سرطان المعدة.. أعراض كثيرة ونسب شفاء ضئيلة

01:53 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس
يعتبر سرطان المعدة رابع أكثر أنواع السرطانات شيوعاً في العالم لتسببه في موت ما يقرب من مليون شخص سنوياً. ويصيب هذا السرطان أي جزء من المعدة، ويمتد في بعض الحالات إلى الأمعاء الدقيقة، أو المريء، وفى الغالب تكون أعراضه مبهمة وغير واضحة، ما يؤدي إلى التشخيص المتأخر للمرض، وذلك ما يتسبب في انتشاره ويجعل توقع شفائه ضعيفاً. وفى هذا التحقيق تستعرض الصحة والطب الأعراض المبكرة لهذا المرض، وطرق العلاج التي تساعد في الشفاء منه.
في البداية يقول الدكتور صبحي محمد عامر، مختص الجراحة العامة، إن سرطان المعدة أحد أنواع السرطانات الخطيرة تزيد نسبة انتشاره في دول الشرق الأوسط، ما يجعله يحتل المركز الرابع لسبب الوفاة بعد سرطانات الرئة، والثدي، والقولون. وهناك عوامل عديدة تؤدي للإصابة بهذا الداء أبرزها عوامل التغذية، والتدخين، وتناول الكحول، فضلاً عن بعض الحالات الناتجة عن عدوى الجرثومة الملوية البابية.
ويظهر سرطان المعدة في جميع أجزاء المعدة وقد ينتشر إلى أعضاء الجسم الأخرى كالكبد، والعظام، أو أعضاء الجهاز الهضمي، وتظهر أعراضه العديدة من خلال ألم البطن، والقيء، وتتم معالجته معالجة جراحية، إضافةً إلى العلاج الكيميائي، والأشعة، وتتوقف فرص العلاج والنجاة منه حسب مرحلة التشخيص، ومدى تقدم المرض، وانتشاره بالجسم.
أسباب الإصابة

ويشير د.عامر إلى أن هناك أسباباً عديدة تزيد من احتمال الإصابة بسرطان المعدة، وفي الغالب تؤدي إلى التهاب مزمن في الغشاء المخاطي للمعدة، ما يُحدث تغييرات سرطانية في خلايا الغشاء المخاطي. وأبرز هذه العوامل:
• التغذية؛ لأن لها أهمية كبيرة في الإصابة بسرطان المعدة، فتناول الطعام المُملح والمُدخن يعد عاملاً أساسياً في الإصابة، علاوة على أن تناول المعلبات والنشويات بكثرة، يزيد من خطورة الإصابة به أيضاً، وكذا عدم تناول الفواكه والخضار والألياف، والدهنيات، والبروتينات.
• شرب المياه غير النظيفة.
• التدخين وتناول المشروبات الكحولية.
• عدوى الجرثومة الحلزونية البابية، التي ترتبط ببعض حالات سرطان المعدة؛ إذ إنها تؤدي لالتهاب مزمن، وإلى سرطان المعدة بعد عقود.
• القرحة المعدية التي تحول 1% من حالات القرح المعدية إلى سرطان المعدة.
• عدم وجود بيئة حمضية في المعدة، حيث يؤدي الأمر إلى انتشار بعض أنواع الجراثيم التي تنتج مواد ضارة تؤدي سرطان المعدة، وتنعدم البيئة الحمضية في عدة حالات منها فقر الدم، التهاب المعدة الضموري، واستئصال المعدة الجزئي السابق.
أعراض وعلامات

ويبين د. عامر أن سرطان المعدة ينشأ من الغدد الموجودة في الغشاء المخاطي، ويمكن أن ينحصر في الغشاء وحده، أو يخترق جدار المعدة ليصل للطبقة تحت المخاطية، أو طبقة العضلات، وحينها تزداد درجته واحتمال انتشاره إلى أعضاء أخرى، كما تقل احتمالات الشفاء.
ويتخذ سرطان المعدة عدة أشكال، حيث يمكن أن يكون قرحة، أو يتناثر في الغشاء المخاطي والجدار، أو في أجسام صغيرة كروية تبرز من باطن المعدة للجوف
ويضيف: «في البداية يكون سرطان المعدة عديم الأعراض، أو يشبه داء القرحة الهضمية، وذلك ما يعوق تشخيصه؛ لذا يتبين في بعض الحالات داء القرحة الهضمية المستعصية، كحالات سرطان المعدة، وتظهر الأعراض والعلامات التالية»:
• الألم في رأس البطن، ويشبه ألم داء القرحة الهضمية؛ إلا أنه لايتغير مع الأكل، ويكون الألم مزمناً.
• الغثيان.
• القيء.
• فقدان الوزن.
• فقدان الشهية.
• عسر البلع، إذا ما كان الورم قريباً للمريء.
• الشعور المبكر بالشبع.
• انسداد مخرج المعدة، ويحدث ذلك إذا ما وُجد الورم بمخرج المعدة، ويسبب أعراضاً كألم البطن، والقيء المتكرر، وانتفاخ البطن، وفقدان الوزن، والشبع المبكر.
• قيء الدم، ما يؤدي لإصابة المريض بفقر الدم إذا ما كان القيء مزمناً.
• انتفاخ العقد اللمفاوية، وذلك نتيجة لانتشار سرطان المعدة للعقد اللمفاوية، وغالباً ما ينتقل للعقد فوق عظمة الترقوة (العظمة التي فوق الصدر وتصله مع الذراع)، أو حول السرة، أو تحت الإبط.
• وجود كتلة في أعلى البطن، وهو ما يكتشفه الطبيب خلال الفحص السريري.
انتشار المرض

