدارس للمعلمين وجميع الطلاب، بهدف العمل على الاهتمام بالقراءة والاطلاع والمعرفة، وإبرام اتفاقيات وشراكات عمل وتعاون، من شأنها العمل على زيادة الاهتمام باللغة العربية، وجعلها الأساس في كل المعاملات، وكانت تلك الاتفاقيات مع عدة جهات بالدولة، منها: نادي الشارقة الرياضي، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ونادي سيدات الشارقة، ومركز الإحصاء.

مبادرة شبكة قنوات دبي حماية للهوية

أطلقت شبكة قنوات دبي مبادرة «الضاد يجمعنا» التثقيفية، في حملة توعوية، ترسيخاً لثراء لغة البيان، ودعماً للّغة العربية لما تتحلى به من صفات تشبهها بالكائن الحي الذي يؤثر فيمن حوله، إذ يتأثر بمكانته عند مالكه، ويضمر عند إهماله، ويمتلئ ويزدان جمالاً كلما زاد اهتمامه به، وتعود الياء في كلمة "يجمعنا" إلى «اللسان العربي»، في إشارة إلى المذكر وهو المقدّر، إلّا أن كلمة اللسان محذوفة بغرض الإيجاز والتشويق، ولو كانت الكلمة بحرف التاء "تجمعنا" في إشارة للغة، لعرف المتلقي المقصود بها، إلّا أن الهدف هنا هو لفت نظر المتلقي عن ثراء اللغة العربية، متمثلة في تعدد ما يعود إليه حرف الياء.

ويمكن أن تعود الياء في كلمة "يجمعنا" أيضاً على حرف الضاد بذاته، فيكون حرف الضاد، هو جامعنا نحن العرب الناطقين به؛ وذلك لتميز لغتنا بهذا الحرف عن سائر لغات العالم أجمع.

أما في اختيار الشق الأول من اسم المبادرة «لسان الضاد»، فهو بناء على ما ورد في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: «لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ»، وسار القائمون على هذه المبادرة على النهج، الذي صِيغت على شاكلته أبيات شعرية وجمل بلاغية كثيرة، تفتخر باللسان العربي، الذي تميز حصراً بحرف الضاد.

وكما في ورد في قول الشاعر وديع عقل:

ما رأت للضاد عيني أثراً في لغاتِ الغربِ ذات الثغثغات
إن ربي خلق الضادَ و قد خصها بالحسنات الخالدات
وقول الشاعر فخري البارودي:
فلا حدٌ يباعدنا ولا دينٌ يفرقنا لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان
وفي الوقت الذي غفل فيه الناطقون بلغة الضاد وانصرفوا إلى لغاتٍ أخرى، بحكم استخدامها بصورة رئيسية في حلول العصر المتمثلة في الشبكة العنكبوتية والتقنيات الحديثة، رأت شبكة قنوات دبي، أن تقدم للمتلقي في دولة الإمارات المتحدة بصورة خاصة، والدول العربية بصفة عامة، إضاءة فريدة من نوعها متمثلة في مبادرة «الضاد يجمعنا»، كلفتة توعوية خاطفة عن أهمية لغتنا العربية بثرائها الذي تفوقت به على جميع لغات العالم، وللغة العربية أهمية خاصة، تدفع ناطقيها إلى التفاخر بها كأعظم معجزة عرفتها الإنسانية، كونها لغة القرآن الكريم، التي نزل بها الوحي «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»، ولسان بعض العلماء الذين وضعوا اللبنة الأولى للعديد من العلوم والابتكارات العالمية، ابتداءً من الطب، ونهاية بصناعة الحاسب الآلي في عصرنا الحالي، وهي كذلك ظلت وما زالت صامدة مواكبة تتماشى مع كل الابتكارات والمستحدثات على مر العصور.

لغة الضاد من أكثر اللغات تحدثاً ضمن مجموعة اللغات السامية، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، حيث ينطق بها أكثر من 422 مليون نسمة، وهي ليست وسيلة للتواصل فحَسب، وإنما هي عضُد البناء الوجداني والنفسي والعقلي، ووسيلة حية تزخر بتجارب ثرية في الابتكار والمعرفة في شتى مجالات العلوم وضروب الفكر.

