يعتبر مفصل الكتف من أسهل المفاصل التي يحدث فيها الخلع، وذلك لوضع هذا المفصل الكروي في تجويف شديد الضحالة، وهو ما يجعل الذراع متحركة إلى أبعد الحدود في عدة اتجاهات، ولكن يعني ذلك أيضا أنها ليست مستقرة تماما.
يحدث خلع الكتف عند معظم الأشخاص خلال ممارستهم للرياضات التي يحدث فيها احتكاك، مثل لعبة الرجبي أو خلال الحوادث المرتبطة بالرياضات، ويكون سبب حدوث الإصابة عند كبار السن غالبا هو السقوط على اليدين الممدودتين، مثل السقوط بعد الانزلاق على الجليد، أو الانزلاق على أرضيات صلبة بسبب رطوبتها. قد يحدث خلع الكتف أيضا عند الأشخاص الذين يتمتعون بمرونة زائدة، كالأشخاص الذين لديهم مفاصل مفرطة الحركة.
أعراض خلع الكتف
يكون الجزء الكروي من المفصل متعاكسا في تقويمه بمقدمة تجويف الكتف، وذلك في معظم حالات الإصابة بخلع الكتف، كما يكون هذا واضحا في حالة عدم قدرة المصاب على تحريك ذراعه، وهو ما يسبب ألما شديدا، كما يصبح الكتف على شكل زاوية حادة بشكل مفاجئ، بدلا من حالته الدائرية المعتادة. يمكن في بعض الحالات أن يكون المصاب قادرا على رؤية تورم أو انتفاخ، تحت الجلد أمام الكتف، ولكن من غير المألوف كثيرا بروز العظم من المنطقة الخلفية لمفصل الكتف، بيد أن ذلك يحدث عادة بعد نوبة صرع أو حدوث إصابة بالصعق الكهربائي، وفي هذه الحالة يكون التشخيص أكثر صعوبة. يجب عند حودث خلع الكتف الذهاب إلى أقرب مستشفى فورا، كما ينبغي على المصاب عدم محاولة إعادة الذراع إلى مكانها، لأن ذلك من شأنه الإضرار بالأنسجة والأعصاب والأوعية الدموية المحيطة بمفصل الكتف.
يجب تفادي تحريك الجزء العلوي من الذراع قدر الإمكان، وذلك خلال فترة انتظار وصول المساعدة الطبية، حيث ينبغي وضع شيء طري مثل بطانية مطوية أو وسادة، وذلك في الفجوة بين الذراع وجانب الصدر بهدف تأمين الدعم. ويمكن صنع حمالة بسيطة لإبقاء الجزء السفلي من الطرف أمام الصدر مع ثني المرفق بزاوية قائمة.
إعادة الكتف المخلوع
يتم إعطاء المصاب بعض الأدوية لتخفيف الألم ولضمان استرخاء المصاب وعدم تألمه قدر الإمكان، ويتم بعد ذلك إعادة الكتف المخلوعة بالمستشفى عادة، ولكنه يجرى أحيانا في غرفة العمليات تحت التخدير العام عندما يكون المصاب فاقدا للوعي تماما، وذلك بإشراف فريق جراحة العظام، يجلس المصاب عادة في السرير خلال قيام الطبيب بتدوير الذراع حول مفصل الكتف، وذلك حتى يعيده إلى تجويفه. وقد يستغرق هذا الإجراء بضع دقائق، وينبغي إجراء صورة جديدة بالأشعة السينية بمجرد عودة مفصل الكتف إلى مكانه، وذلك للتحقق من عودة المفصل إلى موضعه الصحيح.
معالجة تمزقات الأنسجة
تتمزق أوتار الكف الدائري عند بعض الأشخاص، وهي أنسجة تكون مشدودة فوق أعلى الكتف، إضافة إلى منطقة الشفا التي تضم الكثير من الأنسجة القاسية التي تحيط بمفصل الكتف، قد تكون هناك ضرورة في بعض الحالات لإجراء عملية جراحية لترميم الأنسجة في حال تضررها، وقد يخفض هذا الإجراء بشكل كبير من مخاطر الإصابة بخلع في الكتف نفسه مرة أخرى مستقبلا، وذلك عند بعض الأشخاص. يتم إجراء هذه العمليات تحت التخدير العام، وقد ازداد معدل إجرائها بالجراحة التنظيرية، حيث يتم فتح فتحات صغيرة مكان الإصابة مع استعمال الأنبوب الرفيع المزود بكاميرا وضوء.
