الكتاب العرب . . ماذا يريدون من اتحادهم العام؟

"الخليج" تستطلع آراءهم خلال اجتماعهم في مسقط
00:41 صباحا
قراءة 7 دقائق

مسقط - "الخليج":
أثبتَ التاريخُ أن العربيَّ لا يعيشُ على هامشِ الوجودِ الإنساني، وإنما هو مَهدُ الحضارةِ وله الفضلُ في اختراعِ الكتابَةِ . . ومن أرضِهِ انطَلَقَتْ مسيرةُ الأديانِ، وها هيَ الأيامُ تؤكدُ ذلكَ فالعَرَبُ الذين بَنَوْا للثّقافةِ الإنسانيَّةِ محَطَّاتٍ كثيرةً على طَريقِ التمدُّنِ الأمميِ تشهدُ أوطانُهم هذه الأيامَ حَرَاكاً سياسيَّاً وثقافيَّاً واجتماعيَّاً على الأصْعدةِ كافة .
العربَ بمخزونِهمْ الفكريِّ الضاربِ في القدَمِ، وبقيمِهمْ التي سادوا بها الحَياةَ حِقَباً مخْتلفةً، وبأديانِهم الإلهيَّةِ السمِحَةِ وبمواردِهِمْ الطبيعيةِ، وموقِعِهمْ الاستراتيجي قادِرون على أن يُعيدوا ترتيبَ أوراقِهم من جديدٍ، ليَكونوا رَقَماً أممياً لا يمكنُ تجاوزُ قيمَتِه ومعْناهُ وإنتاجِه .
بهذه الكلمات بدأ الدكتور محمد بن مبارك العريمي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والادباء كلمته فى اجِتماعَ المكتبِ الدائمِ للاتحادِ العامَّ للأدباءِ والكتابِ العربِ في مسقط في سلطنة عمان .
وقال: "إن الاجتماع يأتي في مرحلةٍ مهمَّةٍ من تاريخِ الثَّقافةِ العَرَبيةِ حيثُ الحَراكُ العَرَبيُّ يكْتبُ منعَطَفَهُ المستقبليَّ، ولذلك مهْما رأينا مِن تحدَّياتٍ وصُعوباتٍ تشْهدُها المنطقةَ، فإنها بذلك تَفْتتحُ مرحلةً جَديْدةً من عُمْرِها، ولذلكَ تقعُ على عاتقِ المثقَّفين مسْؤوليَّةٌ جَلِيلةٌ وهيَ تحْليلُ هذا الحراكِ العَرَبيِّ من شتَّى جوانبِه والكشفُ عن جَدلِه المعْرفيِّ وبيانُ مواطنِ قُوَّتِه وضعْفِهْ ثم رسْمُ معالمَ السَّيْرِ وخريطة الطَّريقِ للمرحلةِ القادمةِ للشُّعوبِ العربيَّةِ بحفظِ التوازنِ بين ثقلِ أطرافِ هذا الحراكِ والتخفيفِ من وطأةِ الإيديولوجية الفكرية التي تعْصِفُ بالوضعِ السياسيِّ العَربيِّ هذه الأيامْ" .
انطلاقا من تلك الكلمات المعبرة عن واقعنا الحالي . . أردنا التعرف عن قرب إلى دور اتحاد الكتّاب والأدباء العرب فى الوقت الراهن، وهل الاتحاد قادر أن يكون مظلة للدفاع عن الكتّاب والأدباء والمثقفين في الوطن العربي، وما هو المطلوب من الاتحاد؟
طرحنا هذه الأسئلة على عدد من ضيوف مسقط لنتعرف إلى آرائهم . .
. . . . .