ولأن الضاد هو الحرف الذي لا تنطق به أيّ لغة أخرى بين اللغات التي نطق بها الإنسان كافة، وهو حرف يستعصي على الأعجمي النطق به، وكما استنجدت بنا لغة الضاد على لسان حافظ إبراهيم مناشدةً:

فلا تكلوني للزمان فإنني أخاف عليكم أن تحين وفاتي.
دعت قنوات شبكة دبي إلى التكاتف من أجل لغتنا وهويتنا لنحميها بكلِ إرادة ولنقدمها في الركب وندافع عنها.. يداً بيد لرفع رايتها بين الأمم، وآثرت شبكة قنوات دبي، أن تختاره اسماً للمبادرة في خطة تهدف إلى إطلاق نداء لكافة الناطقين به، بغية دعم اللغة العربية، إذ أوضحت معاني بعض الكلمات بالاعتماد على أشهر المعاجم العربية، وأدرجت استعمالاتها الرئيسية على صفحات المؤسسة في مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص تويتر، ودعت الجمهور إلى التفاعل الدؤوب معها، بإدراج الكلمات العربية لأغلبية المصطلحات الإنجليزية المتعلقة بالحاسوب، وشجعت استعمالها ونشرها بين الأصدقاء والمستخدمين من شتى بقاع العالم.
وعززت شبكة قنوات دبي المبادرة بإنشاء موقع إلكتروني خاص في المبادرة، يتضمن عدة أقسام وصفحات تدعم مجالات متباينة للغة الضاد، ومنها: «شُخوص»، المعنيّ بإيراد لمحات عن عقول رائدة في اللغة العربية، أضف إلى ذلك «قصة مَثل»، المُشتمل على قصص مختلفة توضح المغزى الحقيقي خلف كل مثل عربي شعبي، وقسم «قُل ولا تَقل»، الذي يعمل على تسليط الضوء على الأخطاء الشائعة بين ناطقي الضاد ويصححها، و«معاني» يشرح تفسيرات كلمات وأسماء في اللغة العربية، إلى جانب وضع مقتطفات ومختارات تعكس عراقة اللغة العربية، وبشكل مستمر في قسم «قُطوف»، وتحفيز الجمهور لاختبار معلوماتهم اللّغوية وثقافتهم في مضامير اللغة العربية، عبر إنشاء مسابقة لغوية عنوانها «شارك واربح»، تدرج سؤالاً يُعزز معاني اللغة ومصطلحاتها، التي قلما تُستعمل في حياتنا اليومية.

جائزة محمد بن راشد أرفع تقدير لجهود الاحتفاء باللغة العربية

تعد جائزة محمد بن راشد للغة العربية «العالمية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في السابع من مايو/أيار بمثابة أرفع تقديرٍ لجهود العاملين في ميدان اللغة العربية أفراداً ومؤسسات، وتندرج في سياق المبادرات التي أطلقها سموه، للنهوض باللغة العربية ونشرها واستخدامها في الحياة العامة، وتسهيل تعلمها وتعليمها، إضافة إلى تعزيز مكانة اللغة العربية وتشجيع القائمين على نهضتها.

