سرطان الدم تحت السيطرة

22:17 مساء
قراءة 7 دقائق
سرطان الدم مرض خبيث يصيب الخلايا المنتجة للدم، والموجودة في نخاع عظام الإنسان، ويؤدي إلى تكاثر غير محكوم لخلايا الدم البيضاء غير مكتملة النضج، ويزيد عددها في الدم عن الحد الطبيعي، وهو أحد أشهر أنواع السرطانات التي يصاب بها الأفراد، ويقول بعض المتخصصين إن أول حالة تم العثور عليها لهذا المرض كانت في القرن التاسع عشر بأحد البلاد الأوروبية، وأطلق عليه الأطباء اسم اللوكيميا (Leukemia)، وهي كلمة يونانية، أصلها مركب من كلمتين leukos وتعني أبيض، و haima أي الدم، ومعناها ابيضاض الدم.
يقول الأطباء إن مرض سرطان الدم من أخبث الأمراض التي تصيب الإنسان، ويدمر النخاع العظمي المسؤول عن إنتاج خلايا الدم، ويصدر خلايا دم ضارة وغير سليمة، تنتشر في الدم ويصعب السيطرة عليها في المراحل المتقدمة، ونسبة الشفاء إذا تمكن المرض من الشخص تصبح قليلة جدًا، ويضعف الأمل في نسبة الشفاء أيضاً في الحالات المتأخرة لاكتشاف السرطان، لذلك ينصح الأطباء المتخصصين بإجراء الفحوص الطبية عند الشعور بأيّ أعراض من هذا المرض والتي سنذكرها في الموضوع، وبالطبع إذا لم يتدارك المرض في بدايته غالباً ما يؤدي إلى الوفاة.
وعلى الجانب الآخر يقول الأطباء إنه على الرغم من التقدم العلمي في مجال الطب العلاجي، لم يتم اكتشاف علاج يمكن أن يشفي من المرض تماماً، إلا أن نسبة الشفاء وصلت في بعض الأحيان إلى نسب عالية جداً إذا ما تم الاكتشاف المبكر، وتم اتخاذ التدابير اللازمة، فقد وصلت نسبة الشفاء الآن في بعض الحالات إلى 95%، وينقسم سرطان الدم إلى 4 أنواع، سرطان الدم النخاعي الحاد، وسرطان الدم النخاعي المزمن، وسرطان الدم الليمفاوي الحاد، وسرطان الدم الليمفاوي المزمن، بالإضافة إلى أنواع أخرى نادرة تدخل ضمن الأربعة السابقة، ويكمن الخطر والقلق من هذا المرض لأنه يصيب جميع المراحل العمرية، وزادت حالات الإصابة للأطفال والشباب الصغير بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة. ويؤكد الأطباء أن السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الدم هو حدوث خلل في الخلايا الجذعية المنتجة للدم، وبالتالي فقدان التحكم والسيطرة في إنتاج خلايا الدم البيضاء، التي تنتج بشكل عشوائي كبير وغير طبيعي، وتصب هذه الخلايا في مجرى الدم، ولأنها غير مكتملة النضج لا تستطيع القيام بدورها ووظيفتها بشكل طبيعي وصحيح، بل وتمنع الخلايا الطبيعية السليمة من أداء وظيفتها، ويفسر الأطباء هذا المرض من الناحية العلمية موضحين أن إنتاج الدم يتم في الخلايا الجذعية الموجودة في نخاع العظم، ويوجد هذا النخاع في منتصف التجويف العظمي لكل عظام الإنسان، وفي سن بلوغ الفرد تتوقف بعض هذه العظام عن إنتاج الدم، مثل عظام اليد والذراع والقدم.
يضيف الأطباء أن الخلايا الجذعية تنتج كل أنواع خلايا الدم وهي: خلايا الدم الحمراء، والبيضاء، والصفائح الدموية، وبعد اكتمال هذه الخلايا في النخاع تنتقل إلى مجرى الدم، ويوضح الأطباء أن العدد الطبيعي لخلايا الدم البيضاء في الدم يتراوح بين 10:5 آلاف خلية لكل ملم، أما في حالة الإصابة بسرطان الدم فيصل عدد الخلايا من 30:15 ألف خلية لكل ملم، وقد يتخطى 100 ألف خلية، كما يمكن أن يصل العدد إلى الأقل من الطبيعي، أي أقل من 5 آلاف خلية لكل ملم.
يوضح الأطباء أن هذا الاختلاف في العدد يعود إلى مرحلة السرطان ومدى تقدمه في الجسم، ولأن تكاثر كرات الدم البيضاء غير الطبيعية يؤدي في المرحلة الأولى إلى تقليل عدد خلايا كرات الدم المصنعة قبل أن تخرج إلى الدم، مما يؤدي إلى وجود نقص في كرات الدم البيضاء في بداية المرض، ثم يبدأ الخلل أو المرض الخبيث في جعل نخاع العظم ينتج هذه الخلايا السرطانية بكثرة شديدة ويضخها في الدم، ليزيد بذلك عدد كرات الدم البيضاء في الدم، وتتصاعد هذه الزيادة بشكل مستمر.
