اللسان الجغرافي عرض لا يستدعي القلق

21:47 مساء
قراءة 5 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يعد اللسان الجغرافي من أبسط الحالات العارضة غير المؤذية التي تصيب الإنسان يصحبها شعور بعدم الراحة عند تناول الطعام أو حساسية، يظهر على شكل بقع حمراء غير منتظمة فوق سطح اللسان ويحول مظهره إلى شبه خريطة ولذلك سميت الحالة باللسان الجغرافي ولا يحتاج في أغلب الأحيان إلى علاج طبي، ولم يتوصل العلم حتى الآن إلى أسباب حدوثه ولكن توصل العلماء من بعض الدراسات إلى احتمالية وجود بعض الأسباب المتسببة في الإصابة به، وحول كيفية الوقاية من تلك الحالة ألقت الصحة والطب الضوء على هذا الموضوع من خلال استشارة بعض الأطباء الاختصاصيين في طب الفم والأسنان.
الدكتور نيل ميشيل طبيب الأسنان الرئيسي والمدير العام لعيادة «دينتيست دايركت» البريطانية يوضح قائلاً: يأتي التهاب اللسان الجغرافي الحميد ضمن الحالات الشائعة نسبياً غير المضرة، وغير المرتبطة بأي عدوى أو مرض سرطاني أو أي من أمراض الأسنان، ولكن فقط تؤثر في سطح اللسان، حيث تظهر بوضوح في أعلى وجانبي اللسان، وأحياناً على السطح السفلي، كما تظهر على هيئة خطوط عريضة ملساء غير منتظمة بيضاء متموجة بجانب بقع حمراء بشكل خريطة ومن هنا تأتي تسميتها بهذا الاسم، وتستمر الحالة على مدى بضعة أسابيع أو أشهر، حيث يقوم اللسان باستبدال سطحه القديم بنفسه وتبدو الطبقة العليا من اللسان غير متساوية، وتكون الأماكن الحمراء حساسة تشبه التسلخات لأنها رقيقة.
ويضيف الدكتور ميشيل أنها لا تسبب مشاكل صحية لكنها في بعض الأحيان تسبب شعوراً بعدم الراحة عند تناول الطعام أو حساسية تجاه بعض المواد كما يمكن أن يصاب المريض بعدوى مرض داء المبيضات الفموي أو ما يسمى مرض القلاع وهو عدوى الخميرة من الفطريات من جنس المبيضات على الأغشية المخاطية للفم ما يسبب القرحة، وتميل البقع الحمراء الرقيقة إلى أن تكون مؤلمة عند تناول الحمضيات أو الأطعمة الغنية بالتوابل خاصة الفلفل، ومع هذا فهي لا تزيد من سوء الحالة أو تقللها، ولكن يفضل تجنب هذه الأطعمة، للأسف لا يوجد علاج لهذه الحالة لكن ربما يساعد أحياناً علاج مرض القلاع على التخفيف من الألم الناتج عن هذه التسلخات.
وتشير الدكتورة بسمة حناوي طبيب أسنان عام إلى الحالة قائلة: «ظهور اللسان الجغرافي ليس ضاراً ولم يكتشف له العلماء سبباً علمياً واضحاً ولا توجد دلائل حقيقية حتى الآن وراء ظهور تلك الحالة المرضية، فهو يظهر على السطح العلوي للسان على هيئة بقع حمراء حلزونية دائرية أو بيضاوية تبدأ من منطقة منتصف اللسان متجهة نحو الأطراف والخارج وتظل لمدة أسبوعين على الأكثر ثم تختفي وحدها من دون تناول أي دواء، وتنتشر بشكل أوضح على الجزء الأمامي من اللسان، ومن ضمن الآراء العلمية التي نتجت عن بعض الفحوص أن طبيعة هذه المنطقة الأمامية للسان هي الأكثر تركيزاً لحاسة التذوق وتظهر هذه الأعراض عند الناس الأقل إحساساً بتذوق الأطعمة، وعلى جانب آخر أقرنت بعض الدراسات ظهوره بالعوامل الوراثية نظراً لإصابة أكثر من شخص في الأسرة الواحدة بنفس الأعراض، كما أرجع بعض العلماء ظهور اللسان الجغرافي إلى عدة عوامل منها احتمال وجود علاقة له بمرض الصدفية الذي يصيب الجلد أو نقص الفيتامين في الجسم أو التدخين أو تناول الأطعمة الحارة بكثرة، ومع ذلك لم يحدد حتى الآن سبب معين خاصة مع عدم مصاحبة تلك الحالة المرضية أي آلام مسبقة أو مستمرة وإذا حدث فغالباً تكون خفيفة ناتجة عن البقع الموجودة، وتضيف د. الدكتورة بسمة: «في أغلب الحالات لا يدرك المصاب وجود هذه البقع إلا في حالة زيارة طبيب الأسنان ولذلك يعتبره الأطباء جرس إنذار ربما يكون تنبيهاً لإصابة المريض لاحقاً بمرض الصدفية أو من الجائز أن يكون السبب نقصاً في نوع من الفيتامينات وإذا كان المصاب مدخناً، عليه أن يمتنع عن التدخين فوراً ولعلاجه يستحسن أن يكثر المريض من تناول السوائل مع كميات وفيرة من الماء بشكل منتظم على مدار اليوم للحفاظ على صحة الفم والأسنان، مع الإكثار من تناول الفاكهة والحدّ من تناول مادة الكافيين كالقهوة والشاي والنسكافيه، وإذا كانت الأعراض تصاحبها ألام يمكن للمريض تمرير قطعة من الثلج على اللسان أو يتناول بعض الأدوية مضادة التحسس كالحبوب المسكنة للألم».
