الفتاق.. مرض مزعج يصيب الصغار والكبار

20:59 مساء
قراءة 6 دقائق
انتشر مرض الفتاق أو الفتق بصورة ملحوظة بين الكثير من الأشخاص في مختلف الأجيال، فهو من الأمراض التي تصيب الأطفال الصغار نتيجة بعض العيوب الخلقية، وكذلك يصيب جميع فئات المجتمع نتيجة عدة أسباب سوف نذكرها لاحقاً، وينتج مرض الفتاق نتيجة ضعف كبير في عضلات البطن، ونتيجة هذا الضعف يخرج أو يبرز أحد أعضاء البطن الداخلية خارج حدود البطن الطبيعية بدون ثقب.
فكما هو معروف أن أعضاء البطن الداخلية لها أماكنها المحددة والمخصصة، طبقاً للترتيب الطبيعي لهذه الأعضاء، وعند حدوث الفتاق أو هذا الخلل، يتحرك أحد الأعضاء الداخلية بالبطن من مكانه للخارج وبالتالي يحدث بروز ملحوظ من البطن على هذا الشخص المصاب، فجدار البطن وأنسجته وعضلاته هي التي تحمي وتحجز الأعضاء الداخلية من هذا التحرك، وعندما تضعف هذه العضلات أو نسيج هذا الجدار يحدث على الفور هذا الخلل، وسوف نتناول مرض الفتاق بالتفاصيل والأعراض التي تظهر، وكذلك المضاعفات وأسباب الإصابة بهذا المرض وأنواعه، وبعض طرق الوقاية الممكنة، وكذلك أساليب العلاج المتنوعة، والتي تختلف من حالة إلى أخرى ومن نوع لآخر.
ضعف العضلات
يحدث الضعف في جزء من عضلات البطن وبعض الأغشية المحيطة بعضو معين، ما يؤدي إلى بروز هذا العضو بشكل ملحوظ خارج البطن تحت الجلد، ففي الشخص الطبيعي يكون جدار البطن مكوناً من عدة طبقات أولاها من الخارج الجلد، وبعد ذلك الخلايا الدهنية التي تمثل نسيجاً مرناً، ثم تنتشر العضلات، وبعدها يوجد أنسجة داخلية مترابطة تساعد على تثبيت الأعضاء الداخلية في مكانها وعدم تحركها أو خروجها عن مكانها وانفلاتها بشكل شاذ عن التنسيق الطبيعي المعتاد لهذه الأعضاء الداخلية، وبالتالي تظهر الأعضاء الداخلية بشكل منسق ومرتب ومحفوظ من الحركة والانفلات، وعند إصابة أي جزء من عضلات البطن بالضعف والترهل نتيجة العديد من المسببات، فإن جزءاً من الأعضاء الداخلية يتمكن من الإفلات والعبور من منظومة الثبات السابقة، وفي الكثير من الأحيان يكون جزء من الأمعاء هو الذي فلت وظهر بارزاً من البطن في خروج غير طبيعي من الجسم، ويظهر هذا الفتاق مثل انتفاخ أسفل طبقة الجلد بدون حدوث ثقوب، ويشعر الشخص المصاب ببعض الآلام، وفي حالة التفاقم يصبح الأمر أكثر خطورة ويصاب الشخص ببعض المضاعفات الأخرى.

خلقي ومكتسب
توجد أنواع عديدة من مرض الفتاق تصنف حسب نشأته وأخرى حسب مكان الإصابة به، فهناك نوعين أساسيين حسب نشأته الأولى وهو الفتاق الخلقي ويطلق عليه أيضاً الفتاق الأولي، ويصيب هذا النوع الشخص منذ ولادته بسبب عيب خلقي، والنوع الثاني هو الفتاق المكتسب أو ما يسمى بالثانوي، ويصيب هذا النوع من الفتاق الأشخاص في أي مرحلة عمرية نتيجة عدة أسباب مكتسبة، منها على سبيل المثال التعرض لحالات الإمساك الشديدة وبذل مجهود في دفع الفضلات مما يؤدي إلى حدوث فتق في البطن، أما الأنواع الأخرى للفتاق حسب المكان الذي يصيبه فتقسم إلى الفتق الإربي ويحدث في منطقة العانة التي تقع أعلى منطقة الفخذ، وهذا النوع يصيب الرجال أكثر من السيدات، وفيه يكون بروز الفتق غالباً في جزء من الامعاء الدقيقة، وينقسم إلى فتق اربي مباشر وغير مباشر، وهناك نوع ثاني يسمى الفتق الفخدي وهو اسفل منطقة الفتق الاربي السابق وهذا النوع غالبا ما يصيب الاناث اكثر من الذكور.