وتهدف «جائزة محمد بن راشد للغة العربية»، إلى تكريس مكانة دولة الإمارات وموقعها كمركز للامتياز باللغة العربية، وتكريم المبدعين في استعمال العربية في تطوير التعريب والتعليم والتكنولوجيا والإعلام، والمحافظة على التراث والتشجيع على نشره، وإبراز المبادرات الناجحة في فئات الجائزة المختلفة، لتمكين العاملين في ميدان اللغة العربية من الاستفادة منها، بالإضافة إلى الارتقاء باللغة العربية وتشجيع المبادرات التي تسهم في تطويرها تعلماً وتعليماً واستخداماً، ونشر الوعي بأهمية المبادرات الشخصية والمؤسسية في تطوير استعمال اللغة العربية.
وتهدف الجائزة إلى تشجيع الشباب وتحفيزهم للإبداع في تطوير استعمال اللغة العربية في الحياة، والتوسع في تعريب الكتب في ميادين المعرفة المختلفة للاستفادة من تجارب الثقافات العالمية، عبر تغطيتها بخمسة فروع وعشر فئات، يتم تكريمها بشكل سنوي، وتحوي فروعها ما يلي: التعليم، والإعلام، والتعريب، والتكنولوجيا، وحفظ ونشر التراث اللغوي العربي، إذ يتم تكريم المبادرات المتميزة والإسهامات الاستثنائية لدعم اللغة العربية في هذه المجالات، وتشمل فئات الجائزة في فروعها الخمسة المذكورة: فرع التعليم، بما فيه من فئة التعليم العالي والعام، وغير الناطقين بالعربية وفئة القراءة، وفرع التكنولوجيا، ويشمل التطبيق الذكي، والموقع الإلكتروني، وفرع الإعلام المشتمل على اتجاهين وهما قسم البرنامج الإعلامي وشبكات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن فئتي التعريب، والتراث اللغوي.

مبادرة «بالعربي» تنشر الوعي بجماليات وكنوز اللغة

تزامنت المبادرة السنوية «بالعربي» في دورتها الثالثة لهذا العام مع الاحتفالات باليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، وارتكزت في لبِّ ما قدمته على تنظيم فعاليات متنوعة على منصات خاصة أقامتها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، في عدد كبير من مراكز التسوق في دبي وأبوظبي والشارقة والعين، حيث تطلعت الفعاليات إلى الحث على زيادة استخدام اللغة العربية عبر وسائل ومنصات الإعلام الرقمي والشبكات الاجتماعية، ونشر الوعي بجماليات اللغة العربية وكنوزها التي ترتبط بتراثنا وتاريخنا العربي الأصيل بشكل أو بآخر.

وشملت قائمة الفعاليات مسابقة الخط العربي مع سامسونج، الهادفة إلى اكتشاف مهارات الشباب في الخط العربي، عبر الكتابة بخط أيديهم على الأجهزة اللوحية، فضلاً عن فعالية التعهد الاجتماعي الراميّة إلى حث المغردين والناشطين على إثراء المحتوى العربي، عن طريق تسجيل أسمائهم في وثيقة والتعهد باستخدام اللغة العربية في التفاعلات كافة، سواء أكانت على شبكة الإنترنت، أو على صفحات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي.

