البلاجرا .. يسببه سوء التغذية ونقص الفيتامينات

03:05 صباحا
قراءة 6 دقائق
ينشأ مرض البلاجرا عن سوء التغذية لدى الأشخاص، ويطلق عليه عدة مسميات وهي مرض البري بري أو داء الذرة أو الحصاف، والبلاجرا معناها باللغة اللاتينية الجلد الخشن، وينتج بسبب النقص الحاد لبعض الفيتامينات الهامة في الجسم، ويصاحب هذا المرض خلل في عمليات الأيض للبروتينات والكربوهيدرات والدهون، وغالباً ما يصيب الأشخاص الذين يعتمدون في طعامهم على محصول الذرة الشامية، والتي تفتقد إلى عنصر النياسين، وأيضا يظهر عند مدمني الخمور نتيجة التسمم الكحولي الذي يحدث عند هؤلاء الأشخاص، ويهاجم أيضا متعاطي المخدرات، ومن خصائص هذا المرض انه يسبب الضعف العام والتعب ونقصا ملحوظا في الوزن، ولأن الذرة فقيرة للغاية في عنصر التريبتوفان والنياسين فيتم معالجتها في بعض الدول بالجير، لأن الجير يساعد على زيادة نسب النياسين في الذرة، وكان هذا المرض منتشرا في الولايات الفقيرة داخل الولايات المتحدة، ومنها ألاباما والميسيسيبي، وظل يصيب اللاجئين والنازحين لفترات طويلة، وذلك لعدم حصولهم على ما يكفيهم من أطعمة وغذاء، وسوف نتناول مرض البلاجرا بالتفاصيل مع توضيح الأسباب والأعراض التي تصاحبه، وكيفية الوقاية منه والمضاعفات التي يمكن ان يسببها، مع تقديم طرق العلاج المتاحة.
نقص النياسين
الإصابة بمرض البلاجرا تنتج عن النقص الحاد في حمض النيكوتينيك أو ما يعرف بفيتامين النياسين في النظام الغذائي، وأيضا نقص فيتامين «ب1» الضروري لصحة القلب والجهاز العصبي، ونقص فيتامين «ب3» وكذلك غالبية مركبات فيتامين «ب»، وينتج أيضا هذا المرض عن نقص تناول حمض «التريبتوفان»، ويمكن أن يؤدي نقص الحمض الأميني «الليسين» إلى نقص النياسين أيضًا، ويكون سبباً للإصابة بمرض البلاجرا، ويحدث كذلك عند الإكثار من تناول حمض اللوسين، كما ينتج هذا المرض بسبب سوء التغذية في البروتينات وبعض الأحماض الامينية، وتم ملاحظة هذا المرض أول مرة بين بعض الفلاحين من إسبانيا، والذين كان غذاؤهم يعتمد بصورة رئيسية على الذرة الشامية، ولذلك اطلق عليه داء الذرة، واذا ترك مرض البلاجرا دون علاج فتحدث بعض المضاعفات، مثل الاصابة بحالة من الخرف والهذيان والضعف الشديد والاكتئاب الحاد، ويؤدي إلى حدوث الوفاة في غضون 5 أو 6 أعوام من المرض، وغالبا ما يكون العلاج عن طريق النيكوتيناميد وهي مادة كيميائية مرتبطة بالنياسين.
