هناء حمش: حصارنا في غزة مصدر إلهامي

تبحث عمّن يدعم موهبتها ويطورها
01:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

غزة - رائد لافي:
شابة فلسطينية عشرينية، لا تعترف بحدود للتفكير والإبداع، تعشق الانطلاق، والتمرد على العادات والتقاليد البالية، عشقت فن الرسم في عمر كان أقرانها يتلمسون طريق القراءة والكتابة . . إنها التشكيلية هناء حمّش، التي تحلم بالعالمية .
كان اهتمام هناء (24 عاماً) بالرسم منذ سن مبكرة، وخلال سنوات المدرسة كان لديها اهتمام أيضاً بالجوانب الفنية التي تحتويها المواد الدراسية العلمية والأدبية، وتقول: "شغفي بالرسم والفن كان شاملاً لكل شيء" .
ورغم الموهبة الفنية التي ظهرت عليها مبكراً، إلا أنها وقبيل دخولها الجامعة، لم تكن قررت دراسة الفنون أكاديمياً، ولكنها وجدت الدعم والتشجيع من جانب أسرتها، فالتحقت بكلية الفنون الجميلة في جامعة الأقصى بغزة .
في بداية طريقها اختارت هناء الرسم على الجدران كتخصص من بين الفنون المختلفة لتعبر عن آراء الشباب الفلسطيني وقضاياهم وتجسد كل ما يمكن من واقع فلسطيني بحلوه ومره .
وحسب اعتقادها فإن إعجاب الناس بالرسومات يعتمد بشكل كبير على قوة الفكرة، وأكثر ما يجذب الناس هو تعبير الفنان عن ضجره بطريقة هادئة وهي الرسم .
وترى هناء أن الفنان لا يمكنه أن ينسلخ من واقعه وهذا ما تظهره كثير من اللوحات التي رسمتها، وجسدت من خلالها أمنيات الفلسطينيين بتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة .
وتقول: "الفنان أساساً صاحب قضية، وكوني لاجئة من مدينة المجدل داخل فلسطين المحتلة، فمن الطبيعي أن يكون لي اهتمامات وطنية أحاول تجسيدها والتعبير عنها من خلال لوحاتي الفنية، وكنت رسمت لوحة تجسد لاجئاً عجوزاً من المجدل يضع المفتاح في مدينة المجدل على خريطة فلسطين، وفي ذلك دلالة على التمسك بحق العودة إلى مدننا وقرانا التي هجَّرتنا منها العصابات الصهيونية إبان النكبة وقيام دولة "الاحتلال" على أنقاض فلسطين في 1948" .
وعندما سئلت هناء: كيف تستوحين فكرة اللوحة الفنية؟ قالت: "إنها نتيجة طبيعية للتجارب سواء الشخصية أو المرتبطة بالوسط المحيط، وأجد نفسي مهتمة بالمدرسة التجريدية، وهي المدرسة التي تعني تجريد العنصر أو الشخص من التفاصيل، والنظر للعنصر بغموض من خلال تجسيده في اللوحة، وأحاول التعبير عن نفسي وما أقصد فنياً بكتابة عبارة مختصرة على اللوحة، وكل مهتم أو متابع قد يفسر اللوحة بطريقته الخاصة، ويمكن للمهتم أن يدرك اهتمامي أيضاً بقضايا تحرير المرأة، وتمردها الإيجابي على عادات وتقاليد المجتمع" .
وعن المعوقات التي تعترض طريقها الفني كفنانة تقيم في منطقة منغلقة، تمتاز بتمسك سكانها بالعادات والتقاليد المتوارثة، تقر هناء أنها واجهت انتقادات غلفها أصحابها في شكل نصائح، فمثلاً اعترض البعض على لوحة عبرت من خلالها عن الاستهتار ببعض عادات المجتمع .
وبررت هناء استجابتها للانتقادات بأنها لا تزال في بداية طريقها، ولا تريد المواجهة والصدام مع المجتمع، رغم أن طبيعتها ترفض الامتثال لانتقادات قد تشوه الفكرة .
وتضيف: "هناك معوقات شخصية، مرتبطة بتكاليف المواد والمعدات الفنية اللازمة، وأتطلع إلى الدعم الذي يساعد على تطوير موهبتي، شرط أن يراعي الداعمون إنسانيتي وجهدي وحقوقي كفنانة، وقد رفضت دعماً من شخصيات وجهات عدة لسعيها إلى التقليص والتقليل من حقوقي . وقبل الدعم المادي، يحتاج الفنان خصوصاً الشباب، إلى الدعم المعنوي" .
لكن هناء لم تستسلم لهذه العقبات والمعوقات، بل عملت بكل جد واجتهاد للتغلب عليها وعلى الواقع الصعب في غزة بفعل الحصار والعدوان المتواصل، والانتصار لنفسها ولفنها، وتقول: "لقد شكل لي الواقع الصعب الذي أحياه إلى جانب نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة المحاصر، دافعاً لتجسيد أفكار فنية إبداعية، باعتبار أن الضغوط والأزمات تخلق المواهب، وتشكل دافعاً لأفكار فنية جديدة، وباعتقادي لولا هذا الواقع الصعب لما نجحت في ما حققته حتى الآن" .
وتستعد هناء حالياً للمشاركة في مشروع "فنانون من أجل فلسطين"، الغرض منه تجسيد الواقع الفلسطيني من خلال التراث، وإلقاء الضوء على معاناة الشعب تحت نير الاحتلال، فضلاً عن التعريف بالقرى والمدن والآثار في كل أرجاء فلسطين، وحمايتها من خطر التهويد .
ولدى هناء العديد من الدعوات للمشاركة في معارض فنية خارجية، تعتزم أن تركز خلال المشاركة فيها على القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها وجوانبها، خصوصاً قضايا المرأة، "والعمل على التعريف بنا كفلسطينيين وأننا أرواح بشرية، نعشق الحياة، ولسنا وحوشاً كما يحاول الاحتلال تسويقنا وتشويه صورتنا في الولايات المتحدة وأوروبا، لتبرير جرائمه المتواصلة بحقنا على مدار أكثر من ستة عقود" .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"