التوتر النفسي للطلبة يعيق نجاح «التعلم عن بُعد»

يمنعهم من مواصلة التجربة
02:48 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة:محمد الماحي

التوتر النفسي والتعلم لا يمكن أن يلتقيا، فعملية التعلم بشكلها التقليدي أو«التعلم عن بعد» بحاجة إلى صفاء ذهن ونسبة تركيز عالية من أجل تحقيق القدرة على اكتساب المعلومات والمعارف الجديدة بشكل سليم، ويتطلب الحفاظ على صحة الطلبة النفسية خلال مراحل «التعلم عن بعد» العديد من النصائح والخطوات التي تضمن نجاح هذه التجربة التعليمية والاستفادة من كافة الدروس والبرامج المتوفرة.
ويتساءل العديد من خبراء «التعلم عن بعد» وأساليبه عن سبب التحاق معظم الطلبة بدورة تدريبية عن بعد، لكن سرعان ما ينطفئ الشغف بداخلهم لإكمالها، يتزامن حدوث هذه الظاهرة على الرغم من ثورة المعلومات الهائلة في وقتنا الحالي وإقبال العديد من الأشخاص على الالتحاق بالدورات التدريبية عن بعد ووعيهم بمدى أهميتها.
إذاً لابد أن الأمر يتعلق ببعض التحديات التي تواجه هؤلاء الطلبة، مما يسبب لهم بعض الحواجز النفسية التي تمنعهم من مواصلة التعلم عبر المنصات التعليمية عن بعد حتى النهاية.


تحديد الاقتراحات


عممت وزارة التربية والتعليم، استبياناً حول تجربة مبادرة «التعلم عن بعد»، على المدارس الحكومية، على مستوى الدولة، لقياس التجربة وتحديد إيجابيات المبادرة، والتحديات التي تواجه تطبيقها، حتى تتم معالجتها، ويرصد الاستبيان المشكلات النفسية للطلبة والتقنية التي وقعت خلال المبادرة، وتحديد الاقتراحات حول تطوير آليات تطبيقها، وشددت على تلقي المعلمين التدريب على نظام التعلم عن بعد، كما تم تدريبهم إلكترونياً على كيفية إدارة العملية التعليمية عن بعد.
وأصدرت الوزارة، جدولاً تصعيدياً للشكاوى خلال فترة التطبيق، داعية مديري المدارس إلى توجيه الطلبة والمعلمين إلى التواصل مع الدعم الفني في حال مواجهة أي تحديات أو صعوبات، أو اتباع الجدول التصعيدي في حال عدم الاستجابة السريعة، والذي يضم في المستوى الأول منه مشرفي الدعم الفني في القطاعات التعليمية، ومشرف الدعم الفني في الوزارة، ومدير علاقات الأعمال في المستوى الثاني، وصولاً إلى رئيس قسم تقنية المعلومات في الوزارة.


البنية التحتية


وأكد تربويون أن مبادرة «التعلم عن بعد» قابلة فعلياً لاستمرارها لفترات طويلة إذا استدعى الأمر، وهو ما يعكس الاستعدادات وجاهزية البنية التحتية للمنظومة التعليمية في الدولة، مشيرين إلى أن الحواجز النفسية التي تمنع الطلبة من مواصلة «التعلم عن بعد» من أكبر التحديات التي تواجه المبادرة.
ويقول الخبير التربوي علي سيف حميد الجنيد: إن مسألة التعليم في المقام الأول هي مسألة شخصية نفسية، فالطالب لا يستطيع أن يبدع ولا أن يتلقى المعلومة وتبقى في ذهنه إذا كانت هناك مشاكل وضيق وتوتر نفسي، هذه المشاكل تظهر بشكل أوضح في التعلم عن بعد، لأن الطالب يجلس وحده ويتعلم دون تفاعل شخصي مباشر في أثناء العملية التعليمية، كيف يتم التغلّب على العقبات والصعوبات النفسية؟ لذلك على المؤسسات التعليمية أن تضع في الحسبان البعد النفسي لهذه التجربة.
وأضاف: تمر كل تجربة تعلم جديدة على مراحل عدة، في البداية تكون التجربة ممتعة ويشعر الطلبة بالحماسة والدافعية، لكن سرعان ما يتبدد هذا الإحساس ليحل محله شعور بالإحباط ناتج عن إدراك الطلبة للفجوة بين النتائج المرجوة وبين ما هم قادرون على تحقيقه فعلياً هذا الشعور المحبط أو ما يسمى بالحاجز النفسي للتجربة، هو الذي يؤدي بالطلبة إلى الانسحاب من تجربة التعليم الجديدة قبل إتمامها.