نقص فيتامين «ب»
تعود الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض البلاجرا إلى العادات الغذائية غير الصحية، والتي تفتقر إلى أبسط مقومات الغذاء الصحيح، وعدم التنوع والاعتماد على بعض الأطعمة المكررة فقط، وكما ذكرنا فإن ذلك يؤدي في النهاية إلى نقص فيتامين النياسين الذي له دور كبير في تجديد خلايا البشرة والحفاظ على حيويتها ومرونتها، وهو أحد المكونات الأساسية لفيتامين «ب»، وأيضا من الاسباب نقص فيتامين «ب6» ونقص «ب7»، وافتقار الطعام إلى الحمض الأميني «التريبتوفان» ويتواجد بكثرة في الأسماك والبيض واللحوم والدواجن وفول الصويا، وهذا الحمض يتم إنتاج النياسين منه، ومن المسببات الاعتماد على أطعمة فقيرة في هذه الفيتامينات السابقة، والنقص الحاد في المواد الغذائية التي يحتاجها الجسم، والإصابة بمرض هارتناب تسبب هذه الحالة، وايضا متلازمة السرطان الخبيث، حيث تؤدي هذه المتلازمة السرطانية إلى نقص كبير في تكوين البروتينات وبالتالي فقر الجسم من النياسين، وبالتالي إلى ظهور الأعراض الإكلينيكية للبلاجرا، والسبب الآخر هو الإفراط في تناول حمض اللوسين، ومن الأسباب إدمان تناول الخمور والكحول لسنوات طويلة، وتعاطي أنواع المخدرات المختلفة لفترات طويلة.
خشونة الجلد
تظهر الكثير من الأعراض على الشخص المصاب بمرض البلاجرا، وبعض الحالات من الفقراء لا يذهبون للطبيب المتخصص إلا عندما تتفاقم الحالة وتظهر أعراض أشد ألماً وخطورة، ومن الأعراض التي تظهر على المصابين بهذا المرض في بدايات مهاجمة المرض، حدوث جفاف للجلد وخشونة مع ظهور احمرار بسيط، ويحدث تقشر للجلد وتشققات عند التعرض لأشعة الشمس، ويظهر طفح جلدي وقشور ملوثة في الأجزاء التي تعرضت للشمس، ويشعر الشخص بحكة يصحبها احمرار شديد، الإحساس بوذمات خفيفة في الجلد، ومع تطور المرض تزيد خشونة وتشققات الجلد بصورة مقززة في أطراف الجسم، كما تظهر قشور بنية اللون على البشرة في الأنف والرقبة والخدود، وتتشكل بقع حمراء تشبه حروق الشمس في الوجه وحول الرقبة وفي اليدين والقدمين، وتحدث التهابات الحلق وتظهر آفات والتهابات داخل الفم وحوله من الخارج، ويحمر اللسان ويتورم ويصبح أملس، ويشعر الشخص المصاب بالتعب العام والخمول والإرهاق، وتهاجمه نوبات من الألم في العظام والعضلات، وتظهر في الربيع وتزيد في الصيف.
سوء الهضم والخرف
وينال الجهاز الهضمي للمصاب نصيبا من الأعراض التي يسببها مرض البلاجرا، حيث يشعر المريض بألم في البطن ويصاب بسوء واضطراب كبير في عملية الهضم، وضعف في قدرات الأمعاء على امتصاص المواد والعناصر الغذائية، مما يزيد من حالة سوء التغذية ويضاعف من المرض، ويفقد المريض جزءا كبيرا من شهيته، وينتابه حالة من الإسهال وأحيانا يصحبها حالة من التقيؤ، وتظهر بعض الأعراض العصبية على المريض، مثل الإصابة بحالة هياج شديدة، مع ظهور أعراض الأرق والقلق والتوتر والضغط العصبي والاضطرابات العاطفية، ويصاب بالصداع المتكرر وترتجف الجسم، وتحدث اضطرابات نفسية وضعف في الذاكرة والتركيز وزيادة في التشتت، وعند تفاقم المرض يصل المصاب إلى درجة من الاكتئاب، ونقص ملحوظ في القوى العقلية ويصاب بالهذيان والنسيان والتشوش الذهني وحالة من عدم المبالاة، ويصبح اكثر عدوانية لإصابته باضطرابات نفسية حركية تسبب له التوتر الدائم مع عدم الراحة والرغبة الملحة في الشجار مع الآخرين، ويهاجمه مرض الأتاكسيا وهو فقدان الاتزان والتوازن نتيجة حدوث شلل في الأطراف بسبب التهاب الأعصاب المحيطية، ويحدث للشخص المريض اضطرابات نفسية مثل الانزعاج الشديد رؤية الضوء أو أشعة الشمس، مع عدم تحمله الكثير من الروائح المحيطة مما يعجل بالتقيؤ والوقوع في حالة غثيان، والإصابة بالدوار إذا قام بحركات سريعة مفاجئة، ويصل الأمر إلى الإصابة بحالة اعتلال عضلة القلب التضخمي، ومع استمرار تطور المرض يصل الأمر إلى إصابة المريض بمرض الخرف، وفي النهاية يمكن أن يؤدي مرض البلاجرا إلى حالة الوفاة.