الجراحي والسري
النوع الثالث هو الفتق الجراحي الذي يحدث نتيجة إجراء عملية جراحية تسببت في أضعاف العضلات وحدوث التهابات، مما يكون سبباً في إصابة موضع أو مكان العملية بالفتق وبروز جزء من الأحشاء الداخلية للبطن، وكثيراً من نشاهد هذا النوع لدى بعض الأشخاص الذين خرجوا بعد إجراء عملية في البطن، وهناك النوع الذي يسمى الفتق السري نسبة إلى حدوثه في منطقة السرة بالبطن، وهذا النوع غالباً ما يحدث للسيدات بعد فترة الحمل وبعد الولادة نتيجة الضغط القوي على عضلات البطن والسرة، ولكن هذا النوع أيضاً يمكن أن يصيب الرجال في حالات ارتفاع الضغط على البطن، كما يصيب الفتق السري الأطفال ولا يتم علاجه إلا بعد مرور 3 سنوات، أو في حالة ما إذا كان حجمه كبيراً ويسبب مشاكل للطفل، ويوجد أيضاً فتق الحجاب الحاجز وهذا النوع يصيب الأطفال منذ الولادة وفيه ينفلت أحد أعضاء البطن باتجاه الصدر ويحدث ضغط على أعضاء القفص الصدري ويؤدي إلى مشاكل في التنفس أو غيرها، وهناك نوع آخر يسمى فتق الثغرة الحجابية، وهذا النوع يحدث عندما يندفع جزء من المعدة إلى الصدر وتضغط على الحجاب الحاجز، ويسبب الشعور بألم في المعدة، وعموماً فإن فتق الحجاب الحاجز له الكثير من الأدوية، وبعض النصائح التي يطلبها الطبيب من هذه الحالة تخفف من الأعراض وتعالج هذا النوع.
انتفاخ وألم وحموضة
يشعر الشخص المصاب بالفتاق ببعض الاعراض، مثل الاحساس بانتفاخ في بعض الاحيان يكون غير مؤلم ويسهل اعادة هذا الانتفاخ إلى البطن بنفس المنطقة التي خرج منها البروز، ويزيد هذا الانتفاخ عند بذل اي مجهود مثل حمل اشياء ثقيلة، أو في حالة الاجهاد اثناء التغوط أو حتى في حالة السعال، ويمكن ان يكون هذا الانتفخ مؤلم ويسبب عدم الراحة، ويشعر المصاب بالالم المستمر أو المتقطع، وذلك نتيجة الضغط على الشرايين المغذية لهذه المنطقة، ويلاحظ المريض ان الالم يقل ويختفي عند الراحة والنوم، وفي حالة فتاق الحجاب الحاجز يشعر المرصاب من حموضة عالية في المريء والم بالصدر وصعوبة في التنفس، وفي بعض الحالات تلتهب الرئتين، اما لدى الاطفال الصغار فيصرخ الطفل عند الشعور بالالم ويمكن للام ان تلاحظ مكان الانتفاخ والورم، وتبدأ في الذهاب للطبيب لمعرفة وسائل العلاج في هذه الحالة حتي لا يصاب طفلها ببعض المضاعفات، خاصة اذا كان الطفل يبكى بشكل متكرر من هذا الورم، مما يعني ان هناك حالة ضغط كبيرة على منطقة الفتاق.
