سرطان المبيض.. الجراحة أساس العلاج

00:12 صباحا
قراءة 8 دقائق
تعد أورام المبيض من السرطانات النسائية الأكثر شيوعاً، وتبرز خطورة هذا المرض بالدرجة الأولى في كونه لا يسبب أي أعراض تلفت نظر المريضة إلى احتمال إصابتها به في مراحله الأولى، ولذلك لا يتم الاكتشاف إلا بعد أن يكون المرض بلغ مراحل متقدمة، وبالرغم من وجود أكثر من طريقة علاج إلا أن أغلب الحالات أثبتت أن الجراحة حجر الأساس في علاج هذا المرض.
تقول الدكتورة دينا الشوربجي اختصاصية أمراض النساء والولادة: يشير مصطلح «سرطان المبيض» إلى أنواع عدّة من السرطانات التي تنشأ عن الخلايا المكوّنة للمبيض، ولا سيّما الخلايا الظهارية التي تمتلك القدرة على الانتشار، ويعد سرطان المبيض من الأمراض الأكثر شيوعاً بين أوساط النساء ومن أكثر سرطانات الجهاز التناسلي المسببة للوفاة، ويصيب النساء من مختلف الفئات العمرية، حتى الشابة منها، لأسباب لا تزال غير معروفة حتى الآن، إلاّ أن المؤكد أنّ نسبة قليلة للغاية من حالات سرطان المبيض تنجم عن اضطرابات جينية، ويعتبر سرطان المبيض من السرطانات الأكثر خطورة، كونه مرضاً صامتاً لا تصاحبه أي أعراض واضحة في مراحله المبكرة، ما يعيق القدرة على تشخيص الإصابة التي غالباً ما يتم اكتشافها بعد انتشاره خارج المبيض، وفي منطقة الحوض تحديداً.
تصنيف أورام المبيض

تشير د. دينا أن تصنيف أورام المبيض ينقسم إلى ثلاث درجات استناداً إلى مقاييس «التمايز التشريحي»، هي: «الدرجة الجيدة»، «الدرجة المتوسطة» و«الدرجة الخطرة»، واعتماداً على مدى انتشار المرض الذي يحدد خلال العملية الجراحية، والذي يقاس بأربع مراحل، حيث يكون الورم في المرحلة الأولى محصوراً في المبيض، فيما يكون منتشراً في الحوض في المرحلة الثانية، وفي المرحلة الثالثة يصبح المرض منتشراً في التجويف البطني، أما حين يتفشى الورم خارج التجويف البطني ليصل إلى الكبد فيكون «سرطان المبيض» بات عندئذ في مرحلته المتأخرة.
وتضيف: تشير الدراسات إلى أنّ غالبية الحالات تشخص بعد أن تكون أورام المبيض منتشرة في منطقة الحوض، وتتضمن الأعراض المعروفة: انتفاخ البطن نتيجة الاستسقاء البطني، ألم في منطقة الحوض، شعور بالإرهاق، فقدان الشهية، الغيثان والتقيؤ، زيادة أو فقدان الوزن دون سبب، نمو الشعر الزائد، اضطرابات في الدورة الشهرية ونزيف في المهبل بعد سن اليأس وغيرها.
عوامل الخطورة