وقال الكاتب غسان كامل ونوس . . نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب فى سوريا . . رئيس الوفد السوري: "لا شك أن الاتحاد العام للكتاب العرب مهم وضروري ووجوده مهم لا سيما في هذه المرحلة، حيث تمر بعض البلدان العربية في ظروف بالغة الصعوبة، وبالتالي مسألة الاستهداف الثقافي في صلب عملية الاستهداف التي لها تاريخ استعماري معروف، وقد استخدمها ضعاف النفوس ولا سيما المثقفون والكتاب الذين ارتضى بعضهم أن يكون عنصرا صغيرا لحركة هذه الجهات عبر أخطبوط من الأساليب، والمعروف أن الإنسان المتقدم ثقافياً ومعرفياً يمكن أن يواجه الضغوط والاختراقات بشكل افضل ولمدة زمنية أطول، وهذه الحصانة الثقافية إذا ما تكاملت على مستوى الوطن العربي، ستكون ساحة المقاومة أوسع، وبالتالي ستكون القدرة على الصمود أكبر وخاصة أن الجراح تبدأ بجزء من الجسم فإذا لم تتم معالجتها ستنتقل إلى الاجزاء الأخرى .
وأضاف ونوس: مهمة الأدباء العرب الآن مهمة مزدوجة في داخل كل قطر وعلى الصعيد العربي بشكل عام، ولمسنا من خلال بعض اللقاءات التي جرت حتى الآن هذا الشعور الحميمي، وهذه الحماسة لتجديد التكامل الثقافي العربي في مواجهة هذه الاوضاع المأساوية في عدد كبير من بلدان الوطن العربي، ونأمل أن يكون هذا الاجتماع نوعياً من حيث مواجهة الغايات الاستعمارية، وبشكل أساسي الفكر التكفيري، الذي بدأ يتوغل في الشعب العربي في أكثر من مكان، والأخطر أنه أخذ يستخدم العنف المبرمج للتخويف والارهاب واضعاف روح المقاومة وهذا ما تريده الأوساط الغربية، ولا سيما الكيان الصهيوني .
وقال ونوس: مشكلة المؤسسات أو النقابات الثقافية العربية تكمن في مراعاة بعض هذه الاتحادات وخصوصياتها في بلدانها، هذه المراعاة تكون ايجابية أحيانا، لأنها قادرة على تفهم الأوضاع أكثر وتحليلها بشكل أدق، ولكن تكون هذه المراعاة سلبية إذا أخذ بعين الاعتبار الجانب السياسي، وبالتالي تفقد دورها الثقافي الفاعل، حين يكون دور الاتحاد توافقياً قد يظلم البعض، فيما يفترض أن يكون دوره واضحاً، وهذا ما نلاحظه أحياناً فثمة حماسة من أجل قضية ما في مكان ما، وفتور أو تردد في قضايا أخرى . وفي تقديري الشخصي أن السياسي يمكن أن يتخذ مواقف لها مصلحة آنية أو مرحلية، ويفترض أن يكون المثقفون البوصلة الحقيقية للكرامة والإنسانية، ولا يمكن أن يكون المثقف لاعباً محترفاً مثل اللاعب المحترف في كرة القدم، بحيث يلعب للفريق الذي يدفع أكثر وبعض المثقفين يفعل ذلك .
وأضاف ونوس: يفترض أن تقوم حملة على صعيد الأوساط الثقافية والمؤسسات الثقافية لمواجهة الفكر التكفيري، وهذه أهم خطوة حثيثة في مختلف البلدان العربية، وهذا سينعكس على كثير من المجالات: التعليم، التربية، وسائل الإعلام التي لها دور مهم هذه في هذه المرحلة، وهذه الخطوات يجب أن تُتابع لنرى تنفيذها العملي، ولكي نرى إن كان هنالك تجاوب من جانب المسؤولين في البلدان العربية، وليكن ذلك عبر لجان ثقافية متخصصة ويمكن مواجهة هذا الفكر بأساليب سياسية، لكن الحل الأساسي يأتي عن طريق الثقافة .