ويؤكد د. عامر، على أن سرطان المعدة من الأورام الخبيثة التي تنتشر وتنتقل لأعضاء أخرى، ولذلك يمكن أن ينتشر ويسبب أعراضاً عديدة، وربما ينتشر ورم المعدة إلى بعض أماكن الجسم مثل:
• العقد اللمفاوية، ويسبب انتفاخها، وتكون قاسية ولايمكن تحريكها من مكانها، كما يسبب انتصاب العقد اللمفاوية حول المعدة، أو في الجهاز الهضمي، أو العقد تحت الجلد.
• يتوغل في أعضاء الجهاز الهضمي الموجودة حول المعدة، والتي تشمل القولون، والبنكرياس، والمريء، والطحال، وعندها تتعلق الأعراض بمكان وجوده.
• عند انتشار سرطان المعدة للكبد فإنه يؤدي لأعراض تتعلق بالكبد، كألم البطن الأيمن العلوي، وتضخم الكبد، والاستسقاء، واليرقان، وأعراضاً أخرى.
• المبيض لدى النساء.
• إذا ما انتشر سرطان المعدة للعظام يؤدي لألم مزمن في العظام، وربما الكسور.
• الرئتين، حيث يؤدي للسعال، وضيق النفس، وأعراض أخرى.
• الدماغ، وعندها يسبب أعراضاً عصبية، كألم الرأس، وعدم وضوح الرؤية، والارتباك، والنوبات الدماغية، وضعف العضلات.. وغيرها.
اختبارات تشخيصية

ويذكر د. عامر، أن صعوبة تشخيص سرطان المعدة تكمن في أن الأعراض تظهر في المراحل المتقدمة من المرض، ويكون المرض انتشر بالفعل، ولايمكن استئصاله بالجراحة، ويبدأ الطبيب التشخيص من خلال التاريخ المرضي، ومن ثم يجري الفحص السريري لتشخيص علامات سرطان المعدة، كانتفاخ العقد اللمفاوية، وبعض الاختبارات المستخدمة ومنها:
• تعداد الدم الكامل، واكتشاف فقر الدم إن وجد.
• اختبار أنزيمات الكبد التي ترتفع عند انتشار الورم في الكبد.
• تنظير الجهاز الهضمي العلوي، وهو الأهم في تشخيص المرض، حيث يتم من خلاله تحديد مكان الورم، واستخراج عينة يتم فحصها في المجهر، لملاحظة التغييرات المميزة للورم، وتحديد نوعه، ومدى اختراقه لجدار المعدة.
• التصوير الشعاعي مزدوج التباين.
• التصوير بالأشعة السينية للصدر، والهدف منه اكتشاف انتشار سرطان المعدة للرئتين.
• الأشعة المقطعية للبطن.
ويستكمل: «يمكن تصنيف مراحل سرطان المعدة وفقاً لعدة معايير، حيث توجد درجات مختلفة لمراحل المرض وهى:
• عمق الورم في جدار المعدة.
• انتشاره للعقد اللمفاوية.
• انتشاره لأعضاء الجسم».
أنواع العلاج