التخطيط الجيد


لنجاح تجربة التعلم عن بعد وضمان استمرار الطلبة إلى نهاية الدروس، يقول الدكتور جلال حاتم، مدير جامعة أم القيوين، يجب على الأسر تحفيز أبنائهم بتذكيرهم بالآثار الإيجابية لهذه التجربة على مختلف مجالات حياتهم الشخصية، ثم التخطيط الجيد لبرنامج التعلم عن بعد، والتصميم المشوق للمحتوى الذي يضع في الحسبان البعد النفسي للطلبة.
وأوضح أن الاتفاق على برنامج يومي محدد للطالب مهم جداً ويشمل أوقات الاستيقاظ ومواعيد انتهاء الحصص المدرسية، ومعرفة المواعيد التي حددتها المدرسة للحصص عبر الإنترنت، كما يؤكد وضع البرنامج اليومي في مكان واضح ليتسنى لجميع أفراد الأسرة معرفة الروتين المتفق عليه، مع تنسيق مواعيد معينة لاستراحة الغداء والوجبات الخفيفة والأنشطة البدنية.
وأشار إلى أن مبادرة «التعلم عن بعد» قابلة فعلياً لاستمرارها لفترات طويلة إذا استدعى الأمر، وهو ما يعكس الاستعدادات وجاهزية البنية التحتية للمنظومة التعليمية في الدولة، فيما يرى أن الحواجز النفسية التي تمنع الطلبة من مواصلة «التعلم عن بعد» من أكبر التحديات التي تواجه المبادرة.

التفكير النمطي


يتفق الدكتور سالم زايد الطنيجي، الأستاذ بكليات التقنية مع ما سبق؛ بل يضيف إليه: أن التعلم عن بعد، أسلوب تعليمي يتطلب تثقيف المجتمع بمدى جديته وجدواه، خاصة مع التفكير النمطي لبعض الأهالي الذين لا يُقنعون إلا بالتعليم المقيد داخل مبنى الجامعة أو المدرسة، ولا يتقبلون الفصل بين الطالب والمعلم على الرغم من أنه طريقة مهمة وعالمية لتحصيل العلم.
وقال: لكي يكتب لتجربة «التعلم عن بعد» النجاح لابد من توفر عدة أمور منها، تعزيز التعلم الذاتي لدى الطلبة وتشجيعهم على التفكير النقدي الذاتي.
وأكد أهمية المواظبة على نمط حياة صحي للطلبة تحت إشراف بالغين يتمتعون بالمسؤولية طوال الوقت، وضرورة مراقبة الأهل لأطفالهم أثناء حصص التعلم والتحدث مع أطفالهم حول السلوكيات الآمنة عبر الإنترنت، وما عليهم فعله عند مصادفة الإزعاجات، لافتاً إلى إبقاء التواصل الإيجابي مع المدرسة والزملاء، مع ضرورة التعرف إلى إجراءات الاتصال بالمدارس، ويضيف عدة أمور في هذا الجانب أهمها، التواصل مع موظفي المدرسة عبر القنوات المعتمدة، وعدم استخدام الهواتف الشخصية للتواصل مع الأسر خلال فترة التعلم عن بعد، والحذر من قدرة قنوات التواصل الاجتماعي على إثارة القلق ونشر المعلومات المضللة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"