حمزة برقاوي، أمين سر الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين قال: "من الضروري إعلاء شأن الثقافة الوطنية، لأنها توحد، وإذا كانت السياسة قد قسمت الفلسطينيين، فإن الثقافة باستطاعتها أن تحقق وحدة هذا الشعب، ليس من منطلق قطري، ولكن من منطلق قومي، يجب على الثقافة والمؤسسات الثقافية ممثلة باتحاد الكتّاب والأدباء الفلسطينيين أن تواجه الإنقسام السياسي الفلسطيني لأن "إسرائيل" تسعى إلى تشتيت الفلسطينيين، والقضية الفلسطينية تعني الفلسطينيين في الخارج أيضاً، مثلاً هنالك أصوات لمثقفين في الداخل تتحدث عن الوطن الفلسطيني ويعنون به الضفة الغربية وغزة فقط، بل هنالك من يضيف لمسة شاعرية ويتحدث عن دفة الوطن، بينما الوطن الفلسطيني هو كل فلسطين، بغض النظر عن أنها محتلة، على المثقف حارس الكلمة الصافية وضمير الحركة الفلسطينية القومية أن يعي ذلك، وإلا فلن يستحق لقب مثقف، ليس هنالك جغرافياً، ليس هنالك تاريخ فلسطيني إلا التاريخ العربي الإسلامي لفلسطين، فكيف لمثقف أن ينكر هذه الحقائق، وكيف لمثقف فلسطيني ألا يعي دوره الثقافي والوطني هذا المثال يجب أن يكون أمام كل مثقف فلسطيني . نتمسك بأن القضية الفلسطينية تختلف عن معظم القضايا الإنسانية، من هنا لا يجوز النظر للقضية الفلسطينية على أنها عابرة، هي قضية من أدق قضايا العالم السياسية، ولم تخلق إسرائيل إلا في إطار خططها الاستعمارية .
وقال برقاوي: الأوضاع التي تمر بها القضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة سجلت تراجعا على الأصعدة كافة بما فيها الصعيد الثقافي، وهذا انعكس على المؤسسات الثقافية، كان المفروض أن يستعاض بمؤسسات فلسطينية بدلا من المؤسسات التي دمرت، وكان حرياً بالاتحاد العام للكتاب أن يرمم هذه المؤسسات، ولكن للأسف مع تراجع الاهتمام بهذه القضية، لم يتمكن الاتحاد من ذلك، ونحن نفتقد الكثير من الدعم لكي نستطيع ارجاع قوة المؤسسة الفكرية؟
هل يستطيع الاتحاد ان يكون مظلة للكتاب والادباء ؟ وأضاف برقاوي: المشكلات التي يعاني منها المثقف الفلسطيني في الداخل تختلف عن مشكلات المثقفين الفلسطينيين في الخارج أو في الشتات . كل كاتب فرض عليه وضع مختلف . . الاتحاد بوجوده في هذه الأقطار يحاول إيجاد الحلول وقد سجل انجازات في الرعاية الصحية والاجتماعية والعلمية والحرص على حقوق الكاتب الفلسطيني خارج بلاده، إلا أننا نطمح دائما للمزيد، ولا نستطيع أن نقول اننا وصلنا الى كل مانريد .
الشاعر عبدالله العريمي عضو جمعية الكتاب العمانية قال: "في ظل المتغيرات التي يشهدها الوطن العربي وما يمكن أن ينعكس على الثقافة إثر ذلك صار من المهم تبني القيم الإنسانية والعمل بها بشكل معاش وليس مجرد شعارات يمكن تبنيها والصراخ بها، وذلك حتى تتحقق قيم الحرية والعدالة والاستقرار والسياسة المتوازنة، وعلى الاتحاد أن يسعى لنبذ أي فكرة تتمذهب وفقا لأهداف سياسية وعدم الانحياز للمصالح الضيقة وذلك بفتح سماء أرحب للتحاور والحرية وإدانة كل ما يتعلق من فتاوى تدعو لاقتتال الشعوب، وقبل كل ذلك على الاتحاد أن يستند على قانون ما أو مؤسسة ما تكفل له ممارسة هذا الحق .
بهذا فقط سيتمكن الاتحاد ولو بشكل جزئي من تحقيق التطلعات المشروعة للمثقفين المرتبطين بالأرض والإنسان سعياً لتحقيق القيم الإنسانية وحياة أجمل وأكرم .
