خريف العمر وأمراض العظام

20:54 مساء
قراءة 12 دقيقة
تحقيق: نهلة الفقي

دروس الحياة لا تنضب، إذ تجلت إحداها في فيديو لمسنة أمريكية، يعيق ترقق عظامها من سهولة حركتها، فتلازمها سيدة لإحدى مراكز رعاية المسنين ساعتين يومياً، تلك كانت صور من مشهد آثار قلق القائمين بالمركز، حول كيفية تغلبها على وحدتها يومي العطلة، فلم يجدوا بداً من وضع كاميرا بمنزلها، وقد آلمهم ما شاهدوه إذ تجلس تلك المسنة العاجزة في هدوء مقيت، وبأنامل مرتعشة تتناوب على تقطيع مطويات لطرد الملل من حولها.
ما جاء بذلك الفيديو دفعنا لتسليط الضوء على أمراض العظام التي تعيق المسنين عن ممارسة نشاطاتهم بشكل طبيعي، ومدى نجاعة العلاج الفيزيائي لتلك الأمراض.
حثت المسنة الأمريكية من خلال ذاك الفيديو، على ضرورة الاهتمام بفئة المسنين، فهم ما زالوا على قيد الحياة، وليسوا مثاراً للشفقة.
ويكمن الاهتمام بالمسنين من خلال توفير الرعاية الأسرية والمجتمعية، التي تتفهم طبيعة معاناتهم الجسدية، التي تعيق ممارستهم لنشاطاتهم بشكل كبير، فتنعكس على حالتهم النفسية، وهناك ثلاثة أمراض رئيسية، يعانيها كبار السن والمرتبطة بصحة العظام، هي هشاشة العظام وما يرافقها من خشونة في المفاصل، أو التعرض للكسور، ومرض تناذر النفق الرسغي، والروماتويد المفصلي.
وفي هذا الصدد يتحدث الدكتور أحمد عبد الرازق أخصائي جراحة العظام عن مرض هشاشة العظام أو كما يطلق عليه «الوباء الصامت» قائلاً: يحدث ترقق أو هشاشة العظام، نتيجة نقص ملحوظ في كثافة العظام، فهناك عملية فسيولوجية طبيعية في العظام، تسمى إعادة الهيكلة (Remodeling)، تقوم فيها العظام ببناء نسيج عظمى جديد، والتخلص من الأنسجة القديمة، ففي سنوات عمرنا الأولى، يقوم العظم بتكوين أنسجة جديدة، أكثر مما يقوم برفعها والتخلص منها، حتى سن الـ 30، وهنا يبلغ الفرد أقصى كثافة عظمية في حياته، وبعد 30 تنعكس العملية، حيث يبدأ الجسم بالتخلص من أنسجة عظمية، أكثر مما يقوم باستبدالها، وهنا يكون العظم عرضة للإصابة بالهشاشة والكسور.
ثم ينتقل الدكتور عبد الرازق للفئات الأكثر عرضة للإصابة بترقق العظام. المُعمرون، والنساء لانقطاع الطمث، وأصحاب البشرة البيضاء (القوقازيون والآسيويون )، وأصحاب الجسم النحيف فهم أكثر الفئات عرضة للإصابة، إلى جانب عوامل أخرى تزيد من فرضية الإصابة بالهشاشة، مثل قلة أو عدم القيام بالتمارين الرياضية، وبعض العادات السيئة كتناول الخمور، والتدخين حتى من يتعرضون للتدخين السلبي، فهم معرضون للهشاشة وبخاصة السيدات، حيث يرفع لديهن فرصة انقطاع الطمث المبكر، التي تؤدي إلى هشاشة عظام مبكرة، إلى جانب قلة ونقص الكالسيوم، وفيتامين «د» بالجسم، ووجود تاريخ مرضي بالعائلة، أو تناول عقار الكورتيزون لفترات طوال، سواء كان لعلاج أزمات الربو، وحساسية الصدر، أو لأمراض الغدد الصماء، أو حتى لأمراض المفاصل.
ويشير الدكتور عبد الرازق إلى نوعين من هشاشة العظام، الأول له علاقة بانقطاع الطمث أو الدورة الشهرية عند النساء، كما يصيب الرجال بنسبه 6:1، وينتج عنه كسور في الفخذ، والرسغ والفقرات.
