إلى من يهمه أمر الاقتصاد الإسلامي

ورِقٌ ودين
03:52 صباحا
قراءة 3 دقائق
د.إبراهيم علي المنصوري *

في ختام سلسلتنا هذه، التي تطرقنا فيها إلى أهم قضايا فكر الاقتصاد الإسلامي، والتي أردنا أن نؤطر بها لأهم ما يمكن مناقشته بقصد تقريب صورة أو إزالة شبهة أو تأكيد معنى، نضع مجموعة رسائل نوجهها إلى من يهمه أمر الاقتصاد الإسلامي، ويُعنى به، لتكون كلمة نلقيها في روع من نحب من أجل الارتقاء بما يحب ربنا جلّ وعلا.
وأول من نوجه له الخطاب، أنت أيها المسلم، فعليك تحري الحلال في معاملاتك المالية، وتربية أبنائك على ذلك، وتجنب كل حرام، فكن أنت السد الذي يُرد به الشكُ في مقدرة تشريعنا على وضع منظومة اقتصادية متكاملة متينة، وكن موضوعياً في نظرتك وحكمك، ابقَ ناصحاً لمن بيده زمام الاقتصاد الإسلامي وعوناً له في البناء.
وثانية رسالاتنا نوجهها لأهل الاختصاص في الفقه والعلم الشرعي، أن تكون آراؤهم الفقهية قائمة على فهم الواقع، والدليل الشرعي المعتبر، ومراعاة المقاصد الشرعية ومصالح العباد، إضافة إلى توسيع مداركهم وزيادة الاطلاع على أحدث التطورات في قطاعات الاقتصاد الإسلامي المتنوعة، للوصول إلى الرأي السديد، والحكم الرشيد القائم على المصداقية والمهنية، وعدم التشبث بالرأي عِناداً، بل تحري الفهم ثم الحكم، وعدم التصدي للفتوى في هذا المجال إلا بعد الإلمام التام بالواقع وإدراك المقاصد الشرعية والتأصيل، وفقاً للقواعد الأصولية والفقهية، وفهم الأدلة والرجوع إليها في مظانّها.
وثالث من نوجه له خطابنا الإخوة في اللجان الشرعية الداخلية في المؤسسات المالية الإسلامية، فأنتم تتقلدون أمانة في أعناقكم، وأنتم حامي حمى المبادئ والأسس الشرعية في المعاملات المالية والرعاة على تطبيقها في المؤسسات التي تحت مسؤوليتكم، سواء كانت مصارف أم شركات تأمين وتكافل أم أسواقاً مالية، وأي قطاع آخر من قطاعات الاقتصاد الإسلامي، يجب أن يكون همّكم الأول الوصول إلى أعلى معايير الجودة الشرعية المبنية على أسسٍ ومؤشراتٍ دقيقة.
ورابعهم العاملون في المؤسسات المالية الإسلامية، الذين نؤكد أنهم الواجهة التي تعكس مكانة ومصداقية المؤسسات التي يعملون فيها، فكونوا النموذج الذي يحتذى، ولتكن لديكم الإحاطة بتفاصيل المنتجات المالية الإسلامية التي تسوّقونها لها، وكونوا القدوة في تعاملكم الراقي مع المتعاملين، فهذا ميدان التخلق بخلق الإسلام، واعملوا على تطوير مهاراتكم الفنية كي لا تقع منكم أخطاء تهتز منها ثقة المتعاملين بمؤسساتنا.
ومن الأهمية بمكان أن يوجه الخطاب إلى مسؤولي الإدارات التنفيذية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، فهم الذين تولوا رعاية وحماية حقوق المساهمين والمتعاملين، واحتملوا مسؤولية تنمية أموالهم واستثمارها، فنقول لهم: هي الأمانة في أعناقكم، فابحثوا عن أفضل السبل لاستثمارها وفق المعايير المعتمدة وتوجيهات اللجان الشرعية الداخلية، حتى تتحقق أعلى مستويات الثقة لدى المتعاملين وتنمية المجتمع، وتتعزز سمعة ودور مؤسساتنا المالية في نفوس الأفراد، ولا تغفلوا عن تحقيق الأهداف التنموية للمجتمع والمساهمة في رفع مستوى الرفاهية والعدالة الاجتماعية، وكذلك الحرص على توظيف الكفاءات من العاملين لكل إدارة وتطوير مهاراتهم المهنية باستمرار.
وأخيراً وليس آخراً، نوجه الخطاب للباحثين والمتخصصين في الاقتصاد الإسلامي والمراكز البحثية العلمية المعنية، ونذكّرهم بأن المؤسسات المالية الإسلامية بحاجة ماسة إلى تطوير أدائها وتجاوز التحديات التي تواجهها ومواكبة التسارع المستمر في عملها، فيقع على عاتقهم المسؤولية الجسيمة في تطوير البحث العلمي، سواء من الجانب الشرعي أو القانوني أو الاقتصادي، وعلى الجامعات أن توجه طلبة الدراسات العليا لديها في التخصصات المعنية بالاقتصاد الإسلامي إلى البحث في الموضوعات الحيوية ذات المشكلات البحثية المنصبة على كل ما يخدم تلك المؤسسات وغيرها من القطاعات التابعة للاقتصاد الإسلامي والوصول إلى أفضل التوصيات في دراساتهم.
وختاماً، نرجو الله أن نكون قد وُفقنا في تقديم فكر الاقتصاد الإسلامي بين يدي القارئ الكريم كما يليق، ولقد سعينا قدر ما نستطيع في عرضه بأسلوبٍ سهل وميسّر، فنسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صيام رمضان وقيامه وصالح الأعمال، وأن يرفع برحمته عنا البلاء والوباء وسيئ الأسقام، وكل عام وأنتم بخير.

* أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية
المساعد بجامعة الشارقة
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"