عسر البلع.. حالة مرضية متعددة الأسباب

01:00 صباحا
قراءة 7 دقائق
رغم تطور أدوات التشخيص وطرق العلاج، إلا أن عسر البلع يعد من الحالات المرضية التي تتنوع أسباب الإصابة بها، ما يعرقل التعرف الى المسبب بسرعة، فيمكن حدوث الحالة نتيجة إصابة في الجهاز الهضمي، أو مشكله في الجهاز العصبي ينتج عنها صعوبة في منطقة الحنجرة التي يمر الطعام عن طريقها.
فعند الإصابة بتلك الحالة يلجأ المريض إلى مراجعة العديد من الأطباء في تخصصات مختلفة، ما يؤثر في سرعة التعافي ويزيد الحالة تعقيداً.
فما سبب عسر البلع؟
وهل له علاقة بإصابة نتجت عن خلل في العضلات التي تساعد على بلع الطعام اللازم لتوفير تلك المواد الضرورية للجسم؟
أم إنه خلل في الجهاز العصبي أو الهضمي؟
وبطبيعة الحال، هناك دائماً حلول وإرشادات يقدمها الطبيب لتجنب أي تأثير في باقي أعضاء الجسم إذا استمرت الحالة لفترة أطول، فضرورة وصول المواد الغذائية إلى المعدة مسؤولية الطبيب، لذلك ينصح بعضهم بتغيير النظام الغذائي وطرق تناول الطعام وبعض الأمور التي تساعد في الحفاظ على وصول الأغذية إلى المعدة، بالتزامن مع العلاجات المتوفرة لمثل هذه الحالات، التي تتمثل في العلاج الدوائي وتدخل جراحي وغيرها من الحلول التي بحثت عنها الصحة والطب لدى المتخصصين في مجال معالجة مثل هذا الحالات.
الأسباب

عن مشكلة عسر البلع وأسباب هذه الحالة يقول الدكتور سانجيف كومار راستوجي اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي إن عسر البلع عادة ما يكون علامة على وجود مشكلة في الحلق أو عضلات المريء الذي ينقل الغذاء والسوائل من الجزء الخلفي للفم إلى بوابة المعدة. وعلى الرغم من أن عسر البلع يمكن أن يحدث لأي شخص، إلا أنه أكثر شيوعاً عند كبار السن.
وتعد إصابة العضــــلات والأعصاب التي تساعد على نقل المواد الغذائية عن طـــــــريق الحلــــــق والمريء من أسباب عسر البلع، أو أنها لا تعمل بشكل صحيح، وهذا بطبيعة الحال يرتبط أيضاً ببعض الأمراض الأخرى كالتعرض للسكتة الدماغية أو إصــــابة في الدماغ، وقد ينــــتج أيــــــضاً عن مشاكل في الجهاز المناعي الذي يتســــبب في التهـــاب وضــــعف عضلات منطقة البلع، وغيرها من الأسباب مثل تشنج المـــــريء الـــــذي يحـــــدث نتيجة تقلصه ما يمنع وصول الطعــــام إلى المعدة في بعض الأحيان.
ويكمل الدكتور سانجيف: «ومن بــــين الأسباب أيضاً تصلب أنسجة المريء، الأمر الذي يجعل عضلة المريء السفلـــى ضــــعيفة، وقد يســـــــبب ذلك ارتجاع حمض المعدة مرة أخرى إلى الحلق والفم، وقد يكون السبب وجود شيء يؤدي إلى انسداد كــــــلي أو جزئي في الحلق أو في المريء، حيث يحدث عسر البلع للمرضـــــى الذين يــــــعانون مشاكل ارتداد الحــــــمض المعدي إلى المريء، وما يمكن أن يسببه ذلك من تقرحات والتهابات في المريء وبالتــــالي تضيـــــقه، وهــــــذا قد يتسبب بمشاكل مختلفة، مشيراً إلى أن التهاب المريء قد ينتــــج عن جــــسم غريب، أو حبة دواء عالقة في المريء، أو وجود عدوى أو التحــــسس لأجــــسام ومــــواد في الهواء أو الغذاء، أو وجود أكياس صغيرة في جدران المريء أو الحلق.
ومن بين الأسباب التي تسبب تلك الحالة وجود أورام وعقد ليمفاوية متضخمة وقد تكون هذه الأورام حميدة أو خبيثة، وينتج عنها بروز في عظام وفقرات الرقبة تضغط على المريء».
ويصف الدكتور سانجيف عسر البلع بأنه قد يكون دائماً أو مؤقتاً، وقد تختلف شدته من وقت إلى آخر، أو يتطور مع مرور الوقت.