أما النوع الثاني فمرتبط بالتقدم في العمر، ونقص الكالسيوم المزمن، وزيادة نشاط الغدد الجاردرقية، فهذا النوع يظهر عند النساء أكثر من الرجال بنسبة واحد إلى اثنين.
وعن أعراض الإصابة بهشاشة العظام يقول: لا تصاحبه أعراض واضحة، فقد تحدث الكسور كأول عرض لوجود هشاشة العظام، وخصوصاً كسور الفخذ، التي تؤدي للوفاة أو العجز، لذا فعلى المصابين بهشاشة العظام، توخي الحذر من القيام بحركات مفاجئة، وبشكل خاص أثناء التمارين الرياضية التي تتطلب ثني الجذع، بدوران شديد للعمود الفقري والفخذ، فربما تسبب كسوراً خطرة.
أما عن العلاج فيقول د. أحمد عبد الرازق: بتناول مكملات الكالسيوم، وفيتامين «د»، والعديد من العقاقير، التي تستخدم لعلاج هشاشة العظام، حيث يأخذها المريض بشكل يومي أو أسبوعي، وذلك عن طريق الفم، أو الحقن، كما أن هناك بدائل هرمونية للسيدات عند انقطاع الطمث.
ويختلف العلاج عند الإصابة بالكسور، من حيث مكان الإصابة ودرجتها، فإما يكون علاجاً تحفظياً أو جراحياً، يكون الهدف الأساسي منه هو عودة المريض للحركة، خارج الفراش وخارج المستشفى، لخطورة المضاعفات المترتبة على الرقود بالفراش مدة طويلة، كالجلطات، وقرح الفراش، وأمراض الصدر، فضلاً عن العامل النفسي والاجتماعي للمسن، عندما يبتعد عن مسكنه، وعن ممارسة نشاطاته اليومية، التي اعتاد عليها قبل الإصابة.
وكما يقال «الوقاية خير من العلاج» فينصح الدكتور عبد الرازق: باتباع أساليب التغذية السليمة، بما يضمن احتواءها على فيتامين د، والكالسيوم، فلهما دور كبير لدرء ظهور المرض، ونجد الكالسيوم في معظم الأطعمة اليومية، كالحليب، الزبادي الجبن، السبانخ، الأسماك وبعض البقوليات، كما نجد فيتامين «د» في الأسماك كالتونة، السالمون، المكاريل، صفار البيض، وفي الكبد، والحبوب، ولا نغفل أهمية التعرض لأشعة الشمس، بعد الشروق وقبيل الغروب، حيث تعد أفضل الأوقات التي تمنح أشعتها الجسم فيتامين «د»، هذا إلى جانب الإقلاع عن العادات السيئة كالتدخين.
وتنصح الدراسات بالمسح الدوري لقياس كثافة العظام، للمتقدمين في العمر، ولمن لديهم تاريخ عائلي يجعلهم معرضين للإصابة بهشاشة العظام، وتغيير نمط الحياة باتباع عادات غذائية صحية، وممارسة التمارين الرياضية، خصوصاً تلك التي يؤديها الشخص في الوضع القائم، ولم تظهر الدراسات أي زيادة في كثافة العظام، نتيجة ممارسة التمارين في وضعية الجلوس، أو في حمامات السباحة.
ثم ينتقل الدكتور أحمد عبد الرازق للحديث عن خشونة الركبة، التي تعتبر من الأمراض المصاحبة للتقدم في العمر، ويصاب بها بعض الشباب أيضاً قائلاً: الخشونة نوعان قد تكون أولية، أي ليس لها سبب واضح، فقد يؤثر التقدم في العمر، أو زيادة الوزن.
والخشونة الثانوية، نتيجة الإصابة بأمراض كترسب بعض الأملاح في المفاصل، أو نتيجة أمراض في الأعصاب والعضلات، أو نتيجة اعوجاج في الساقين، وتحدث غالباً في سن أصغر مقارنة بالخشونة الأولية، إلى جانب عوامل وراثية، أو أسباب ميكانيكية، أو أمراض مصاحبة، إلى جانب السمنة، أو نتيجة إصابات بالركبة، كإصابات الأربطة الصليبية، الخارجية والداخلية، وغيرها من الإصابات، التي تؤدي إلى عدم استقرار الركبة.
