آفات الأنف والبلعوم تعيق التنفس

01:25 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يتعرض الجهاز التنفسي للإنسان للعديد من الأمراض، حيث إنه يعد الطريق لدخول الهواء والأكسجين إلى داخل الجسم ليخلصه من ثاني أكسيد الكربون، ولذلك فإن أعضاءه التي تتمثل في الأنف، البلعوم، الحنجرة، الرئتين، القصبة والشعب الهوائية، مهددة دائماً بالإصابة، التي تبدأ منذ الأشهر الأولى من بعد الولادة، وتستهدف بعض أنواع هذه الآفات الصغار والكبار على حد سواء مثل التهابات اللوزتين، اللحمية، القرينات الأنفية، والجيوب الأنفية، ولكن مع اختلاف الأعراض والعلاجات، وهذا ما سنقرؤه في السطور القادمة:
تقول الدكتورة فاطمة الزهراء حاج عوبيد، مختص أنف وأذن وحنجرة، إن اللحمية تختلف عند الكبار عن الصغار، كما أنهما عضوان مختلفان تماماً، حيث إن اللحمية التي تزعج الأطفال ويطلق عليها أيضاً (الناميات) وهي نسيج لمفاوي منتشر على البلعوم، موجود خلف الأنف، وأعلى اللوز التي يشبهها إلى حد كبير، ووظيفتها الدفاع عن الجسم ضد الجراثيم، ولكن في بعض الأحيان تتضخم اللحمية ويصير بها التهاب متكرر، ما ينتج عنه اختلاطات فنضطر لاستئصالها، والجدير بالذكر أن الناميات التي تنمو بشكل طبيعي، ولا تسبب مشكلات تضمر في عمر من 9 إلى 11 سنة، أما عند البالغين فتسمى (القرينات الأنفية) وهي عبارة عن عضوين موجودين على جانبي الحاجز الأنفي، وتتمثل وظيفتهما في تنقية، تدفئة، وترطيب الهواء الداخل من الخارج إلى الأنف، ليعبر إلى الفم ثم إلى الأجهزة التنفسية (الرئتين)، ومن أهم الآفات التي تعرض لها القرينات الأنفية هي أن يكبر الحجم عن الطبيعي، ما يسبب انسدادا بالأنف، وفي الحالات التي لا تستجيب للأدوية، يضطر الطبيب للتدخل الجراحي.

علامات اللحمية

توضح د. فاطمة أن اللحمية أو الناميات تبدأ بالالتهاب من عمر سنتين إلى سبع سنوات، وعادة ما تترافق الإصابة بها مع تضخم اللوزتين، وتتمثل علاماتها في حدوث انسداد كامل بالأنف ما يجعل الطفل لا يستطيع التنفس بشكل طبيعي، ويستخدم الفم كعضو للتنفس بديلاً عن الأنف، وكذلك انسداد فتحات الأذن ما يسبب ظهور التهابات متكررة في عضو السمع، أما العرض الثالث فهو وجود سيلان مخاطي قيحي يكون عن طريق الأنف، ثم ينزل على الصدر مسبباً سعالا والتهابا بشكل مستمر في القصبات الهوائية، أما القرينات الأنفية عند الكبار فتعتبر أهم علامات الإصابة بها هي الانسداد الأنفي فقط، كما أنه يندرج ضمن الأسباب التي تساعد في الشخير أثناء النوم، ولكنه ليس السبب الأساسي، كما أن هناك بعض الأسباب التي تزيد من تفاقم الناميات وانخفاض المناعة عند بعض الصغار أكثر من غيرهم وهم من ينشؤون في أسرة يكون فيها أحد الوالدين مدخنا، وجود الغبار، والعث المنزلي، نقص الحديد، سوء التغذية.

مضاعفات

تذكر د. فاطمة أن هناك بعض المشكلات التي يتعرض لها الطفل نتيجة الإصابة بالتهاب الناميات، وتسبب له إزعاجا مثل: نقص الأكسجين، نزول القيح باستمرار على القصبات الهوائية وبالتالي وجود التهابات متكررة، وإذا كان الطفل يعاني من وجود مرض الحساسية، فإن الإصابة باللحمية تسرع في تطور الحساسية إلى الربو، التهاب الأذن الوسطى الذي يسبب مشاكل بالسمع مع الوقت، وأيضاً المعاناة من الشخير أثناء النوم، انسداد الأنف، ما يسبب ضعف التركيز لعدم القدرة على النوم بشكل جيد، كما يؤثر على تطابق الأسنان ويجعلها تبرز إلى الخارج نظراً للتنفس من الفم لفترات، كما أن زيادة وزن الطفل تفاقم ضيق التنفس.