ويوضح الأطباء أن من أعراض سرطان الدم الشائعة الإحساس بالتعب والإعياء المستمر، وضعف كامل في أجهزة جسم الإنسان، وتراجع عام في الصحة، ويشعر بوهن شديد، نتيجة انخفاض كرات الدم الحمراء والصفائح الدموية، وإصابة المريض بنقص الهموغلوبين وبالتالي فقر في الدم، يؤدي ذلك إلى التعب من أي مجهود، والشعور بالدوخة والميل إلى حب النوم والإحساس بالكسل الشديد، ويتأخر تجلط الدم نتيجة نقص الصفائح الدموية، وتتكون عدة كدمات على الجلد نتيجة عدم قدرة الجسم على وقف التجلطات، ويحدث نزيف متكرر من الأنف أو اللثة.
ويضيف الأطباء أن زيادة كرات الدم البيضاء في الدم تعرقل عمل كرات الدم الحمراء، وتمنعها من توصيل الأكسجين إلى خلايا الجسم، ما يصيب المرضى بجلطات صغيرة مع آلام في البطن والصدر، واصفرار وشحوب في لون الوجه، وضيق في عملية التنفس، وآلام في المفاصل والعضلات، وتعرق ليلي وإصابة بالحمى، وفقدان الشهية وانتقاص الوزن، وارتفاع درجة الحرارة من أهم الأعراض التي تظهر على المريض، ولا تنخفض بتأثير العوامل الخارجية كالكمادات، ويشعر المرضى بقشعريرة دائمة تسري في أجسامهم، على الرغم من هذا الارتفاع في درجة الحرارة،
ومن الأعراض ضعف الجهاز المناعي للمصاب الذي يجعله عرضة للإصابة المتكررة بالعدوى، وأيضا يجعله عرضة للإصابة بأي مرض، وعند الإحساس بفقدان الوزن بشكل ملحوظ يجب على الفور استشارة الطبيب وإجراء الفحوص اللازمة للتأكد، لأن فقدان الوزن أحد أعراض مرض السرطان عموماً وسرطان الدم خصوصاً، ويحدث تضخم كامل في الغدد، وأهمها الطحال الذي يسبب ألما حاداً في البطن، وتورم ملحوظ أيضاً، كما وتتضخم العقد الليمفاوية الموجودة تحت الإبطين وفي العنق والفخذين، ويصاب المريض بعدم القدرة على تحريك الأطراف من شدة الألم، وأي ضربة يصاب بها المريض ولو كانت بسيطة تحدث كدمة، ويصعب التخلص منها، وتستمر فترات طويلة حتى تختفي، كما يلاحظ المريض وجود بقع حمراء صغيرة على سطح الجلد، ومن أهم العلامات والأعراض أن يفقد المريض شعره ويصاب بالصلع، وخلال فترة قصيرة جداً يتساقط الشعر كاملاً.
ويبشر الأطباء المرضى بأنه أصبح هناك الآن علاج شاف تماماً لبعض الأنواع، بأدوية قد لا يكون بعضها من العلاج الكيماوي، بل علاج بيولوجي يؤثر فقط إلى درجة كبيرة على الخلايا السرطانية من دون أن يؤثر على باقي خلايا الجسم، ولكن المهم هو التشخيص الجيد للحالة، وتحديد نوع سرطان الدم المصاب به المريض يساهم بدرجة كبيرة في العلاج والشفاء، ويقول الأطباء إن تشخيص المرض يتم عن طريق فحوص الدم، وأخذ عينة من نخاع العظام، ويتم العلاج بالمواد الكيماوية، أو العلاج بالأشعة، أوعملية زراعة نخاع العظم، ويؤكد الأطباء أن السن التي يصاب بها الطفل مهمة جداً في الشفاء، فكلما كان الطفل صغيراً زادت فرصة نجاته من المرض بشرط ألا يكون أقل من سنة. يقول الأطباء إنه يوجد أكثر من عشرين نوعاً من سرطان الدم، لكل نوع منها صفاته وطرق علاجه الخاصة، ولكن هناك أربعة أنواع رئيسية هي: سرطان الدم النخاعي الحاد، وسرطان الدم النخاعي المزمن، وسرطان الدم الليمفاوي الحاد، وسرطان الدم الليمفاوي المزمن، فسرطان الدم يمكن أن يصيب عدة أنواع من خلايا الدم البيضاء، أو الحمراء أو الصفائح الدموية، ولكل نوع من هذه الأنواع العلاج الخاص به، وتوصل التقدم العلمي إلى إيجاد علاج لبعض هذه الأنواع، وأصبح لدينا العلاج الشافي، وبعض الأنواع ما زال علاجها صعباً، وهناك البعض الآخر يتطلب عملية زراعة نخاع للوصول إلى درجة الشفاء التام، ويبين الأطباء أن علاج سرطان الدم الحاد مختلف عن سرطان الدم المزمن، ولكل نوع من أنواع سرطان الدم الحاد والمزمن علاج مختلف.