عن أبرز الأسباب المؤدية إلى الإصابة بسرطان المبيض، تذكر د. دينا أنه لم يتمكن العلم إلى الآن من تحديد أسباب سرطان المبيض، إلاّ أنه يؤكد على وجود عوامل محددة تزيد من مخاطر الإصابة بالمرض، وفي مقدمتها التقدم في السن، حيث تؤكد الدراسات الطبية على أنّ معدل الإصابة بأورام المبايض تزيد لدى السيدات فوق عمر 55 عاماً، وتشمل أيضاً التأخر في الإنجاب والإصابة بسرطان الثدي والعلاج بهرمون الأستروجين وحده لمدة تزيد على 5 سنوات، وبالمقابل، ترتفع احتمالية الإصابة لدى السيدات اللواتي يحملن طفرات جينية، أو ممن لديهنّ تاريخ طبي عائلي يحتوي على المرض، ويأتي العقم في مقدمة العوامل التي تعزز خطورة الإصابة، في حين تنخفض مستويات الخطورة لدى النساء اللاتي أنجبن مرات عدة أو تناولن حبوب منع الحمل أو خضعن لربط المبيضين من أجل منع الحمل.
تستكمل: التشخيص المبكر يكتسب أهمية عالية باعتباره الخطوة الأولى باتجاه الشفاء التام، والذي يتم غالباً من خلال إجراء فحص دم لتحديد مستويات بروتين (CA125) أو من خلال الفحص بالأمواج فوق الصوتية، ولكن لم يتم حتى الآن إثبات فعالية التشخيص المبكر باستخدام الطرق المعتمدة حالياً، إذ تؤكد الإحصائيات الرسمية بأنّ 75% تقريباً من حالات الإصابة بسرطان المبيض تكتشف في مراحل متقدمة، ولكن تحمل البحوث الطبية آمالاً جديدة في ابتكار طرق ناجعة للكشف المبكر عن أورام المبيض، من خلال تطوير تقنية جديدة قائمة على تمييز مجموعة كبيرة من «البروتيوميات»، والتي ستساعد على الكشف عن الآليات الكامنة للأمراض والأورام، ويتم الكشف في أغلب الحالات عن أورام المبيض وفق آليتين
1- الأولى تتم قبل إجراء العملية الجراحية من خلال فحص الأمواج فوق الصوتية وتقدير مستوى مؤشر بروتين (CA125) في الدم، فضلاً عن تقنية «التصوير بالأشعة المقطعية» (CT) لمنطقة الحوض والبطن لتقدير مدى انتشار المرض وتحديد إمكانية استئصال الورم بأوسع صورة ممكنة خلال العملية الجراحية.
2- الآلية الثانية إجراء عملية جراحية لأخذ خزعة من النسيج وتحليلها مخبرياً للكشف عما إذا كانت ورماً حميداً أو خبيثاً، ومن ثمّ تحديد السبل المثلى للعلاج تبعاً لمرحلة ونوع المرض والحالة الصحية العامة للمريضة.
العلاج

تؤكد د. دينا أن علاج سرطان المبيض يعتمد على نوع ودرجة الورم، والمرحلة التي وصل إليها، وتلعب اللياقة والصحة العامة وأسلوب حياة المريضة دوراً في تحديد الوسائل العلاجية المثلى، إلاّ أن الجراحة تبقى الحل الأنجح للتشخيص وتقييم مدى انتشار المرض واستئصال الورم وتحديد طبيعة العلاجات اللاحقة، والتي تتكون من العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، ويتوخى الأطباء الحذر عند إجراء الجراحة للحفاظ قدر الإمكان على خصوبة المرأة، خصوصاً إذا كانت شابة، وينجح الأمر في مراحله المبكرة، أما في المراحل المتقدمة، فيتم اللجوء إلى الجراحة واستئصال المبيض إذا ما كان الورم منتشراً، متبوعاً بالعلاج الكيماوي أو الإشعاعي حسب كل حالة. تضيف: تعتبر الأورام الناجمة عن الأنسجة المُنْتِشَة، والمنتشرة في غالبيتها بين أوساط الشابات، الأكثر تجاوباً مع العلاجات وتزيد من احتمالية الشفاء التام، ويتزايد الأمل باحتمالية الشفاء بالنظر إلى حقيقة أنّ النقائل السرطانية المنبثقة عن الورم عادة لا تكون «اقتحامية» وتكون وتيرة نموها منخفضة، ما يمنح المصابات بسرطان المبيض أملاً بالتغلب على المرض والتمتع بحياة طبيعية مع إمكانية الحمل مستقبلاً بالنسية للشابات اللواتي يكتشفن المرض في مراحلة الأولى.
طرق وقائية