تقول د. سهير الدباغ طبيبة أسنان: «اللسان الجغرافي حالة غير مرضية شائعة وموجودة بشكل كبير ليست لها أعراض وأحياناً يصاحبها آلام خفيفة كحرقة باللسان وتظهر الأعراض على شكل بقع حمراء ملساء وحول كل بقعة حليمات مقترنة تصنع خطاً أبيض وليس له شكلاً ثابتاً، ويتغير من مكان لآخر صانعاً شكلاً مثل الخريطة ولذلك يسمونه اللسان الجغرافي وليس له علاج فهو مرض مناعي مجهول السبب وفي أغلب الحالات الموجودة نجد أن أغلبها ناتج عن سبب وراثي من أحد أفراد العائلة، ولا يشعر المريض بأي آلام مصاحبة لهذا المرض العارض، ولكنه يتحسس فقط من بعض أنواع الطعام، مع احتمال وجود علاقة مع أمراض مناعية أخري مثل الحساسية أو الصدفية».
وتنصح د. سهير الدباغ بالحرص على النظافة اللازمة والصحيحة للفم، وذلك عن طريق تفريش الأسنان جيداً مرتين على الأقل يومياً، مع تجنب استخدام معاجين الأسنان التي تحتوي على مركبات تبييض الأسنان، واستخدام خلفية فرشاة الأسنان المجهزة لتلك الحالات لتفادى الخطوط البيضاء التي تنتج من وجود اللسان الجغرافي، مع تجنب زيادة التوابل وعدم تناول الأطعمة المالحة والحارة والحمضيات، وأيضاً لأن هذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم الحالة واستمرارية وجودها.
يؤكد الدكتور محمد القيسي مختص جراحة الفم والفك أن اللسان الجغرافي حالة غير مضرة موجودة لدى عدد متوسط من الناس في صورة بقع حمراء تنتشر فوق اللسان بأشكال غير منتظمة تعطي الطابع الجغرافي في أغلب الأحيان، فاللسان الطبيعي في الأصل أحمر اللون وأملس السطح تظهر فوقه حبيبات صغيرة تسمى الحليمات كطبقة واقية، أما في حالة اللسان الجغرافي يقوم الجهاز المناعي بتدمير هذه الحليمات بشكل عشوائي ينتج عنها تكوين شكل جغرافي على سطح اللسان ما يجعله أملس تماماً ومكشوفاً ومتأثراً بأي من الأطعمة المالحة أو الحارة أو الحامضة ما ينتج عنه شعور مزعج للمريض تصاحبه ألام خفيفة.
ويشير الدكتور محمد القيسي إلى عدم توصل أي من الدراسات حتى الآن إلى سبب رئيسي في ظهور هذه الحالة، ولكن بعضها أوضحت علاقة قوية بين وجود هذه الحالة وتاريخ العائلة، كما أثبتت علاقة بين التوتر النفسي الشديد وظهور اللسان الجغرافي، أو وجود ترابط مع تناول بعض الأدوية وخصوصاً التي تؤخذ عن طريق الفم مثل موانع الحمل، ولكن لا يوجد سبب معروف مئة في المئة، وليس له علاج لأنه حالة ناتجة عن رد فعل مناعي ذاتي يظهر فجأة ومن دون سابق إنذار يستمر أحياناً أشهراً أو سنوات ويختفي فجأة ويعود كذلك من دون مقدمات، بلا معايير واضحة في ظهوره أو اختفائه، ولكن على المريض تجنب التوتر والقلق الزائد، والبعد عن الانفعالات العصبية والضغوط النفسية، كما تتوفر بعض الأدوية إذا احتاج إليها المريض على شكل حل عرضي حيث يعالج الأعراض الناتجة فقط كمسكنات مثل الحبوب أو غسول الفم أو المضمضة المهدئة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"