تعويض الفيتامينات
تناول الطعام الصحي من طرق الوقاية من مرض البلاجرا، فيجب أن يكون الغذاء متنوعا ومتوازنا ويحتوي على كميات كافية من الفيتامينات والبروتينات والأملاح والمعادن، وهذه الطريق فعالة للغاية للوقاية من هذا المرض، ومن هذه الأطعمة السمك ومنتجات الألبان واللحوم والدواجن والبيض، فهي غنية بحمض الفوليك وفيتامين «ب1» الذي يشمل الثيامين، وفيتامين «ب3» الذي يشمل النياسين، ولا بد من الإقلاع عن المخدرات والتدخين، والتوقف عن تناول الخمول والكحوليات، أما طرق العلاج فتكون عن طريق تعويض النقص في الفيتامينات بواسطة الأقراص والحقن التي تحتوي على فيتامين «ب»، وذلك عند ظهور أية أعراض من التي ذكرناها، وطبيعي أن يكون ذلك تحت إشراف الطبيب المختص، ويتم إعطاء حقن النيكوتيناميد في الحالات شديدة المرض، مع جرعات عالية من الفيتامينات الناقصة بشدة، ويقرر الطبيب نوعية الغذاء للمريض ليتضمن اللحوم والفستق والحبوب الكاملة والخضروات الطازجة، وتعالج القروح بالمضادات الحيوية، ومن العلاجات الطبيعية الأخرى التعرض لأشعة الشمس في الأوقات المفيدة، مع تناول الكثير من التمر الغني بالمواد الغذائية والعناصر المضادة للأكسدة ومقاوم أصلاً لمرض البلاجرا، وأيضا تناول جنين القمح بمقدار 4 ملاعق يومياً لمدة 3 أسابيع، والملوخية مضادة لمرض البلاجرا، والبقوليات والبروكلي والتين والمكسرات.

ينتشر في الريف

تشير الدراسات الحديثة إلى أن مرض البلاجرا ينتشر بكثافة بين سكان الريف الذين يعتمدون في غذائهم الرئيسي على الذرة الشامية، وتم رصد هذا المرض في عدد من الدول الإفريقية والآسيوية إضافة إلى قارة أمريكا الجنوبية، وانتشر المرض في أوروبا بعدما أحضر محصول الذرة الشامية من أمريكا الوسطى لزراعته في أوروبا، وذلك في القرن 18 ميلادي، وينتشر المرض بين مدمني الخمور لفترات طويلة في البلاد الغنية، وأيضاً بين فقراء ومشردي هذه البلاد، وبين بعض المساجين في المعسكرات الكبيرة، وكذلك بعض الأشخاص الذين يعانون بعض الأمراض النفسية، ويعزفون عن الطعام بشكل كبير وسرعان ما يصيبهم سوء التغذية ومعه هذا المرض، ومن المعروف أن الذرة الشامية فقيرة في مركب النياسين، ولذلك أصيب من يعتمد عليها كغذاء أساسي. وأول من اكتشف أن مرض البلاجرا له علاقة وطيدة بالغذاء، هو العالم الأمريكي جوزيف جولدبيرج، حيث كشف دور الذرة الشامية في الإصابة بهذا المرض، وكان ذلك في بدايات القرن العشرين، وتظهر أعراض البلاجرا في فصل الربيع، وتزيد في فصل الصيف بعد زيادة التعرض لأشعة الشمس، وتعاود الظهور في الربيع التالي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"