الكولسترول.. سلاح ذو حدين

01:09 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

ينتج الكبد %80 من كولسترول الدم الذي يعرف بأنه مادة شحميه ضرورية لبناء أغشية الخلايا، وإتمام عمل الجسم بشكل سليم، إلا أنه في بعض الحالات يكون فيها الكولسترول الضار الذي يحمل البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة، ما يؤثر على صحة القلب، تصلب الشرايين، السكتة الدماغية وغيرها، وتعد أهم الأسباب في الإصابة بارتفاع معدل الكولسترول الضار في الجسم هي الجينات الوراثية، زيادة الوزن، عدم ممارسة الأنشطة البدنية، نوعية الأطعمة التي نتناولها، ولذلك يجب الحرص على أن تكون نسبة الكولسترول طبيعية بشكل دوري من خلال نصائح الخبراء والاختصاصيين، وهذا ما سنقرأه من في السطور القادمة.
يقول الدكتور هانى صبور استشاري أمراض القلب: أن المستويات المرتفعة باستمرار من الكولسترول في الدم تؤدي إلى تراكم الدهون في شرايين القلب، كما أن هذه الترسبات يمكن أن تقلل من تدفق الدم عبر الشرايين وتتسبب بحدوث مضاعفات مثل انسداد الشرايين، ألم الصدر، النوبة القلبية والسكتة الدماغية، ومع ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية التي تؤدي إلى الوفاة في الإمارات، أصبح هناك ضرورة لتوفير خيارات علاجية مبتكرة لتحقيق أفضل مستوى تحكم في مستويات الدهون، كما إن العديد من المرضى الذين نجوا من نوبة قلبية أو حالة مرضية متعلقة بالشريان تاجي آخر غير قادرين على الوصول إلى تحقيق الهدف المتمثل بخفض الكولسترول الضار إلى أقل من 100 ملغ/‏ ديسيلتر، وفى هذا الشأن أعلن مؤخراً في الدورة العلمية السنوية السابعة والستين للجمعية الأمريكية لأمراض القلب في الولايات المتحدة، أثبات دواء فعال في تقليل مخاطر الحالات الرئيسية المرتبطة بالأمراض القلبية والوعائية عند المرضى الذين عانوا من تبعات متلازمة الشريان التاجي الحاد مثل النوبات القلبية، وتم عرض نتائج هذه التجربة خلال جلسة عقدت مؤخراً، ولا يمكننا القول بأن المرضى الذين يعانون من أمراض القلب يتشابهون في كل شيء، كما إن نتيجة هذه التجربة جاءت لصالح المرضى الذين يتناولون الأدوية المخفضة للكولسترول حيث لا يزالون بحاجة إلى توفير خيارات علاجية إضافية لخفض مستوى الكولسترول الضار.

أضرار كوليسترول الدم

يذكر الدكتور أيسم رؤوف مطر، أخصائي أمراض الباطنة أن ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم هو نوع من أنواع فرط الدهون أو بروتينات الدم الدهنية، ويرجع ارتفاع هذه النسبة في الدم، عادة إلى مجموعة من العوامل ومنها:-
- العوامل البيئية التي تشمل السمنة و الخيارات الغذائية (الأكل الدهني)، والإفراط بشرب الكحوليات.
-عوامل جينية، كالأمراض الوراثية التي غالباً تكون بسبب الآثار المضاعفة لجينات متعددة، أو تكون ناتجة من خلل جيني واحد مثال فرط كولسترول الدم العائلي.
- عوامل ثانوية مثل الإصابة بداء السكرى من النمط الثاني، الإصابة بقصور الغدة الدرقية، متلازمة كوشينغ ، وكذلك تعاطي بعض الأدوية (مدرات البول الثيازيدية، سيكلوسبورين، الستيرويدات السكرية، حاصرات بيتا و حمض ريتينويك).

