الاحتباس البولي المفاجئ: العلاج بالبوتكس (أ) أو بالليزر الأخضر

02:22 صباحا
قراءة 8 دقائق

تقع غدة البروستاتا تحت قاعدة المثانة وأمام المستقيم وتحيط بقناة مجرى البول مشكلة بذلك حلقة حولها . وكما هو معروف فإن غدة البروستاتا عند الرجل يمكن أن تتضخم لأسباب عديدة، ومن جراء ذلك يصاب المريض بضعف تدفق البول من المثانة عبر الإحليل، وهي تعد الشكوى الأكثر إزعاجاً للمريض والتي تدفعه لاستشارة الطبيب طلباً للنصيحة والعلاج .

يحدث الاحتباس البولي الحاد في بعض الاحيان من جراء التهابات البروستاتا الجرثومية الحادة وفي نفس الوقت وجود تضخم في مرحلة متقدمة وكذلك بعد بعض المعالجات الجراحية أو العمليات الجراحية التي تجرى بتخدير عام أو تخدير موضعي للنخاع الشوكي (SPINAL ANAESTHESIA) .

الأعراض:

من اعراض انسداد الإحليل البروستاتي الحاد احتباس شديد للبول في المثانة مع تقطر للبول غير الإرادي من خلال الإحليل شكل (1) .

أما الأعراض الأخرى المصاحبة لهذه الحالة الطارئة فتكون الشعور بالغثيان والتقيؤ إضافة إلى الشعور بالتعب والوهن .

التشخيص:

يعزى انتفاخ القسم السفلي من البطن لكبر حجم المثانة الناجم عن الاحتباس البولي حتى يثبت العكس . ويمكن فحص البروستاتا عن طريق المخرج (المستقيم) وذلك لتشخيص التضخم في هذه الغدة، وهذا الفحص لا يمكنه أن يحدد درجة التضيق والانسداد في الإحليل .

وعادة ما يتم تشخيص الإصابة المزمنة للاحتباس البولي في المثانة بقصور كلوي حاد وذلك من جراء ارتفاع نسبة اليوريا والكرياتنين في الدم وهذه الحالة تحدث في حالة الانسداد التام للإحليل البروستاتي بسبب تضخم البروستاتا في المرحلة المتقدمة والذي هو المسؤول على هذه المضاعفات الخطره على الكليتين خاصة والجسم عامة .

ويتم تشخيص درجة الانسداد في الإحليل وفقاً للفحص السريري ونتائجه وكذلك نتائج استقصاءات االقسطرة ومنظار المثانة وفحص الموجات فوق الصوتية للمثانة والبروستاتا عن طريق المستقيم (TRUS) والتي يشخص من خلالها مرحلة تضخم البروستاتا وحجمها أو وجود سرطان بروستاتي أو التهابات في هذه الغدة، كما تحدد درجة الانسداد في الإحليل .

ووفقاً للكشف السريري هذا، فإن المريض قد يكون يعاني من قصور كلوي حاد تال لاحتباس البول بسبب الانسداد وعدم خروج البول وتفريغه بشكل تام إلى الخارج حيث يتبقى الأكثرية الساحقة من البول في المثانة . ولهذا يعتبر الانسداد في المسالك البولية واحتباس البول المفاجئ من الحالات الحرجة التي تتطلب التدخل الطبي للعلاج مباشرة، لأنها ستؤدي إذا لم تعالج مبكراً إلى قصور الكلية الحاد و(الازوتيميا) (AZOTEMIA) .

ومن العلاجات الأولية واللازمة هو وضع قسطرة لبضعة ايام في المثانة لتفريغها من البول المنحصر في داخلها مع مراقبة حالة المريض بشكل عام وتزويده بالسوائل الفسيولوجية عن طريق الوريد للمحافظة على التوازن المتعلق بالشوارد والسوائل في الجسم .

أما الدواعي الكلينكية الجراحية والمنظارية لتضخم البروستاتا والمسببة للحصر البولي فهي ما يلي:

1- حصر بولي عاصي .

