تونس «تصطبغ» بقضايا الانتخابات الرئاسية

04:10 صباحا
قراءة 5 دقائق

د. محمد عز العرب *

ألقت التصريحات والمناظرات بين مرشحي انتخابات الرئاسة في تونس، الضوء على محورية القضايا الداخلية والخارجية في أجندتهم في حال وصولهم إلى كرسي الحكم في قرطاج. وتمثل تحليل عينة عشوائية من خطاب المرشحين، أن أبرز قضايا الداخل؛ هي: حماية تعديل الدستور؛ وتعزيز الأمن؛ واستكمال الحرب على الإرهاب؛ ومواجهة الفساد، في حين كانت أبرز قضايا الخارج: التباين بين رؤى المرشحين حول استعادة العلاقات مع سوريا؛ وتعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية؛ والإسهام في حل الأزمة الليبية
هناك مجموعة من القضايا التي استحوذت على أولوية اهتمامات مرشحي انتخابات الرئاسة في تونس، على النحو التالي:
1- تعديل الدستور؛ إذ أعلن المرشح يوسف الشاهد في اللقاء الأول للإعلان عن حملته الانتخابية من العاصمة التونسية رفضه لتغيير الدستور، معتبراً «إن عملية تغييره مضيعة للوقت». في حين صرّحت المرشحة الرئاسية «سلمى اللومي» لوكالة «سبوتنك» الروسية بأنها سوف تطرح مبادرة؛ لتعديل الدستور في حال فوزها بالانتخابات؛ حيث أشارت إلى أن «النظام السياسي الحالي هو سبب رئيسي في الأزمة التي تشهدها البلاد، ونعتقد أن النظام السياسي الحالي غير ملائم لتونس؛ لأنه ساهم في تشتت مراكز القرار داخل مؤسسات الدولة العليا».
وصرّح المرشح الرئاسي عبد الكريم الزبيدي لوكالة أنباء «رويترز» في 27 أغسطس/‏آب الماضي أنه «سيعدل الدستور في حال فوزه بالانتخابات؛ وذلك بهدف إنهاء تشتت السلطات، وهو أمر يعطل الانتقال الديمقراطي والاقتصادي في البلاد»، وأكدت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى أنها «ستضع حداً للإسلام السياسي؛ لأنه يتعارض مع مفهوم الديمقراطية»، مشيرة إلى أنها ستقوم بإعداد مشروع يمنع تكوين الأحزاب التي تقوم على منطق ديني.

السياسة الخارجية

2- تعزيز الأمن، استحوذ على صدارة القضايا التي طرحها المرشحون في دعايتهم الانتخابية، على نحو ما تجلى في شعار: «تونس أقوى» الذي رفعته الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء يوسف الشاهد؛ إذ ركز على ضرورة تعزيز قوة المؤسسات الأمنية؛ باعتبارها النواة الصلبة مع المؤسسة العسكرية للمحافظة على بقاء الدولة.
وكذلك أكدت تصريحات المرشح الرئاسي مهدي جمعة في 3 سبتمبر/‏أيلول أن «الأمن والسياسة الخارجية يشكلان أولويات برنامجه السياسي». وتجلى الاهتمام أيضاً بقضايا الأمن في برنامج وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي الذي أعلنه في 15 أغسطس/‏آب الماضي، وتعهده بالعمل على التطبيق الصارم للقانون «في ملفات الاغتيالات والتسفير والجهاز السري» و«استعادة الأمن الاجتماعي ومقاومة كل مظاهر الفوضى والجريمة ومكافحة الإرهاب، بالتنسيق الوثيق مع القوات الحاملة للسلاح والأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية».
3- إنعاش الاقتصاد؛ إذ أشار يوسف الشاهد خلال زيارته لدائرة المنستير إلى أنه سيعمل على إطلاق الطاقة الاقتصادية الكبيرة المتوفرة في الدولة. وصرّحت رئيسة حزب الأمل سلمي اللومي: إن «أولوية الحزب هي مقاومة الفقر، وليس الحرب على الفقراء؛ وذلك بإصلاحات اقتصادية تضمن الضغط على الأسعار، وتحسين المقدرة الشرائية، وخلق فرص التشغيل أمام الشباب التونسي»، وصرّحت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى خلال زيارتها إلى ولاية بنزرت مؤخراً، بأن «خلق الثروة هو الرهان الأساسي لحل إشكاليات التشغيل والنمو وتحسين الوضع الاجتماعي للمواطن».
كما تعد إشكالية عدم التوازن بين الأقاليم في تونس إحدى القضايا التي تشغل المرشحين فيما يعرف بالتنمية المتوازنة؛ لذا، اضطر الشاهد إلى مغادرة اجتماعه الشعبي الذي عقده في محافظة القصرين في 5 سبتمبر/‏أيلول 2019؛ بعد أن قام أهالي المحافظة باقتحام الاجتماع؛ للاحتجاج على أداء الحكومة وغياب التنمية في المحافظة، كما تم قطع التيار الكهربائي في محافظة القصرين لمدة 10 دقائق بالتزامن مع اجتماع الشاهد، وهو ما اضطره إلى مغادرة المحافظة من دون أن يقوم بجولة فيها مثل باقي المرشحين.

