ميثوتريكسات . . علاج واعد لآلام الفصال العظمي

01:43 صباحا
قراءة 5 دقائق

مسكنات الألم المضادة للالتهاب وحقن الكورتيزون هي الأدوية المعتادة لمعالجة مرض الفصال العظمي . وهذا العلاج هو ما كانت البريطانية سوزان داوسون تتناوله منذ أكثر من عام، لكنه لم يأت بنتائج كبيرة معها .
وتعاني سوزان (35 عاما) فصالاً عظمياً في جميع مفاصلها، وهذا المرض بدأ معها في العام ،2007 لكنه تطور معها بسرعة وشمل كتفيها وأردافها وأصابعها وركبتيها، وفي وقت وجيز لم تعد قادرة على المشي إلا بالاستعانة بعصا .
بعد تفاقم حالتها، وصف الأطباء لسوزان دواء جديداً ضمن تجربة مدتها 6 أشهر أعدتها مؤسسة أبحاث التهاب المفاصل البريطانية بالتنسيق مع جامعة ليدز . وبعد تناولها للدواء لمدة 3 أشهر، تقلص الورم في ركبتيها بوضوح وقّل الألم كما تمكنت أيضاً من المشي بدون الاستعانة بالعصا قبل وبعد إظهار الفحوص وقياسات الركبتين لتحسن ملموس في حدة الالتهاب .
وتقول سوزان: "العقار أحدث فارقاً كبيراً، كنت ممتنة للغاية لأنني كنت أعاني بشدة آلاماً مبرحة" .
والعقار الذي منح لسوزان هو "ميثوتريكسات"، وهو دواء كيماوي مرخص أيضاً لعلاج التهاب المفاصل الروماتيزمي، وهو مرض مناعي يصيب آلاف البشر حول العالم، ويؤدي لالتهاب المفاصل .
وبالنسبة إلى مرض التهاب المفاصل الروماتيزمي، يعمل العقار الجديد على تقليل الالتهاب بتقليص نشاط الجهاز المناعي " يأخذ نحو نصف المصابين بالتهاب المفاصل الروماتيزمي عقار ميثوتريكسات" .
والمعروف ان الفصال العظمي مرض يؤدي لانحلال الغضروف، والغضاريف هي الدامات أو الوسائد التي تسند المفاصل .
وكلا المرضين يمكن أن يؤديا للالتهاب وللألم والتورم والتيبس في المفاصل . والهدف من التجربة البحثية كان معرفة مدى نجاح عقار ميثوتريكسات في تقليل الالتهاب، وفي حالة نجاحه يرى العلماء أنه سيسهم في تخفيف أعراض مرض الفصال العظمي أيضاً .
وفي العادة ينصح الأطباء مرضى الفصال العظمي بتقليل الوزن وممارسة تمرينات تقوية وتدعيم العضلات "لإتاحة دعم للمفصل" . وخيارات العلاج الحالية تشمل حقن الكورتيزون ومضادات الالتهاب . بيد أن المرضى يعيشون دائماً مع الألم الشديد ويجدون صعوبة في القيام بأنشطتهم اليومية الطبيعية .
ويقول البروفيسور فيليب كوناغان أستاذ الطب العضلي الهيكلي في جامعة ليدز ورئيس الفريق البحثي الذي أعد التجربة البحثية: "ثمة حاجة ملحة لإيجاد وسائل أفضل تعين هؤلاء المرضى على تخفيف الألم الذي يعانونه . وهذه التجربة البحثية تشير لإمكانية إسهام ميثوتريكسات في التغلب على أعراض هذين المرضين" .
وهذه التجربة كشفت أن 37% من ال 30 مريضاً المصابين بفصال الركبة العظمي الذين تلقوا عقار ميثوتريكسات، انخفضت حدة الألم الذي يعانونه بنسبة كبيرة (بلغت 40%) . ولم توجد في هذه التجربة مجموعة تلقت دواء وهميا لمقارنتها بالمجموعة التي تلقت عقار ميثوتريكسات" . وقد لاحظ العلماء أن 10% (4 أشخاص) اختبروا زيادة في حدة الألم .
وقد أشارت نتائج التجربة أيضاً إلى أن الالتهاب يلعب دوراً في إحداث ألم الفصال العظمي، وهذه معلومة لم تكن في السابق واضحة .
وقبل انضمامها للتجربة البحثية في ،2009 كانت سوزان تعاني آلاماً مبرحة . وقبل عام من التجربة، لاحظت أن ركبتيها كانتا تصدران صوتاً حينما تمشي، ثم أنهارت الركبة اليمنى تماماً .
وتقول سوزان: "لم أؤذ نفسي، وكل ما كنت أفكر فيه كان مدى تمكني من تحمل الرحلة النيلية التي كنت أزمع القيام بها بعد شهر مع زوجي وابني" .