ويصاحب خشونة الركبة بعض الأعراض كألم في المفصل، أو ارتشاح وتورم، ويصل إلى تصلب، وصعوبة في الحركة، يشعر المريض بالألم عادة مع الحركة، بخاصة عند طلوع ونزول الدرج، كما يقل عند الخلود للراحة، كما يشعر بآلام تحاكي احتكاك عظام المفصل، أو بوجود زوائد عظمية حول المفصل، وفي الحالات المتقدمة تكون الخشونة مُعجزة للمريض، حتى يصعب عليه الحركة تماماً.
وعن بروتوكولات العلاج يقول دكتور عبد الرازق: مفاتيح العلاج تتوقف على مدى التزام الحالة بالتعليمات العامة، حيث تعد أهم من العلاج الدوائي، أو حتى الجراحي، ومنها تغيير نمط الحياة، واتباع حمية غذائية، فالالتزام يمنع تدهور وتقدم الحالة، كما يحسن من أداء العضلات، وبالتالي تقليل الأعراض.
فتغيير نمط الحياة يكون بممارسة الرياضة كالمشي، حيث تعد من الرياضات المفيدة، ويفضل ارتداء أحذية رياضية مريحة، ولا مانع من استخدام العكاز، إضافة إلى ضرورة تقليل الوزن، وتقليل استخدام الدرج صعوداً ونزولاً قدر الإمكان، والحرص عند الجلوس بالارتكاز على ذراع المقعد، والابتعاد عن جلسة القرفصاء، والعلاج الطبيعي له دور مهم في تحسين الحالة، من خلال القيام ببعض التمارين، لتقوية العضلة الرباعية، أو في الماء ( المسابح المخصصة )، حيث أظهرت نتيجة ملحوظة في تقليل الأعراض، أما استخدام الإبر الصينية، واستثارة الأعصاب كهربائياً، ففعاليتها مازال مشكوك فيها، كما أن هناك بعض المكملات الغذائية للغضاريف التي يتم استخدامها، ولم يثبت العلم فعاليتها حتى الآن، الجلوكازمين والكوندريتين، وغيرهما ولكنهما عقاقير آمنة وأعراضهما الجانبية تكاد تكون معدومة.
أما بروتوكول العلاج الدوائي، فيبدأ بإضافة مسكنات بسيطة كالباراسيتمول، مع بعض الدهانات الموضعية، لتقليل الالتهاب وتسكين الألم، ويمكن بعد ذلك إضافة المسكنات غير الستيرودية بنوعيها، حسب حالة المعدة والكلى عند المريض، والحقن الموضعي سواء بالكورتيزون، أو الحقن التكميلي اللزج، بحمض الهياليورنيك (حقن الزيت)، أو بالبلازما، فقد تحسن من أعراض المرض وما يصاحبه من آلام وتورم، وتختلف استجابة كل مريض للحقن عن غيره، فقد يمتد العلاج لأيام وأسابيع إلى شهور، ولكن لم تتوصل الأبحاث الجديدة، إلى أي علاج يقضي على مرض الخشونة، وكل الطرق الحالية، ما هي إلا وسائل تحسن من أعراضه.
يردف: «بعد فشل الطرق التقليدية في تقليل الأعراض وتحسين الحالة، يكون الحل الجراحي الملجأ الأخير للجراح، لتقويم عظمة القصبة، أو إجراء تنظير جراحي للركبة، أو استبدال سطح مفصل الركبة جزئياً أو كلياً، ومع التطور الطبي الذي نشهده في عصرنا هذا هناك تقنيات وإجراءات جراحية جديدة، في مجال جراحات الركبة، لزيادة الاستفادة وتقليل المضاعفات، لتحسين نمط الحياة للمتقدمين في السن، والعودة لنشاطاتهم الطبيعية اليومية، والرياضية، وممارسة شعائرهم الدينية بكل أريحية».