التشخيص والعلاج

ووفقاً للدكتور سنجيف فإن الشخص يعتبر مصاباً بعسر البلع إذا كان يجد صعوبة في إنزال الطعام أو الشراب من المحاولة الأولى، أو قد يصاب بالاختناق، أو السعال أو الغصة عند ابتلاع الطعام أو الشراب، وقد يشعر بأن الأطعمة أو السوائل ترجع مرة أخرى أو قد يشعر بأنها عالقة في بعض أجزاء من الحلق أو الصدر، ويتزامن ذلك مع الإحساس بالألم أو الضغط في الصدر عند البلع ويصاحب ذلك نقصان في الوزن لعدم الحصول على ما يكفي من الطعام أو السوائل.
ولتشخيص عسر البلع والمساعدة في معرفة السبب المؤدي له يحتاج الطبيب المختص إضافة للفحص السريري، إلى إجراء واحد أو أكثر من الاختبارات، بما في ذلك الأشعة السينية الملونة بالباريوم والتنظير.
أما طرق العلاج فتشمل تمارين لعضلات البلع إذا كانت المشكلة في الدماغ أو الأعصاب أو العضلات، أو قد نحتاج إلى القيام بتمارين لتدريب عضلات المريء بمساعدة المنظار، ويتم عن طريق وضع جهاز أسفل المريء لتوسيعه. وقد تحتاج إلى أكثر من أسلوب علاج وأكثر من مرة واحدة. وقد يكون تشخيص الحالة بإظهار جسم غريب فيتم إزالته بالمنظار.
وفي بعض الحالات قد يكون هناك شيء ما يسد المريء، مثل وجود ورم، وفي هذه الحالة قد يحتاج المريض إلى عملية جراحية لإزالته.
وقد يكون عسر البلع ناتجاً عن حرقة، أو التهاب المريء، وفي هذه الحالة توصف الأدوية التي تساعد في منع حمض المعدة من الدخول إلى المريء. وإذا كان السبب هو وجود التهابات في المريء فغالباً تعالج باستخدام المضادات الحيوية.
وفي بعض الحالات النادرة، قد يحتاج الشخص الذي لديه حالة عسر بلع شديدة إلى أنبوب تغذية لأن المريض يكون غير قادر على الحصول على ما يكفي من الغذاء والسوائل.
وعن التدخل العلاجي بالوسائل الحديثة فقال إن التحفيز الكهربائي يستخدم بشكل روتيني كعلاج تأهيلي للمساعدة على استعادة وظيفة العضلات، حيث يرسل هذا العلاج دفعة كهربائية صغيرة ومعايرة بعناية لعضلات البلع في الحلق عن طريق أقطاب تعلق على الجلد. فيقوم التيار الكهربائي بتحفيز الأعصاب التي بدورها ترسل أوامر الحركة للعضلات.