كما اندرجت فعالية تطبيقات الفيديو مع «كونان»، كواحدة من الفعاليات البارزة للمبادرة، حيث تمكن الجمهور من أخذ مقاطع فيديو لهم على منصات المبادرة الموزعة في مراكز التسوق في ردهاتها المتنوعة باستخدام خلفية الانستغرام، أو وسم مبادرة بالعربي (#بالعربي)، ثم تحميل هذه المقاطع على قنوات وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام الوسم ذاته بغرض إيصاله لأكبر عدد ممكن من المشاهدين والمُعلقين إلكترونياً.
وللوصول إلى الجهات الحكومية كافة، يخصص القائمون على مبادرة بالعربي جائزة أفضل المشاركات الحكومية، التي تعمل على تكريم الجهة المؤسسية، التي ستدعم الحملة بشكل أقوى، إذ سيتم احتساب مساهمات هذه الجهات، من خلال تخصيص نقاط تُمنح لها عند إضافتها شيئاً جديداً لحملة «#بالعربي»، على أن يتم احتساب خمس نقاط (مرة واحدة)، عند إنتاج فيديو يدعم المبادرة، ويروج لها عند أكبر رقعة جماهيرية ممكنة، وفي النهاية يتم عرض أسماء الجهات المتصدرة في صفحة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، لمتابعة تقدم كل منها في نقاطه، ويعمل على تحديث هذه القائمة أسبوعياً.
وتأتي أهداف مبادرة بالعربي، التي قدمها مجموعة من شباب وطلبة الجامعات في دولة الإمارات إلى مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، ولاقت من يتبناها لتجد مخرجاً إلى أرض الواقع بشكل فوري؛ انطلاقاً من أهداف المؤسسة التي تتماشى مع رؤية المبادرة وأساليب تطويرها، المتطلعة إلى توفير الفرص للشباب العربي لإعدادهم بشكل متكامل، بهدف قيادة منطقتهم معرفياً والمساهمة في بناء مجتمعات سليمة تقوم في رمتها على المعرفة والثقافة.
أما أهداف مبادرة بالعربي، فتتبلور بصفتها الأولى والأساسية حول مشاركة أكبر عدد ممكن من الأشخاص حول العالم في فعاليات المبادرة المختلفة، وتشجيع المستخدمين العرب على استخدام لغتهم الأم عبر الإنترنت، ومحاولة تغيير الصورة النمطية على اللغة العربية، وإثبات أنها لغة عالمية وحيوية، وتنبيه المستخدمين أيضاً حول الفجوة الكبيرة بين عدد المستخدمين العرب والمحتوى العربي المتوافر على شبكة الإنترنت والمساهمة في تقليص هذه الفجوة، فضلاً عن زيادة استخدام المواقع أو التطبيقات المدعمة للغة العربية، وبالتالي زيادة ردود الفعل والكشف عن أخطاء النسخ العربية المتوافرة منها، وتشجيع المتصفحين لاستخدامها بشكل دائم وسليم.
واستشهد جمال بن حويرب، العضو المنتدب لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حين قال: «اللغة العربي هي أداة رئيسية لتعزيز هويتنا الوطنية لدى أجيالنا المقبلة، لأنها المُعبرة عن قيمنا وثقافتنا وتميزنا التاريخي»، وأكد جهود المؤسسة المتوائمة مع رؤية الإمارات ألفين وواحد وعشرين2021، الهادفة إلى جعل دولة الإمارات العربية المتحدة، مركزاً للامتياز في اللغة العربية. ومن أجل هذا الهدف الذي يتكاتف الجميع للوصول إليه حرصت المؤسسة على إعطاء مبادرة بالعربي في دورتها الثالثة مزيداً من الزخم، ونوه ابن حويرب، إلى أن ذلك بغرض توسيع انتشارها ووصولها إلى أكبر شريحة مُمكنة، حيث تم تفعيل مجموعة من الأنشطة الحية والمباشرة والتفاعلية برعاية الشركاء الرعاة في المبادرة إلى جانب الاهتمام الذي لاقته من وزارة الخارجية مُتمثلةً بسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، والتشجيع من قِبل الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير ( شروق )، لتقديم كل ما بوسعه لخدمة المبادرة وأهدافها.
وصرّح ابن حويرب أن جهود مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لدعم اللغة العربية وتعزيز أُطر مكانتها لا تقتصر على مبادرة بالعربي فقط، فهناك العديد من البرامج والمبادرات المهمة التي أطلقتها المؤسسة لتصبّ في خدمة اللغة العربية وتعمل على ترسيخ قيمتها لدى الأجيال المتلاحقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بل وحتى على مستوى المنطقة والعالم.
فمبادرة «كتاب في دقائق»، على سبيل المثال تعمل على تعزيز اللغة العربية، من خلال ترجمة أكبر الكتب والمراجع العالمية الأكثر مبيعاً، وتلخيصها بلغة سلسة وبسيطة، لتكون في متناول الجميع، من دون أن تستغرق كماً كبيراً من الوقت في قراءتها، وذلك مراعاةً لجو بيئة الأعمال، ورتم الإيقاع السريع لحياتنا المعاصرة.
وبالإضافة إلى «كتاب في دقائق»، تقدم المؤسسة مبادرة «عائلتي تقرأ»، التي تستهدف عموم الأسر الإماراتية، من خلال توزيع حزم معرفية، تتضمن مجموعة من الكتب العالمية المترجمة إلى العربية، واستطرد ابن حويرب: «أطلقت المؤسسة برنامج دبي الدولي للكتابة، المسؤول عن تبني المواهب العربية في مجالات الكتابة المتباينة، ومنها: الشعر، أو القصة، أو الرواية، أو النثر، وغيرها، وتقديم التدريب العملي والاحترافي للارتقاء بالمستوى الأدبي واللغوي لمؤلفاتهم وكتبهم، لتأتي أعمالهم الإبداعية في قوالب فنية، ونماذج أدبية راقية، لا تسهم في الارتقاء المعرفي والعلمي والأدبي فحَسبْ، بل تعمل على خلق الإحساس الوجداني باللغة العربية وعبقريتها وجمالياتها البديعة».