انسداد وغرغرينا
تنتج بعض المضاعفات في حالة تفاقم مرض الفتاق، ومنها وصول الفتاق إلى حالة الانحباس أو غير المرتد، وفيها تحدث عدم القدرة على عودة الأجزاء التي خرجت من البطن إلى الداخل ويسبب ذلك ألماً متكرراً وشديداً، ومن المضاعفات أيضاً اختناق الفتق حيث يصاب الجزء الخارج من الأمعاء بالانسداد، وبالتالي عدم وصول الدم إلى هذا الجزء من الأمعاء نتيجة انسداد الأوعية الدموية بهذا الجزء المختنق، وتحتاج إلى عملية جراحية عاجلة، وإذا لم يتم فك اختناق هذا الجزء يحدث غرغرينا في النهاية لهذا الجزء وتموت أنسجته، ومن المضاعفات إصابة الغشاء البريتوني بالالتهابات، وفي بعض الحالات يحدث ثقب في الأمعاء، وتزداد الآلام ويشعر المصاب بمغص حاد ويصاب بحالة من التقيؤ المستمر، وأيضاً عدم خروج الغازات، وفي بعض الحالات المتفاقمة يصاب الشخص بالتسمم العام، أما مضاعفات حالة فتاق الحجاب الحاجز تظهر في صورة تقرحات بالمريء، ويعاني الشخص صعوبات بالغة اثناء عملية بلع الوجبات، ويصل إلى درجة الإصابة بنزيف البلعوم الحاد.
الجراحة الحل الأمثل
تستخدم بعض أساليب الوقاية مثل إنقاص الوزن والإقلاع عن التدخين وتجنب رفع الشياء الثقيلة وعدم اتخاذ اوضاع غير سليمة في الجلوس والوقوف، وتناول اغذية غنية بالالياف الغذائية، وتقوية عضلات البطن في العموم، وايضا تقويتها لعلاج حالات الفتاق البسيطة تحت اشراف طبيب مختص، لتضييق الجزء الذي يخرج منه الفتاق، أما العلاج فيتم بصور كثيرة، ومنها تأجيل الجراحة في حالة عدم حدوث أي مضاعفات أو ألم، ويفضل استخدام الحزام الطبي للضغط على الجزء البارز وإدخاله إلى مكانه، واللجوء للجراحة إذا حدثت مضاعفات، وفيها يتم إصلاح الفتاق وإغلاق الفتحة التي حدثت في جدار البطن عن طريق وضع شبكة مكان الفتحة لمنع الفتاق من الخروج، كما يمكن استخدام منظار جراحي لمعالجة الفتاق، وفي حالة الأطفال يمكن أن يختفي الفتاق بعد مرور 3 أو 4 سنوات بدون التدخل الجراحي، أما إذا استمر فالحل الجراجي عموماً للفتاق هو الحل الأمثل.

الحمل والسمنة والتدخين والسعال

تشير الدراسات الحديثة إلى أن الفتاق يحدث نتيجة الضعف الطبيعي في أجزاء من جدار البطن والتي يسهل تمددها وخروج العضو بها، وأيضاً بمساعدة الزيادة في الضغط الداخلي للبطن، كما أن هناك ضعفاً طبيعياً في منطقة الفخذ، لأنه لا تتوفر التغطية اللازمة من العضلات في هذه المنطقة، مع التحميل المستمر لمنطقة البطن على منطقة الفخذ يزيد من نسبة حدوث الفتاق في هذه المنطقة، ومن أسباب الإصابة بهذا المرض زيادة الضغط على البطن، أو وجود بعض العيوب الخلقية مثل ضعف في أجزاء من جدار البطن، وفشل جدار البطن في الإغلاق بشكل سليم في اتجاه الرحم وعيوب في الحجاب الحاجز، ومن مسبباته أيضا السعال الشديد والمستمر أو العطس والسمنة المفرطة والزيادة المفاجئة في الوزن، والإجهاد في الإمساك وحمل الأشياء الثقيلة، ورياضة رفع الأثقال، وتجمع السوائل في البطن والاستسقاء، ومرض الانسداد الرئوي المزمن ومتلازمة داون والربو، وبعض العوامل الوراثية، وإجراء عمليات جراحية بالبطن، وأيضا التقدم في السن، والحمل، وتضخم البروستاتا والتليف الكيسي والغسل الكلوي البريتوني، والتدخين وسوء التغذية والمجهود البدني الشديد، وعدم نزول الخصيتين لدى الأطفال، والتحويلة البطينية الصفاقية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"