ويبين د. عامر، أن أغلب حالات سرطان المعدة تكتشف في المراحل المتقدمة؛ لذلك تكون نسبة الشفاء منها ضئيلة في أغلب الحالات، وعلى الرغم من ذلك توجد عدة إمكانات للعلاج. وتزداد احتمالات نجاح العلاجات وشفاء سرطان المعدة، كلما تم تشخيصه في المراحل المبكرة، كما أن هدف العلاج المتوفر تلطيف الأعراض والمضاعفات، وتوفير حياة جيدة للمرضى، وطرق العلاج المتوفرة هي:
1ـ المعالجة الجراحية الأكثر استخداماً وتتم باستئصال الورم، والأنسجة المحيطة به لضمان عدم عودته مرة أخرى، كما يمكن للجراح أن يستأصل العقد اللمفاوية أو أعضاء محيطة بالمعدة، أو أجزاء منها، كالبنكرياس، والقولون.
ويتم تحديد الأمر وفقاً لانتشار الورم للأعضاء، وعلى الرغم من أن الاستئصال ليس ممكناً في جميع الحالات، إلا أنه يقلل من الأعراض ويزيد من احتمال نجاح العلاجات الأخرى، ولاتجرى العمليات الجراحية إذا ما كان الورم في مراحل متقدمة ومنتشرة، ويمكن إجراء نوعين من المعالجة الجراحية هما:
} استئصال كلي للمعدة، ويُجرى إذا ما كان الورم في بداية المعدة.
} استئصال جزئي للمعدة؛ أي استئصال الجزء النهائي من المعدة، وتُجرى إذا ما كان الورم في نهاية المعدة.
2ـ العلاج بالأشعة. فعلى الرغم من أن سرطان المعدة يعتبر من الحالات المقاومة للأشعة، وعلاجه بالأشعة لايغير من طبيعة الورم أو من تطوره، إلا أن هذا العلاج يستخدم لتلطيف الألم، ويفضل بعد الجراحة.
3ـ العلاج الكيميائي، فنصف حالات سرطان المعدة تستجيب للعلاج الكيميائي. ويمكن القول إنه لايؤثر إلا قليلاً على سير سرطان المعدة، وبما أن أدوية هذا العلاج تسبب أعراضاً جانبية عديدة، فمن المفضل استخدام العلاج الكيميائي بعد المعالجة الجراحية، وذلك لتحسين النتيجة.
4 ـ أثبتت الدراسات أن العلاج المشترك بالطرق السابقة، أفضل علاج يمكن تقديمه لمرضى سرطان المعدة، وذلك بعد إجراء العملية الجراحية، لتحقيق أعلى نسبة نجاح للشفاء، ومن طرق العلاج المشتركة التي تعتبر الأحدث، ونتائجها جيدة حتى الآن:
•غسل البطن بالعلاج الكيميائي الساخن، وهي تقنية حديثة تتم على مرحلتين متتاليتين، الأولى استئصال الورم، والثانية هي غسل البطن بالدواء الكيميائي الساخن، وذلك للقضاء على الخلايا السرطانية الدقيقة التي لاتُرى بالعين خلال الجراحة، وبذلك نحد من إمكانية انتشار المرض.
وحول الاختلاط الحاصل بين عسر الهضم أو صعوبته، وأعراض الإصابة بسرطان المعدة، يقول الدكتور أنوب كومار، مختص الجهاز الهضمي: «إن سرطان الجهاز الهضمي يعني ظهور الأورام الخبيثة في الأعضاء الحيوية كالمعدة، والقولون؛ لذلك يجب الانتباه إلى أعراض هذا النوع من السرطانات، والقيام بفحوص دورية تعمل على الكشف عن هذا المرض، والسيطرة عليه قبل أن ينتشر».
ومن أعراضه الشعور بآلام الحادة، وفقدان الشهية، وفقدان الوزن بشكل كبير، وحدوث الانتفاخات، والميل للقيء، والإحساس بالضعف، وفقدان الطاقة، والإصابة بفقر الدم الأنيميا، وتحول البراز إلى اللون الأسود؛ لذلك على المريض الذي يعانى عسر الهضم، ألا يتناول أي أدوية أو مضادات حيوية دون أن يستشير الطبيب، فربما ينبئ وجود هذه الأعراض بوجود أورام خبيثة.
ويستكمل: «يجب على كل مريض، أو من لديه أعراض مشابهة، كعسر الهضم، وحرقان المعدة والحموضة المتكرر ألاَّ يهملها، وعليه القيام باستشارة الطبيب، وإجراء الفحص الدوري حتى لا يفاجأ بوجود مرض خطير يصعب علاجه والسيطرة عليه، فعن طريق الفحص المخبري، وتنظير الجهاز الهضمي، يمكن أن نتجنب مشاكل خطيرة مثل القرحة والسرطان».

انخفاض ملحوظ

تزداد نسبة حدوث سرطان المعدة مع التقدم في العمر، ونادراً ما يظهر قبل سن الخمسين، كما أنه يُصيب الرجال أكثر من النساء، ومنتشر أكثر لدى سود البشرة من بيض البشرة، وأشارت الإحصاءات إلى أن حالات سرطان المعدة قلت في العقود الأخيرة بشكل ملحوظ، كما أن فرصة النجاة منه لخمس سنوات تصل إلى 75% في الحالات التي تشخص باكراً وتقل مع التشخيص المتأخر، ومن المعروف أن سرطان المعدة يعود للظهور مرة أخرى بعد العلاج، ولذلك على المريض المتابعة مع الطبيب، وإجراء الاختبارات اللازمة بشكل منتظم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"