علاجات الناميات

تشير د.فاطمة إلى أن علاج اللحمية يتم أولاً بإعطاء الطفل دورة علاجية من المضادات الحيوية في فترة من 10 إلى 15 يوما لمهاجمة التهاب الناميات، وكذلك وصف مضادات الهيستامين، الحسـاسية وبخاخات الكورتيزون، للسيطرة على التضخم الناتج عن الإصابة، وخاصة أننا نستخدم المكيفات بشكل أساسي.
ونعيش أغلب الوقـــت ضمن الأماكن المغلقة، ويتم مراقبة الطفل المريض لمدة من شهرين إلى ثلاثة، وفي حالة عدم التعافي واستمرار الأعراض والمضاعفات يقوم طبيب الأنف والأذن والحنجرة بالتدخل الجراحي لاستئصال اللحمية عن طريق الفم.
تضيف: أما علاج القرينات الأنفية التي تصيب الكبار فهو يتمثل في العلاج الدوائي، بخاخات للأنف لمهاجمة الحساسية، جرعات من الكورتيزون عن طريق الفم، وفي حال لم تكن العقاقير فعالة في حالة المريض يلجأ الطبيب المعالج إلى عملية تصغير القرينات في حال تضخمها، وهناك بعض الأجهزة الحديثة التي تستخدم في ذلك كالتخثير البارد لتقليص حجم الأنسجة مع الحفاظ على الغطاء الأنفي المخاطي، ولا تعود الإصابة إلا في حال رجوع المريض لسبب الإصابة سواء التدخين أو الحساسية.

مشكلات اللوزتين

الدكتور ليث العاني مختص الأنف والأذن والحنجرة، يقول إن اللوزتين هما من الغدد الليمفاوية، وتعتبران خطا دفاعيا أول من جهاز المناعة في الجسم، ولكنهما ليستا وحدهما، حيث إن هناك العديد من الغدد التي تقوم بنفس الدور، ولذلك لا يعد استئصالهما ضعفا للمناعة، ولهما ثلاثة أنواع وهي: اللوز داخل الفم وهي الأكثر شيوعاً، أو الموجودة في قاعدة اللسان، أو ما تسمى باللحمية عند الأطفال، وتبدأ اللوزتان بالتعرض لبعض المشكلات في مرحلة الطفولة بداية من عمر ستة أشهر، فربما يتواجد بداخلهما كيس، تجمعات مواد غذائية، ما يؤدي إلى تكّون حصوات، كما يمكن أن تصابا بالأورام الحميدة أو الخبيثة، وربما يكون هذا الالتهاب المتكرر علامة من علامات الإصابة بأمراض أخرى مثل سرطان الدم، بالإضافة للالتهابات الحادة المتعارف عليها والتي تصيب أغلبية الأطفال، والتي تتحول في بعض الحالات إلى تجمع صديدي ( خراج)، نتيجة وجود ميكروب بكتيري أو التهاب فيروسي استهدف اللوزتين، مسبباً التهابا شاملا لهما أو تقيحيا، أما الالتهابات المزمنة فهي التي تحدث بشكل مستمر، ما يعني وجود تليف بالغدد اللمفاوية، وصارت هناك بؤرة لتجمع البكتيريا والميكروبات.

تشخيص وعلاج

يوضح د.ليث أن تشخيص التهاب اللوزتين يكون عن طريق الكشف السريري، وأخذ مسحة منهما، وعمل تحليل دم لتحديد نوع الميكروب، وعلامات الالتهاب تختلف بحسب شدته، حيث إن الحاد يبدأ بإصابة الصغير بالحرارة بدرجة متوسطة ترتفع كلما زاد الالتهاب، والمعاناة من آلام بالبلعوم، وصعوبة بالبلع، وبعض الحالات يرافقها التقيؤ، واضطرابات في المجاري التنفسية العليا، أما أعراض التهابات اللوزتين المزمنة فهي تكون بعزوف المريض عن الطعام والشراب، ما يعرضه للتعب، الإرهاق، والضعف العام، ولذلك يجب مراقبة الطفل الذي يشكو من آلام بالبلعوم حيث إن تكرار الالتهاب في العام مرتين لمدة سنتين سبب كافٍ لاستئصال اللوزتين، وكلما كانت في سن مبكرة زادت من فرصة تحسن الطفل، وفي بعض الحالات يقوم الطبيب المعالج بعمل تصغير حجمهما فقط دون استئصالهما بالكامل، وهناك بعض الطرق الحديثة مثل: الأجهزة الكاوية، استخدام الليزر، وهناك أيضاً الجهاز الذي يحول النسيج إلى بلازما الدم أثناء استئصال اللوزتين واللحمية.