علامات ومضاعفات

يذكر د.أيسم أن فرط كولسترول الدم هو بحد ذاته ارتفاع غير عرضي، ويؤدي إلى الإصابة بتصلب الشرايين على المدى الطويل، إذ يساهم هذا الارتفاع المزمن في تشكيل اللويحات التصلبية في الشرايين، ما يؤدي إلى تضيق تدريجي أو انسداد تام للشرايين المعنية، علاوة على ذلك فإن لويحات أصغر حجماً ربما تتمزق وتسبب جلطة تتشكل وتسد جريان الدم انسداد مفاجئ لشريان تاجي يتسبب في الإصابة بإحتشاء العضلة القلبية، نوبة قلبية أو انسداد لشريان يغذي الدماغ يتسبب في حدوث جلطة دماغية، و إذا كان تطور التضيق أو الانسداد تدريجي، فإن تدفق الدم المغذي للأنسجة، والأعضاء ينقص ببطء حتى تتعطل وظيفة العضو، وعندما ينقص الإمداد الدموي، ربما تظهر أعراضاً محددة مثل:- نقص التروية المؤقت للدماغ، فقدان مؤقت للرؤية، دوخة، اضطراب توازن، صعوبة في الكلام، شلل جزئي خدر وعادة تكون على جانب واحد من الجسم، وأيضا تظهر على شكل ألم في الصدر، تصلب في الساق أثناء المشي، بينما في الأمعاء تكون بآلام في البطن.
يضيف: يؤدي فرط كولسترول الدم إلى وجود علامات جسدية، حيث تظهر بقع صفراء تحت الجلد في منطقة حول جفون العين، وكذلك التلون الأبيض أو الرمادي لأطراف القرنية، أو ترسب مادة غنية بالكولسترول صفراء اللون في الأوتار، وخاصة في الأصابع،الراحتين، الركبتين، والمرفقين، وأيضاً ترسب المزيد من الدهون بالكبد، ونشوء تشمع الكبد وما يترتب علية مضاعفات خطيرة في وظائف الكبد وربما تؤدي علي المدي البعيد للوفاة.

فحص وتشخيص

يشير د.أيسم إلى أن الخدمات الوقائية الأمريكية أوصت بالفحص الروتيني للرجال من عمر 35 والنساء 45 سنة فيما فوق، لاضطرابات الدهون، أما بالنسبة لمن يعانوا من عوامل الإصابة بأمراض القلب فينصح بفحص الرجال بداية من 20 إلى 35 عاما، و النساء 20 إلى 45 عاما، والذين لديهم مستويات كوليسترول طبيعية في الدم، يوصى بالفحص مرة كل خمس سنوات، أما الأشخاص الذين يعالجون من فرط الدهون فإن المزيد من الفحوصات تسهم في متابعة فعالية العلاج، وتختلف المستويات الطبيعية المستهدفة من الكولسترول من دولة إلي أخري ومن جهة أو منظمه صحية إلي أخري، ولكن المستويات الأكثر توافقا هي كالتالي:-
- الكولسترول الإجمالي: اقل من 200 مج/‏ دل
- الكوليسترول منخفض الكثافة: اقل من 100 مج/‏ دل
- الكوليسترول عالي الكثافة: اعلي من 60 مج/‏ دل
يستكمل: لا يوجد قيمة قطعية بين مستويات الكوليسترول الطبيعية المستهدفة، وغير الطبيعية، ويجب أن يتم تفسير القيم على ضوء الحالات الصحية الأخرى للمريض، مثل الإصابة بأمراض القلب، الشرايين، ارتفاع ضغط الدم، الكلي، الرماتويد، الأمراض العقلية، داء السكري، وكذلك عوامل الخطورة كالعمر، الجنس، العرق، التدخين، معامل كتله الجسم، والنشاط الجسدي، والتاريخ المرضي بالعائلة، فما يكون مقبولاً لبعض الأفراد، لا يكون كذلك للآخرين، مع الأخذ بالاعتبار انه ليس من الضروري أجراء الاختبار مع الصيام لفترات طويلة إذ وجدت بعض الدراسات أن مستويات الكولسترول بالدم عند إجراءه بدون صيام ربما تكون متوافقه اكثر مع خطورة احتمال حدوث الأمراض المرتبطة بارتفاعه بالدم.

وسائل علاجية

يفيد د.أيسم أنه بالنسبة لأولئك المعرضين لمخاطر عالية نتيجة ارتفاع نسبة الكلسترول في الدم، فإنه تبين أن الجمع بين تعديل نمط الحياة وتعاطي دواء (الستاتين) من أهم الأدوية الخافضة للدهون، والتي تقلل من إنتاج وامتصاص الكولسترول، ويتم استخدامه عادة إذا كان النظام الغذائي غير فعال أو غير كافي لتحقيق الانخفاض المرغوب به للبروتين الدهني منخفض الكثافة، وهناك أيضاً علاجات أخرى يمكن أن تستخدم تشمل: حمض النيكوتينيك، والكولسترامين وهذه تعطى فقط في حالة عدم تحمل الستاتين، أو عند النساء الحوامل وهي اقل فاعليه في العلاج، كما يتوجب التغيير من نمط الحياة لهم ببعض الأساسيات التي تشتمل على، الإقلاع عن التدخين، والحد من استهلاك الكحول، زيادة النشاط البدني، واتباع حمية غذائية، والحفاظ على وزن صحي إذ أن الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة يمكن أن يخفضوا مستويات كوليسترول الدم بفقدان الوزن، وبالمتوسط فإن كل فقد كيلو جرام من الوزن يقلل نسبة الكوليسترول منخفض الكثافة ب 0.8 مج/‏ دل.