ويضيف الأطباء أنه مع التقدم الطبي واكتشاف العلماء التغيرات الجينية في كل نوع من سرطان الدم أصبحت معرفة كيف يمكن إصلاح هذه التغيرات الجينية متاحة، والمهمة الأساسية في العلاج ونسبة الشفاء تتحدد في معرفة نوع سرطان الدم بدقة، فهناك أنواع يشفى منها المريض تماماً، وأنواع أخرى ما زال العلاج فيها بنسب بسيطة، ولكن الأمل موجود، ويشير الأطباء إلى أن أخطر أنواع سرطان الدم وأكثرها شيوعاً هو سرطان الخلايا الليمفية الحاد، وتصل نسبته 85% من مجمل الأنواع، وينتشر بين الأطفال من سنتين إلى خمس سنوات، والذكور الأكثر عرضة لهذا المرض من الإناث، أما سرطان الخلايا الليمفية المزمن فأقل انتشاراً، وخاصة عند الأطفال.
ويوضح الأطباء أن هذا المرض ليس له أي سبب واضح ومعروف حتى الآن، بل إن العلماء والمتخصصين لم يتوصلوا لسبب محدد يجمعون عليه، ولكن هناك العديد من المسببات لهذا المرض ومنها: المواد الكيميائية التي لها دور كبير في إصابة خلايا الدم بالأمراض المزمنة، وهي المواد التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد في الحياة العادية مثل البنزين، والكحول، والأدوية المختلفة، والنفط بجميع مشتقاته، فهي لا تعتبر سبباً رئيسياً في تكوين مرض السرطان، فيعتبرها الأطباء عاملاً محفزاً.
كما أن التعرض للأشعة بمستويات عالية يكون أحد أهم الأسباب للإصابة بالسرطان عموماً، وسرطان الدم بصفة خاصة، وأثبتت تجربة إلقاء القنبلتين النوويتين على مدينتي هيروشيما ونجازاكي، وتأثير حادث مفاعل تشرنوبل، وتقارير استخدام اليورانيوم المخصب في العراق، أن التعرض للإشعاع يسبب أورام الدم خلال السنوات التي تلي التعرض، وصدرت دراسات توضح ظهور أورام الدم عند أطفال تعرضت أمهاتهم للإشعاع أثناء حملهم، وأطفال ولدوا لآباء يعملون في المفاعلات النووية أو بالقرب منها. أيضاً يشير الأطباء إلى أن عامل الوراثة قد يكون سبباً في انتقال مرض السرطان عن طريق الدم، ووصوله عبر الأجيال، وتسلم المرض جيلاً بعد جيل لهذا المرض، ووجد العلماء والأطباء بعض الملاحظات في الفيروس المسبب لمرض التهاب الكبد الوبائي، ومنها ارتباطه الوثيق بضعف وخلل نمو الخلايا الدموية والصفائح، وأيضاً تورم الخلايا الليمفية، والسبب يعود إلى ضعف المناعة العامة للجسم.
وأثبتت البحوث أن معظم مرضى السرطان هم من المدخنين، ومن ثم علاقة وثيقة للمرض بالسجائر، فالتدخين من المسببات الأساسية لضعف إنتاج الخلايا بشكل متكامل، وأيضاً بعض الأمراض قد يكون لها دخل بسرطان الدم أو قد تنتهي بهذا المرض، ومنها مرض فقر الدم غير النسيجي، وتكسر خلايا الدم الحمراء، والخلل في إنتاج الخلايا الليميفة المؤقت.
ويقول الأطباء إن العلاج باستخدام الليزر أحياناً يكون سبباً للإصابة بالمرض، لأن السرطان يمكن أن يكون ساكناً، ويظهر على الجلد في صورة ورم بسيط، فيعتقد المصاب أنه التهاب عادي وعابر، من دون علمه بأنه سرطان ويستخدم الليزر لإزالته، وهنا تبدأ الكارثة وينتشر المرض في أنحاء خلايا الدم، وكان من الممكن السيطرة على هذا النوع باستئصال المنطقة المصابة وما حولها من أضرار، وبهذا ينتهي المرض من خلايا الدم تماماً. ويقدم الأطباء نصائح لكل الناس كي يكون هناك نوع من الوقاية من هذا المرض ومنها: الإكثار من الأطعمة التي تحتوي على الألياف، تجنب أكل المواد الدسمة التي تحتوي على نسبة دهون عالية، مع مراعاة السعرات الحرارية، وتناول الفواكه والخضراوات بشكل دائم لأنها تحتوي على فوائد كبيرة وبروتينات مفيدة، واجتناب التدخين الإيجابي والسلبي وتجنب الأماكن التي بها عوادم وأدخنة مضرة، والابتعاد قدر الإمكان عن المواد المجهزة باستخدام الفحم.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"