حصص التقوية جرعات تحصين ضد الدروس الخصوصية

يستفيد منها كثيرون رغم قصر مدتها
00:11 صباحا
قراءة 8 دقائق

لم تهدأ محاولات الجهات التربوية لمحاربة آفة الدروس الخصوصية المستشرية بين الطلبة على اختلاف مراحلهم التعليمية، حيث أصبح المدرس الخصوصي وسيلة تعليمية لا تفارق الطالب ولا الكتاب المدرسي . وفي المقابل شكلت حصص التقوية المدرسية منعطفاً في الوقوف عند حاجة الطالب التعليمية وما تقتضيه من متابعة وبحث بكل الوسائل المتاحة لتوضيح الأفكار بالكلمة والصورة والشرح المفصل لرفع مستوى تحصيله العلمي . والسؤال المطروح: هل استطاعت حصص التقوية أن تؤثر في مبدأ الدروس الخصوصية؟ وهل حدت من انتشارها، أم أنها لا تزال حاجة أساسية ومكملة لا غنى عنها؟

تشير آمنة محمد، مدرسة رياضيات في مدرسة خولة بنت ثعلبة للتعليم الأساسي والثانوي للبنات، إلى حرص المدرسة على تشجيع الطالبات على الدراسة من خلال وطرائق وأساليب ودية تجذبهن لحصص التقوية . وتقول: بما أن الرياضيات من المواد التي تحتاج إلى استيعاب وتركيز عالي أحاول قدر المستطاع توصيل المعلومات ضمن وقت الحصة الدراسية وبطبيعة الحال يكون الشرح كافياً للفئتين المتميزة والوسطى أما الطالبة الضعيفة فلا تستفيد، لذلك أتابع مع الضعيفات خارج وقت الحصة بطريقة ودية لرفع قدراتهن، ومن جهة أخرى هناك البعض يعتمد على الدروس الخصوصية مع أنها مكلفة مادياً، فإذا قدرنا على سبيل المثال الدرس الخاص ب 200 درهم للساعة الواحدة يعتبر مكلفاً على عكس حصص التقوية في المدرسة التي تكون مجانية ويعطيها مدرس المادة بأسلوبه وطريقته التي قد تتناقض مع طريقة المدرس الخصوصي، وهذا قد يؤثر سلبياً في مستوى الطالبات الدراسي .

وعن دور حصص التقوية في المدرسة، تقول المعلمة في مدرسة الخان موزة المهيري: تهدف حصص التقوية بصورة أساسية إلى رفع قدرات ومهارات الطالبات الضعيفات ومع أن بعضهن يلجأن إلى الدروس الخصوصية إنما يبقى مستواهن متدنياً لذا أحاول تخصيص وقت خارج الحصة الرسمية في فترة الاستراحة للتمكن من شرح وتبسيط المعلومات قدر الإمكان، ومع هذا يجب أن تفعل دروس التقوية أكثر للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية التي قد تؤثر في سلوك الطالبة وتكيفهما مع النظام التعليمي في المدرسة .

وتوافقها الرأي آمنة الشامسي، مدرسة لغة عربية وإسلامية، قائلة: حصص التقوية مهمة جداً في المراحل التأسيسية للطالبات خاصة أنني أدرس المراحل الأساسية من الصف الأول حتى الثالث الابتدائي وهي مرحلة حرجة جداً تدل على مستوى كل طالبة خاصة في القراءة والتدريب على الإملاء . ولاحظت ضعفاً شديداً في مهارات الطالبات حتى مع وجود المدرس الخصوصي والأهم هو عدم اهتمام أولياء الأمور بأبنائهم خاصة في موضوع الإملاء والقراءة، إذ تأتي الطالبة من دون حفظ ولا تدريب، وهذا ما يجعلني أركز على حصص التقوية من خلال إعطاء أوراق عمل خاصة بالإملاء .