خناتة بنونة الكاتبة القصصية المغربية الحائزة على جائزة القدس قالت: أنا مدينة لاتحاد الكتاب العرب ومدينة لاتحاد الكتاب المغرب، ولكل مشارك في حصولي على جائزة القدس، وبذلك يكون التلاحم في الثقافة العربية بين مشرق العالم العربي ومغربه، ولهذا حضرت إلى مسقط لأحيي هذا الشعب العماني المعطاء والكريم، والذي تفضل ببعض مؤسساته وطبع لي كتابا آخر على نفقته الخاصة اسمه "خناتة بنونة في المرايا المنعكسة" وهو الإصدار الرابع عشر لي، وأنا أول كاتبة أصدرت مجموعة قصصية في المغرب وأول كاتبة أصدرت مجلة ثقافية نسائية في المغرب، وأول مغربية أصدرت روايةوحصلت على جائزة أهديتها لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبيعت في المزاد آنذاك بمليون فرنك، ولم تأخذ درهما واحدا من أجل المساهمة في النضال الفلسطيني .
وحول وجود هكذا جوائز في الوطن العربي في ظل الأحداث السياسية الحالية قالت: إن المثقف الحقيقي عندما ينتمي للأرض وللتراب والتاريخ والحضارة والهوية بصدق كبير فإنه يستطيع أن يفعل المعجزات مهما كانت الظروف .
وقال فاضل ثامر رئيس اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق: "هذه الدورة لها أهمية كبيرة؛ لأنها تعقد بهذا الوقت بالذات، وهي تفرض اهتمامات جديدة على المثقف العربي، وذلك من أجل الدفاع عن الحريات ومن أجل الارتقاء بمستوى الفعل الثقافي؛ حيث توجد إمكانات كثيرة لتطوير عمل المثقفين والكتاب العرب من أجل الإسهام بدور اكبر في الحياة الوطنية والقومية على مستوى الوطن العربي .
وقال الكاتب المصري رفقي بدوي المسؤول المالي للاتحاد العام لاتحاد الكتاب العرب: استلمت مصر الأمانة العامة لاتحاد الكتاب العرب منذ 7 سنوات، ونحن الآن في الدورة الثالثة للاتحاد العام التي تنتهي عام 2015 برئاسة الأمين العام محمد سلماوي، وبعد ذلك تنتقل الى دولة عربية أخرى، وعندما استلمنا الأمانة كان اتحاد الكتاب العرب مديناً بمبلغ 2550 دولاراً . . والآن أصبحت ودائع الاتحاد فى البنك تصل الى حوالي 175 ألف دولار، هذا بالإضافة إلى حساب جار وصل إلى حوالي 27 ألف دولار، ناهيك عن مبالغ الاشتراكات المتأخرة على الأعضاء والتي بلغت 78 ألف دولار، بالإضافة إلى أن المكتب الدائم للاتحاد العام قد قام بإلغاء المديونيات للسنوات السابقة والتي تصل إلى 120 ألف دولار، وهذا هو الوضع المالي للاتحاد . وأضاف بدوي: "الاتحاد الآن يقوم بمشروع ترجمة الأعمال الإبداعية للكتّاب العرب إلى لغات أخرى، وكان في السابق لديه مشروع نفّذ من خلاله العديد من الأعمال لبعض الكتّاب العرب ضمن مشروع المئة رواية، وكان المشروع بدأ في عهد علي عقله عرسان عندما كان أميناً عاماً للاتحاد العام، والآن هناك مشاريع للترجمة لأكثر من لغة ويقوم الأمين العام بإبرام اتفاقيات في هذا الشأن، وفي الوقت نفسه تصرف مكافآت للمترجم وكان في السابق لا يصرف مقابل مادي على الترجمة .
وقال بدوي: مظلة الاتحاد ليست للأفراد، لكن في الوقت نفسه الاتحادات تقوم بمخاطبة الجهات المعنية السيادية عندما يتعرض كاتب لانتهاكات في بلده أو مصادرة حريته وإبداعه .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"