«فريق الضاد» .. جهد يقوده 16موظفاً

تمكنت بلدية دبي من تحقيق خطوات تنفيذية في مجال تمكين اللغة العربية في المجتمع، وفرضها كلغة رسمية في المراسلات واللوحات الإعلانية، وإيقاف هجوم اللغات الأجنبية وخصوصاً الإنجليزية على تلك المحاور.

ولتحقيق هذا الغرض، شكلت بلدية دبي «فريق لغة الضاد»، ليصبح أول فريق على مستوى الدوائر الحكومية لدعم وحماية اللغة العربية، ويتكون من 16 موظفاً يعملون على ترسيخ قواعد اللغة العربية بالتوعية المستمرة، وتعريب المصطلحات الأجنبية المستخدمة في العمل، ورفع مهارات اللغة العربية عند الموظفين، إضافة إلى تشكيل قنوات لتبادل المعرفة في مختلف مجالات اللغة العربية.
ومن أبرز المهام المنوطة بالفريق، إعداد نشرة إلكترونية شهرية تثقيفية وتوعوية لموظفي الدائرة وللمهتمين من خارجها، وتقديم دورات تدريبية في مجال الخط العربي والفن الإسلامي، وتقديم معارض فنية للخط العربي، والرد على استفسارات الموظفين عبر الهاتف وعبر البريد الإلكتروني، وتقديم دروس من شأنها أن تعزز قواعد اللغة العربية إلكترونياً، إذ ترى بلدية دبي أن الاهتمام بتعزيز اللغة العربية جزء أساسي من مبادرات دعم الهوية الوطنية، التي تبنتها بلدية دبي مع غيرها من الجهات الحكومية، تنفيذاً لتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي.
وتتضمن أنشطة فريق الضاد موقعاً إلكترونياً خاصاً باللغة العربية بعنوان «ض». تتصدر صفحته الرئيسية الآية القرآنية: «إنّا أنزلناهُ قرآناً عربياً لعلكُم تَعقِلون»، فيما تقع في الجانب الآخر في الصفحة ذاتها واحدة من أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وهي «انتبه لأفكارك فإنها تصير كلمات، وانتبه لكلماتك فإنها تصير أفعالاً»، كما تم تقسيم الموقع إلى 6 أقسام رئيسية، تشمل خانة الأخبار، وركن الأطفال، ومكتبة الضاد، وأجندة لغة الضاد، وألبوم الضاد، وخانة للاستبيان الإلكتروني.

ويضاف إلى أنشطة الفريق كذلك متابعة الأخطاء اللغوية المكتوبة أينما كانت وتداركها من قِبل الجهات المعنية، والتواصل مع الهيئات والمؤسسات الحكومية والمدارس لتنظيم دورات تتمحور حول تعلم قواعد اللغة وأصولها، كذلك الأمر بالنسبة لغير الناطقين بها، والسائحين غير العرب، الذي يتولى الفريق مسؤولية إطلاعهم على جماليات وفنون الخط العربي وأدواته، التي كانت تستخدم لإظهاره بحُلته الأخيرة، حيث يعمل الفريق على مستويين الأول يسعى إلى تعزيز الهوية الوطنية التي أصبحت جزءاً مهماً للتوازن الناجح بين الوطن والعالم، والمستوى الثاني يتبلور في جُلِّه حول تعريب المصطلحات الأجنبية المستخدمة، وكذلك الارتقاء بمستوى لغة الموظفين، وفتح قنوات تبادل معرفة وخبرات مع مختلف الجهات لتوسيع نطاق مهامهم إلى أكبر مدى ممكن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"