مشاكل الحنجرة والمريء

وفيما يتعلق بعلاقة عسر البلع بمشاكل الحنجرة، يقول الدكتور سعيد الحبش اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة، إن عسر البلع عملية تحدث بشكل واع وإرادي عند تناول الأكل مثلاً، وبشكل غير واع عند بلع اللعاب، وتتكون تلك العملية من عدة مراحل يكون للفم والبلعوم والمريء والحنجرة دور في تلك العملية، فأي خلل قد يؤدي إلى صعوبة في عملية البلع.
ويقسم عسر البلع إلى نوعين، حسب المنطقة المصابة: فقد يكون اضطراباً فموياً بلعومياً، أو قد يكون اضطراباً مريئياً.
ويحدث اضطراب البلع الفموي البلعومي من خلل في الأداء العصبي أو العضلي في الفم والحنجرة، وضعف أو خلل في التناسق بين فعالية العضلات التي تسهم في عملية البلع وعضلات الفم واللسان والحنجرة والبلعوم. وصعوبة كهذه في عملية البلع تظهر في أمراض الأعصاب، مثل مرض الباركنسون وشلل الأطفال وفي أمراض عضلية مختلفة. والمرضى المصابون بخلل في هذه المرحلة من مراحل عملية البلع، يجدون صعوبة في بداية عملية البلع، ويعانون الكحة، أو يستنشقون روائح الطعام ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض في الرئتين.
وأضاف الدكتور الحبش أن هناك عدة فحوص من الممكن أن تساعد في تحديد سبب عسر البلع وهي تصوير المريء، أو تنظير الجهاز الهضمي العلوي، ويعتبر هذا الفحص مهماً لتشخيص الأمراض العضوية في المريء، مثل التضيقات على أنواعها، والأورام والالتهابات المختلفة، ويمكن من خلال هذا الفحص أخذ عينة من بطانة المريء (خزعة) وفحص العامل الذي سبب المشكلة بشكل دقيق.
وهناك فحص التنظير بالفيديو، ويتم به التصوير بالأشعة ويبتلع المريض خلاله أنواعاً مختلفة من الأغذية وسائل عصيدي صلب، يتم خلطها بمادة تباينية يتم فيها تصوير الأشعة بطريقة تتابعية ويتم الحصول في نهايته على شريط يوضح بدقة عملية البلع في جوف الفم والحنجرة والمريء، وهذا الفحص ناجح لاكتشاف أي خلل في مرحلة الفم والحنجرة من مراحل البلع. كما يمكن اكتشاف حصول استنشاق (اشتف) لمواد غذائية إلى المسالك التنفسية.
وهناك أيضاً فحص تقييم البلع بواسطة منظار الألياف البصري، وفي هذا الفحص يتم إدخال منظار داخلي هو عبارة عن أنبوب رفيع يحتوي على ألياف بصرية، عن طريق الأنف، ثم يتم إدخاله إلى المنطقة التي تقع فوق الأوتار الصوتية ومدخل المريء، ويطلب من المريض أن يبلع، ويمكن رؤية مرور الطعام خلال بلعه، كما يمكن أيضاً رؤية بقايا طعام في منطقة البلعوم والجهاز التنفسي بعد انتهاء عملية البلع.
وأوضح الدكتور الحبش أن طرق العلاج تتعلق بالعامل المسبب الذي أدى الإصابة بعسر البلع، فالاضطراب الفموي البلعومي الناجم عن مشكلة عصبية يمكن معالجته بواسطة تعليم طرق ملائمة للبلع، وملاءمة أنواع الطعام، والهدف الرئيسي هو منع دخول الطعام إلى المسالك التنفسية، وإضافة إلى ذلك ثمة علاجات جائزة تنظيرية وجراحية بطرق عديدة ومختلفة، تبعاً لنوع المشكلة وحسب موضعها ودرجة خطورتها.

خيارات علاجية ونصائح

ومن جانبه يقول الدكتور أيمن محمود البودي مختص الأمراض العصبية، إن اضطرابات البلع تحدث نتيجة إصابة بأمراض الجهاز العصبي مثل اضطرابه، الشلل الدماغي، السكتات الدماغية، وإصابة الرأس أو الحبل الشوكي، وعند ظهور تلك الحالة نقوم بمعرفة السبب جراء تلك الصعوبة في عملية البلع ونقوم بالتشخيص الدقيق لمعرفة المسبب حتى يتقرر العلاج وفق معطيات التشخيص فطرق العلاج تختلف باختلاف المرض المؤدي لتلك الحالة.
وحول تأثيرات صعوبة البلع في احتياج جسم المصاب من أغذية وسوائل ضرورية يضيف الدكتور البودي بأن التدخل ضروري لمثل هذه الحالات والتي تختلف حسب درجة الإصابة، فيمكن أن نعالج المريض بالأدوية، ولكن تلك الطريقة لا تصلح لكل الحالات، فتلك الأدوية تعمل على ارتخاء العضلات المشاركة في عملية البلع، وتعمل على تقليل الحمض وإبطاء إنتاجه في المعدة.
ويمكن أن يكون العلاج باستخدام أنبوب يتم إيصال الطعام من خلاله بالمعدة، أو يتم التدخل الجراحي، وهو عمل صمام ينفذ إلى جدار المعدة لإدخال الطعام من خلال هذا الصمام الذي يزرع به أنبوب يصل إلى المعدة ليقوم بتوفير الغذاء اللازم للمريض.
وينصح الدكتور البودي بعض المرضى بتغيير نمط التغذية وفترات تناول الطعام وقوامه وإضافة مواد تجعل قوام الأغذية والمشروبات أكثر ثخانة. وقد يتعين على بعض المرضى تجنب الأطعمة أو المشروبات الحارة أو الباردة. وقال إن هناك طرقاً في المعالجة يمكن أن تستخدم للمساعدة في تقوية عضلات الوجه أو تحسين التنسيق فيما بينها. ومن الممكن أن تفيد هذه المعالجة أيضاً في تعلم الأكل بطرق معينة كذلك التوقف عن تناول الأطعمة قبل النوم بساعتين على الأقل، ورفع الرأس بمقدار خمسة عشر سم عن السرير والتوقف عن التدخين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"