2- التهابات جرثومية معاودة للمسالك البولية وذلك من جراء تضخم البروستاتا .

3- معاودة نزيف دموي لغدة البروستاتا في حالة التبول .

4- وجود حصى في المثانة مع وجود تضخم البروستاتا في نفس الوقت .

5- العطل الكلوي الحاد من جراء الانسداد المثاني المزمن .

وبفضل تقدم البحوث العلمية العلاجية الحديثة لتضخم البروستاتا في السنوات الأخيرة، وتعاظم دور الرقابة والرصد الفعال لهذا التضخم الحميد في غدة البروستاتا عند الرجال اصبح العلاج الدوائي، وليس الجراحي أو القلع المنظاري بالليزر أو غيره، لهذا المرض المزعج والذي يصيب الرجال مع تقدم العمر وبنسبة عالية ما بعد سن الاربعين ممكن والحمد لله، ولهذا تراجع العلاج الجراحي لتضخم البروستاتا في السنتين الأخيرتين لصالح العلاج الدوائي الحديث والفعال للغدة نفسها بفضل اكتشاف علاجات فعالة وناجحة لتضخم البروستاتا نفسها، وفي نفس الوقت التخلص من الاعراض المزعجة في المثانة والإحليل من جراء تضيع العنق المثاني الذي يسببه هذا التضخم، مع العلم، وكما ذكرنا في ثلاث مقالات سابقة حول سرطان البروستاتا، فإن التقدم في العمر أو الكبر هو عامل من عوامل الخطورة لنشوء تضخم البروستاتا الحميد والخبيث في نفس الوقت حيث يكتشف السرطان المجهري في الغدة البروستاتية المتضخمة بنسبة 30% في سن الخمسين و40% في سن ما فوق الخمسين، و50% في سن ما فوق الستين . وبفضل دقة التشخيص المبكر لهذا فإن 60% من هذه السرطانات في الغدة البروستاتية تشخص مابين ال 45 وال70 سنة، ولكن سرطان البروستاتا ينشأ ايضا في سن ما قبل الخمسين سنة، حيث ينشأ أولا في سن الاربعين في الغدة تضخم حميد مبدئيا بنسبة 20% وفي العقد الخامس من العمر بنسبة 50% .

لكي نفهم لماذا يحدث هذا التضخم في تقدم عمرنا فإن انقسام الخلية البروستاتية لها علاقة بالتغيرات الهرمونية الذكرية والخلايا الجذعية في داخل الغدة، حيث يحفزان هذان العاملان الخلية البروستاتية على الانقسام المتكرر وينشأ من جراء ذلك التضخم المذكور مقدما، والتغيرات هذه تحدث في الحالات التالية:

1- التأثيرات والتغيرات الجينية بسبب التعرض المتزايد للتلوث البيئي والسموم البيئية .

2- الالتهابات الجرثومية وغير الجرثومية في غدة البروستاتا حيث تسبب هذه الالتهابات عطب أكسدي (OXIDATIVE DAMAGE) وبنسبة 40% من هؤلاء الرجال مابين 40-70 سنة من العمر يتعرضون إلى هذه الالتهابات في هذه الغدة .

3-الانتقال الوراثي الجيني للتضخم الحميد وكذلك لسرطان البروستاتا من الاب أو اقارب الدرجة الأولى .

4- نمط الحياة الخاطئ: تناول الشحوم المشبعة واللحوم الحيوانية وقلة تناول الفواكه والخضراوات .

وقبل الخوض في سبل العلاجات الحديثة الدوائية والغير جراحية لهذا التضخم الحميد لغدة البروستاتا لابد من البدء في السبل الوقائية قبل العلاج وكما يقول المثل الوقاية خير من العلاج .

الوسائل الوقائية والغذائية

أثبتت الفرضية العلمية التي ترتكز على السبب الالتهابي لغدة البروستاتا الجرثومي وغير الجرثومي والمزمن منه خاصة وانتكاساته بانها تساعد على نشوء تضخم لغدة البروستاتا ومن ثم سرطان البروستاتا، حيث إن جميع الدراسات الوبائية تعزو نمط التنظيم الغذائي كعامل خطوره في تسبب اختلال التوازن البيولوجي في الخلية، خاصة والغدة البروستاتية عامة ومناعتها الذاتية والتي بدورها تؤدي إلى التضخم الحميد أو الخبيث .