تتعدد أسباب أمراض العظام المرافقة للتقدم في العمر وقد تتشعب، فمنها مرض تناذر النفق الرسغي، والالتهاب العظمي المفصلي، والروماتويد المفصلي، وهشاشة العظام، فيقول الدكتور سعيد حامد أخصائي أول عظام وكسور مستشفى راشد: «مرض تناذر النفق الرسغي، يصيب العصب المتوسط المنضغط، فهو العصب المسؤول عن الإحساس في أصابع اليد، وترجع تسميته بذلك لمرور العصب الأوسط عبر نفق عند الرسغ، تحيط به عظام من جهاته الثلاث، ورباط قوي من الجهة الرابعة، كخيوط الماريونت التي تتحكم في حركة الأصابع، في تكوين رباني مبدع، فالضغط على مكونات النفق، تؤدي إلى الضغط على العصب، مما يؤدي إلى ظهور أعراض تنميل في الأصابع، وخاصة ليلاً عند الخلود للنوم، مع آلام في الرسغ، وضعف في عضلات اليد، ومع مرور الوقت، يعاني صعوبة حمل الأشياء لمدة طويلة، مثل كأس الماء وغيرها.
وينتشر المرض بين النساء أكثر من الرجال، وفي الآونة الأخيرة ارتفعت نسبة الإصابة بالمرض، بنسبة تصل إلى 40% بين النساء والرجال، ويتراوح عمر الإصابة بين النساء، من بعد سن 30 فأكثر، بنسبة تفوق الرجال.
وأثبتت الدراسات أن أسبابها وراثية، أو نتيجة الإصابة بمرض السكري، أو السمنة، أو انخفاض هرمون الغدة الدرقية، أو بسبب التهاب المفاصل، إضافة إلى كثرة إصابات الرسغ، كضربة اليد وهي تختلف تماماً عن الكسور، كما أن هناك عوامل أخرى تساعد على ظهور المرض، كطبيعة العمل أو المهنة، إذا كان يستعمل الحاسوب لساعات طوال، أو يمارس الكتابة باليد، أو القيام ببعض الأعمال اليدوية التي يستخدم فيها الرسغ بشكل مفرط يتعرض أكثر للإصابة».
ويردف الدكتور سعيد حامد: «من السهولة على طبيب العظام تشخيص الحالة، فالكشف عن مرض تناذر النفق الرسغي، يكون بالطرق على منطقة العصب مرات عدة، فإذا شعر المريض بتيار كهربائي يسري في يده، فهو يعاني هذا المرض، كما لا نغفل هنا عن التقدم العلمي وما يوفره من أجهزة تقنية تيسر من التشخيص، كالرنين المغناطيسي، وجهاز فحص العصب.
وينقسم العلاج إلى شقين: علاج لا جراحي، من خلال لف رباط ضاغط حول الرسغ، والحقن بجرعات من الكورتيزون، وتناول بعض مضادات الالتهاب، مع التوصية بالخضوع لعلاج طبيعي لجلسات عدة، إضافة إلى بعض جلسات المساج. وشق جراحي في حال عدم استجابة الحالة للعلاج السابق، فيقوم الجراح بتوسيع النفق الرسغي، لرفع سبب الضغط على العصب». ثم ينتقل إلى مرض الالتهاب العظمي المفصلي، الذي ينتشر مع التقدم في العمر لما بعد 60، فيقول دكتور سعيد حامد: «تبدأ التغيرات في مفاصل الجسم المختلفة، من تشققات في الغضاريف، وخشونة تظهر على شكل نتوءات، وزوائد في المفصل، تسبب الالتهاب العظمي المفصلي، ومن أعراضه تيبس وألم في المفصل، ويشعر بها المصاب صباحاً، في أغلب الأحيان، كما تزداد الأعراض سوءاً مع الطقس البارد، كما تترافق الآلام مع حركتي الصعود والنزول من الدرج».
وينصح بتقليل الوزن، وممارسة الرياضة الخفيفة، وعدم إجهاد المفصل، بعدم الجلوس على الأرض والصلاة على كرسي.
وعن العلاج فيقول: «تناول الأدوية المضادة للالتهابات والآلام، ومرخيات العضلات، والاعتماد على العلاج الطبيعي بشكل أساسي، وفي الحالات المتأخرة، أو في حالة عدم استجابة الجسم للعلاج الدوائي، يلجأ الطبيب للعلاج الجراحي، أو بتبديل المفصل بآخر صناعي، وهذا منحى آخر يطول شرحه».