«النهضة».. أكثر من مرشح

4- مواجهة الفساد، وهي مرتبطة أيضاً بالتعامل مع رموز النظام السابق؛ إذ صرّح رئيس الجمهورية الأسبق والمرشح الرئاسي المنصف المرزوقي: إنه مستعد للعفو عن الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي إذا فاز بالانتخابات الرئاسية في حال أعاد ما يقدر بحوالي 20 مليار دولار إلى الدولة، في حين ركز مرشحون آخرون على أولوية التصدي للفساد.
5- السياسة الخارجية؛ إذ أكد الشاهد أنه سيعمل في حال فوزه على تبني سياسة خارجية تقوم على الحياد الإيجابي، وتكون أكثر فاعلية فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية التي تخص تونس.
ولم يكن غريباً أن يرى البعض أن حركة النهضة تمتلك مرشحين آخرين على غرار حمادي الجبالي، وهو ما يفسر نفي الجبالي في حوار أجراه مع «سبوتنيك» بتاريخ 2 سبتمبر أن تكون له علاقة مع حركة النهضة في الوقت الحالي؛ حيث صرّح قائلًا: «الماضي هو الشيء الوحيد الذي يربطه بحركة النهضة»، كما رفض الاتهامات الموجهة إليه بدعم تسفير «الجهاديين» إلى بؤر الصراعات خلال فترة توليه لحكومة الترويكا.
وقد استحوذت عودة العلاقات مع سوريا على اهتمامات المرشحين؛ إذ صرح رئيس حزب مشروع تونس والمرشح الرئاسي محسن مرزوق بأن قطع العلاقات مع سوريا كان من ضمن الأخطاء الكبيرة لحكومة الترويكا، خاصة أن الفترة التي قطعت فيها العلاقات مع دمشق هي ذاتها الفترة التي شهدت سياسة انتقال للعديد من الشباب التونسيين إلى سوريا؛ للالتحاق بصفوف الإرهابيين، وأضاف قائلًا: «ذهبوا إلى سوريا والعراق، والآن يمثلون تهديداً لأمن الدول التي يتواجدون فيها، وكذلك أمن تونس؛ ولذلك فإن إعادة العلاقات مع سوريا ذات أهداف أمنية».
وتعهد الزبيدي بفتح سفارة تونسية في دمشق العام المقبل؛ بهدف «خدمة العائلات التونسية هناك، وفك العزلة عن الشعب السوري أيضاً، ورفع التنسيق الأمني»، في حين صرّح مرشح حركة النهضة للانتخابات الرئاسية عبد الفتاح مورو بأن «إعادة العلاقات مع سوريا ينبغي أن يتم في إطار جامعة الدول العربية، نحن بلاد منضوية تحت لواء منظمة عربية، ولنا سياسات مشتركة مع الدول العربية لا يمكن أن نخرج عنها».

الحياد السلبي

وكانت الأزمة الليبية حاضرة في قضايا المرشحين بحكم الجوار القريب؛ حيث تعهد الشاهد، وفقاً لما نقله موقع «تونس 24» أنه «في حال فوزه بالانتخابات سيعمل على حل الأزمة بين الأشقاء الليبيين»، مشيراً إلى أن تونس عليها أن تخرج من حيادها السلبي، وتسعى إلى رئاسة جامعة الدول العربية.
وأكد المرشح حمة الهمامي في حملته بتاريخ 4 سبتمبر الجاري على إعادة العلاقات مع سوريا. في حين تعهد المرشح ناجي جلول بزيارة دولة إفريقية كل شهر في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية؛ لتقوية العلاقات التونسية- الإفريقية. وأشار عبد الفتاح مورو إلى أن برنامجه الانتخابي سيرتكز على «السعي إلى خلق طرق تعاون وترابط بين تونس ودول جوارها، والانفتاح على إفريقيا باعتبارها قارة المستقبل»، داعياً رجال الأعمال والمؤسسات والكفاءات التونسية إلى التوجه نحو إفريقيا، وبناء مشروعات في عمق القارة.

*رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"