ومن جانبها توضح مها جابر، مدرسة علوم ورياضيات، السبب المؤثر في الدروس الخصوصية وتقول: يسهم نظام الفصول الدراسية الثلاثة في التخفيف من ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية والتركيز أكثر على حصص التقوية المدرسية، لأن المدرس الخصوصي يلقن الطالب ويحل له الواجبات لكن من دون فائدة حقيقية فيتعود الطالب على الاتكالية وعدم الاهتمام .

لا حل لمشكلة الدروس الخصوصية فهي منتشرة بين الطلبات على اختلاف مراحلهم التعليمية، هكذا ترى ذكريات يوسف، مدرسة لغة عربية وإسلامية للصف الثاني الابتدائي . وتقول: مع أنني خلال الحصة أكثف التدريبات الخاصة بالقراءة والإملاء لتقوية وتدريب الطالبات فضلاً عن تخصيص 20 دقيقة إضافية لتحسين مستواهن الدراسي، يبقى الدرس الخاص مشكلة تواجه النظام التعليمي ويبقى المدرس الخصوصي حالة مؤقتة لمعلومات مؤقتة لا ترسخ في ذاكرة الطالبة بعمق، لدرجة أنني فوجئت عند تصحيح الواجب المدرسي لطالبة بوجود جميع الإجابات حتى عن أسئلة لم تأخذها، فالمسألة برأيي تحولت من اكتساب وفهم حقيقي للمعلومات إلى تلق وكسب درجات للنجاح فقط .

ويوضح محسن عبدالعزيز، أمين سر ومشرف فصول التقوية في مدرسة الخليج العربي للتعليم الثانوي للبنين أهمية حصص التقوية وقال: فصول التقوية حاجة ملحة للطلبة لأكثر من سبب أولها وأهمها محاربة الدروس الخصوصية المكلفة مادياً وترهق أولياء الأمور كثيراً، إضافة إلى أننا نسعى من خلالها إلى منافسة المعاهد التعليمية الخاصة وجذب الطالب لمدرس المادة بأسلوبه وطريقته التي تعود عليها في الحصة الدراسية، وهذا من شأنه أن يحافظ على توازن الطالب النفسي والعقلي .

وأضاف: تقدم المدرسة من خلال حصص التقوية تسهيلات وفرصاً تعليمية تتيح للطلاب الاستفادة والتعمق في المواد خاصة الصعبة منها، وفي المقابل كلما زاد اهتمام أولياء الأمور بتشجيع أولادهم في متابعة دروس التقوية أثمرت جهودهم نتائج مرضية أكثر .

ويشير وائل الصالح، مدرس رياضيات، إلى اقتران حصص التقوية بفترة الامتحانات فقط ويقول: تنظم حصص التقوية قبل فترة الامتحانات بيوم على حسب جدول المواد الدراسية وبالتالي وقتها قصير بالمقارنة مع الدرس الخصوصي الذي يكون على مدى السنة لكن بالرغم من ذلك أثبتت دروس التقوية فاعليتها أكثر من الدروس الخصوصية التي تحولت بالنسبة للطالب إلى روتين وموعد لا أكثر، مع العلم أن من يستفيد من الدروس الخصوصية هم الطلبة في المستويين المتوسط والجيد لأنها تشكل لهم فرصة مهمة لفهم وحل المسائل الصعبة وإعادة مراجعتها على عكس الطالب الضعيف الذي هو أساساً غير مهتم ولا يحضر في الغالب .

ويقول صفوان الجندي، مدرس لغة عربية للصفين السابع والعاشر: دروس التقوية لا تكفي لعلاج الضعف الدراسي خاصة للطلبة المتأخرين دراسياً وما أكثرهم في مادة اللغة العربية حيث توجد نسبة لا بأس بها من طلاب الصف السابع لا أعلم كيف وصلوا إلى هذه المرحلة من الجهل الكبير في قواعد اللغة وأساسياتها البسيطة حتى على سبيل المثال هناك من يجهل تركيب الجملة الاسمية فكيف لهذا الطالب أن يفهم خلال حصص التقوية؟ أعتقد أنها مفيدة أكثر للطلاب المتوسطين، وتمنح المجتهدين فرصة التفوق والحصول على درجات عالية .