أما مرض الروماتويد المفصلي فهو داء مشترك بين الطب الباطني وطب العظام، يقول الدكتور سعيد حامد عن طبيعة المرض: «مرض وراثي يصيب عائلات بعينها، يتلف الغشاء الزلالي بين العظام والمفصل، ويبدأ ظهوره من عمر 25 سنة إلى 45، إلا أنه ينتشر بعد الخمسين، ويظهر على شكل ألم وانتفاخ في مناطق المفاصل، يستمر لأشهر، فيبدأ بالظهور باحمرار في المفصل، ثم التهاب المفصل، ويصيب أماكن عدة من الجسم، مثل الأصابع والقدمين والركبتين، ومن علامات المرض الاحمرار، والألم، ودفء في منطقة المفصل، وشعور بالألم عند لمس المفصل، وتوهج في الغشاء الزلالي، يتم فحصه عن طريق الأجهزة التقنية، وفي مراحله المتقدمة قد يصيب العينين والقلب». أما عن العلاج غير الجراحي، فقوامه التمارين الرياضية المنتظمة، وتناول العقاقير المضادة للالتهاب والألم، وبعض الأدوية لرفع كفاءة جهاز المناعة، ومضادات للروماتيزم، وفي حال عدم تحسن الحالة، يتم اللجوء للعلاج الجراحي باستبدال المفصل.
ثم ينتقل الدكتور سعيد حامد للحديث عن المرض الصامت «هشاشة العظام» فيقول: «تفقد العظام كثافتها، وترققها بالهيكل العظمي، سمي بالمرض الصامت لعدم الشعور بأية أعراض مصاحبة، ويعد من أخطر الأمراض التي تصيب كبار السن من هم فوق 60، تسجل نسب الإصابة بين النساء أكثر عن الرجال، ومن علاماته آلام بالظهر، وانحنائه وانحدار في الأكتاف، ويتم تشخيصه عن طريق الأشعة السينية، وجهاز قياس كثافة العظام.
يتم العلاج باتباع نظام غذائي غني بالكالسيوم، وفيتامين «د»، مع المحافظة على الوزن الصحي، وتخفيضه في حالة زيادته، إلى ضرورة ممارسة الرياضة بشكل منتظم، للنأي بعيداً عن أمراض الشيخوخة».
ويضيف: يعد العلاج الطبيعي جزءاً لا يتجزأ من الخطة العلاجية لأمراض العظام والمفاصل، حيث أثبتت دراسة أن بعض المسنين، الذين يصابون بكسور لا تتطور حالتهم، إلا إذا اتبعوا برنامج إعادة التأهيل، بعد 6 أسابيع من الإصابة، كما تشير إلى أن المواظبة على برنامج تقوية العضلات، لمدة ستة شهور، ينتج عنه تطور ملحوظ، في حالات كسور مفصل الفخذ، وفي هذا الصدد تقول آية الغوطي أخصائية علاج طبيعي: «لا نبالغ حينما نقول إنه لا يقل أهمية عن العلاج الدوائي أو الجراحي، حيث يقوم الأخصائي بتدريب المريض، لاستعادة حركته الطبيعية لمفصل معين، أو علاج تأهيلي لمرحلة ما بعد العملية الجراحية».
وتضيف: «تعد الإصابة الشائعة لدى كبار السن والنساء خاصة بعد بلوغ سن اليأس، هي هشاشة العظام، فضعف الكتلة العظمية، إلى جانب ضمور العظام، يؤديان إلى ارتفاع نسبة الإصابة بهشاشة العظام، ومن خلال فحص كثافة العظام فإذا كانت النتائج 2.5، فهذا يعني أن الشخص مصاب بالهشاشة، وتنقسم الهشاشة إلى نوعين الأول، بسبب التقدم في العمر، وما يصاحبه من تغيرات في إنتاج الهرمونات، والثاني بسبب أمراض الكبد، أو استخدام أدوية معينة، نقص في فيتامين د، التدخين والحمل.