الجيوب الأنفية

* يشير الدكتور محمد حباب مختص أذن أنف وحنجرة، إلى أن الجيوب الأنفية هي عبارة عن تجاويف مملوءة بالهواء في عظام الوجه والجمجمة، ومبطنة بغشاء مخاطي وظيفته إفراز المخاط الذي يخرج من فتحات الجيوب، وينزل على تجويف الأنف، ثم البلعوم ليعمل على تنقية وترطيب الهواء، وفلترة الجراثيم، وترجع الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية إلى ثلاثة عوامل وهي:
* الفيروسات، الجراثيم، البكتيريا، الفطريات.
* بعض العوامل التي توجد في البيئة المحيطة وتساعد على تفاقم الالتهاب مثل البخار، الغازات، التدخين، الأبخرة الصناعية.
* حدوث انسداد بالأنف وانحراف الحاجز الأنفي، وجود التهاب اللحمية.

علامات الالتهاب

يذكر د.حباب أن التهاب الجيوب الأنفية الحاد هو عبارة عن هجمة تدوم من أسبوع إلى عشرة أيام، أما المزمن فهو الذي يستمر في فترة تتراوح من ثلاثة أسابيع إلى شهر أو أكثر، وتشتمل الأعراض على وجود انسداد وسيلان بالأنف، صداع مستمر، احتقان، وأكثر الفئات استهدافاً بهذا الالتهاب هم الذين يعانون من نقص المناعة أو يتناولون أدوية تؤدي إلى نقصها، مرضى السكري، المصابون بالسرطانات بأنواعها، ممارسو هواية الغطس أو من يأخذونها كمهنة، وكذلك من يعملون بمناطق يتعرضون فيها للأبخرة الصناعية أو روائح صناعية، وهناك بعض المضاعفات التي يتعرض لها المريض أثناء وجود هجمة الالتهاب مثل: ضخامة القرينات الأنفية وبالتالي يؤدي البوليب (السريلات) وهو تورم بالغشاء المخاطي يشبه حجم حبة العنب تماماً، تظهر داخل الأنف، وتؤدي إلى انسداد الأنف، نقص حاسة الشم، الصداع، رائحة غير مقبولة في الفم.
يوضح د.حباب أن أعراض التهاب الجيوب الأنفية لا تختلف عند الأطفال أو الكبار، وخاصة أنها تتفاقم مع الإصابة بنزلات البرد، ويرافقها سيلان أنف بسيط عند الصغار في فترة ثلاثة أيام، وعندما تتطور الحالة يتحول لون السيلان إلى أخضر أو أصفر، ما يؤدي إلى إنتان ثانوي، أو بكتيريا إنتانية، وتجمع المخاط بالأنف ينتج عنه التهاب الجيوب، لأن ركود المفرزات عند الأشخاص الذين يعانون من اللحمية، يؤثر على تصريف البلغم أو المخاط، ولا توجد قاعدة ثابتة أن الإصابة عند الصغار يمكن أن تستمر بعد البلوغ، حيث إن ذلك يرجع إلى البيئة التي يعيش فيها ووجود عوامل مؤثرة على تفاقم المرض أو عدمه، حتى وإن كان التهاب الجيوب الأنفية متكررا.

العلاج

يؤكد د.حباب أن أهم مراحل علاج التهاب الجيوب الأنفية هي غسول الأنف سواء بماء وملح أو ماء عادي، حيث إنه يساعد على تهويتها، وبقائها بشكل سالك للتنفس، وفي بعض الحالات التي نلجأ فيها إلى وصف تركيبات مضادات الاحتقان للمريض، لتساهم في تخفيف التورم الموجود بداخل الأنف، وكذلك يتم أخذ مضادات حيوية في حال وجود سيلان أخضر أو أصفر لمدة أكثر من سبعة أيام، وبالطبع المسكنات الدوائية مهمة لأن المريض يعاني ألماً بالوجه، ألماً حول العين ألماً بالأسنان، وهناك بعض الأجهزة الحديثة التي تستخدم في حالات التدخل الجراحي، أو عمليات الجيوب الأنفية بالتنظير، التي يتم فيها إزالة اللحمية، البوليباد الأنفية، توسيع الجيوب ما يؤدي إلى تصريف أسهل للمخاط وتخفيف الضغط بالوجه.

مضادات الهيستامين

يتم إفراز الهيستامين من جميع أنسجة الجسم، ولكن الرئة والقناة الهضمية والجلد تنتجه بشكل أكبر، وظيفته مهاجمة أي عدوى يتعرض لها الإنسان، سواء البكتيرية أو الفيروسية، وهناك بعض الأدوية التي تحتوي على مضادات الهيستامين، وتستخدم في علاج الكثير من الأمراض، منها: أنواع الحساسية المختلفة، التهابات الأنف، أعراض الوحم عند الحوامل، كالدوخة والقيء، الصداع النصفي، اضطرابات النوم وغيرها، ولكن يجب الالتزام بالجرعة التي يصفها الطبيب المعالج، حيث إنه يحمل العديد من المضاعفات الجانبية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"