ويرى خالد فؤاد عامر، أختصاصي اجتماعي، أنه كلما زادت حصص التقوية قلت الدروس الخصوصية المنتشرة بكثرة بين الطلاب فضلاً عن أنها مرهقة مادياً . دروس التقوية بالمدارس ترفع من مستوى الطلاب وتقوي مهاراتهم خاصة اللغتين الانجليزية والعربية والرياضيات، وهذا يجعل الطلبة يشعرون بالارتياح لاهتمام المدرسة وفتحها جميع الأبواب أمامهم وبالتالي توفير الوقت اللازم لمراجعة المنهج المطلوب، ويؤدي أولياء الأمور دوراً مهماً في تشجيع أبنائهم وحثهم على الالتزام بفصول التقوية التي تغنيهم عن الدرس الخصوصي وتؤهلهم أكثر لاجتياز الامتحانات .

وأوضح خلفان محمد الرويمة التأثيرات السلبية للدروس الخصوصية على الطالب مشدداً على أهمية حضور حصص التقوية بقوله: مضارها أكثر من فوائدها، حيث يعتمد الطالب على مجهود المدرس الخصوصي أكثر من اعتماده على نفسه وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى عدم اهتمامه بالشرح خلال الحصة إضافة إلى ضياع وقته، والقضاء عليها ليس بالأمر السهل، وتعتبر فصول التقوية المدرسية إحدى النوافذ والطرائق المفيدة خاصة للطالب الضعيف دراسياً، فبعد كل فصل دراسي نرصد نتائج الطلبة ويتضح لنا أن هناك طلاباً يحتاجون إلى دعم وشرح خاصة في المواد الرئيسية بالذات، لأن المدرس لا يجد في الفترة الصباحية الوقت الكافي لتعليم الطلاب، لذا يتم تخصيص وقت في الفترة المسائية لمناقشة وإعطاء المعلومات، علاوة على ذلك هي فرصة تخلق أجواء ودية بين الطالب والمدرس خارج الحصة الرسمية .

ويدعو محمد المعتصم، مدرس علم النفس، إلى تعويد الطالب على حصص التقوية قائلاً: تؤثر دروس التقوية إيجابياً في مستوى الطلاب لكن دورها يبقى مؤقتاً، لأنها تسبق فترة الامتحانات فقط على عكس الدروس الخاصة التي تلازم الطالب ويتعود عليها أكثر، إذاً هو اكتسب صفة التعود أكثر من التحصيل الدراسي الحقيقي خلال الحصة، ولإتمام مهمة دروس التقوية يجب الاستمرارية، فبذلك يفسح المجال للطالب بالتعلم والتمكن أكثر والاستغناء عن الدروس الخصوصية .

وتعددت مواقف الطلاب بين من يلتزمون بحصص التقوية وآخرين يستغنون عنها مقابل الدروس الخاصة، ويقول عبدالرحيم محمد، الصف السادس: من خلال شرح معلم الفصل أجد نفسي مستوعباً لجميع المواد ما عدا اللغتين العربية والإنجليزية، التي كان لا بد من اللجوء إلى مدرس خاص لها، أما اللغة العربية فيساعدني فيها أخي الكبير الذي لا يشجعني على حضور حصص التقوية المدرسية لأنها كما يقول مضيعة للوقت .

ويحرص علي سعيد، الصف السادس، على حضور حصص التقوية على الرغم من وجود مدرس خاص، ويقول: يتولى المدرس الخاص شرح ما عسر علي فهمه في كل المواد ما عدا اللغة الإنجليزية حيث تساعدني فيها والدتي وأختي الكبرى، ومع ذلك لا أضيع حصص التقوية المدرسية خاصة في مادتي العربي والعلوم .

وموقف علي سعيد ليس بعيداً عن موقف سيف عبيد، الصف السادس، الذي يقول: أجد صعوبة في مادتي الرياضيات والإنجليزية ومع أنه يوجد مدرس خاص في جميع المواد إلا أنني أهتم بحصص التقوية المدرسية ولا أفوتها أبداً نظراً لأهمية ما يعطيه مدرس المادة من ملاحظات ومواضيع قبل الامتحان .