مرحلة النقاهة والتمارين
يمكن العودة سريعا إلى المنزل بعد إجراء الرد عادة، ولكن من الضروري إراحة الذراع في حمالة الكتف لبضعة أسابيع، كما يجري تحويل المصاب إلى قسم جراحة العظام لمتابعة حالته، وقد يحول المصاب إلى العلاج الفيزيائي لإعادة التأهيل ولتقوية الكتف. وقد يطلب من المصاب إراحة ذراعه في الحمالة لأسبوعين أو لثلاثة أسابيع، ريثما تقوم الأنسجة اللينة حول الكتف بترميم نفسها. ويمكن، بعد هذه المرحلة، أن يقوم اختصاصي العلاج الفيزيائي بتدريب المصاب على القيام ببعض التمارين اللطيفة للذراع والكتف، وذلك حتى يقوم بإجرائها في المنزل بعد إخراج الذراع من الحمالة. وهذا ما يساعد على الحد من التيبس وتسكين بعض الألم وتعزيز قوة عضلات الكتف.
ينبغي قبل البدء بممارسة التمارين الرياضية وضع كمادة ثلجية على الكتف لمدة تتراوح بين 10و15 دقيقة، مع استعمال بعض المسكنات، مع العلم أنه من الطبيعي أن يعاني المصاب الألم أو الانزعاج أو الضغط عند قيامه بهذه التمارين الرياضية، إلا أن استمرار الألم الشديد لمدة تزيد على 30 دقيقة يستدعي تخفيف شدة التمارين الرياضية. ويفضل القيام بجلسات قصيرة ومتكررة للتمارين، تتراوح مدة كل منها بين 5 و 10 دقائق، وذلك أربع مرات يوميا بدلا من جلسة طويلة واحدة، مع زيادة تدريجية في عدد الجلسات المتكررة.
قد يكون ألم الكتف شديدا خلال الأسبوعين أو الثلاثة الأوائل في المنزل، حيث يمكن أن تكون هناك ضرورة لاستعمال المسكنات والمهدئات، وفي حال لم يكن الدواء المستعمل فعالا في تخفيف الألم، يمكن عندها مراجعة الطبيب لوصف مسكن أقوى.
يمكن التوقف عن ارتداء حمالة الذراع المساندة بعد بضعة أسابيع، يبد أن التعافي بشكل كامل من الإصابة بخلع الكتف يستغرق من شهرين إلى 4 أشهر حسب قوة الإصابة.
يستطيع المصاب استئناف معظم أنشطته خلال أسبوعين عادة، ولكن ينبغي تجنب رفع الأحمال الثقيلة وممارسة الرياضات التي تنطوي على حركات للكتف، لمدة تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر. ويمكن استشارة جراح العظام واختصاصي العلاج الفيزيائي.
من المرجح أن يتوقف المصاب عن عمله لمدة شهر كامل أو لفترة أطول إذا كان عمله يحتاج إلى جهد جسدي، لذلك فإنه ينبغي مناقشة هذا الأمر مع الطبيب أو اختصاصي العلاج الفيزيائي أو الاستشاري، وفي حال حدوث كسر في الذراع أو في مفصل الكتف أيضا، فقد تكون هناك ضرورة إلى ارتداء حمالة الذراع لمدة ستة أسابيع، ولكن التعافي من الإصابة بشكل نهائي يحتاج إلى مدة أطول.
ويزداد احتمال تكرر حدوث خلع في الكتف عند من أصيب بخلع سابق في الكتف، وخصوصا إذا كان عمره أقل من 20 سنة، حيث تعتمد فرص حدوث خلع آخر بدرجة ما على جودة شفاء الأنسجة المحيطة بالمفصل في المرة الأولى. وقد يكون إصلاح الأنسجة المتمزقة جراحيا مساعدا بعد تثبيت خلع الكتف. وقد يؤدي إجراء التمارين الرياضية، التي أوصى اختصاصي العلاج الفيزيائي بها بانتظام، مع تجنب وضعيات الذراع غير الملائمة أيضا، إلى الحد من مخاطر حدوث خلع في الكتف مرة أخرى.
العلاج
يجري تقييم الحالة وفحصها عند الوصول إلى قسم الحوادث والطوارئ، حيث تجرى صورة بالأشعة السينية عادة للتأكد من عدم وجود كسر في أي من العظام الأخرى المجاورة، كما أنه من الشائع أيضا حدوث كسر في عظم الذراع أو المفصل عند الشخص الذي أصيب بخلع الكتف، وعند وجود كسر، يمكن إجراء المزيد من الفحص عن طريق الأشعة للحصول على معلومات إضافية. وتتطلب الكسور المترافقة مع خلع الكتف رعاية فائقة بواسطة اختصاصي جراحة العظام، والتي يمكن أن تتضمن إجراء جراحة عاجلة. وفي حالة وجود أية كسور، يتم تحريك الذراع بشكل بطيء لإعادتها مرة أخرى إلى مفصل الكتف، وذلك من خلال عملية يطلق عليها علميا اسم «الرد». تكون الجراحة ضرورية في بعض الأحيان، وذلك عندما تكون الأنسجة المحيطة بالمفصل متمزقة بشدة، أو في حال كان المفصل غير مستقر بمكانه. وإذا كان هناك ضغط شديد على الأنسجة في حال عدم تمزقها، فيمكن في بعض الأحيان تفادي إجراء الجراحة من خلال القيام بالتمارين الرياضية المناسبة لتقوية الكتف.