تبين د. دينا أنه وحتى الآن لم يتم التوصل إلى طرق محددة للوقاية من سرطان المبيض، إلاّ أنه ينصح باتباع النساء أسلوب حياة صحي مع المحافظة على وزن طبيعي وتفادي السمنة المفرطة التي تزيد من عوامل الخطورة للإصابة بالمرض، وتشير الدراسات إلى أنّ الحمل والرضاعة الطبيعية تأتي في صدارة العوامل المساهمة في الوقاية من أورام المبايض، أما فيما يختص بالسيدات اللواتي ثبت وجود خلل لديهن في جينات (BRCA1) و(BRCA2)، فينصح باستئصال المبيضين وقائياً، على أن يحدد الطبيب المختص إمكانية اتخاذ هذا الخيار تبعاً لحالة المريضة، وتوصف «أدوية منع الحمل» (OCP) في بعض الحالات للتقليل من خطر الإصابة بسرطان المبيض، إلاّ أنّ بعض الدراسات تؤكد مضارها على صعيد زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الثدي، ويبقى اتباع العادات الصحية السليمة الوسيلة المثلى للوقاية من سرطان المبيض، وكذلك إجراء الفحوص الدورية للجسم، خصوصاً بعد انقطاع الطمث.
عوامل الخطورة

تؤكد الدكتورة نيكيتا تريهان، اختصاصية أمراض النساء والتوليد، أن عوامل الخطورة الأساسية التي من الممكن أن تؤدي للإصابة بسرطان المبيض هي التقدم بالسن، إضافة إلى عدد الولادات القليلة، والعقم، واحتواء التاريخ الطبي العائلي على إصابات بسرطان الثدي أو المبيض، وحمل طفرات في الجينات، ولا تظهر عادة أعراض مرضية على النساء اللاتي أصبن بورم لم يتجاوز حدود المبيض، وفي بعض الأحيان، يكون هنالك ضغط أو شعور ببعض الألم نتيجة التواء الورم، ويحصل لدى بعض النساء نزيف بعد انتهاء الدورة الشهرية.
بعد الأربعين

تذكرد. تريهان أن معدل الإصابة في أغلب الأحيان يكون للسيدات في حدود الأربعين عاماً، ويتم تشخيص غالبيتهن في المرحلة الأولى، إن التوقعات المستقبلية والتنبؤات بالنسبة لهذه الأورام عادة ما تكون جيدة، وتنخفض مستويات الخطورة للإصابة بسرطان المبيض، إذا كانت ولادات متعددة، أو تتناول السيدة حبوب منع الحمل، أو ربط (إغلاق) المبيضين من أجل منع الحمل، ولذا نؤكد على ضرورة الفحص الدوري بصورة مستمرة ومتوالية ومتواصلة، لاكتشاف الورم خلال فحص نسائي عادي أو خلال الفحص فوق الصوتي في منطقة الحوض، ففي (75%) من الحالات تقريباً، يتم اكتشاف الورم في مراحل متقدمة.
زيارة الطبيب

تنصح د. تريهان بضرورة زيارة طبيب الأورام إذا ظهرت أعراض مثل انتفاخات في البطن، نتيجة حصول الاستسقاء البطني وظهور أعراض تتعلق بعمل الأمعاء، نتيجة لانتشار الورم ووصوله لغلاف الأمعاء، كما أن احتمالات الشفاء في المراحل المتقدمة قليلة، لذلك يتم بذل الكثير من الجهود من أجل التشخيص المبكر، وتكمن مشكلة هذا النوع من السرطان في كونه يصيب عضواً داخلياً وبالتالي لا تنتج عنه أعراض واضحة تلفت نظر المرأة في أولى مراحل المرض، وبالتالي ربما لا تظهر أي أعراض حتى مراحل متأخرة، كما يمكن أن تتشابه أعراض سرطان المبيض مع أعراض تترافق مع مشكلات صحية أخرى، وهي:
. انتفاخ في المعدة والشعور بامتلاء البطن.
. الغازات والغثيان وسوء الهضم.
. تغيّرات في عادات الحمام كالإمساك.
. قلة الشهية والشعور بالشبع سريعاً.
. زيادة حجم منطقة الخصر ومحيطه وضيق الملابس عند الخصر.
. شعور دائم بالنقص في الطاقة والنشاط.
. ألم في أسفل الظهر.
. ألم في الحوض.
عوامل خطر تزيد من احتمال الإصابة بسرطان المبيض:
1. عدم إنجاب المرأة
2. وجود حالات في العائلة
3. التعرض المستمر للأشعة
نسبة الشفاء