عبدالحكيم محمد، الصف الثامن، يلوم أسلوب المدرس الذي لا يفهمه ويقول: لا يستطيع بعض مدرسي الفصل توصيل المعلومات خلال الحصة وأجد صعوبة في فهم الدروس خاصة مادتي اللغة الإنجليزية والعربية، لذلك أحتاج إلى مدرس خاص في هذه المواد يشرح لي الدروس بشكل موسع، وهذا بالطبع يغنيني عن حضور حصص التقوية المدرسية .

ويتمنى فادي نغماش، الصف الأول الثانوي، زيادة مدة حصة التقوية قائلاً: أحرص على حضور دروس التقوية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء على وجه الخصوص، ومع التركيز مع المدرس لا أحتاج إلى دروس خصوصية، وأتمنى تنظيم دروس التقوية قبل فترة أطول من موعد الامتحان لإتاحة الفرصة للمراجعة وحفظ المعلومات أكثر .

ويجد خميس خالدي، الصف الحادي عشر علمي، الاستفادة والمعلومة الأكيدة في معاهد التقوية الخاصة، ويقول: وقتنا ضيق جداً ما بين الدوام المدرسي ومتابعة الواجبات، لذلك لا أحضر حصص التقوية المدرسية لكنني التحقت بمعهد للتقوية في مادة الفيزياء يومين في الأسبوع . واستفدت كثيراً من دروس المعهد لسببين أولهما أن المدرس ممتاز وذو كفاءة عالية جداً في توصيل المعلومات، والثاني وجودي مع مجموعة من الطلاب يضيف لمعلوماتي الكثير في نقاط لم تكن لتخطر في بالي من دون حصر النقاش وكثرة الأسئلة .

ويمثل خالد الحمود، الصف الثاني عشر علمي، صورة الطالب المتفوق الذي لا يحتاج لا لحصص التقوية ولا للدروس الخاصة، ويقول: لست بحاجة إليها لأنني أتابع مع مدرس الفصل بشكل مستمر وأكتفي بشرحه خلال الحصة الرسمية ومن ثم أهتم بمراجعة دروسي أولاً بأول في البيت لتجنب تراكمها .

وفي المقابل اعتادت ختام إسماعيل، ربة منزل، تكثيف حصص الدروس الخاصة لابنها قبل فترة الامتحانات، وتقول: ابني في الصف الأول الثانوي ومع أنه متفوق أحرص على إحضار المدرس الخاص الذي أجده أفضل بكثير من حصة التقوية التي لا يستطيع الطالب من خلال الوقت المخصص لها عند ما يواجهه من مشكلات وصعاب في المواد، حتى لو تكلفت مادياً في المقابل أطمئن إلى استعداداته الدراسية قبل دخوله الامتحان لأنني أريده من بين الأوائل .

محمد علي محمد ماجد، رئيس قسم الخدمات المساندة في منطقة الشارقة التعليمية يقول: تبقى الدروس الخصوصية آفة نسعى للقضاء عليها من خلال تفعيل مفهوم حصص التقوية وتوسيع نطاقها في المدارس خاصة في الفترة التي تسبق الامتحانات بيوم أو يومين، ليتسنى للطالب مراجعة معلوماته من المدرس، إضافة إلى التنسيق بين إدارة المدرسة وقسم العمليات التربوية لتسهيل حاجة المدرسين وتخصيص حصص إضافية ترفع من مستوى الطلبة خاصة الضعاف دراسياً، إضافة إلى أهمية مراكز التقوية المنتشرة في أرجاء إمارة الشارقة في كل من الذيد، والمليحة، والمدام، وكلباء، وغيرها التي أسهمت بشكل كبير في تحسين مستوى الطلاب وزيادة مهاراتهم العلمية من خلال كفاءة المدرسين العاملين في المراكز من حيث الخبرات الممتازة في كل المواد .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"