وقد وصف لها الطبيب مضادات للالتهاب وتحسنت حالة ركبتها بحيث بات بإمكانها أن تسير (بعرج) من دون دعم، ولكن في السنة التالية، إنهارت ركبتها اليسرى في المدرسة التي تعمل فيها .
وتقول سوزان: "كنت خائفة من تكرار هذه الحادثة وبالتالي تكرار سقطاتي" .
وتصف سوزان حالتها في تلك الفترة بقولها: "لم أتمكن من المشي مطلقاً والألم كان رهيباً" .
وقد أحيلت لمستشفى يعمل فيه البروفيسور كوناغان الذي دعاها للمشاركة في التجربة البحثية .
وتوضح سوزان بقولها: "مضادات الالتهاب وحقن الكورتيزون لم تكن مجدية، وحالتي كانت سيئة للغاية وكنت مستعدة لتجريب أي شيء" .
وقد وصف الباحثون لسوزان 8 كبسولات عيار 5 .2 مليغرام من عقار ميثوتريكسات مرة واحدة في الأسبوع، وزيدت الجرعة تدريجياً لتصل إلى 5 .6 مليغرام "هذه هي الجرعة المعيارية لالتهاب المفاصل الروماتيزمي" . وتوجب عليها أن تتناول حمض الفوليك لتقليل الغثيان وقروح الفم التي تترافق أحياناً مع أخذ عقار ميثوتريكسات .
وبعد 3 أشهر من بدء علاجها، لاحظت سوزان تغيراً ملموساً، فقد تقلص الورم في ركبتيها وانخفضت حدة الألم . وبدأت تشعر بتحسن كبير .
وقد تحسنت حالتها كثيراً وسمح لها البروفيسور كوناغان بالاستمرار في أخذ العقار حتى بعد انتهاء التجربة . وخضعت ل 3 اختبارات دم شهرية للتأكد من عدم تعرضها للآثار الجانبية المحتملة مثل تليف الكبد .
ويوضح البروفيسور كوناغان قائلاً: "التغيرات في اختبارات وظيفة الكبد تشاهد في نحو 10% من الأشخاص الذين يأخذون ميثوتريكسات، وهذه التغيرات قابلة للإصلاح، لكننا نتابع قراءات الدم بصورة روتينية ونقلل أو نوقف العقار إذا لاحظنا أية تغييرات . تلف الكبد نادر للغاية" .
وأضاف: "إن إحدى إيجابيات ميثوتريكسات هي إدراكنا أن عدداً كبيراً من الناس الذين يعالجون من التهاب المفاصل الروماتيزمي تمكنوا من المواظبة عليه لسنوات"، وهذا يعني أن الأطباء يدركون مسبقاً تأثيرات استخدام العقار، إذا بات متاحاً لمرضى الفصال العظمي .
ويقول البروفيسور كوناغان إن أغلبية التجارب على عقاقير الفصال العظمي لا تدوم في العادة أكثر من 3 أشهر .
وأغلبية المرضى يعانون المرض لفترة 20 -30 عاماً . والعقاقير المضادة للالتهاب كديفلوفيناك وأيبوبروفين، إذا أخذت لفترة طويلة، يمكن أن تؤدي لآثار جانبية خطرة مثل النوبة القلبية والسكتة ونزف المعدة، وهذا ما يفسر وصفها بأقل جرعات وفي أقصر الأوقات . وهي ليست عملية للأمراض المزمنة . وفي بدايات العام المقبل، ستنفذ مؤسسة أبحاث التهاب المفاصل البريطانية بالتعاون مع جامعة ليدز تجربة إكلينيكية أكبر لاختبار نجاعة ميثوتريكسات بالمقارنة مع دواء وهمي .
ويقول البروفيسور آلان سيلمان مدير مؤسسة ابحاث التهاب المفاصل البريطانية: "يشكو كثير من مرضى الفصال العظمي من تورم مفاصلهم وليونتها، ما يشير لوجود التهاب قد يؤدي لإتلاف المفصل . وإن إيقاف هذا الالتهاب في مرحلة مبكرة يمكنه وضع نهاية للتلف المتواصل الذي يشكو منه كثير من المرضى" .
وسوزان التي لم تعد تستخدم العقار، لم تعد تعاني آلام فصالها العظمي وأي ألم يحدث لها تسيطر عليه بالأيبوبروفين . وهي على أية حال تعتني جيداً بنفسها وتتجنب القيام بعمل كثير أو المشي لمسافة طويلة . ومصدر قلقها الأكبر هو عدم تمكنها من ارتداء أحذية بكعوب عالية لأنها تضع ضغطاً على ركبتيها . لكنها تقول إن هذا ثمن ضئيل في مقابل تمكنها من المشي .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"