وعن بروتوكول العلاج الفيزيائي، المتبع مع حالات هشاشة العظام تقول آية الغوطي:«الأدوية والفيتامينات وحدها غير كافية لعلاج الهشاشة، فزيارة مختص العلاج الطبيعي إجراء مهم وأساسي، لما يؤديه من دور يساعد على تقليل الشعور بالألم، مع القيام بتطوير الحركة والتوازن، ووضعية الجسم، والحماية من السقوط والإصابة بالكسور. وتضيف: «يقوم المعالج الفيزيائي بإجراء تقييم للحالة، وعلى ضوئها يضع خطة العلاج المناسبة، حيث تتضمن بشكل عام تمارين تحمية،»تسخين» لمدة 10-15 دقيقة، كتمارين استطالة العضلات، وتمارين للمحافظة على مدى الحركة، إلى جانب تمارين تقوية العضلات، التي تهدف إلى تقوية العضلات المحيطة بالعظام، لتقليل ضمور العظام والإصابة بالكسور، وتمارين تطوير التوازن، للحماية من خطر السقوط والإصابة بالكسور، إلى جانب ضرورة ممارسة رياضة المشي، فهي تعتبر من تمارين تحميل الوزن على القدمين، وهذا يساعد في تقوية العظام». وتوضح: «أما خشونة الركبة، فيجب عدم ثني الركبة لأكثر من 90 درجة، أثناء الجلوس، كما يحتاج لتمارين تقوية لعضلات الركبة، واستخدام أجهزة ذبذبات كهربائية، وأجهزة الموجات فوق الصوتية لتخفيف الألم، كما يعد استخدام كمادات الثلج، لمدة 15 دقيقة على منطقة الألم، مخففاً من حدته».
وتشيرآية الغوطي إلى اختلاف بروتوكول العلاج الفيزيائي المتبع، لحالات ما بعد الخضوع لعمليات استبدال مفصل الورك أو الركبة، فمن الأهمية بلوغ فرد الركبة، وثنيها بشكل كامل لدى الحالة، أو في عملية تثبيت الكسور والتئامها، فالعضلات المحيطة بالمفاصل، أحياناً تضمر وتترهل، فنعمل على إعادة تأهيلها لاستعادة قوتها، ففي أمراض الفقرات، وآلام أسفل الظهر، نتيجة الإصابة بالانزلاق الغضروفي وغيرها، تقوم جلسات العلاج الفيزيائي بتقوية العضلات المحيطة بالعمود الفقري، التي تستمر لأشهر، لرفع قوة ومساندة العمود الفقري، وتخفيف الضغط عن الفقرات المريضة، أو عن الغضروف المنزلق، للحد من تدهور الحالة، من خلال تمارين تقوية واستطالة العضلات، واستخدام اﻷجهزة الكهربائية والحرارة، لعلاج الآلام تدريجياً، ليقف المريض مجدداً على قدميه، ويمارس حياته بشكل طبيعي.
كما يمثل الدور الوقائي تحدياً رئيسياً للمعالج الفيزيائي، حيث يقوم بتدريب المسنين على وضعيات حمل ورفع الأشياء بالشكل الصحيح، بأن يقترب من المجسم المراد حمله، قبل النزول لرفعه، ثم يضع المجسم على رجليه كبداية، ثم يقرب المجسم لجسمه، بحيث لا يضطر إلى ثني ظهره، أما المجسمات الثقيلة، فيفضل الاستعانة بعربة لنقلها أو شخص آخر لحملها، وعدم ممارسة رياضة الغولف فثني الظهر والجذع قد يسبب الكسور.
وتردف الغوطي: «وقاية المصابين بهشاشة العظام من الكسور يبدأ بتعلم طرق رفع الأشياء من الأرض، بتعلم كيفية ثني الظهر بحيث لا يصاب بكسر في العمود الفقري، متابعة برنامج التأهيل لدى مختص العلاج الطبيعي، الانتباه لوضعية الجسم أثناء الجلوس، الوقوف، القيادة أو النوم.
كما تنصح من تعدوا 50 عاماً، والنساء بعد سن اليأس، بالمواظبة على المشي يومياً، لمدة 30 دقيقة على الأقل، وممارسة السباحة، بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، مع ممارسة تمارين تقوية العضلات، ورفع الأوزان، التي تشمل عضلات الجسم كاملة، عدا البطن والظهر، وممارسة تمارين تطوير التوازن، واليوغا، وتمارين استطالة العضلات، الكتف، الكوع، المعصم، اليد، الفخذ، الركبة، الكاحل، القدم والرقبة، وممارسة رياضة كرة القدم، أو السلة، في حال عدم وجود أي كسور.
وهناك رياضة صينية الأصل تسمى «التاي تشي»، ينصح بممارستها فهي سلسلة من الحركات البطيئة، التي تحاكي حركة الإنسان اليومية، بحيث تزيد من مرونة العضلات، وتطور التوازن حتى في مرحلة الشيخوخة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"