وقد ثبت أن تناول الدهون المشبعة والحيوانية واللحوم بافراط، وفي الوقت نفسه قلة تناول الفواكه والخضراوات هما السبب في ازدياد الإصابة بالالتهابات والتضخم الحميد والخبيث في البروستاتا والسرطانات الأخرى ايضا، بينما ثبت بأن تناول مضادات الأكسدة والفواكه والخضراوات وخاصة الرمان والطماطم بصورة منتظمة ويومية يخفض من الإصابة بالالتهابات والتضخم وكذلك السرطان في الغدة .

وعلاوة على ذلك فإن الانتكاسات المتعددة لأي التهاب جنسي معدي (STD) يؤدي بعد الإصابة المتكررة في خلال سنوات إلى التضخم الحميد أو السرطان لهذه الغدة وذلك بسبب الطفرات الباثولوجية في نواة خلايا البروستاتا التي يسببها الجرثوم المعدي، حيث تؤدي هذه الطفرات إلى انقسام الخلايا وتكاثرها، أو إلى انفلات تكاثرها ليصبح تكاثر غير حميد كما هو الحال في تضخم البروستاتا الخبيث ،

ولهذا فإن تناول مضادات الأكسدة وخاصة الخضراوات والفواكه التي تحتوي على (الليكوبين) في الطماطم والفيتامين (سي) في البرتقال والرمان والفيتامين (اي) في الخضراوات والزيتون وزيت الزيتون حيث تعمل هذه كلها على وقاية وحماية الخلايا البرسوستاتية وغيرها في جميع انحاء الجسم من الأمراض الالتهابية والسرطانات وفي نفس الوقت تخفض من تلف وعطب الخلايا وكذلك المجموعة الجينية كلها التي قد تضررت أو تتضرر من المؤكسدات الالتهابية مثل (الأوكسيد الفائق أو أوكسيد النتريك أو فوق النتريت .

أما الايسوفلافين وهو المتواجد في فاصوليا الصويا (SOYA BEANS) فهو وقائي ضد تضخم البروستاتا الحميد والخبيث لأنه يحتوي على الاستروجين النباتي والذي تكمن فعاليته بكبح انزيم الالفارودكتاز ومن جراء ذلك يمنع تحويل التستسترون إلى الديهدروتستنرون الفعال والذي يلعب دورا فعالا في تضخم البروستاتا وسرطانها ايضا .

اما مضادات الأكسدة فإن مفعولها يكمن في منع تلف الحامض النووي الريبي (DNA) في نواة الخلية والذي يحدث من جراء الأكسدة المفرطة ،حيث يبطل فعل الجذور الحرة والمواد الأخرى السامة والناتجة من هذه الأكسدة المفرطة واهم هذه المضادات للأكسدة هو البيتاكاروتين (B-CAROTINE) ومعدن السلينيوم (SELENIUM) وفيتامين أي (VIT E) .

أما العلاج الدوائي الحديث فإنه يعتمد على كبح تكاثر الخلايا البروستاتية بواسطة تبطيل الانزيم الفاردوكتاز واستعمال مبطلات مستقبلات الالفاادرينالين (ADRENERGIC) .

وحديثاً ثبت بأن تضخم البروستاتا وفي نفس الوقت الضعف الجنسي عند هؤلاء المرضى الذين يعانون من المرضين في آن واحد تعالج بنجاح بواسطة مثبطات ال (PDE5-INHIBITOR) ومبطل مستقبلات الالفا ادرينالين خصوصاً من فئة التامزوليزين ال (TAMSULOSIN) لهما فوائدهما العلاجية لكبت التضخم وفي نفس الوقت تحسين تفريغ المثانة وازالة جميع الاعراض الناتجة عن هذا التضخم وفي حالة استعمال مثبطتات انزيم الفسفوديأستراز الذي يستعمل في علاج الضعف الجنسي فإنه اثبت بأنه يزيل اعراض التضخم واعراض الضعف الجنسي في نفس الوقت ويعتبر كعلاج لتضخم البروستاتا الحميد وأعراضها ايضا .