تبين د. تريهان أن تصنيف أورام المبيض يتم إلى درجات، وفق مقاييس التمايز التشريحي، كما أن الصمود لفترة خمس سنوات، يتعلق بالأساس بالمرحلة التي وصل إليها المرض، بدرجة التصنيف، بأداء المريض وبإمكانية استئصال الورم استئصالاً شبه تام، واحتمال البقاء في المرحلة الأولى: نحو (80%)، في المرحلة الثانية: نحو (60%)، في المرحلة الثالثة: نحو (30%)، وفي المرحلة الرابعة: نحو (5%) فقط.
التقنيات الحديثة

تشير د. تريهان إلى أن طرق التخلص من سرطان المبيض تشمل العلاج الإشعاعي والعملية الجراحية والعلاج الكيميائي، مع التجارب السريرية الناجحة للعلاج المناعي الخلوي، وتعد العملية الجراحية أفضل طريقة لعلاج سرطان المبيض، لكنها في كثير من الأحيان لا تستطيع إزالة الآفات الصغيرة المتبقية في أجسام المريضات مع احتمال الانتكاس، وهناك أنواع من العلاجات:-
• الإشعاعي وتختلف نتائجه باختلاف أنواع الأورام الخبيثة، والبكتيريا اللاجنسية أكثر حساسية للعلاج الإشعاعي، بينما تكون درجة حساسية الخلايا الحبيبية والورم الظهاري متوسطة. بعد عملية الإشعاع الخارجي يتم مسح الآفات المتبقية في الحوض.
• العلاج الكيميائي، طريقة علاجية مساعدة لسرطان المبيض، ويشير الخبراء إلى أن الاستئصال الجراحي للورم صعب وتلقي العملية الكيميائية لدورة أو دورتين مسبقاً يحسّن الاستئصال الجراحي، كما يمنع تلقــــي العلاج الكيــــميائي بعد العملية الجراحية.
نصائح

تنصح د. تريهان بنجاعة الكشف الدوري أو الفحص بالأمواج فوق الصوتية، في تشخيص السرطان مبكراً وتقليل حالات الوفاة نتيجة له، وهنا كطريقة فحص جديدة، تعتمد على تمييز مجموعة كبيرة من البروتينات في الترياق (البروتيوميات)، لتتيح اكتشاف سرطان المبيض مبكراً، مع ضرورة تشخيص وتحليل ما قبل العملية الجراحية، إذا كان هنالك شك بوجود ورم في المبيض، يجب إجراء فحص بواسطة الأمواج فوق الصوتية وتقدير مستوى مؤشر الـ (125CA).، وكذلك يمكن تقدير مدى انتشار المرض بمساعدة تصوير بالأشعة المقطعية (CT) للحوض والبطن، وإمكانية استئصال الورم بأوسع صورة ممكنة خلال العملية الجراحية، بالإضافة لتقييم صحة المريضة، ومستوى أدائها وقدرتها على الصمود خلال العلاج.

الخامس بين سرطانات النساء

يعد «سرطان النسيج المبيضي» في مقدمة أنواع سرطانات المبيض الأكثر شيوعاً، بمعدل 95%. وتتفرع عن هذا السرطان أنواع عدة أبرزها «النسيج المَصْلي»، الذي يعتقد أنه يتشكل في الخلايا المغلفة للمبايض.
وتشير الإحصائيات إلى أن أورام المبيض تأتي في المرتبة الخامسة من حيث ترتيب الأمراض السرطانية الشائعة لدى النساء، وفي المرتبة الأولى من حيث ترتيب السرطانات التي تصيب النساء بعد انقطاع الطمث. أما بالنسبة لمعدلات الشفاء فتتزايد بالتأكيد خلال المرحلة الأولى لتصل نسبتها إلى نحو 80%، فيما تتناقص إلى نحو 60% في المرحلة الثانية، وإلى 30% خلال المرحلة الثالثة، فيما لا تتجاوز 5% في حال اكتشاف الورم في مرحلته الرابعة التي تعتبر الأكثر تقدماً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"