نمط حياة صحية

تشير الدكتورة أريج الموسى أخصائية التغذية: إن مشكلة ارتفاع الكولسترول بالدم تعتبر من المشاكل الصحية المنتشرة بشكل كبير، ومما لا شك فيه بأن هذا الإرتفاع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، ويمكن تحسين نسبة الكولسترول بالدم عن طريق الأدوية، ولكن يبقى التغيير من النظام الغذائي هو الأفضل حتى لو كنت تعاني منذ مدة طويلة من الكلسترول، قبل البدء في استخدام العقاقير، حيث أن نمط الحياة الصحي ذو تأثير فعّال في زيادة فعالية هذه الأدوية، في حال تم وصفها من قبل الطبيب المعالج.

أطعمه تزيد الكولسترول

تفيد د.أريج بأن أكثر الأطعمة التي تزيد من ارتفاع نسبة الكلسترول في الدم هي التي تكون غنية بالدهون المشبعة، حيث أنها تعمل على زيادة الكولسترول الضار بالدم، كما أثبتت الدراسات أن تقليلها استبدالها بالدهون الغير مشبعة، يعمل على تقليل معدل الكولسترول بالدم، ولذا ينصح بتجنب الآتي:-
- اللحوم الدهنية الحمراء ومشتقاتها كالبرجر، النقانق، والسلامي.
- الحليب ومشتقاته كاملة الدسم كالجبن، الزبادي، الزبدة، والسمنة.
- الأغذية المصنعة، أو التي تحتوي على (Trans- fat) مثل: الكيك، الشيكولاتة، المعجنات، الحلويات، والبسكويت المملح.
تضيف: لذا يجب أن نختار اللحوم الخالية من الدهون، ونقوم بإزالة الجلد عن الدواجن، ونعتمد على مشتقات الحليب القليلة أو الخالية من الكوليسترول، مع متابعة وقراءة المعلومات الغذائية على الأطعمة المصنعة، وتجنب كل الأطعمة التي تحتوي على (Trans fat) قدر المستطاع، واستخدم الزيوت السائلة مثل زيت الكانولا و زيت الزيتون بدلاً من الزبدة والسمنة.

أطعمة تقلل معدل الكولسترول

تؤكد د.أريج على أن الألياف و الأوميغا 3، هما على رأس قائمة الطعام التي تعمل على تقليل نسبة الكولسترول فى الدم، وتحسين صحة القلب والشرايين، حيث أن الأطعمة الغنية ب (أوميغا 3) تعمل على زيادة (HDL/‏الكوليسترول النافع) وتقليل الدهون الثلاثية إضافة لتقليل ضغط الدم، وتعد المصادر الغنية بها هي سمك السلمون و حبوب الكتان و اللوز و الجوز، وكذلك تناول الألياف الذائبة مثل الشوفان بكل أشكالها، البقوليات كالفاصولياء، البازيلاء، الحمص، اللوبياء، العدس الأخضر والأصفر، الكاجو، الفواكه، والخضار إضافة إلى الصويا.

الوزن المثالي

توضح د.أريج إن الوزن المثالي أحد أهم الأسباب التي تعين على المحافظة على المعدل الطبيعي للكولسترول، فكلما زاد الوزن أرتفع المعدل في الدم، ويعتبر خسارة 5-10 % من الوزن من الوسائل الفعالة لتقليلة، وتتم خسارة الوزن باتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، وهناك أساليب تساعد على تقليل الوزن و بالتالي تقليل معدل الكوليسترول بالدم كاستبدال المأكولات السريعة بأخرى صحية، والشيكولاتة، الحلويات بالفواكه الطازجة أو المجففة، وكذلك التوقف عن تناول الطعام في ساعات متأخرة من الليل، وكذلك ممارسة الرياضة بشكل منتظم لمدة 30 دقيقة باليوم تساعد على زيادة الكولسيترول النافع (HDL)، وتعد رياضات المشي، ركوب الدراجة، السباحة رياضات مفيدة وسهلة في نفس الوقت.

عقار حديث لعلاج الكولسترول

يواجه بعض المرضى المصابين بارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، بصعوبة في التحكم به حتى مع استخدام العلاجات المتوافرة، وقد وافقت مؤخراً إدارة الغذاء والدواء الأميركية، علي حقن دوائية حديثة، حيث يستهدف هذا العقار المرضى المصابين بفرط كولسترول الدم العائلي، ويعمل هذا الدواء على استهداف بروتين محدد، ليساهم في تقليل عدد المستقبلات في الكبد التي تساعد في تخليص الدم من الكولسترول السيئ (منخفض الكثافة).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"