والشي الحديث والمبشر بنتائج كلينيكية ناجحة هو علاج الاحتباس البولي المفاجئ والمزمن من جراء التضخم البروستاتا في المراحل المتقدمة عند الرجال المتقدمين في العمر وخاصة ما فوق السبعين سنة وفي نفس الوقت علاج التهابات البروستاتا المزمنة واوجاع الحوض المزمنة عند الشباب والرجال في متوسط العمر بواسطة حقن غدة البروستاتا المتضخمة والحميدة بمادة البوتكس - أ- (BOTOX - A-) حيث تجعلها مترخية في العنق المثاني وفي نفس الوقت تخفض من حجمها بعد فترة وجيزة حيث يحدث ضمور لهذه الغدة بعد معالجتها بهذه المادة الجديدة والحمد لله فإن هذه المادة متوفرة هنا حيث يستطيع المريض أن يغادر المستشفى بعد ساعات من حقن هذه المادة في غدة البروستاتا بهذه المادة تحت التخدير الموضعي فقط .

اما نتائج هذا العلاج فإن البحوث العلمية والكلينيكية اثبتت ضمور تضخم الغدة الانسدادي في عنق المثانة وضمور في خلايا غدة البروستاتا وهذا يعني طفرة علاجية سوف تجعل الجراحة المنظارية أو قلع البروستاتا بمضاعافاتها لاحاجة لها في حالة التضخم الحميد في المراحل الأولى من التضخم ويستطاع الاستغناء عن الجراحة عند هؤلاء الرجال الذين يعانون من تضخم البروستاتا هذه ويعانون في نفس الوقت من أمراض في القلب أو الاوعية الدموية تمنع خضوعهم لعملية منظارية أي كان نوعها ليزرية أو كهربائية أو جراحية، وفي نفس الوقت يحافظ الرجل على وظائفه الجنسية الانتصابية بعد هذه الحقن البروستاتية .

وللتخلص من الاحتباس البولي المتكرر بسبب تضخم البروستاتا في المراحل المتقدمة عند الرجال الذين لا يعانون من أمراض في القلب ولامانع من خضوعهم إلى جراحة منظارية دون أن يتعرضوا للمضاعفات الانتانية والالتهابية فإن تبخير غدة البروستاتا بواسطة شعاع الليزر الأخضر (GLL-HPS120W) منظارياً هو من العلاجات الحديثة والمكللة بالنجاح وبمضاعفات قليلة جداً . أما إذا رغب المريض في الاحتفاظ بوظائفه الجنسية والانجابية فإن هنالك عمليات منظارية حديثة بواسطة الليزر الأخضر (GLL) نفسه تحافظ على وظائف القذف الطبيعي وذلك بتفادي قطع أو قلع الجزء المجاور للقناة المنوية القاذفة، مع العلم بأن تبخير التضخم بواسطة هذا الليزر في المراحل المتقدمة هو الأفضل والمحبذ وخاصة عند هؤلاء الرجال الذين يعانون من احتباسات بولية متعددة ومفاجئة وخاصة الرجال ما فوق سن السبعين سنة حيث يصاب هؤلاء بالحصرة البولية أو الانحباس المفاجئ بنسبة 10% وأكثر من الرجال في سن الستين سنة بخمسة اضعاف . أما الرجال ما بين سن 60 و80 فيصابون خلال هذه الفترة بنسبة 23% بالانحباس البولي المفاجئ وهؤلاء يستطيعون أن يستفيدوا من هذا العلاج الجراحي المنظاري الذي لا يستغرق إلا ساعة واحدة بتخدير موضعي فقط وبقاء في المستشفى ليومين.

البروفيسور د . سمير السامرائي

مدينة دبي الطبية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"